بحث حول جواز الطعن في العقد التوثيقي المشهر
14-04-2015, 10:40 PM
المبحث الأول: مدى جواز الطعن في العقد التوثيقي المشهر
نحن نعلم أن العقد التوثيقي باعتباره عقدا رسميا تكون له قوة ثبوتية إلىغاية إثبات العكس فيما يتعلق بالمعلومات المقدمة من قبل أطراف العقد فإنكانت هذه حجيته كعقد رسمي، فماذا عن حجيته إذا ما تم إشهاره على مستوىالمحافظة العقارية، أي هل أن الشهر سيحصن هذا العقد حتى وإن انطوى على تصرفمعيب تماشيا والأثر المطهر للقيد، أم أن المشرع الجزائري أخذ بنسبة القوةالثبوتية للشهر لا القوة المطلقة له، ومن ثمة إمكانية الطعن في العقدالتوثيقي المشهر وإن كان يجوز ذلك، فما هي مجالات أو أسباب الطعن فيه،وبالتالي نتوصل إلى تحديد سلطة القاضي في إبطال هذه العقود ؟
سنتطرق إلى كل نقطة من هذه النقاط على حدا فيما يلي:

(1)
د.فيلالي علي، الشهر العقاري في ضوء القضاء الجزائري، المرجع السابق.
(2)
أنظر المادة 100 وما يليها من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري
(3)
أنظر المادة 86 من نفس المرسوم.

المطلب الأول : حجية العقد المشهر (التصرف المشهر)
القاعدة العامة والمطبقة في نظام الشهر العيني، هي أن القيد هو مصدر الحقالعيني وليس التصرف(1)، فبتمام القيد ينشأ الحق أو يتغير أو يزول، وذلكسواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير، وتبلغ الحجية هنا حدها الأقصى إذنجد أن الحق العيني الذي نشأ بالقيد لا يتأثر بالعيوب التي كانت قد شابتالتصرف من بطلان أو عدم نفاذ، إذ يصبح القيد مطهرا للتصرف مما يكون قد علقبه من عيوب.
فهو بذلك يعد عنوانا للحقيقة التي لا يمكن إثبات عكسها، إلا إذا شاب قرارالقيد نفسه أي عيب، ويعتبر القيد معيبا إذا أجري بدون وجه حق. وعليه فتعليقآثار العقد (التصرف القانوني) كلها سواء بين الأطراف أو في مواجهة الغيرعلى إجراءات الشهر العقاري، يفيد حتما أن العبرة لم تبق ولم تعد في صحةالتصرف في حد ذاته، بل أصبحت بالقيام بإجراءات الشهر، وهذا هو سبب إستبدالنظام الشهر الشخصي بنظام الشهر العيني، حيث يرغب المشرع في تطهير الوضعالذي توجد فيه الحقوق العقارية وجعل الملكية العقارية أكثر استقرارا وإعطاءالتصرفات الواردة عليها أكثر ضمانات، وتحقيقا لهذا الغرض أصبحت إجراءاتالشهر ناقلة للملكية العقارية، كما أنها تكسب العقد المشهر (المحرر) قوةثبوتية مطلقة تسري في مواجهة الكافة، فهي بذلك تطهر سند الملكية من كلالعيوب(2)، فلا يمكن الطعن في التصرف الذي تم شهره.
فالأصل أن هذه العقود تكون قابلة للإلغاء أو الإبطال أو الفسخ، ومع ذلكفإنه يمنع التذرع والاحتجاج بمثل هذه الدفوع في ظل نظام الشهر العينيمحافظة على استقرار المعاملات، وعليه لا يمكن للمتصرف في حق عيني تم إشهارهأن يطلب إبطال أو فسخ التصرف لاسترداد الحق العيني المشهر، ذلك أن التصرفهو الذي كان معيبا وليس القيد، كما أن القيد هو الذي نقل الحق العيني وليسالتصرف الذي ما هو إلا وسيلة مؤدية إلى الشهر، وعليه فترتيب آثار البطلانأو الفسخ ردا الحال إلى ما كان عليه شيء غير ممكن في ظل الشهر العيني،وتطبيقا للقواعد العامة في البطلان والفسخ لا يبقى أمام رافع الدعوى سوىالمطالبة بحقه في التعويض لاستحالة استرداد حقه عينا(3).
والواقع أن مثل هذه الحالة نادرة الوقوع في ظل نظام الشهر العيني لأنالمحافظ العقاري القائم بالتسجيل يقوم بفحص كل التصرفات فحصا دقيقا قبلتسجيلها أو شهرها، كما أنه حتى بفرض خطأ هذا الأخير في عملية الفحص والتحريفي تصرف ما. فإن القانون يعطي للمتضرر من هذا الخطأ طلب التعويض منالمحافظ العقاري تطبيقا للقواعد العامة، وتطبيقا للمادة 23 من الأمر 75/74السابق ذكره التي تنص على أنه« تكون الدولة مسؤولة بسبب الأخطاء المضرةبالغير والتي يرتكبها المحافظ أثناء ممارسه مهامه».

(1)
لمزيد من المعلومات حول الفرق بين القيد والتصرف أنظر:
أمين بركات سعود، المرجع السابق، ص 41. 42.
(2)
د.فيلالي علي، الشهر العقاري في ضوء القضاء الجزائري المرجع السابق، ص 120.
(3)
أنظر المادة 176 من الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.

وهكذا تنتقل الحقوق العينية في ظل نظام الشهر العيني مطهرة بالقيد (الشهر) من كل حقوق أخرى عالقة بها، وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة التصرفات التيأدت إلى شهرها. لهذا فالشهر العيني تكون لديه حجية مطلقة، قررت له دونالنظر إلى حسن النية أو سيئ النية.
وقد أوردت بعض التشريعات استثناءات على مبدأ مشروعية الشهر، وذلك قصد تحقيقالتوافق بين المصلحة العامة المتمثلة في تدعيم الائتمان العقاري وتسهيلتداول العقارات، وبين مصلحة صاحب الحق العيني في معرفة حقيقة كل تصرف تمالشهر بناء عليه وإبطال القيود التي تكون باطلة، وللتوفيق بين المصلحتيناشترطت بعض التشريعات للأخذ بمبدأ مشروعية الشهر في السجل العقاري حسن نيةأطراف العقد كالتشريع الألماني، السويسري والتشريعين التونسي والمغربي،بينما هناك من التشريعات التي أخذت بمبدأ افتراض صحة الشهر دون النظر فينية أطراف التصرف المشهر وما قد لابسه من غش أو سوء نية كالتشريع المصريوالليبي(1).
وليس معنى الحجية المطلقة هنا أنه لا يمكن الطعن في العقد موضوع الشهربالطعون المعتادة وإنما لا يكون لهذه الطعون من أثر في مواجهة الكافة إلامن تاريخ قيدها في السجل أو شهر الدعاوى الخاصة بها.
وتثبت الحجية على نحو ما سبق ذكره، إذا ما صدر العقد (التصرف) مستوفياشروطه القانونية، أما إذا تخلف ركن من أركانه أو شرط من شروط صحته كانالعقد باطلا أو قابلا للابطال لا يطهره الشهر، من ثمة لا يترتب عليه نقلالملكية، مثال ذلك: إذا أبرم عقد بيع ولم يوقعه المالك إنما زور توقيعه فإنالملكية لا تنتقل بشهره(2) ولعل هذا ما جعل أهم دور يناط بالمحافظ العقاريهو البحث عن أصل الملكية والتحقق من صحة بيانات العقد أو التصديق علىتوقيعات ذوي الشأن فيه.
بالرجوع إلى أحكام الشهر الواردة بالأمر 75/74 والمراسيم المطبقة له - السابق الإشارة إليها- يتبين أنه بعد القيد الأول أي تأسيس مجموعة البطاقاتالعقارية (3)وبعد انتهاء المدة المقررة للاعتراض وتقديم الطلبات وبعد أنيصبح الترقيم المؤقت نهائيا، وبالفصل في الدعاوى المتعلقة بالتسجيل الأولالمرفوعة أمام القضاء المختص، يصبح هذا القيد الأول مطهرا للتصرف الذي بنيعليه ويكتسب الحجية المطلقة، فلا يجوز إقامة دعاوى القضاء الرامية إلىالنطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن محررات أو عقود تمإشهارها، وذلك تماشيا وأحكام المادة 85 من المرسوم 76/63 المتعلق بتأسيسالسجل العقاري.
كما أن الخلف الخاص أي الشاري للعقار أو الحق العيني المشهر في السجلالعقاري شهرا أولا سواء كان حسن أو سيئ النية، لا تسري في حقه دعاوى الفسخأو الإبطال أو الإلغاء أو النقض.


(1)
أمين بركات سعود، المرجع السابق، ص44 و 45.
(2)
المستشار أنور طلبه، الشهر العقاري والمفاضلة بين التصرفات، طبعة 1996، ص 148.
(3)
أنظر المواد : 12 و 13 و 14 من المرسوم 76/62 المؤرخ في 25/03/1976المعدل والمتمم بالمرسوم رقم 84/400 المؤرخ في 24/12/1984 والمرسوم رقم 92/138 المؤرخ في 07/04/1992 المتعلق بتأسيس السجل العقاري.
وعليه فالقانون الجزائري لا يعتد بحسن أو سوء نية المتصرف إليه، مادام قداكتسب الحق العيني بموجب القيود العقارية المسجلة تسجيلا أولا أو لاحقا دونوجود إشارات تفيد وجود حقوق للغير على هذه القيود(1).
وبذلك يكون المشرع الجزائري قد وصل بالتسجيل الأول (القيد الأول) بالسجل العيني إلى أكبر درجة من الحجية والقوة.
وافتراض هذه المشروعية والحجية المطلقة للشهر يمكن إرجاعها وتبريرهابالإجراءات الطويلة وطرق الطعن المتعددة و تقرير مدة طويلة لها، والتي نصعليها قانون مسح الأراضي و غيره.
ورغم هذه الحجية التي منحها المشرع للشهر وربطه لصحة العقد (التصرف) بالشهر، إلا أنه مع ذلك يكون للقضاء سلطة في إلغاء وإبطال بعض العقودالتوثيقية المشهرة، إذ ما تبين للقاضي أن التصرف الذي ينطوي عليه العقد محلالشهر معيبا في حد ذاته، دون الأخذ بعين الاعتبار أن العقد مشهر.
وفيما يلي سنبين أهم الأسباب الداعية لإبطال العقود التوثيقية المشهرة.

المطلب الثاني : مقتضيات إبطال العقد التوثيقي المشهر
كما سبق الإشارة إليه، فإن الشهر لا يصحح عقدا باطلا ولا يحول ذلك دونالطعن فيه أمام القضاء. إذ تبقى كامل السلطة التقديرية للقاضي في إبطالالعقد التوثيقي المشهر حسب الحالة المؤدية لذلك.
سنفرّق فيما يلي بين العقد التوثيق الناقل للملكية بارادتين (التعاقدي) وبين العقد التوثيقي المصرح بالملكية، وتحديد عقد الشهرة، نظرا لاختلافهمامن حيث الأسباب التي قد تؤدي إلى إبطال كل منهما، وهو ما سنوضحه بتفصيلأكبر فيما يلي :

القرع الأول: أسباب إبطال العقد التوثيقي المشهر الناقل للملكية بإرادتين
إن العقد مهما كان نوعه يجب أن يتوافر على أركان الرضا، المحل والسبب فإنتخلف أحد هذه الأركان لا سيما انعدام الرضا نكون أمام بطلان مطلق يجوزللقاضي أن يقضي به من تلقاء نفسه ولا يزول هذا البطلان بالإجازة، غير أنهقد يعتري العقد (التصرف) بعض العيوب التي قد تؤدي إلى إبطاله إذا ما تمسكبها صاحب المصلحة، كون القانون قد قررها للمصلحة الخاصة لا غير فإذا ماانطوى العقد التوثيقي المشهر على مثل هذه العيوب جاز لصاحب المصلحة الطعنفيه والمطالبة بإبطاله، وأهم هذه العيوب أو الأسباب التي تفسح المجال لتدخلالقاضي و مساسه بحجية الشهر و خرقه لها من خلال إبطال العقد التوثيقيالمشهر ما يلي:

(1)
أمين بركات سعود، المرجع السابق، ص 54.

أولا: العقد المنطوي على غش أو تدليس
يعد التصرف المنطوي على الغش محلا للإبطال من قبل القاضي ولو كان مشهرا،وهذا انطلاقا من المبادئ العامة للقانون التي تقتضي حماية الغير من كل تصرفصادر عن غش عملا بقاعدة «الغش يفسد جميع التصرفات» وبالتالي إبطال تلكالتصرفات.
ولقد أكد المشرع الجزائري على هذا المبدأ في القانون المدني في المواد 192 و 196 و 377 و 379 و 384 منه، وتأكيدا لهذا المبدأ نجد أن نظام الشهر العينييسعى لتحقيق الاستقرار في المعاملات العقارية، وبالتالي فإن حرصه علىحماية الحقوق العقارية بالشهر يفرض عليه في بعض الحالات عدم الإبقاء علىالتصرفات المبنية على الغش خاصة في مجال العقود المنشئة والناقلة للحقالعيني العقاري، لا سيما في مجال البيوع المتتالية أي عندما يكون العقارمحل بيع لمرتين، ويتم البيع الثاني قصد الإضرار بمصلحة الغير ( المتصرفإليه الأول).
ولقد تشدد القضاء الفرنسي إزاء التصرف للغير حسن النية واعتبره باطلا لعدمصحة تصرف السلف و حجته في ذلك أن نية الغير قد أفسدت بتلقيه حقا من شخص كانتصرفه مقترنا بالغش استنادا إلى قاعدة « لا يكون للخلف أكثر مما كانللسلف» وقد عبر عن موقفه هذا في قرار صادر عن محكمة النقض في 17/10/1961،لكن سرعان ما غيّر موقفه وقضى في قرار بتاريخ 22/03/1968 بعدم إبطال التصرفللغير حسن النية، بل ظل الاحتجاج به ممكنا(1).
كما أنه استقر على أن العلم بالتصرف السابق مع وجود نية الإضرار بالغير كافلثبوت الغش وهو الموقف الذي اعتمده كل من القضاء المصري والمغربي(2) الذينيعتبران أن الغش يفسد العقد المشهر وبالتالي يتدخل القاضي و يبطل التصرفالمشهر الذي ينطوي على سوء النية و التواطؤ.
أما عن موقف المشرع الجزائري، فإننا لا نجد نصا صريحا يشير إلى ذلك، إنمايمكن استنباط موقفه بطريقة غير مباشرة من خلال المادة 86 من المرسوم 76/63المتعلق بتأسيس السجل العقاري التي تنص « أن فسخ الحقوق العينية العقاريةأو إبطالها أو إلغاؤها أو نقضها عندما تنتج أثرا رجعيا لا يحتج به علىالخلف الخاص لصاحب الحق المهدر إلا إذا كان الشرط الذي بمقتضاه حصل ذلكالفسخ أو الإبطال أو الإلغاء أو النقض قد تم إشهاره مسبقا أو كان هذا الفسخأو الإبطال أو الإلغاء أو النقض بحكم القانون، تطبيقا للقانون».
يتضح من خلال هذه المادة أنه يشترط للطعن في التصرف المشهر سواء كان بالفسخأو الإلغاء أو النقض أو الإبطال أن يتم بحكم القانون و تطبيقا له،وبالتالي يمكن إدراج الغش كسبب من الأسباب التي يجيز القانون فيها إبطالالعقد الذي يحتوي علـى مثل هذا العيـب، لأنه من أهم المبادئ القانونية(3) وعليـه يمكن

(1)Marty Gabriel
، المرجع السابق، ص 153.
(2)
معوض عبد التواب، الشهر العقاري والتوثيق علما وعملا، منشأة المعارف الاسكندرية 1986، ص 54.
وأنظر المادة 66/2 من قانون الظهير المغربي.
(3)
موسى نسيمة، حجية العقود المشهرة، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، كلية الحقوق بن عكنون سنة 1988، ص 73.
القول بوجود مجال لتطبيق قاعدة الغش يفسد جميع التصرفات والعقود وإن كانتمشهرة لا سيما بعد إطلاعنا على القرار(1) الذي قضى « بأن الثابت في قضيةالحال، أن الفريضة التي تم على أساسها البيع أمام الموثق لم تكن تشمل جميعالورثة الشرعيين، بتعمد من المدعين، فهذا بشكل غشا من شأنه أن يؤدي إلىإبطال البيع، ومن ثم فإن قضاة المجلس كانوا على صواب لما أبطلوا عقد البيعمسببين قرارهم تسبيبا كافيا».
ففي هذه الحالة يتدخل القاضي الذي يمكنه بسط سلطاته من خلال مراقبته لكل مايخرج عن مبادئ القانون، ومن ثمة إبطاله للعقد المنطوي على تصرف فاسد دونمراعاة منه للشهر والمبدأ المطهر له وقوته الثبوتية التي ثبت أنها تبقىنسبية فقط وليست مطلقة عند تدخل القاضي.
ونرى أنه من الضروري أن ينص المشرع صراحة على ضرورة أن يكون التصرف سليمامن كل عيب حتى يشهر لتسهيل وظيفة الشهر مثلما فعلت معظم التشريعات المقارنةكما سبق بيانه-.
وعليه نستنج أن حجية العقد التوثيقي المشهر في هذه الحالة المنوه عنهاأعلاه تزول بتدخل القاضي عند الطعن فيه وإبطاله للعقد المشهر وقد صدر فيهذا الإطار عن محكمة البويرة - القسم العقاري - بتاريخ 27/05/2000 حكم تحترقم فهرس 131/00 قضى بإبطال عقد البيع المبرم بين …و…المؤرخ في 24/11/1999المحرر من طرف الموثق بودار يوسف والمشهر بالمحافظة العقارية، وبالنتيجةإرجاع الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد.

ثانيا : حالة العقد الصوري
يقصد بالصورية خلق وضعية قانونية ظاهرة تختلف عن الوضعية القانونية(2)، وقدتكون الصورية مطلقة كلما كان العقد الظاهري لا وجود له أساسا كبيع المالكأملاكه لتفادي الحجز و تنفيذ الدائنين عليه، فيتم الاتفاق في العقد المستترأن البيع صوريا وليس حقيقيا.
وقد تكون صورية نسبية كحالة إخفاء الهبة بعقد صوري يكون في شكل بيع.
وهنا نتساءل حول ما إذا كان شهر العقد الظاهر بمنحه حماية معينة، وبذلك حتىوإن طعن فيه لا يمكن للقاضي إبطاله، أم أن للقاضي سلطة في ذلك؟
بالرجوع إلى التشريع الجزائري، نجد أن المادة 198 من القانون المدني تنصعلى أنه: « إذا أبرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين والخلف الخاص متى كانواحسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري ».
يتضح من نص المادة أنه يمكن لدائن أحد المتعاقدين الطعن في صورية العقد، كما يمكن ذلك للخلف الخاص.
و التمسك بالعقد الصوري قد لا يحقق مصلحة الغير الذي يطالب في بعض الحالات بتنفيذ العقد الحقيقي.
أما فيما يتعلق بالعقود التوثيقية المشهرة الناقلة للملكية بارادتين وذلكتحت ستار عقد آخر، كعقد البيع الصوري الذي غالبا ما يكون إخفاء لعقد هبة،مما يؤدي إلى تعارض مصالـح دائني البائع و دائنـي


(1)
قرار رقم 148561 الصادر عن الغرفة المدنية للمحكمة العليا بتاريخ 30/04/1997 المجلة القضائية لسنة 1997،العدد 2 ص 47.
(2)
د.أدوار عيد، المرجع السابق، ص 168.
المشتري، إذ يكون من مصلحة بعضهم التمسك بالعقد الحقيقي، بينما يكون منمصلحةالبعض الآخر التمسك بلعقد الصوري هذا من جهة، و من جهة ثانية فالشهرليس من شأنه أن يجعل العقد الصوري حقيقيا، إذ لا يكفي الشهر وحده لنقلالملكية بل لابد من وروده على عقد صحيح.
وهذه الحالة نجد أنها مماثلة لحالة صدور البيع الثاني غشا، ومن هنا يمكنالاعتداد بالغش طالما كان الهدف من عملية الصورية هو منع انتقال الملكيةللمشتري الأول عمدا وإلحاق الضرربه، وأكثر من ذلك فالبيع الثاني لا وجود لهباعتباره صوريا صورية مطلقة(1). لذلك من حق المشتري الذي لم يشهر عقده أنيطعن في صورية هذا البيع ويطالب بإبطاله باعتباره دائنا للبائع بالتزام نقلالملكية وباعتبار أن عقده حقيقيا وليس صوريا.
وكمثال عن الصورية النسبية لجوء مالك العقار إلى إبرام عقد هبة مستترة فيشكل بيع صوري، ويتم إخضاع هذا العقد الأخير إلى إجراء الشهر، وهنا يكون منحق دائني البائع المطالبة بعدم نفاذ العقد الصوري لتمكين الدائن التمسكبالعقد الصوري، حيث لا يسري عقد الهبة عليه في هذه الحالة باعتبار أنه تصرفيؤدي إلى إعسار المدين وإفقار ذمته في حالة نفاذه، وعليه فالشهر لا يعتبرعائقا للطعن في العقد التوثيقي المشهر الذي يكون الغرض منه الإضرار بمصلحةدائني البائع أو الخلف الخاص.
وعليه و استنادا إلى كون نظام الشهر يحمي التصرف المشهر ولو كان معيبا،فيكون للدائنين التمسك بالعقد الحقيقي أو الصوري وفقا لمصالحهم ولا يحولالشهر دون ذلك(2).
بناءا على ما سبق يتضح أن للقاضي كامل السلطة في إبطال العقد التوثيقيالمشهر إذا ما تم الطعن فيه من ذوي المصلحة، إذ يقدر ما إذا كان التصرفصوريا أو لا، ومن ثمة يبطله، لكن في الواقع العملي يقع القاضي في حيرة منأمره عندما يتمسك دائنو البائع بالعقد الحقيقي ويطالبون بعدم نفاذ العقدالمشهر في مواجهتهم ،وبالمقابل يطالب الخلف الخاص للمشتري بالعقد الصوري ويحتجون بالعقد الظاهري المشهر استنادا إلى كون تعاملهم كان مبنيا على ما هومدون بالسجل العقاري الذي يفترض أنه دليل في مواجهة الغير.
بتحليل هذه الوضعية وموازاتها ومبادئ الشهر العيني، نجد أن قواعد الصوريةتتفق ونظام الشهر العيني في تفضيل العقد الصوري انطلاقا من الوظيفةالإعلامية التي يؤديها الشهر –كما سبق بيانه، وعليه فالمنطق القانوني يقضيأنه لا يمكن القضاء على الظاهر بمجرد وجود من يطالب بتحقيق مصلحة خاصة فقط،وذلك حماية لاستقرار المعاملات والأوضاع الظاهرة و تدعيم نظام الشهرالعيني لهذا الأمر.
ويبقى هذا مجرد رأي و تفسير مبني على الأسس التي جاء بها نظام الشهر والتييجب تحقيقها، ورغم ذلك لاحظنا على مستوى التربص الميداني أن القاضي عندتقديره لصورية العقد التوثيقي المشهر

(1)
معوض عبد التواب (الشهر العقاري والتوثيق علما وعملا)، ص 134.
(2)
موسى نسيمة، المرجع السابق، ص 72.

يقضي بإبطاله دون إعطاء أهمية للشهر، ولدينا في هذا الصدد عدة أحكام منبينها الحكم الصادر عن القسم العقاري لمحكمة البويرة بتاريخ 29/07/2003 تحترقم 154/03 الذي قضى بإبطال عقد الهبة المؤرخ في 18/01/1994 المبرم بين ……و…… المحرر من قبل الموثق عطوي ناصر والمشهر بالمحافظة العقارية.
إذ يبقى للقاضي كامل السلطة التقديرية في القضاء بإبطال العقد المشهر بسببصوريته، كما له أن يقرر صحة العقد الظاهر إيمانا منه بحجية الشهر العينيومساهمة منه في تقوية الوضع الظاهر، حيث تبقى هذه المسألة خاضعة لسلطةالقاضي و منطقه الذي يعمل به، ذلك لأن المشرع الجزائري لم يأت بنص فيالقانون المدني يعالج مسألة تعارض مصالح الغير و حسم الموقف بتفضيل مصلحةالغير الذي يتمسك بالعقد الصوري الظاهري أو العكس كما أنه لا وجود لاجتهادقضائي يفصل في هذه المسألة عكس القضاء المصري الذي فصل في هذه النقطة وحسمالأمر منذ زمن بعيد في الطعن رقم 206 لسنة 17 ق جلسة 29/12/1949(1). حيثكرّس مبدأ مفاده أن «التسجيل (الشهر) لا يمكن أن يوجد للعقد الصوري آثاراقانونية لم تكن له، فيقف في مضمار المفاضلة مع عقد جدي صحيح صادر من نفسالبائع ولو كان غير مسجل».
وهو الأمر الذي تواترت عليه محكمة النقض المصرية إذ بقيت في نفس الاتجاهفأكدت في الطعن رقم 312 لسنة 40 ق جلسة 13/12/1977(2). من خلال ما جاء فيحيثيات قرارها :«إذا كانت محكمة الموضوع قد انتهت في حدود سلطتها التقديريةإلى أن التصرف الصادر من المورث إلى بعض الطاعنين لم يكن منجزا لأنه يخفيوصية للأسباب السائغة التي أوردتها ومنها الحكم … الذي قضى باعتبار العقدالصادر عن المورث إلى فريق الطاعنين هو في حقيقته وصية، فإنه لا يكونلتسجيل العقد حال حياة البائع أي أثر في تصحيح التصرف أو نقل الملكية، لأنالتسجيل لا يصحح عقدا باطلا ولا يحول دون الطعن فيه بأنه أخفى وصيته».
ويمكن قبول موقف محكمة النقض المصرية نظرا لأخذ المشرع المصري بنظام الشهرالشخصي، في حين القاضي الجزائري نجد أن له سلطة في إبطال العقد الصوريالمشهر أو جعله غير نافذ في مواجهة ذوي الشأن عند الطعن فيه، وهو ما يتعارضو مبادئ الشهر العيني دون أن نجد لذلك تبريرا إلا بإرجاع ذلك إلى ذهنيةالقاضي الذي لم يستسغ بعد مفاهيم الشهر العيني و حجته وكذا عدم وضوح النصوصوالفراغات الموجودة بها، وأكثر من ذلك فالأمر بعد مقبولا وعاديا للغايةطالما أنه لحد الساعة لا زال نظام الشهر الشخصي معمول به.
لذلك نقول أنه تبقى للقاضي سلطة تقديرية واسعة في إبطال العقد الصوري المشهر وإعدام آثاره متى قدر أنه صوري والعكس صحيح.

(1)
معوض عبد التواب (الشهر العقاري والتوثيق علما وعملا) ص 131.
(2)
معوض عبد التواب، المرجع نفسه، ص 131، 132.

ثالثا: العقد الوارد على ملك الغير
إن الشهر في ظل نظام الشهر الشخصي يتم بالنظر إلى أسماء الأشخاص، فلا يمكنبذلك التحري عن صحة امتلاك الشخص للعقار، إذ يتعذر الوصول إلى معرفة المالكالحقيقي، وعليه فسند الشهر لا قيمة له، إذ أنه قد يؤدي إلى إضافة تصرفاتشخص إلى شخص، وبالتالي فبيانات الشهر لا توفر الحماية لأنها تتعلق بشهرالتصرفات كما هي بما يلحقها من عيوب، لذلك أجازت المـادة 397 من القانونالمدنـي الطعن في عقد البيع المشهر إذا ما نصب على ملك الغير بنصها علىأنه:«إذ باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه، فللمشتري الحق في طلبإبطال البيع ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار أعلن أو لم يعلنبيعه.
وفي كل حالة لا يكون هذا البيع ناجزا في حق مالك الشيء المبيع ولو أجازه المشتري».
وعليه يكون للمالك الحق في رفع دعوى الاستحقاق العقاري والطعن في عقد البيعالوارد على ملكه، إلا أن هذا الطعن - وإن كان يحمي مالك العقار الحقيقيإلا أنه يؤدي إلى زعزعة الثقة في استقرار المعاملات العقارية، وبالتالينستنتج أن المادة 397 ق.م يكون مجال تطبيقها في المناطق التي ما زالت تخضعلنظام الشهر الشخصي، الأمر الذي أكدت عليه المادة 27 من الأمر 75/74والمادة 113 من المرسوم 76/63 السالف الإشارة إليهما.
من هذا المنطلق يصعب تصور احتمال ورود تصرف على ملك الغير في ظل نظام الشهرالعيني نظرا لدقة إجراءات الشهر التي تقتضي البحث عن أصل الملكية والتأكدمن مطابقة البيانات الواردة في السجل العقاري مع الوثائق المقدمة، إذ أنالبيانات الواردة بالسجل العقاري تعبّر عن الحقيقة، كما تكسب الحقوقالعينية الحجية المطلقة. ورغم ذلك قد يتصور حدوث ذلك ولو بصفة غير مباشرة،وذلك في حالات المعينة لوجود ظروف خاصة كحالة زوال الملكية بأثر رجعي لسببمن أسباب الفسخ أو الإبطال أو الإلغاء، إذ يصبح المالك كأنه لم يكن مالكاللعقار وبالتالي يزول مركز المتصرف إليه الأخير تبعا لذلك، هذا الأخير الذيلا يمكن اعتباره قد أخطأ، نظرا لشهر العقد واعتماده على ما هو وارد فيالسجل العقاري من بيانات تؤكد على ملكية المتصرف(1).
ويجب التأكد من خلو التصرف من تعليق الملكية على شرط واقف أو فاسخ لأنالشهر لمثل هذا الأمر يفيد علم المتصرف إليه الأخير بأن الملكية مهددةبالزوال، فإذا قبل ذلك عليه تحمل النتائج المترتبة على ذلك.
ويمكن إدراج حالة رجوع الواهب عن الهبة ضمن التصرف في ملك الغير، فبالرجوعإلى المادة 211 من قانون الأسرة وكذا المذكرة الصادرة بتاريخ 14/02/1994تحت رقم 626 عن مديرية الأملاك الوطنية، فإن الرجوع في الهبـة مقرر استثناءللأبوين فقط في الهبة التي يرتبونها لأبنائهم بشـروط نصت


(1)
موسى نسيمة، المرجع السابق، ص 85.
عليها نفس المادة، وهذا دون حاجة اللجوء إلى القضاء، إذ يكفي التصريحبالرجوع أمام الموثق بالإرادة المنفردة، بمعنى إلغاء الحق بنفس الشكل الذينشأ به.
إلا أنه في الحياة العملية نجد أن الأب يلجأ إلى القضاء للرجوع في هبتهولنا مثال صادر عن القسم العقاري لمحكمة البويرة بتاريخ 22/05/2001 تحت رقم 129/01 قضى بإبطال عقد الهبة المحرر من طرف الموثق بودار يوسف المؤرخ في ------ والمشهر ---- وإرجاع الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها.
ونرى أنه كان من المفروض قانونا على القاضي أن يقضي بانعدام المصلحة لعدموجود نزاع لاسيمـا وأنه جاء في حيثيات الحكـم أن المدعي وهب لابنه ثلاثةقطع أرضية ---- ولأسباب عائلية تراجع عن الهبة الأمر الذي وافق عليهالموهوب له (المدعى عليه)، إذ كان على القاضي الفصل بعدم قبول الدعوىلانعدام المصلحة، لأن للواهب الحق في الرجوع بنفس الشكل الذي نشأ به الحقكونه حق إرادي.
استنادا إلى ما سبق ذكره يتأكد مبدئيا إمكانية ورود تصرف على ملك الغير فيظل نظام الشهر العيني ففي هذه الحالة هل يمكن للقاضي إبطال العقد التوثيقيالمشهر بسبب وروده على ملك الغير أم أن الأمر يختلف عن الحالتين السابقتين؟
إن الإشكال يكمن في مسألة نفاذ التصرف المنصب عليه العقد في مواجهة المالكالحقيقي أو عدم نفاذه، إذ أنه إذا طعن المالك عن طريق دعوى الاستحقاق وطالببعدم نفاذ التصرف في حقه، يجب التأكد والتحقق من أن الملكية أو الحق لمينتقل بعد للغير.
حيث أن مصير المالك الحقيقي مرهون بشهر الدعوى أو عدم إشهارها ومدى تأثيرذلك على حقوق الغير، إذ كلما سارع إلى شهرها طبقت عليه قواعد الشهر ليتمكنمن استرداد ملكية العقار، كما أن نفس القاعدة أي أسبقية الشهر تساهم فيحرمانه من استحقاق ملكيته إذا ما تم التصرف للغير الذي قام بالشهر قبلالمالك الحقيقي.
وعليه فالطعن بدعوى الاستحقاق قد لا تمكن صاحبها من استرداد حقه في جميعالحالات نظرا لتعلق حقوق الغير بالعقار(1)، إذ تدعيما للظاهر الذي يعد منأهم أسس، لشهر العيني، يكون الغير حسن النية أولى بالحماية القانونية إلاأن نظام الشهر –كما سبق بيانه- لا يعتد بمعيار حسن أو سوء النية في شهرالتصرفات بمفهوم المبادئ العامة للقانون المدني، بل بوجود أو عدم وجودتواطؤ أو عش فقط، فإذا خلى العقد من هذين العيبين كانت قاعدة الأسبقية فيالشهر هي المعتد بها، بمعنى أن التصرف في ملك الغير يعتبر صحيحا وفقا لنظامالشهر العيني طالما أشهر العقد المنطوي عليه.
وبالتالي منح حماية للغير الذي قد يكون سيئ النية على حساب المالك الحقيقييتناقض والمبادئ العامة للقانون وتبرير ذلك هو اعتماد نظام الشهر القائمعلى الظاهر وما هو مدون بالسجل العقاري طالما كان خاليا من تواطؤ أو غش(2).

(1)
موسى نسيمة، المرجع السابق، ص 86.
(2)
د.معوض عبد التواب ( السجل العيني علما وعملا) ص 46، 47.
وعليه نقول أن سلطة القاضي في إبطال العقد التوثيقي المشهر المنصب على ملكالغير مقيدة، حيث أنه إذا قدّم طعن في العقد المنصب على ملك الغير وطالبالمالك الحقيقي بإبطال التصرف الوارد في ملكه تكون سلطة القاضي في هذهالحالة مقيدة، برجوعه إلى تحديد وقت شهر الدعوى و تحققه مما إذا تم شهرهاقبل انتقال الحق للغير أو بعد ذلك.
ففي الحالة الأولى يقضي بإبطال العقد لوروده على ملك الغير.
بينما في حالة الثانية لا يمكنه القضاء بإبطال العقد، وبذلك لا يبقى للمالكالحقيقي سوى المطالبة بالتعويض كون الملكية انتقلت بالشهر، وبذلك يكونالتصرف نافذا في مواجهته.
ونرى في هذا الصدد أن الحماية القانونية للظاهر و تحقيقها للثبات فيالمعاملات العقارية لا ينبغي أن تكون على حساب المالك الحقيقي وإثراء الغيربدون وجه حق.
وطبقا لما قررته المادة 24 من الأمر 75/74 من حيث أن قرارات المحافظالعقاري تكون قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة، كقرارات رفض الشهرأو القرارات الشهر في حد ذاتها كالحالة السابق توضيحها، إذ قد يشهرالمحافظ العقاري عقدين توثيقيين واردين على نفس العقار، فهنا يكون من حقالمتصرف إليه الأول الذي كانت له الأسبقية في الشهر -علاوة على طلب إبطالالعقد التوثيقي الناقل للملكية على أساس أنه تصرف في ملك الغير فإن القانونمنحة إمكانية الطعن في إجراء الشهر ذاته وطلب إلغائه الذي يكون برفع دعوىضد المحافظ العقاري أمام الغرفة الإدارية الواقع بدائرة اختصاصها المحافظةالعقارية العامل بها المحافظ الذي أشهر العقد، ذلك أن النزاع يتمثل في دعوىالإلغاء نظرا لكون الشهر يعد قرارا إداريا صادرا عن المحافظ العقاريمستندا في ذلك إلى خطأ هذا الأخير.
إذ المفروض أن الشهر لا يحقق آثاره إلا إذا كانت الوثائق المسلمة للحافظالعقاري صحيحة وخالية من العيوب، حيث يكون للمحافظ الدور الكبير في تجسيدأو عدم تجسيد تلك الآثار بشكل صحيح، إذ بإمكانه رفض شهر بعض التصرفات إذاتبين له عدم صحتها لا سيما إذا فصح أصل الملكية ووجد أن العقد يرد على ملكالغير، فهنا يتعين عليه رفض شهر ذلك العقد، فإذا ما حدث وأن قام بإشهارهدون التفطن إلى كونه وارد على ملك الغير، فإنه يكون مسؤولا عن إجراء الشهربسبب ارتكابه خطأ كهذا أو أي خطأ آخر، مما يجعل قراره عرضة للطعن فيه عنطريق دعوى الإلغاء.
ولنا في هذا الصدد مثال تطبيقي حي يتمثل في قرار صادر عن الغرفة الإداريةلدى مجلس قضاء الجزائر بتاريخ 18/06/2002 تحت رقم 655/02(1).
ويتخلص موضوع هذا القرار في أن النزاع الذي عرض على الغرفة يتمحور حولإلغاء إجراءات الشهر واستدراك الخطأ الذي اركبه المحافظ العقاري بإشهارهللعقد التوثيقي لمبرم بين السيدة مزي فطومة و السيدين بكار لخضر و بكارمصطفى (عقد بيع ثان) وذلك بغرض إعدام آثار هذا العقد بعد إلغاء الشهر،وبالتالي عدم الإحتجاج به في مواجهة الغير، ذلك أن هذا العقد الأخير تبينأنه أشهر خطأ مما يستوجب إلغاؤه كون العقار محل البيع لم يعد ملكا للبائعةبعد أن تصرفت فيه بعقد بيع أول لفائدة خالف عبد رشيد،

(1)
القرار منح لنا في إطار العمل على تحييث بعض قرارات مجلس الدولة.
حيث بذلك تكون قد أنشأت لنفسها بطاقتين عقاريتين مختلفين وهذا بسبب الخلطفي اسمها الذي حال دون تمكين المحافظ العقاري من معرفة الخطأ الواقع أثناءعملية الإشهار بسبب حملها للقبين مختلفين.
وحيث أنه بعد التحقيق وبناء على التعليمات الواردة من المديرية العامةللأملاك الوطنية تبين أن الشهر العقاري الواقع بتاريخ 08/07/1990 من طرفالمحافظة العقارية لولاية الجزائر على عقد البيع الثاني، قد وقع خطأ تبعالخلل في مسك البطاقات الخاصة لأملاك الأشخاص.
وبناء على إرسالية مؤرخة في 26/09/1999 تحت رقم 922 فإن المدير العامللأملاك الوطنية قد اعترف بوجود هذا الخطأ من طرف مصالحهم وأمرهم بتسويةوضعية العارض.
وقد انتهت الغرفة الإدارية – رغم هذه الدفوع والمبررات- إلى رفض الدعوىلعدم التأسيس مستندة في ذلك إلى أن الثابت في القضية هو وجود عقدينتوثيقيين (عقد بيع) الأول تم أمام السيد كايلي أحمد موثق بتيارت حرر بتاريخ 08/12/1984 مشهر بالمحافظة العقارية للجزائر في 11/12/1984 مجلد 165 رقم 39 بموجبه باعت ملزي فطومة قطعة أرض بمنطقة لامادلين بحيدرة للمدعى،والثاني يتعلق ببيع نفس القطعة الأرضية من قبل نفس البائعة الأولى لفائدةالأخوين بكار محرر من قبل الموثق براكسي بتاريخ 28 و29/06/1986 مشهربالمحافظة العقارية للجزائر في 08/07/1990 مجلد رقم 44.
وحيث أن العقدين مازالا قائمين صحيحين إلى أن يثبت العكس بإبطال أحدهما منالجهات المختصة كما رأت الغرفة الإدارية أنه ليس من صلاحياتها إلغاء إجراءعقد توثيقي ما يزال قائما وصحيحا وعليه رفضت الدعوى لعدم التأسيس.
وهذا القرار هو محل استئناف أمام مجلس الدولة إلى غاية اليوم لم يتم الفصل فيه بعد.
ويرى بعض القضاة أنه كان بإمكان الغرفة الإدارية الفصل وإلغاء إجراء شهرعقد البيع الثاني، طالما تبين لها خطأ المحافظ العقاري في إشهاره للمرةالثانية نفس العقار أي شهر على شهر، وبذلك تكون مختصة في إلغاء هذا الشهرباعتباره يشكل قرارا إداريا صادرا عن موظف إداري ألاّ وهو المحافظ العقاري،طالما أن العمل الإداري يخضع لرقابة الغرفة الإدارية وحدها، وبذلك كانينبغي على الغرفة الإدارية أن تقضي بإلغاء إجراء الشهر الثاني إعمالاللمادة 24 من الأمر 75/74 التي تنص على أن قرارات المحافظ العقاري قابلةللطعن أمام الجهات القضائية.
غير أننا نرى أنه في هذه الحالة أي عند إلغاء إجراء شهر العقد الثانيالمنصب على العقار سيزول الشهر لكن يبقى العقد قائما طالما لم يطعن فيه،وبالتالي نميل إلى رأي الغرفة الإدارية التي نجد أنها أصابت في تسبيبها،ذلك أن المدعي لجأ إلى الطعن في إجراءات شهر عقد البيع الثاني، وبذلك يكونقد طعن في النتيجة مباشرة باعتبار أي الشهر آخر مرحلة يمر بها العقدالتوثيقي وما أثره إلا نقل الملكية، في حين كان عليه اللجوء إلى القضاءالعادي للطعن في العقد الثاني باعتباره تصرفا في ملك الغير مطالبا بإبطاله،ومن ثمة إعدامه تماما، مما يؤدي إلى زوال الشهر ضمنيا بعد شهر الحكم أوالقرار النهائي القاضي بالإبطال، وعليه لا يترتب أثره في نقل الملكيةللمتصرف إليه الثاني دون حاجة إلى الطعن في إجراءات الشهر، وتبقى لهإمكانية الرجوع على المحافظ العقاري بالتعويض عن خطئه لا غير – كما سبقالإشارة إليه.

الفرع الثاني : أسباب إبطال العقد التوثيقي المصرح بالملكية (عقد الشهرة)
لقد تبنى المشرع الجزائري هذا النوع من العقود من أجل تطهير الوضعيةالعقارية للمناطق التي لم تتم فيها بعد عملية المسح العام للأراضي وتأسيسالسجل العقاري، ويعتبر هذا العقد محررا رسميا وبالتالي له حجية في الإثباتعلى الناس كافة. و طالما أن عقد الشهرة حرر بناء على تلقي تصريحات الشهودالمتعلقة بالحيازة طبقا للمادة 827 من القانون المدني –كما بيناه في تعريفهفي الفصل الأول – فإن تقدير هذه الشهادة يبقى خاضعا للسلطة التقديريةلقضاة الموضوع ولا معقب عليهم من قبل المحكمة العليا، ورغم ذلك و موازاة معمبدأ القوة الثبوتية للشهر ذهبت بعض الجهات إلى إعطاء عقد الشهرة حجة أكثرمما منحها له القانون إلى درجة القول أنه لا يقبل الطعن فيه إلا عن طريقالتزوير، إلا أن المؤكد أن عقد الشهرة ما هو إلا عقد تقريري وليست له أيةحجية إلا وفقا لما منحه القانون، وهو الأمر الذي أكدته الغرفة العقاريةللمحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 29/03/2000 تحت رقم 190541 (1)الذيجاء فيه :« إن القرار المطعون فيه الذي قضى برفض دعوى الطاعن الرامية إلىإثبات ملكيته على الأرض المتنازع عليها بحجة أن ملكيتها تعود إلى البلديةولعدم ثبوت حيازته لهامستبعدا بذلك عقد الشهرة المتمسك به من طرف الطاعن،فإنه أصاب فيما قضى لأن عقد الشهرة حجيته محدودة في تصريحات الشهود التييمكن إثبات عكسها باعتباره عقد تقريريا».
فهذا القرار قد أكدّ صراحة الصفة التقريرية لعقد الشهرة، وبالتالي يمكن لأيطرف معني إثبات خلاف ما جاء فيه بكافة الوسائل المقررة قانونا، ولعل هذاالأمر هو ما أدى إلى انتشار القضايا المتابعة أمام قسم الجنح المتمثلة فيجنحة التصريح الكاذب انطلاقا من الطعن في شهادة الشهود والتشكيك في صدق وصحة تصريحاتهم وعدم توفر صاحب العقد على شروط الحيازة وفقا للقانون المدني،وفي هذه الحالة القاضي الجزائي لا يفصل في هذه القضايا ويطلب من الضحيةتقديم القرار المدني النهائي الذي يقضي بإبطال عقد الشهرة، بمعنى أنه يرجئالفصل فيها إلى غاية الفصل في الدعوى العقارية التي يكون موضوعها إبطال عقدالشهرة، فهي تعد بذلك مسألة أولية تؤدي إلى وقف الفصل في الجزائي إلى غايةالفصل في المدني(2).
وانطلاقا مما سبق ذكره تتأكد حجية عقد الشهرة التي تبقى محدودة وبالتالييجيز هذا الأمر لصاحب المصلحة المطالبة بإبطال عقد الشهرة أمام القضاء،وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن الأسباب الداعية للإبطال ومدى تقدير القاضيلها.
قبل الإجابة على هذا التساؤل نشير إلى نقطة نرى أنها جد مهمة وهو أننالاحظنا في العديد من القضايا المتعلقة بإبطال عقد الشهرة أنها تنتهي بحكمعادة بل غالبا ما يقضي فيها القاضي بالإلغاء أي القضاء بإلغـاء عقد الشهـرةيدل قول إبطال عقـد الشهـرة، و عند محاولتنا لمعرفة الفـرق أو أهميـةالتفرقة

(1)
حمدي باشا عمر، حماية الملكية العقارية الخاصة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 2002، ص 33.
(2)
أنظر قرار رقم 26248 المؤرخ في 04/07/1983، المجلة القضائية لسنة 1989، العدد 01، ص 362
العملية من حيث التسمية لم نجد للأمر تبريرا قانونيا، بل أن معظم القضاةيجمعون على أن المقصود بإلغاء عقد الشهرة إبطاله لا غير ونفس الآثار تترتبفي الحالتين، كل ما في الأمر أن القضاة التبس عليهم الأمر نظرا لحداثة مثلهذه العقود وتميزها من خلال إجراءات إعدادها وتحريرها، وإن كان هذا تبريرالقضاة الذين استفسرناهم عن الأمر، إلا أن الأستاذ زودة عمر(1) فرق بينالإلغاء و البطلان إذ يرى أن الطعن في عقد الشهرة يتناول ناحيته الشكليةوالموضوعية، فإذا انصب الطعن على الجانب الشكلي تعرض عقد الشهرة للبطلان،أما إذا انصب الطعن على الجانب الموضوعي كعدم توافر أركان الحيازة وشروطصحتها تعرض العقد للإلغاء ويمكن تبرير ذلك بكون خرق القواعد والإجراءاتالقانونية يرتب بطلان التصرف، وبالتالي طالما أن عقـدة الشهرة يعـم بموجبإجـراءات وشكليـات معينة فإن خرقهـا سيؤدي إلى بطلان العقد إلا أنه في نفسالوقت يمكن القول أن إجراءات الشهر تعد إجراءات إدارية يقوم بها المحافظالعقاري الذي يعتبر موظفا إداريا وعليه فالطعن في مخالفة مثل هذه الإجراءاتيعد طعنا في قرار إداريا وبالتالي يصلح عليه مصطلح الإلغاء أكثر منالبطلان، بينما إذا تم الطعن في عقد الشهرة في جانبه الموضوعي أي مدى توافرأركان وشروط الحيازة نكون طبقا للقواعد العامة أمام إبطال العقد وليسإلغاء.
ومهما يكن الأمر أو التسمية وطالما لا اختلاف في الآثار المترتبة عنالإبطال أو الإلغاء وبالتالي لا وجود لأهمية في التفرقة من الناحيةالعملية، فإننا سنتناول فيما يلي أهم الأسباب التي يؤدي إلى إبطال عقدالشهرة.
يتضح من المرسوم 83/352 والمنشور الوزاري المشترك رقم 04513 المطبق له، أنعقد الشهرة يتطلب لإعداده جملة من الشروط –سبق تبيانها في المبحث الثاني منالفصل الأول- لا حاجة لإعادة ذكرها.
وعملا بالمادتين 1 و 2 من المرسوم أعلاه، فإن الموثق هو الشخص الوحيدالمؤهل قانونا لإعداد هذا العقد المتضمن الاعتراف بالملكية، هذا الأخيرالذي يلتزم بإجراءات قبل إعداد وتحرير العقد وبعده –سبق ذكرها آنفا.
وطالما أن عقد الشهرة ينبغي أن يستوفي الشروط المذكور سابقا، فإن تخلف أيشرط يؤدي إلى المطالبة بإبطاله من طرف المعني –صاحب المصلحة- أمام الجهةالقضائية المختصة. وهنا تبدأ سلطة القاضي في الإبطال تتضح، إذ يمكن إرجاعوربط هذه السلطة بمدى توافر هذه الشروط من عدمها، لاسيما وأن عقد الشهرةيعتمد أساسا على أحكام المادتين 827 و 828 ق.م، وعليه يبقى الحائز علىحالته وعند تعرضه لمخاصمة قضائية، يتولى القاضي إصدار حكم أو إجراء قبلالفصل في الموضوع طبقا للمادة 61 ق.ا.م و اعتماد المادة 48 منه للوصول إلىالقناعة الكاملة بتوافر شروط الحيازة أم لا.
وقد لاحظنا على مستوى التربص العديد من القضايا المطروحة على القسم العقاريالمنصبة حول المطالبة بإبطال عقد الشهرة والتي يستعمل القاضي سلطتهالكاملة في التحقيق للوصول إلى حقيقة الحيازة،


(1)
تعليق على قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 09/03/1998 رقم 129947 عن الغرفة الإدارية المرجع السابق، ص 16.

وغالبا ما يلغي أو يبطل القاضي عقد الشهرة بسبب عدم توافر الشروط الموضوعيةلعقد الشهرة أو لسبب في العقار محل الحيازة أو بسبب عدم احترام الموثقلإجراءات إعداد وتحرير عقد الشهرة.
وسندعم أسباب الإبطال هاته بمجموعة من الأمثلة التطبيقية في هذا الصدد.

أولا: الإبطال بسبب عدم توافر لشروط الموضوعية (أركان وشروط الحيازة بمفهوم المادة 827 ومايليها من القانون المدني)
الحيازة هي سلطة الشخص على شيء معين يتصرف فيه تصرف المالك في ماله(1) يتضح بذلك أن للحيازة عنصرين مادي ومعنوي.
المادي وهو وضع اليد على الشيء أو على الحق طريق السيطرة الفعلية عليه واستعماله والتصرف فيه.
والمعنوي يقصد به ظهور الحائز مظهر المالك أي تبرز نيته في التملك.
ويشترط في هذه الحيازة أن تكون هادئة، علنية ومستمرة دون انقطاع، وكي ترتبالحيازة آثارها، يجب أن تكون خالية من العيوب التي نص عليها المشرع فيالمادة الأولى من المرسوم 83/352 السابق ذكره والتي ورد ذكرها أيضا بالمادة 808 من القانون المدني التي نصت على أنه:« إذا اقترنت الحيازة بإكراه أوحصلت خفية أو كان فيها التباس فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراهأو أخفيت عنه الحيازة أو التلبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذهالعيوب». وعليه فهذه العيوب تتمثل في الإكراه، وعيب الخفاء وعيب الغموض أواللبس إذ يجب أن تكون الحيازة واضحة لا لبس ولا غموض فيها، ويعد هذا العيبصعب التقدير نوعا ما لأنه يصيب الركن المعنوي لا الركن المادي، إذا لايمكن تحديد ما إذا كان الحائز يحوز لنفسه أو لغيره كما في حالة حيازةالشريك لمال على الشياع.
إضافة إلى عيب عدم الاستمرار أي عدم انقطاع أعمال السيطرة المادية منالحائز على الشيء لفترات متباعدة حتى لا نكون أمام حيازة مشوبة بعيب عدمالاستمرار.
مع ضرورة توافر شرط المدة، إذ يشترط في الحائز للعقار أن يكون قد حازهللمدة المقدرة قانونا والمقدرة بخمسة عشر سنة وفقا لما تقتضيه المادة 827من القانون المدني.
وعليه إذا تخلف ركن من ركني الحيازة أو شرط من شروط صحته نكون أمام حالة منالحالات التي تسمح بالطعن في عقد الشهرة وبالتالي إمكانية إبطاله.
وفي هذا الإطار لدينا حكم صادر عن القسم العقاري لمحكمة البويرة – مكانالتربص الميداني – صدر بتاريخ 02/01/2001 تحت رقم فهرس 06/01 الذي قضىبإلغاء عقد الشهرة المحرر من طرف الموثق جمعة موحوش بتاريخ 28/05/1991والمسجل بالبويرة بتاريخ 24/06/1991 والمشهر لدى المحافظة العقارية بتاريخ 09/07/1991 --- وذلك استنادا إلـى عدم ثبوت أن حيازة المدعى عليـه هي


(1)
زودة عمر، دروس في قانون الإجراءات المدنية ( موضوع دعوى الحيازة)،ملقاة على طلبة السنة الأولى بالمعهد الوطني للقضاء، سنة 2001/2002.

حيازة هادئة ومستمرة غير متقطعة ولا متنازع عليها لمدة 15 سنة دون انقطاع،وهذا بعد إجراء تحقيق لإظهار الحقيقة تطبيقا لأحكام المادة 61 و ما يليهامن قانون الإجراءات المدنية، حيث جاء في حيثيات القاضي أنه:
حيث أنه بالرجوع إلى محضر التحقيق القضائي المؤرخ في 21/11/2000، يتبين أنالشاهد --- المولود --- صرح بعد أدائه اليمين القانونية بأنه يعرف القطعةالأرضية موضوع النزاع منذ سنة 1985 لما قام بشراء القطعة المجاورة لها وأكدأنها عبارة عن أرض بور غير محروثة ولا مغروسة ولم يستغلها لا المدعى ولاالمدعى عليه وهو الأمر الذي أكده الشاهد الثاني
حيث أنه لعدم تقديم المدعى عليه أي دليل يثبت حيازته للقطعة الأرضية موضوععقد الشهرة المطلوب إلغاؤه، حيازة هادئة ومستمرة غير متقطعة ولا متنازععليها لمدة 15 سنة بدون انقطاع رغم تأجيل القضية لعدة مرات ومنح المدعىعليه فرصة الحضور و إحضار شهوده لإجراء تحقيق
حيث وبناء على تصريحات شهود المدعي اللذين أكدا بأن الأرض موضوع النزاع هيعبارة عن أرض بور غير مغروسة ولا محروثة يدل على عدم حيازة المدعي عليهللقطعة الأرضية محل عقد الشهرة، وبالتالي عدم توفر الشروط المنصوص عليهابأحكام المادتين الأولى والثانية من المرسوم 83/352، لذلك يتعين معه إلغاءعقد الشهرة المحرر --- ( وهنا استعمل القاضي مصطلح الإلغاء وليس الإبطالكما سبق بيانه).
فمن خلال هذا المثال تبرز سلطة القاضي الواسعة في تقديره لمدى توافر شروطالحيازة من عدمها لا سيما وأنها تتعلق بواقعة مادية يمكن إثباتها بكافةالوسائل، علما أن هذه الصورة أي هذا السبب في الطعن بإبطال عقد الشهرةمنتشر ومطروح بكثرة أمام القضاء.

ثانيا: الإبطال بسبب عدم احترام الموثق لإجراءات تحرير عقد الشهرة
سبق الذكر أن الموثق يلتزم بإرسال ملف إعداد عقد الشهرة لطلب رأي كل منرئيس المجلس الشعبي البلدي ومدير أملاك الدولة المختصين إقليميا، إضافة إلىعمله على نشر طلب إعداد العقد، فإذا تلقى الموثق اعتراضات ممن يهمهم الأمرفي المهلة المحددة قانونا، أحالهم على الجهة القضائية المختصة لحل النزاعوفقا لما تقتضيه المادة 8 من المرسوم 83/352، فإن خالف إحدى هذه الإجراءاتيكون قد ترك ثغرة تسمح للقاضي بالتدخل وإبطاله لعقد الشهرة المحرر من قبله.
وفي هذا الصدد صدر عن محكمة البويرة في قسمها العقاري حكم بتاريخ 08/02/2000 تحت رقم 50/00 قضى بإلغاء عقد الشهرة المحرر من طرف الموثق عطويناصر وذلك على أساس أن السيد الموثق لما قام بإعداد عقد الشهرة بالرغم منالاعتراض الذي قدم أمامه، والذي كان في الآجال المنصوص عليها بالمادة 5 منالمرسوم 83/352 يكون قد خالف و خرق الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 8 مننفس المرسوم.

ثالثا: الإبطال بسبب طبيعة العقار محل عقد الشهرة:
للقاضي سلطة في إبطال عقد الشهرة إذا ما تبين له أن العقار محل الحيازة منالأملاك الوطنية التي لا يجوز تملكها بالتقادم طبقا للمادة 689 ق.م، وهو ماأكده القرار الصادر عن الغرفة الثالثة لمجلس الدولة بتاريخ 24/04/2000 تحترقم 193900 (غير منشور) (1)، إذ اعتبـر أن القطعـة الأرضية المرادالاعتـراف بملكيتها عن طريق التقادم كانت محل إدماج في الاحتياطات العقاريةللبلدية، وبالتالي فهذه القطعة هي ملك للبلدية وعليه لا يمكن اكتسابها،فقياسا على هذا القرار وسواء كان الملك تابع للبلدية أو الولاية أو الدولةفإنه لا يجوز تحرير عقد شهرة عليها، وعليه فإذا حدث وأن حرّر هذا العقد علىمثل هذه الأراضي دون اعتراض من الجهة المعينة سواء لعدم علمها أو لإهمالمنها، فهذا الأمر يخوّل المجال للقاضي ويمنحه سلطة إبطال عقد الشهرة إذا ماتبين له ذلك فعلا.

كذلك الشأن إذا تعلق الأمر بعقار موقوف أي من الأملاك المحبسة، فإنه لايجوز تملكه بالتقادم وبالتالي لا يمكن تحرير عقد شهرة عليه، وهو الأمر الذيأشارت إليه الغرفة العقارية للمحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 13/01/1986 تحت رقم 39360 (غير منشور) (2) الذي قرر أن العين المحبسة لايجوز التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية بالبيع أو الهبة أو غيرها، لذلكنقض القرار الصادر عن مجلس المسلية، في حين ذهب في اتجاه محكمة بوسعادة،هذه الأخيرة التي قضت بإبطال عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملكية علىأساس التقادم المكسب على عقار محبس.
وينطبق نفس الحكم، أي إبطال عقد الشهرة من قبل القاضي إذا ما ثبت له أنالعقد منصب على ملكيات لها سندات مشهرة، إذ أن المقرر قانونا أن الإجراءاتالمنصوص عليها في المرسوم 83/352 يستبعد تطبيقها أمام وجود سند رسمي مشهرللعقار موضوع النزاع بالمحافظة العقارية، وعليه إذا تبين للقاضي أن عقدالشهرة حرر على أرض لها سند مشهر، فإنه يقضي بإبطاله، وهو ما أشار إليهقرار الغرفة الإدارية رقم 129947 المؤرخ في 09/03/1998 الذي سبق ذكره فيالفصل الأول من البحث.
لكن الملاحظ عمليا أن بعض القضاة لا يقضون بإبطال عقد الشهرة لهذا السبب،بحجة عدم وجود نص خاص بالقانون المدني يستثنى هذا النوع من العقارات (التيلها سندات مشهرة ) من الحيازة وإمكانية اكتسابها بالتقادم، وهو الأمر الذيتناولناه و وضحناه بإسهاب في الفصل الأول.
ويبقى عقد الشهرة مثله مثل باقي العقود يجب على من يقوم بها أن تتوفر فيهأهلية التعاقد وإلاّ بطل تصرفه، وبذلك يكون على القاضي التأكد من مدى أهليةالمتصرف (القائم بالعقد) وذلك ببلوغه 19 سنة كاملة، وعدم الحجر عليهقانونا حسب ما تقضي به المادة 40 ق.م، فإن تبين له عدم أهليته قضى ببطلانالتصرف، وعليه فعقد الشهرة لشخص محجور عليه يعتبر باطل بطلانا مطلقا وهو ماقضى به القرار رقم 181889 المؤرخ في 17/03/1998 (3)الذي أيد قضاة المجلسلما قضوا بإبطال عقد الشهرة على اعتبار أن الواهب كان محجورا عليه وبالتالي لا يجوز له إبرام التصرفات القانونية.

وإن كانت هذه الأمثلة تمثل حالات إبطال عقد الشهرة وسلطة القاضي في تقديرهاولو بعد فوات مدة الأربعة أشهر المنصوص عليها للإعتراض أمام الموثق بموجبالمادتين 6 و7 من المرسوم 83/352 .


(1)
حمدي باشا عمر (القضاء العقاري في ضوء أحدث القرارات الصادرة عن مجلس الدولة والمحكمة العليا)، ص 278.
(2)
حمدي باشا عمر، المرجع السابق، ص 281.
(3)
المجلة القضائية لسنة 1998، العدد 2، ص 82.

إلا أنها تبقى على سبل المثال لا الحصر-انتقيناها نظرا لكونها تطرح بكثرةمن الناحية العملية لكن هذا لا يعني تقيد القاضي بها، بل له كامل السلطة فيمراقبة عقد الشهرة شكلا ومضمونا، إذ يتعين عليه التحقق من أن كل الشروطالتي سبق ذكرها متوفرة أهمها إن كان الموثق مختصا أم لا وأن الأراضي تقع فيمنطقة غير ممسوحة ولم تحرّر عقودها وأنها لا تدخل ضمن الأملاك الوطنية أوالوقفية وإلاّ قضى بإبطال عقد الشهرة.
وعليه لصاحب المصلحة التمسك بتخلف أحد هذه الشروط والطعن في عقد الشهرة ولولم يكن قد سبق له وأن اعتراض على تحريره أمام الموثق في المدة المحددةبأربعة أشهر التي حددها المرسوم، ذلك أن هذه المدة قررت لتفادي إعداد عقدالشهرة والحيلولة دون تحرير أما إذا فاتت تلك الآجال وحرّر العقد، فإنهيبقى لصاحب المصلحة الحق في اللجوء إلى القضاء والطعن في صحة العقد استناداإلى أحكام المادة 102 من القانون المدني التي تقضي بأن تقادم دعوى إبطالالعقد تكون خلال 15 سنة من تاريخ تحرير العقد بالنسبة للغير وفي ظرف 10سنوات بالنسبة لأطرافه(1)، وهو الأمر الذي كرسته الغرفة العقارية للمحكمةالعليا في عدة قرارات لها، بعد أن كانت ترى سابقا أن عدم الاعتراض خلال مدةالأربعة أشهر يحضن العقد بالتالي عدم إمكانية الطعن فيه أمام القضاء، إذجاء في قرارها المؤرخ في 29/03/2000 تحت رقم 190541 (2)أن عدم الاعتراض علىإجراءات إعداد عقد الشهرة أمام الموثق لا يمنع البلدية من التدخل فيالنزاع والمطالبة بإبطال عقد الشهرة.
وإن كان – كما سبق لتأكيد عليه – جواز الطعن في عقد الشهرة بعد فوات آجالالاعتراض، إلا أنه يبقى الأصل العام قائما وهو جواز الاعتراض على إعداد عقدالشهرة قبل شهرة، إذ يرفع المعني الأمر إلى الجهة القضائية المختصة ويطالببوقف إجراءات تحرير العقد لسبب أن طالب عقد الشهرة يدعي حيازة عقار هو ملكللمدعي أو أنه تجاوز حدوده … إلخ، ففي مثل هذه المنازعات يكون للقاضي نفسالسلطات إذ له إجراء تحقيق في الأمر، كما له أن يعين خبيرا للتأكد من حدودالعقار ومساحته، وإن كان يدخل في ملكية المدعي أم لا … وبذلك يبني قناعته ويقضي بما يراه قانوني.

و لنا في هذا حكم لمحكمة البويرة دائما صادر عن القسم العقاري بتاريخ 15/04/2003 تحت رقم 89/03 قضى برفع الاعتراض المقدم ضد إعداد عقد الشهرةوالحكم بإتمام إجراءات تحريره المقدم من طرف المرحوم زينافي علي … وذلك بعدأن عين القاضي خبيرا وتأكد من حقيقة مساحة العقار وأنه لا يدخل ضمن ملكيةالمدعى عليهم.
في الأخير نخلص إلى أن هذه الأحكام أكدت الصفة التقريرية لعقد الشهرةوبالتالي إمكانية إثبات خلاف ما جاء فيه - لا سيما وأنه ينطوي على واقعةمادية – مما يفتح المجال للطعن فيه ومن ثمة يتدخل القاضي كسلطة فاصلةللنزاع ويقدر صحة التصريحات بواقعة الحيازة أو عدمها ذوي معقب عليه،وبالتالي يقضي بإبطال العقد كلما اختلت أحد شروط تحريره وإعداده موضوعيةكانت أو شكلية.

(1)
ليلى زروقي (نظام الشهر وإجراءاته في القانون الجزائري)، ص 73.
(2)
المجلة القضائية لسنة 2000 العدد 1، ص 151.
ويبقى عقد الشهرة في الوقت الراهن من أهم سندات إثبات الملكية رغم مايثيرهمن مشاكل و نزاعات، ولعل هذا الأمر ما أدى بالبعض(1) إلى القول أن المرسوم 83/352 لا أساس لوجوده لأن نتائجه السلبية قد طغت على إيجابياته وفتح البابللغش وسلب أموال الغير بإتباع الإجراءات التي تضمنها المرسوم بدليل أنالعديد من هذه العقود تم إلغاؤها بأحكام قضائية، كما أن بعض الولايات اتخذتقرارات تجميد استخراج عقود الشهرة.

المبحث الثاني: رفع دعوى إبطال العقد التوثيقي المشهر أمام القضاء
إن رفع الطعن أمام القضاء للفصل فيه يتطلب – بطبيعة الحال – تحديد الجهةالقضائية المختصة للنظر فيه و معرفة إجراءات رفع الطعن أمامها.
فعن الجهة المختصة بالنظر في الطعون بإبطال العقود التوثيقية المشهرةبنوعيها، نجد أن الأمر مختلف فيه ولم يحسم بعد، مما يتطلب منا إفراد مطلبأول من هذا المبحث لتحديد الجهة القضائية المختصة.
أما عن إجراءات رفع الطعون بإبطال هذه العقود نجد أن المشرع لم يأت فيالقوانين المتعلقة بالشهر العقاري بشروط خاصة لرفع الطعن القضائي ضد العقودالمشهرة، وبالتالي نرجع إلى القواعد العامة المقررة لكيفية رفع الدعاوىالواردة بقانون الإجراءات المدنية.
وعليه يجب أن تتوفر الشروط المنصوص عليها بالمادة 459 ق.ا.م في رافع الدعوىألاّ وهي شرطي الصفة والمصلحة، إضافة إلى أهلية التقاضي شأنها في ذلك شأنأي دعوى قضائية، غير أن الشرط الوارد على الدعاوى العقارية الرامية إلىالطعن في عقد مشهر بأي وجه من أوجه الطعن يتمثل في إجراء شهر الدعوى أي شهرالعريضة الافتتاحية للدعوى، وهو ما يجرنا للتساؤل عن أثر قيد الدعوى منعدمه، وبمعنى آخر هل أن شهر الدعوى العقارية يعد قيدا على رفع الدعوىوبالتالي عدم إشهارها يؤدي إلى عدم قبولها ؟ عموما سنجيب على هذا السؤالوالذي سبقه من خلال المطلبين التاليين:

المطلب الأول : الجهة القضائية المختصة
إن إشكالية الاختصاص ليست ظاهرة جديدة ولم تبرز نتيجة الأخذ بازدواجيةالقضاء منذ سنة1996(2)، بل ظهرت حتى في ظل وحدة القضاء من خلال تنازعالاختصاص بين الغرف الإدارية و المحاكـم العادية لا سيما بصدور قانون 81/01المتعلق بالتنازل عن أملاك الدولة وذلك بمناسبة تطبيق المادة 35 منه التينصت على أن النظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون يكون للهيئاتالقضائية

(1)
أنظر رأي الدكتور معاشو عمار، المنازعات العقارية بين الأفراد فيمابينهم وبين الأفراد والدولة، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإدارية،السياسية والإقتصادية لسنة 2000، عدد 2، ص 33.
(2)
المادة 152 من دستور 28/11/1996، كما استجدت سنة 1996 بموجب قرار صادرعن وزير العدل، في 15/09/96، قسم مكلف بالمنازعات العقارية وهو لا يتمتعباختصاص نوعي بل مجرد تنظيم إداري لتسهيل العمل والفصل في القضايا على وجهالسرعة.

التابعة للقانون العام إذ أدت هذه العبارة التي تنازع بين القاضي العاديوالقاضي الإداري واستمر في ذلك إلى غاية اجتماع الغرف المجتمعة للمجلسالأعلى آنذاك وقررت اختصاص القاضي العادي الكائن بمقر المجلس.
ولا يزال لحد الساعة التنازع قائم بين الهيئتين القضائيتين في مجالالمنازعات العقارية إذا كانت الإدارة طرفا فيها سواء كطرف أصلي أو مدخل فيالخصام لا سيما في مجال العقار الفلاحي أين يكثر تواجد الإدارة في مثل هذهالتصرفات والعقود، وهذا كله نتيجة النشاط المكثف للدولة الذي ظهر فيالسنوات الأخيرة في مجال العقارات بفتحها السوق العقارية للخواص و تنازلهاعن جزء كبير من أموالها الخاصة.
ونفس المشكل طرح بصدد تحديد القاضي المختص في حالة الطعن بإبطال (أو إلغاء) العقد التوثيقي المشهر إذا ما كانت الإدارة طرفا فيه.
غير أن الاجتهاد القضائي استقر في هذا الصدد، على تخويل سلطة النظر وإبطالالعقود التوثيقية المشهرة للقاضي العادي بصفته حامي الحقوق الفردية الناتجةعن العقود التوثيقية، وبذلك يكون القضاء الإداري قد تخلى عن اختصاصه فيالنظر فيها بالرغم من وجود الإداري كطرف فيها في العديد من الأحيان، لاسيما في عقود التنازل المحررة في إطار القانون 81/01 (1)، إذ بعد صدورقانون التوجيه العقاري رقم 90/25، وطبقا لنص المادة 73 منه أصبحت الوكالةالعقارية هي المختصة الوحيدة بتسيير الأملاك العقارية التابعة للبلدية، هذهالأخيرة التي غالبا ما تلجأ إلى إبرام العقود عن طريق الموثقين(2)، وبذلكيكون العقد في شكله توثيقيا، إن كان ذا صبغة إدارية بالنظر لطرفيه (المعيارالعضوي).
وقد أكد ذلك مجلس الدولة في قراره المؤرخ في 12/06/2000 تحت رقم 199294 (غير منشور) (3)، والذي جاء فيه « أن العقد التوثيقي تخرج مسألة إلغاءه (وهنا نلاحظ أنه استعمل مصطلح الالغاء وليس الإبطال مع أنه عقد توثيقي وليسإداري) من نطاق صلاحيات القاضي الإداري، مما يتعين إخراج الوالي ومديرأملاك الدولة من الخصام والتصريح بعدم الاختصاص».
وهو نفس ما ذهبت إليه الغرفة الثانية لمجلس الدولة في قرارها المؤرخ في 08/05/2000 الصادر تحت رقم 191983 (غير منشور) (4)، الذي جـاء فيه:«أنهبموجب العريضـة الافتتاحية للدعـوى رفعت

(1)
القانون رقم 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 المتضمن التنازل عن الأملاكالعقارية ذات الاستعمال السكني أو المهني أو التجاري أو الحرفي التابعةللدولة والجماعات المحلية و مكاتب الترقية والتسيير العقاري والمؤسساتوالهيئات والأجهزة العمومية.

(2)
إن عقود تبادل العقارات هي الأخرى الأصل أن تتم في شكل عقد إداري صادرعن مديرية الأملاك الوطنية إلا أنه قد تتم في شكل عقد توثيقي طبقا للشروطالتي يحددها الأطراف، ومع ذلك فإشكال الاختصاص لا يطرح بصددها، وذلك للنصصراحة في المادة 96 من القانون 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 المتضمن قانونالأملاك الوطنية على اختصاص القاضي العادي في مجال المنازعات الناتجة عنالتبادل، وهو أمر معقول و منطقي استنادا إلى أن عملية التبادل تتم وفقاللقانون المدني بعد إصدار وزير المالية لقرار التبادل.

(3)
مجلة مجلس الدولة، لسنة 2002، العدد 2، ص 30.
(4)
حمدي باشا عمر، (القضاء العقاري في ضوء أحدث القرارات الصادرة عن مجلس الدولة والمحكمة العليا)، ص 69.
مديريـة الأملاك الوطنية طعنا بالإبطال الجزئي لعقد توثيقي مؤرخ في 29/10/1991 … وأن الطعن بالإبطال (هنا استعملت مصطلح إبطال وليس إلغاء عكسالقرار الأول) يهدف إلى الاحتجاج أمام القضاء الإداري بقرار إداري، أي قرارمتخذ من طرف سلطة إدارية أثناء ممارستها لسلطاتها المتمثلة في السلطةالعامة.
حيث أن العقد علاوة على أنه يهدف إلى المصالح الخاصة يتعلق بالأشخاصالخاصة، فإنه لا يتناسب مع المعايير المذكورة أعلاه للعقد الإداري،وبالتالي فإن تقدير العقد التوثيقي ليس من اختصاص القاضي الإداري.

وكذا القرار رقم 193141 المؤرخ في 08/05/2000 الصادر عن الغرفة الثانيةلمجلس الدولة (غير منشور) (1) الذي جاء في حيثياته:« .. حيث استقر القضاءبأن مثل هذا النزاع لا يخضع لاختصاص القضاء الإداري وذلك نظرا لطبيعة العقدالمراد إلغاؤه الذي ليس له طابع إداري، وبذلك يكون قضاة الدرجة الأولىالذين لم ينظروا اختصاصهم وفصلوا في القضية هذه يكونوا قد أخطئوا في تقديرالوقائع وفي تطبيق القانون و عرضوا قرارهم بذلك للإلغاء».

وبذلك يكون موقف القضاء الإداري واضح يتمثل في أن الاختصاص يعود إلىالمحاكم العادية على أساس أن العقود التوثيقية ليست بقرارات ولا عقودإدارية حتى يتم الطعن في صحتها أمام الجهات القضائية الإدارية.

وإن كان اجتهاد القضاء الإداري مكرس اليوم، إلاّ أن البعض(2) يرى أنه وإنكان منالمستساغ والمتقبل قانونا أن يؤول الاختصاص للقاضي العادي في إبطالالعقود التوثيقية المشهرة إذا كان صادرا بين أشخاص من أشخاص القانون الخاص،إلاّ أنه إذا كانت الإدارة طرفا في تعاملها عن طريق الموثق مع الأفراد،فإنه يجب احترام المعيار العضوي المكرس بالمادة 7 من قانون الإجراءاتالمدنية، خاصة وأن هذه الحالة لم تنص عليها إستثناءات المادة 7 مكرر من نفسالقانون، كما أنه لم يرد أي نص تشريعي آخر يستثنى صراحة من اختصاص القضاءالإداري ولاية النظر في الطعون المقدمة من قبل الإدارة بصدد المطالبةبإبطال أو إلغاء العقود التوثيقية المشهرة.
وباعتبار أن عقد الشهرة هو عقد توثيقي مشهر – أخذ من دراستنا حيزا لا بأسبه – فإن نفس الحكم السابق يمكن قياسه عليه، بل أن الفكرة تتضح أكثر بصددهذا العقد كونه حير مثال للعقود التوثيقية المشهرة المثيرة لنزاعات متعددةبالنظر لطبيعة إجراءاته ومجال تدخل الإدارة فيها، إذ – وكما سبق ذكره – فإنالموثق ملزم بإرسال ملف إعداد عقد الشهرة لطلب رأي كل من رئيس المجلسالشعبي البلدي و مدير أملاك الدولة المختصين إقليميا وذلك في ظرف أربعةأشهر – وفقا لما قررته المادتين 06 و 07 من المرسوم 83/352 - المشار إليهماآنفا – إذ يجوز لهذين الأخيرين ولأي كانله مصلحة أن يعترض على إعداد عقدالشهرة أمام الموثق في مهلة 4 أشهر، وأكثر من ذلك يجـوز لهم المعارضة ولوبعـد فوات هذه الآجـال،

(1)
حمدي باشا عمر، المرجع السابق، ص 69.
(2)
أنظر رأي موسى بوصوف، دور القاضي الإداري في المنازعات العقارية، مقال منشور بمجلة مجلس الدولة لسنة 2002 العدد 2، ص 30.
والأكيد أن النـزاع سيرفع أمام الجهة القضائية المختصة التي قد تختلف تبعالأطراف النزاع، ويمكن تحديدها بالنظر للطرف المعارض في عقد الشهرة.

1 –
فإذا كان النزاع بين شخصين من أشخاص القانون الخاص، كأن يعترض الغيرعلى إعداد عقد الشهرة مطالبا بإبطاله لعدم توفر صاحب العقد على الشرطالموضوعي المتمثل في حيازة العقار أو لأنها مشوبة بعيب من العيوب المؤثرةفي صحتها، أو لكون العقار محل الحيازة يعود إلى ملكيته وله سند ملكية مشهر.
فهنا لا جدل ولا اختلاف في كون النزاع يعرض على الجهة القضائية العاديةالمتمثلة في القسم العقاري بالمحكمة الواقع بدائرة اختصاصها العقار محلالنزاع(1)، وذلك باعتبار أن النزاع ذا طابع مدني و طرفيه من أشخاص القانونالخاص وفقا و تطبيقا للقواعد العامة.

2 –
في حالة اعتراض رئيس البلدية أو مدير أملاك الدولة على تحرير عقدالشهرة، ففي هذه الحالة يمتنع الموثق عن تحريره، مما يؤدي إلى نشوب نزاعبين صاحب الطلب والإدارة المعترضة، أو عند إتمام إجراءات تحرير العقد وأشهرثم اكتشفت البلدية فيما بعد أو مدير أملاك الدولة أن العقار محل عقد الشهريعود إلى أملاك البلدية أو أملاك الدولة التي لا يجوز حيازتها، فإنالمفروض أن النزاع في مثل هذه الحالة يعرض على الجهة القضائية الإداريةعملا بالمعيار العضوي المعتمد بموجب المادة 7 قانون الإجراءات المدنية،وذلك كون أحد أطراف النزاع يكون إما البلدية أو مديرية أملاك الدولةالمحتجتان بملكية الدولة أو الجماعة المحلية للعقار المراد اكتسابهبالتقادم عن طريق إعداد عقد الشهرة.

وتكون الدعوى من اختصاص القضاء الكامل (Le plein *******ieux) وليس قضاءالإلغاء، لأن اعتراض الإدارة يكون في شكل رأي بالمعارضة على ظهر الملفالمرسل إليها من طرف الموثق أو في شكل رسالة تتضمن جوابا، إلا إذا اعتبرناالرسالة أو الجواب بمثابة قرار إداري كامل الأركان (2) (وهو الأمر الذي لايمكننا اعتماده بسبب أن هذا المحرر المتخذ من قبل الإدارة لا ينطوي علىمميزات وخصوصيات القرار الإداري وبالتالي لا يمكن اعتباره قرارا إداريا) وهو ما ذهب إليه مجلس الدولة في قرار له صادر بتاريخ 24/04/2000 تحت رقم 193900 (3)الذي ألغي من خلاله قرار مجلس قضاء تيزي وزو الذي رفض دعوىالمدعين الرامية إلى إبطال اعتراض البلدية في إعداد عقد الشهرة لصالحهممؤسسا قرار الرفض على المادة 169 مكرر ق.ا.م والتي لا تجيز رفع دعوى إداريإلا بعد الطعن في القرار الإداري، إذ اعتبر مجلس قضاء تيزي وزو عمليةالاعتراض تشكل قرارا إداريا بمعنى الكلمة.
لكن مجلس الدولة ألغى هذا القرار إثر استئنافه واعتبر أن دعوى منع الاعتراض هي دعوى تدخل ضمن دعاوى القضاء الكامل وليست دعوى إلغاء.


(1)
طبقا للمادة 8 من الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية المحددة للاختصاص المحلي.
(2)
أنظر رأي بوصوف موسى، المرجع السابق، ص 31 و 32.
(3)
مجلة مجلس الدولة لسنة 2002 العدد 2 ص 32.

غير أن موقف جهات القضاء الإداري تختلف عن هذا الموقف، إذ اعتبرت أن القاضيالعادي هو المختص وحده، حتى ولو كانت جهة إدارية هي التي تطعن في صحةالعقد، لأن القاضي الإداري غير مؤهل لمراقبة مدى صحة العقود التوثيقية عكسالقاضي العادي الذي له صلاحية ذلك دون غيره.
ونعتقد أنه يجب حسم الموقف في أقرب الآجال وذلك بتدخل محكمة التنازع للفصلفي الموقفين وتحديد الجهة المختصة في مثل هذه الحالة صراحة، ذلك أنه منالناحية العملية رفضت الجهات الإدارية الفصل في النزاع الذي تكون جهةإدارية طرفا فيه وأعلنت عدم اختصاصها في حين كان يتمسك مجلس الدولةباختصاصه في عدة مرات، وقد جسد وذهب فيما ذهبت إليه الغرفة العقاريةبالمحكمة العليا واستقر على ما استقرت عليه أحيانا كثيرة(1) إذ كرس القضاءالإداري حق الدولة في اللجوء إلى القضاء لطلب إلغاء عقود الشهرة إذا نصبتعلى أملاكها حتى بعد شهرها، ولو بعد فوات مدة الأربعة الأشهر ذلك أنها تمثلمجرد آجال للاعتراض على تحرير العقد وليست آجالا للطعن القضائي، إذ لايتقادم حق الدولة في المطالبة بإلغاء عقود الشهرة إلاّ بتقادم المطالبةبالحق العقاري المشهر طبقا للقواعد العامة – كما سبق الإشارة إليه آنفاوبسبب هذا الموقف عمل مجلس الدولة وقضى على العديد من عقود الشهرة المحررةوالمنصبة على أملاك الدولة بإلغائها ولو لم يتم اعتراض البلديات و مديرياتأملاك الدولة خلال مدة 4 أشهر، إذ اعتبر أن أملاك الدولة غير قابلة للتملكبالتقادم طبقا للمادة 689 ق.م، وبذلك يكون قد أكد من خلال حيثياته و منطوقهالاجتهاد المستقر في هذه المسألة بموجب القرار المؤرخ في 09/03/1989 تحترقم 129947 السابق ذكره(2).

غير أنه يمكن القول أخيرا أن قرار مجلس الدولة الذي يعتبر اجتهادا قضائياالسابق الإشارة إليه (المؤرخ في 08/05/2000 تحت رقم 193141)هو السائدوالواجب الاتباع والذي أقر بخروج مسألة إبطال العقود التوثيقية المشهرة مننطاق صلاحيات القاضي الإداري وبالتالي يختص بها القاضي العادي (العقاري) دون سواه للمبررات السابقة ذكرها.
وفي هذا يكون قد تبنى نفس الاتجاه والموقف الذي أخذ به القضاء الفرنسي(3) والذي منح الاختصاص للقاضي العادي للنظر في السندات والعقود الإداريةمستندا في ذلك إلى البند رقم 16 من معاهدة حقوق الإنسان التي تنص و تحث علىأن:« المشرع يوصي المحاكم القضائية بالتمسك بالاختصاص عندما تكون الحقوقالفردية والحريات العامة مهددة»، ففي كل هذا حماية لحقوق الفرد الذي يعذالطرف الضعيف مقارنة بخصمه المتمثل في الإدارة التي تملك كل السلطات العامةوبالتالي التخوف من وقوفـه و مقاضاتهـا أمام

(1)
أنظر القرار رقم 190541 المؤرخ في 29/03/2000 الصادر عن الغرفة العقاريةبالمحكمة العليا الذي جاء فيه : « أن عدم الاعتراض على إجراءات الشهر أمامالموثق، لا يمنع البلدية من التدخل في النزاع والمطالبة بإبطال عقد الشهرة …» أرجع إلى مضمون القرار بالمجلة القضائية لسنة 2000 العدد 1 ،ص 151.
(2)
في نفس الإطار أصدرت المديرية العامة للأملاك الوطنية تعليمة مؤرخة في 21/12/1999 وجهتها إلى مدراء أملاك الدولة و محافظي الشهر العقاري عبرالولايات لحثهم على التدخل ضد هذه العقود وعدم إشهارها، وطلب إلغائهاقضائيا في أي وقت كانت عليه العملية.
(3) CLAUDE GAYARD, la compétence des tribunaux judiciaire en matière administratif, P 15, 16.

القضاء الإداري مما يفقده ثقته في القضاء باعتباره إداريا قد يميل إلىالإدارة أكثر من الخواص وبالتالي كان الحل الأمثل تركه لاختصاص القضاءالعادي حتى يتأكد المتقاضون من احترام مبدأ المساواة أمام القضاء ولو كانخصمهم متمثل في سلطة عامة.
وبعد تحديدنا للجهة القضائية المختصة في الفصل في الطعون الرامية إلى إبطالالعقود التوثيقية المشهرة، نتساءل عن إجراءات رفع مثل هذه الطعون بالتحديدما هو الإجراء الذي يميزها عن غيرها من الدعاوى، وهو ما سنبينه في المطلبالموالي.

المطلب الثاني : ضرورة شهر الدعوى العقاري الرامية إلى إبطالالعقد التوثيقي المشهر

رجوعا إلى أحكام و مبادئ الشهرالواردة المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاريالسابق الإشارة إليه، نجد أن عملية الإشهار لا تقتصر على التصرفاتالقانونية المنصبة على العقارات، بل تمتد حتى الدعاوى القضائية وذلك بهدفجعل المتعامل في العقار على علم بحالته القانونية.
وقد قرر المشرع الجزائري وجوب شهر الدعاوى العقارية بالمادة 85 من المرسومالمذكور أعلاه التي نصت على :« إن دعاوى القضاء الرامية إلى النطق بفسخ أوإبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها، لا يمكن قبولهاإلاّ إذا تم شهرها مسبقا طبقا للمادة 14 (1) فقرة 4 من الأمر 74/75 المؤرخفي 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري.
وإذا تم إثبات هذا الإشهار بموجب شهادة من المحافظ العقاري أو تقديم نسخة من الطلب الموجود عليه تأشير الإشهار».

إعمالا لنص هذه المادة نجد أن شهر الدعاوى العقارية يقتصر على تلك الدعاوىالتي ترمي إلى الطعن في صحة التصرف الذي تضمنه العقد المشهر، بمعنى أنهيشترط في الدعوى أن تكون منصبة على حقوق عينية عقارية مشهرة، أما إذا لمتكن هذه الحقوق مشهرة فإنه لا يستوجب الأمر إخضاعها إلى الشهر طالما أنالحق العيني موضوع الخصومة القضائية غير مشهر وهو ما يعمل به المشرعالفرنسي أيضا، إذ قرّر بموجب المادة 30 من المرسوم المؤرخ في 04/01/1955 أنالدعوى غير المشهرة بمحافظة الرهون، تقع تحت طائلة عدم القبول من الجهةالقضائية المرفوع أمامها النراع(2).

(1)
تنص المادة 14/4: " تلزم الإشارة من أجل مسك مجموعة البطاقات العقاريةإلى ما يلي:..وبصفة عامة، كل التعديلات للوضعية القانونية لعقار محدد ومسجلفي مجموعة البطاقات العقارية، وسيحدد مرسوم كيفيات تطبيق المادتين 13 و 14أعلاه".
(2)Philippe Delebecque
، , Philippe similer المرجع السابق، ص 622.

وفي نفس الإطار نصت كل من المادة 9 من قانون الشهر العقاري السوري وكذاالمادة 9 من قانون الشهر العقاري اللبناني وبنفس الصيغة على أن :«الحقوقالعينية غير المنقولة المرخص بإحداثها بموجب القانون و القصورات العقارية (التقييدات العقارية) و الحجوز وكذلك كل الدعاوى العقارية المتعلقة بعقارأو مال غير منقول في سجل الملكية (دفتر الملكية) ولا تعتبر موجودة تجاهالغير إلاّ fقيدها في السجل العقاري وابتداء من تاريخ هذا القيد»
علما أن شهر الدعاوى العقارية يتم عن طريق التأشير الهاشمي(1).

ويتم إثبات شهر الدعوى أمام القضاة بطريقتين:
-
بموجب شهادة تسلم من قبل المحافظ العقاري المتواجد بدائرة اختصاصه العقار المتنازع فيه.
-
بالتأشير على العريضة الافتتاحية للدعوى على إشهارها وهو المعمول به عمليا.
وتجدر الملاحظة في هذا الصدد أن الممارسة العملية أفرزت ظاهرة إدخالالمحافظ العقاري في الخصومة القضائية بدل إشهار الدعوى القضائية، وهذانتيجة الفهم السيئ للمادة 85 السابق ذكرها(2).
ومن جهة أخرى يلاحظ أن المشرع الجزائري لم يقيد شهر الدعوى بأجل معين عكسالمشرع المصري(3) الذي منح المدعين أجل شهرين لإشهار الدعوى بإدارة الشهرالعقاري، فإذا لم يتم إشهارها خلال هذا الميعاد يحكم بوقف الفصل في الدعوى.
والدعاوى التي أوجب المشرع إخضاعها إلى الإشهار على مستوى المحافظة العقارية أوردها على سبيل الحصر لا المثال و تتمثل في :
دعوى الفسخ.
دعوى الإبطال.
دعوى الإلغاء.
دعوى النقض.
وقد كرّست المحكمة في عدة قرارات محتوى نص المادة 85 المشار إليها أعلاه،إذ جاء في قرارها الصادر عن الغرفة العقارية بتاريخ 26/04/2000 تحت رقم 437194 (4)أنه :"من الثابت قانونا أن الدعاوى القضائية الرامية إلى النطقبفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها، لا يمكنقبولها إلاّ إذا تم إشهارها مسبقا ولما تبين من القرار المطعون فيه الذيرفض دعوى الطاعنة المتعلقة بإثبات حقها في الشفعة شكلا، كونها لم تشهردعواها طبقا للمادة 85 من المرسوم المشار إليه أعلاه، فإن قضاة الموضوعأخطئوا في تطبيق القانون، لأن أحكام هذه المادة تخص الدعاوى القضائيةالرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تمإشهارها.

(1)
لمزيد من التوضيحات أنظر: د/عبد الحميد الشواربي، المرجع السابق، ص6.
(2)
حمدي باشا عمر ( نقل الملكية العقارية في ضوء آخر التعديلات وأحدث الأحكام)، ص 123.
(3)
مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص 42.
(4)
المجلة القضائية لسنة 2000، العدد الأول، ص 156 وما يليها.
و الحال أن دعوى الطاعنة تتعلق بالأخذ بالشفعة في بيع العقار المشاع بينهاوبين أختها وهي الدعوى التي تخضع لأحكام القانون المدني، مما يعرض القرارالمطعون فيه إلى النقض.
علاوة على أن المشرع في مجال المحافظة العقارية والسجل العقاري أخذ بالنظامالعيني لا الشخصي، وبالتالي فحلول الشفيع محل المشتري في حق تثبيت حقالشفعة ليس من طبيعة التأثير على فحوى العقد المشهر ذاته من حيث البياناتالخاصة بالعقار، أو الحقوق العينية المترتبة عنه كما هو الشأن بالنسبةللدعاوى التي خصتها بالذكر المادة 85 المشار إليها أعلاه".
وبما أن الطعن في العقد التوثيقي المشهر – محل بحثنا – لن يطرح أمام القضاءإلاّ في شكل دعوى إبطال أو إلغاء وبالتالي يتعين على رافع هذه الدعوى أنيعمل على شهر دعواه القضائية أي تقديم العريضة الافتتاحية أمام المحافظةالعقارية وذلك بعد أن يكون قد قام بتسجيلها لدى كتابة ضبط المحكمة ويعملبعدها المحافظ العقاري على تأشيرها الهامشي في أسفل العريضة وهو المعمول بهفي الممارسة الميدانية.
وإن كنا قد أقررنا بضرورة شهر مثل هذه الدعاوى إعمالا لنص المادة 85 السابقالإشارة إليه، إلا أنه ورغم صراحة هذا النص الذي يقضي بعدم قبول الدعاوىالرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تمإشهارها، إلاّ أن موقف القضاء الجزائري متذبذب و متفاوت بشأن إقرار وجوبشهر الدعاوى العقارية من عدمه، إذ انقسم بذلك إلى قسمين لكل منهما مبرراتهسنبينها فيما يلي إضافة إلى محاولة إبراز آثار شهر مثل هذه الدعاوى.

الفرع الأول: موقف القضاء من شهر الدعوى العقارية

أولا: الاتجاه الأول
يرى هذا الاتجاه أن شهر الدعاوى العقارية يعد قيدا على رفع الدعاوىالمتضمنة الطعن في صحة التصرفات والمحررات المشهرة، وذلك للنص صراحةبالمادة 85 من المرسوم 76/63 على : تحت طائلة عدم القبول بقولها « إن دعاوىالقضاء الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عنوثائق تم إشهارها لا يمكن قبولها ..»فمع وضوح النص لا يحتاج الأمر إلىتفسير أو تأويل مما يتعين على القضاة التمسك بحرفية النص، وبذلك يجب عليهمرفض الدعاوى العقارية الرامية إلى الطعن في العقد التوثيقي المشهر إذا أخذشكله أحد هذه الدعاوى ولم يتم شهر العريضة الافتتاحية للدعوى.
وهذا الموقف تبناه القضاء الإداري، إذ صدر عن الغرفة الأولى لمجلس الدولةقرار بتاريخ 12/06/2000 تحت رقم 203024 (غير منشور) (1) أن :«… الدعاوىالعقارية والإدارية المتعلقة بعقار والرامية إلى إبطال العقود المشهرةبالمحافظة العقارية يشترط المادة 85 من المرسوم رقم 76/63 المعدل بالمرسوم 93/123 المؤرخ في 19/05/1993، لقبول الدعوى شهر العريضة الافتتاحية مسبقالدى المحافظ العقارية المشهر لديها العقد وهو شرط لقبول الدعوى».


(1)
حمدي باشا عمر، (القضاء العقاري)، ص 152.
وهو نفس الموقف الذي كرسته الغرفة المدنية بالمحكمة العليا إذ تبنت وجوبشهر الدعاوى العقارية الرامية إلى الطعن في صحة التصرفات التي تضمنها العقدالمشهر بالمحافظة العقارية وذلك تحت طائلة عدم القبول، وهو ما يتضح منخلال قرارها الصادر بتاريخ 16/03/1994 تحت رقم 108200(1) الذي جاء فيه أنه: «من المقرر قانونا بالمادة 85 من المرسوم 76/63المتعلق بتأسيس السجلالعقاري أن دعاوى القضاء الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء إو نقضحقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها، لا يمكن قبولها إلاّ إذا تم إشهارها، ومنتمة فإن قضاة الموضوع بإبطالهم مباشرة عقد البيع الرسمي المبرم بين الطاعنالحالي والمرحومة (ب.ي) مورثه المطعون ضدهم مع أنه مرتكز على عقد صحيحتحصلت بموجبه على الدفتر العقاري ولم تقع أية معارضة مقبولة ضده، فإنهمأساءوا بذلك تطبيق القانون وعرضوا قرارهم للنقض».
وهو ما أخذت به أيضا الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 186606الصادر بتاريخ 24/03/1999 (غير منشور) (2)حيث جاء في حيثياته أنه :"… حيثأن المادة 85 من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المعدل والمتممبالمرسوم التنفيذي رقم 123/93 المؤرخ في 19/05/1993 تنص على أن : الدعاوىالرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقص حقوق ناتجة عن وثائق تمإشهارها لا يمكن قبولها إلا إذا تم إشهارها مسبقا...
حيث ولما كانت – الدعوى الراهنة –ترمي إلى إبطال عقد الشهرة الذي أعدهالطاعن بتاريخ 14/04/1992 أمام الموثق مرارنسي تجاني في إطار المرسوم رقم 83/352 وهو السند الذي تم إشهاره أمام المحافظة العقارية بتبسة كما يتبينمن تأشيرة المحافظ العقاري عليه، فإن قضاة المجلس بعدم مراعاتهم لأحكامالمادة 85 المذكورة أعلاه والمحتج بها أمامهم من قبل الطاعن لكون المطعونضدهم كمدعيين أصليين لم يشهروا دعواهم يكونوا قد خالفوا القانون مما يعرضقرارهم للنقض".

ثانيا: الاتجاه الثاني
يذهب هذا الاتجاه عكس الرأي الأول، إذ يرى أن شهر الدعوى لدى المحافظةالعقارية لا يعد قيدا على رفعها، لأن القواعد العامة المطبقة والمتعلقةبإجراءات رفع الدعوى لا سيما المادة 459 ق.ا.م تشترط في رافع الدعوى توافرهعلى شروط الأهلية والصفة والمصلحة لا غير، وبالتالي لا مجال لاعمال وتطبيق المادة 85 من المرسوم 76/63 لتعارضه مع القواعد العامة الواردةبقانون الإجراءات المدنية، كما أنه في حالة وقوع تعارض بين التشريع العاديوالتشريع الفرعي، يؤخذ بالتشريع العادي كونه أقوى(3)، وبالتالي لا محللتطبيق نص المادة 85 من المرسوم السالف ذكره هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرىأصحاب هذا الموقف أن شهر هذه الدعاوى قرر لمصلحة رافعها حتى يحمي حقوقه ولأجل إعلام الغير أن العقار محـل
نزاع مطروح أمام القضاء، ولكن هذا لا يعني إلزامه بالشهر، كون أن عدم شهرهالن يرتب آثارا ي غير صالحه ولن تؤدي إلى الإضرار به ولا النفع على المدعيعليه.

(1)
المجلة القضائية لسنة 1995، العدد 2، ص 80.
(2)
حمدي باشا عمر (القضاء العقاري)، ص 154.
(3)
رأي الأستاذ زودة عمر، أستاذ محاضر بالمعهد الوطني للقضاء لمقياس الإجراءات المدنية.
فحسب هذا الاتجاه يجوز للمدعي أن يرفع دعواه الرامية إلى فسخ وإبطال أوإلغاء عقد توثيقي مشهر دون حاجة إلى شهرها، وبالمقابل لا يجوز للمدعى عليهأن يدفع بعدم شهر الدعوى أو إثارة المحكمة لهذه المسألة من تلقاء نفسها(1)،وهو ما ذهبت إليه الغرفة المدنية في قرارها الصادر بتاريخ 12/07/1995 تحترقم 130145 (غير منشور) (2)حيث جاء فيه :« كما أن عدم شهر الدعوى فيالمحافظة العقارية لا يترتب عليه أي بطلان إذ أن تطبيق المادتين 13 و 14 منالأمر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 فقد أحال المشرع تطبيق هاتين المادتينعلى مرسوم --------------.
وبناء على أحكام المادة 14/04 من الأمر المشار إليه أعلاه فقد صدر المرسومالمؤرخ في 25 /03/1976 رقم 76/63 الذي نص في المادة 85 منه على عدم قبولالدعوى إذ لم يتم إشهارها في المحافظة العقارية .
إذ أن اشتراط إشهار العريضة قبل تسجيلها لدى كتابة ضبط المحكمة يعد قيدا على رفع الدعوى قد استحدثه هذا المرسوم.
لكن المشرع قد نص على إجراءات رفع الدعوى و شروط قبولها أمام القضاء فيقانون الإجراءات المدنية ولم ينص على هذا القيد بالنسبة للدعاوى العينيةالعقارية، ومن ثمة يوجد تعارض بين أحكام قانون الإجراءات المدنية وأحكامهذا المرسوم و تبعا لذلك، فإنه إذا وقع التعارض بين التشريع العاديوالتشريع الفرعي، فيطرح التشريع الفرعي ويطبق التشريع العادي.
إن قبول قضاة الموضوع للدعوى من دون أن يسبق شهر عريضتها في المحافظة العقارية لا يعد خرقا لأحكام القانون".
ونفس الاتجاه تبنته الغرفة العقارية للمحكمة العليا في قرار لها صدر بتاريخ 25/11/1998 تحت رقم 184451 (غير منشور) (3) إذ رأت أن قضاة الدرجة الأولىقد أثاروا تلقائيا الدفع بعدم شهر الدعوى وصرحوا بعدم قبولها، ولكن حيث أنللأطراف وحدهم الصفة لإثارة عدم القبول الناجم عن الشهر المسبق المنصوصعليه بهدف حماية مصالح الخواص وأنه على إثر استئناف هذا الحكم ألغاه مجلسقضاء الشلف وفصل من جديد بعدم قبول الدعوى طبقا للمادة 85 من المرسوم 76/63المؤرخ في 25/03/1976 إلاّ إذا تم إشهارها مسبقا.

ورغم تباين موقف القضاء الجزائري إلاّ أننا نرى أن الاتجاه الأول هو الصائبوالواجب العمل به، إذ طالما اعترفنا بأحكام الشهر العقاري وقررنا العملبها ابتداء من وجوب شهر كل التصرفات الواردة على العقار والحقوق العينيةالأخرى وغيرها من الحقوق حتى وإن كانت شخصية، فإنه حسب رأينا لا ضير منتطبيق المادة 85 من المرسوم 76/63 والقول بإلزامية شهر الدعاوى العقاريـةالرامية إلى إبطال أو إلغـاء

(1)
ليلى زروقي و حمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، دار هومة، طبعة 2002، ص 235.
(2)
حمدي باشا عمر، القضاء العقاري، ص 153.
(3)
حمدي باشا عمر، المرجع نفسه، ص 154.
العقود المشهرة وإلاّ نطق القاضي وحكم بعدم قبولها حسبما تقتضيه هذه المادةالأخيرة ولا نجد في ذلك تناقض أو تعارض مع قانون الإجراءات المدنية، إذ كلما في الأمر أنه يعد حكم خاص ورد بموجب نص خاص في ظل أحكام معينة، ويتعلقببعض الدعاوى فقط وبالتالي لا يمكن تعميمه.
وحتى يتوحد القضاء ويعمل بنفس المبدأ أو يرتب نفس النتائج نجد أنه منالضروري أن يصدر اجتهاد قضائي عن المحكمة العليا بغرفتيها المدنيةوالعقارية لحسم الموقف، لأنه من غير المعقول تقبل فكرة أن نفس الغرفة لهاموقفين مختلفين، وذلك مع دعوة المشرع الجزائري إلى إفراد نص خاص يتعلق بهذاالقيد يتضمنه قانون الإجراءات المدنية يضيفه إلى شروط رفع الدعوى بغية رفعكل لبس أو غموض ومن ثمة لا يجد القاضي سببا أو ثغرة في القانون تجعلهيتذرع بها في قبول أو عدم قبول الدعاوى العقارية غير المشهرة.

الفرع الثاني: آثار شهر الدعوى العقارية
إن شهر الدعوى العقارية يؤدي إلى الحفاظ على الحقوق الثابتة بالشهر تفادياللفوضى وعدم الاستقرار في المعاملات العقارية إذ أن شهر الدعوى يجعلالمتعامل في العقار عالما بحالته علما يقينيا ابتداء من تاريخ شهر الدعوىأو التأشير بها، فإذا ما أقدم على شراء العقار يكون على علم بأنه يقدم علىشراء حق متنازع فيه، بإمكانه فقده بعد صدور حكم بشأنه وإعادته إلى من صدرالحكم لصالحه الذي له أن يتمسك بسوء نية الغير الحائز للعقار، علما بأنه لايمكنه ذلك ولا يكون حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل شهرالدعوى(1)، إذ من يكسب حقا عينيا على العقار بعد شهر الدعوى إنما يكسبه علىاحتمال خطر زواله، بينما من كسب حقا عينيا على العقار بعد شهر الدعوى، فإنحماية المشرع له أو عدم حمايته تتوقف على أساس حسن أو سوء نيته فإذا كانسيء النية أي يعلم أو في استطاعته العلم بذلك، فلا مناص أمام سوء نيته منإعمال القواعد العامة في رجعية الإبطال والفسخ بما يزيل حقه زوالا رجعيا.
أما إذا كان حسن النية لا يعلم أو لم يكن في استطاعته العلم بما يتهدد حقه،فإنه لا يتأثر بما حكم به من إبطال أو فسخ، إذ يظل حقه قائما رغم زوال حقسلفه وهذا خروج عن القواعد العامة رعاية لحسن نيته شريطة أن يكون حقه هذاقد تم شهره قبل شهر الدعوى وأن يكون الخلف حسن النية وقت شهر ذلك الحق،وتبقى الصعوبة العملية في إثبات حسن أو سوء النية كونها مسألة داخليةونفسية.
وهو الأمر الذي يستشف من نص المادة 86 من نفس المرسوم التي تنص على أنفسخ الحقوق العينية العقارية أو إبطالها أو إلغائها أو نقضها عندما ينتجأثرا رجعيا، لا يحتج به على الخلف الخاص لصاحب الحق المهدور، إلاّ إذا كانالشرط الذي بمقتضاه حصل ذلك الفسخ أو الإبطال أو الإلغاء أو النقض قد تمإشهاره مسبقا، أو كان هذا الفسخ أو الإبطال أو الإلغاء أو النقض بحكم قانونتطبيقا للقانون»، ولا يترتب على شهر الدعوى العقارية امتناع المحافظالعقاري عن مواصلة إجراءات الشهر للسند المقدم إليه بغرض إشهاره، كـون أنالمحافـظ العقاري مهمتـه مستقلـة عن إرادة أطراف الدعوى الذيـن لهم الحق

(1)
د/عرب عبد القادر، المرجع السابق، ص 121.

في مواصلة إجراءات الدعوى أو ترك الخصومة والاتفاق على حل آخر لفضنزاعهم(1)، فالأمر لا يعني منع المدعى عليه الذي رفعت ضده الدعوى – محلالشهر – من التصرف في العقار بأي تطرف قانوني كان سواء بالبيع أو الهبة..
وفي نفس الصدد لوحظ أن بعض المحافظين العقارين يمتنعون عن شهر أي تصرف واردعلى العقار الذي أشهرت بشأنه الدعوى، الأمر الذي أدى إلى تدخل المديريةالعامة للأملاك الوطنية لرفع هذا اللبس وذلك بإصدارها مذكرة (2)وضحت فيهاأن شهر الدعاوى شرع بغرض المحافظة على حق المدعي في حالة صدور الحكملصالحه، لكنها لا توقف إجراء أي تصرف لاحق كما أضافت المذكرة بأنه بالإمكانشهر الأوامر الاستعجالية الآمرة بوقف التصرف اللاحق على العقار محلالنزاع، مؤكدة أن الإيقاف يكون لأجل محدود، وبالتالي يتعين على القاضيالفاصل في المواد الاستعجالية تحديد المدة في منطوق الأمر الصادر ولو إلىغاية صدور الحكم النهائي.
يفهم من ذلك أنه لا يجوز للمدعي إيقاف التصرف الوارد على العقار إلا برفعهدعوى إستعجالية يلتمس فيها وقف التصرف إلى حين الفصل النهائي في الدعوىالمرفوعة أمام قاضي الموضوع، غير أنه موقف غير مستساغ من الناحيةالقانونية(3)، إذ لا يمكن منع الشخص من ممارسة حقه في التصرف هذا من جهة،ومن جهة ثانية نجد أن القانون الجزائري أخذ بوقف تنفيذ العقد الرسمي فيحالة الطعن فيه بالتزوير فقط وفقا لما أقرته المادة 324 مكرر 6 من ق.م(4).
وعليه يكون المدعي الذي طعن في العقد الرسمي بالتزوير الوحيد الذي يمكنهاستصدار أمر استعجالي بوقف التصرف في العقار المتنازع فيه وشهره بالمحافظةالعقارية وطبعا فإن الفصل في النزاع سينتهي بصدور حكم أو قرار نهائي الذييشهر بدوره على مستوى المحافظة العقارية، مما يلغي ضمنيا الإشهار المسبقللدعوى، إذ يقوم المحافظ العقاري بالتأشير بالقلم الأحمر بخط على الإشهارالوارد على العريضة الافتتاحية للدعوى محل الشهر والمقيد بالبطاقةالعقارية.
أما في حالة ما إذا لم يتقدم أحد إلى المحافظة العقارية بحكم أو قرار قضائينهائي بخصوص النزاع محل الشهر، في أجل ثلاثة سنوات من تاريخ شهر الدعوىفإن هذا الأخير يعتبر لاغيا وبالتالي يؤشر عليه المحافظ العقاري بخط أحمر،وهو الأمر الذي وضحته تعليمة صدرت عن مديرية الشؤون العقارية وأملاك الدولةبوزارة المالية بتاريخ 21/04/1988 تحت رقم 02020 موجهة إلى المفتش الرئيسيلشؤون الحفظ العقاري وأملاك الدولة بولاية وهران، وذلك في غياب نص قانونيصريح ضمن التشريع العقاري.

(1)
مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص 44.
(2)
المذكرة الصادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بتاريخ 22/03/1993 تحت رقم 385.
(3)
أنظر رأي حمدي باشا عمر،( المنازعات العقاري)، ص 238.
(4)
تنص المادة 324 مكرر 6 من القانون المدني:«يعتبر العقد رسمي حجة لمحتوىالاتفاق المبرم بين الأطراف المتعاقدة ورثتهم وذوي الشأن، غير أنه في حالةشكوى بسبب تزوير في الأصل يوقف تنفيذ العقد محل الاحتجاج مؤقتا بتوجيهالاتهام، وعند رفع دعوى فرعية بالتزوير يمكن للمحاكم حسب الظروف إيقافتنفيذ العقد مؤقتا»
وتبقى هذه مجرد تعليمة لا يمكن أن ترقى إلى درجة القانون، وبالتالي فهي غيرملزمة للقضاة، إلاّ أنه في غياب النص ووجود مثل هذا الفراغ القانوني فإننانرى أنه لا ضير من الاعمال بما جاءت به هذه التعليمة طالما أن المشرع سكتولم ينظم كيفية تطبيق المادة 85 و نطاقه، فالواقع العملي يجعل من هذهالتعليمة تفرض نفسها في التطبيق إذ عادة ما تأخذ الدعاوى وقتا طويلا، ولايفصل فيها، فهل يبقى بذلك شهر الدعوى المرفوعة أمام القضاء ساري المفعولوبالتالي يؤثر على عدم استقرار حقوق الغير الذين يبقون معلقين بهذا الشهروبالتالي لا يطمئنوا على معاملتهم العقارية مطلقا، وبنفس المنطق يمكن تصورالنزاع الذي حسم وفصل فيه إلاّ أن الحكم النهائي أو القرار النهائي الصادربشأنه لم يشهر فيها فما مصير شهر الدعوى الأول وما مصير الغير الذي يبقىعالقا بهذا الشهر؟ فهذه الأسباب تجعل المنطق يميل إلى تطبيق ما جاءت بهالتعليمة السابقة في انتظار تحرك المشرع و حسمه للأمر بنص صريح وقاطع.

الخاتمة
إيمانا مني وعلما بأهمية الموضوع – محل الدراسة – الذي لا أعلم إن كنت قدوفقت أو فشلت في معالجته كما ينبغي نظرا لتشعبه و تبعا لما يثيره منإشكالات لا سيما على المستوى العملي. أمل أن أكون قد ساهمت ولو في إبرازأهم الإشكالات المتعلقة بهذه المسألة من خلال محاولة الإلمام بأهم جوانبالموضوع حتى وإن لم أتوصل إلى نتائج فاصلة و حاسمة للأمر.
فمن خلال ما سبق عرضه اتضح لنا أن الحق العيني غير المشهر لا وجود له ولايمكن الاحتجاج به كيفما كان، وانطلاقا من الأثر المطهر للشهر فإن الحقالمشهر ينتقل إلى صاحبه خاليا من كل الحقوق العينية الأخرى، كما ينتقل بغضالنظر عن التصرف الذي أدى إلى شهره فلا عبرة بما إذا كان العقد محل التصرفصحيحا أو معيبا.
إذ الأصل أن هذه العقود تكون قابلة للإبطال، غير أنه يمنع التذرع والاحتجاجبمثل هذه الدفوع في ظل نظام الشهر العيني محافظة على استقرار المعاملاتوتدعيما للائتمان العقاري وبالتالي لا يمكن تصور الطعن في العقد التوثيقيالمشهر مهما كان سبب ذلك.
وهذا أمر معقول طالما فرّقنا بين العقد (التصرف) الذي قد يكون معيبا، وبينالشهر الذي ينقل الحق العيني لا غير، وعليه لا يكون للقاضي أي دور أو سلطةفي ظل هذا النظام في إبطال مثل هذه العقود.
غير أنه من خلال ما تناولناه في الموضوع توصلنا إلى نتيجة وهي أن حجيةالعقد التوثيقي المشهر محدودة و ليست مطلقة كما ينبغي أن تكون في ظل نظامالشهر العيني، ذلك أن هذه الحجية تزول و تتلاشى تبعا للتصرف محل العقدالمشهر، فإذا ما كان معيبا يطعن فيه المتضرر، وبذلك يكون المشرع قد أخذبالقوة الثبوتية النسبية للشهر لا القوة المطلقة، وذلك بهدف حماية الملكيةالعقارية للأفراد التي تقتضي عدم الاحتجاج بالعقد التوثيقي المشهر في جميعالحالات التي يكون فيها التصرف معيبا سواء كان ذلك راجع إلى عيب في العقدأو بسبب خطأ المحافظ العقاري الذي قد يشهر حقا خطأ، لذلك نجد أن العقدالتوثيقي المشهر يبطل إذا كان مقترنا بغش، وفي هذا الصدد لاحظنا عدم نصالمشرع على مثل هذه الحالة، لهذا نرى أنه من الضروري أن ينص المشرع العقاريصراحة على إبطال العقود المنطوية على غش أو تدليس بنص مباشر و واضح حتىيكون مبدأ عاما يشترط لشهرالتصرف ويكون محل مراقبة من قبل المحافظ العقاريو من خلال ذلك أبرزنا سلطة القاضي في إبطال العقد التوثيقي المشهر الذيينطوي على غش وكذلك العقد الصوري الذي غالبا ما يقضي القاضي بعدم نفاذه فيمواجهة دائني البائع، ونفس الشيء بالنسبة للعقد الوارد على ملك الغير.
كما بينا سلطة القاضي في إبطال عقد الشهرة لأسباب تتعلق بالشكل كمخالفةإجراءات تحريره أو لأسباب موضوعية تتعلق بمدى توافر أركان الحيازة وشروطصحتها أو تتعلق بطبيعة العقار في حد ذاته، لاسيما إشكالية مدى جواز اكتسابعقار له سند ملكية مشهر عن طريق التقادم المكسب في ظل غياب النص الصريح، إذكثيرا ما يقوم الموثقون بإعداد عقود شهره لعقارات لها سندات ملكيـة مشهرة،مما يؤدي إلـى ظهور مالكها الذي يطعن فيها، و هنا يكون القاضي في حيرة منأمره، أيبطل هذا العقـد لوروده على عقـار له سند ملكية مشهر أم يبقيه بحجةعدم حظر مثل هذا التصرف بموجب نص قانوني صريح، لذلك ارتأينا دعوه المشرعإلى حسم الموقف بإفراده نصوصا في القانون المدني تتماشى وأحكام الشهر.
كما طرحنا مسألة الخلط في المصطلحات بين مصطلح الإلغاء والابطال إذ لاحظناكثيرا ما يكون منطوق الحكم يقضي بإلغاء عقد الشهرة لا إبطاله، علما أن هذاالمصطلح يصلح في العقود الإدارية فقط أو على الطعن في قرارات المحافظالعقاري المتعلقة بإجراءات الشهر في حد ذاتها وتوصلنا إلى أن المصطلح هوالإبطال لا الإلغاء.
مما قيل آنفا نجد أن للقاضي سلطة واسعة في تقديره لصحة عقد الشهرة من خلالدراسة مدى توافر شروطه الموضوعية والإجرائية من عدمها، وبالتالي له كاملالسلطة في إجراء تحقيقات سماعه للشهود أو إجراء خبرات وفقا لما خوله إياهقانون الإجراءات المدنية في سبيل الوصول إلى التقدير الصحيح من ثمة إبطلهللعقد إن قدّر وجود عيب يستدعي ذلك.
وفي نقطة أخيرة أثارنا إشكالية تحديد الجهة المختصة للنظر في مثل هذهالطعون المتعلقة بإبطال عقد توثيقي مشهر، واعتمادا على الاجتهاد القضائيالمكرس من قبل مجلس الدولة مؤخرا – السابق الإشارة إليه – توصلنا إلى أنالقاضي العادي العقاري هو المختص دون غيره، وبالتالي لا مجال للحديث عنالقاضي الإداري في مثل هذه الدعاوى، حتى وإن كانت الإدارة طرفا فيها اللهمإلاّ إذا كان الأمر يتعلق بإلغاء قرار من قرارات المحافظ العقاري. مع دعوةالقضاء إلى مراقبة مدى شهر الدعوى الرامية إلى إبطال العقد التوثيقيالمشهر. وإلاّ قضى بعدم قبولها كجزاء لعدم شهر الدعوى، وهذا الجدية موضوعالنزاع الذي قد يؤثر على حقوق الغير العالقة بالعقار محل الدعوى العقارية.
من كل ما سبق نقول أننا حاولنا الإلمام بأهم الأسباب التي تمنع للقاضي فرصةوسلطة ودورا في تقديره لإبطال العقد التوثيقي المشهر أو عدم إبطاله.
ومن خلال دراستنا لم نشعر بأي فرق بين العقد التوثيقي غير المشهر وذلكالمشهر، وكأن الكلام عن الشهر وفوائده لا معنا له في ظل قانونفنا الجزائري.
وأخيرا نرى أن الحل يكمن من جهة نظرنا في أمرين اثنين:
أولهما:ضرورة إفراد نصوص عقارية توضح أكثر و تكرس مبادئ الشهر العيني منخلال التنسيق بين القواعد العقارية ذاتها، وبذلك تفادي الثغرات القانونيةالتي قد تسمح بالتذرع بها سواء من قبل المتقاضين أو من طرف القاضي على حدسواء.
وبالموازاة إعادة النظر في القانون المدني حتى يتماشى و يتلاءم ومبادئ الشهر العيني.

ثانيهما: الأخذ بالكل أو طرح الكل، لأن الجزائر وإن أخذت بنظام الشهرالعيني إلاّ أنها في الوقت ذاته لم تحسم الأمر بالنسبة لنظام الشهر الشخصيالذي لا يزال قائما حتى الآن، مما نرى ضرورة تعميمها وإتمامها لعملياتالمسح في أقرب الآجال حتى نكون أمام نظام شهر واحد هذا من زاوية، ومن زاويةثانية فحتى نظام الشهر العيني لم تأخذ به – كما أخذت به التشريعاتالمقارنة التي انتهجت هذا الأسلوب –بجميع معطياته و متطلباته، لاسيمابالنظر إلى المحافظ العقاري الذي يعد العمود الفقري لقيام نظام الشهرالعيني و تجسيـد
مبادئه واقعيا، حيث نرى أن المشرع منحه صلاحيات متميزة ومهمة تتمثل في فحصمدى شرعية التصرفات العقارية المبرمة، وبالتالي رفضه لإشهارها على مستوىالمحافظة العقارية إذا ثبت له عدم مشروعيتها أو مخالفتها للنظام العام أولعيب يشوبها طبقا لما قضت به المادة 105 من المرسوم 76/63، حيث نجد أن هذهالمهام لا يمكن القيام بها إلاّ من طرف من له صفة القاضي، وطالما كذلكفالحل يكمن في نظرنا في هذه النقطة بالذات، إذ على المشرع أن يمنح هذهالصلاحيات لقاض بدل موظف كالمحافظ العقاري، وبالتالي يساهم في استئصالالمشكل من جذوره وحله أمام المحافظة العقارية مباشرة قبل الوصول إلىالقضاء، وبالتالي بطريقة غير مباشرة يكون قد خفف على جهاز العدالة منالقضايا التي قد تكون في غنى عنها من جانب، ومن جانب آخر تضمن للمتعاقدينبموجب عقد توثيقي مشهر أو لصاحب العقد المصرح بالملكية المشهر تحصين حقوقهمالتي لا يمكن المساس بها بعد إشهارها والطعن فيها مهما كان السبب وبالتاليتستقر المعاملات العقارية ويطمئن الأفراد لعدم المنازعة في ملكياتهمالعقارية وحقوقهم العينية المشهرة وبهذا نصل إلى القوة الثبوتية المطلقةللشهر و نكرس و نحقق المبادئ التي يدعو إليها نظام الشهر العيني الفعلي.

انتهى بعون الله و فضله

قائمة المراجع
I - المراجع العامة:
أ-المؤلفات باللغة العربية :
1-
د/معوض عبد التواب، السجل العيني علما وعملا، دار الفكر العربي، 1988.
2-
د/معوض عبد التواب، الشهر العقاري والتوثيق علما وعملا، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986.
3-
مدحت محمد حسنين، إجراءات الشهر العقاري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1992.
4-
د/عبد الحميد الشواربي، إجراءات الشهر العقاري في ضوء القضاء والفقه، منشأة المعارف الإسكندرية.
5-
عرب عبد القادر، المرجع العملي في الشهر العقاري والتوثيق، دار الفكر العربي، 1992.
6-
أنور طلبة، الشهر العقاري والمفاضلة بين التصرفات، 1996.
7-
د/إدوار عيد، الأنظمة العقارية (التحديد والتحرير، السجل العقاري) طبعةثانية معدّلة وفقا لأحدث الاجتهادات والآراء الفقهية، 1996.
8-
د/توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة في القانون اللبناني، طبعة 1973.
9-
أ/ليلى زروقي وحمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، طبعة 2002.
10-
مجيد خلفوني، نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الأولى، 2003.
11-
حمدي باشا عمر، القضاء العقاري في ضوء أحدث القرارات الصادرة عن مجلس الدولة والمحكمة العليا، دار هومة، طبعة 2002.
12-
حمدي باشا عمر، حماية الملكية العقارية الخاصة، دار هومة، طبعة 2002.
13-
حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية في ضوء آخر التعديلات وأحدث الأحكام، دار هومة، طبعة 2002.
14-
حمدي باشا عمر، دراسات قانونية مختلفة، دار هومة، طبعة 2002.
ب- المؤلفات باللغة الفرنسية
1-Philippe simler, Philippe Delebecque, Droit civil, les surétes, la publicité foncière, 2 éme édition, Dalloz.
2-Marty Gabriel, Droit civil, les surétes, la publicité foncière, Paris, Sirey 1974.

II - المراجع الخاصة
1-الرسائل الجامعية:
1-
موسى نسيمة، حجية العقود المشهرة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق بن عكنون، الجزائر، 1988.
2-
صداقي عمر، شهر التصرفات العقارية في القانون الجزائري ، رسالة ماجستير، كلية الحقوق بن عكنون، الجزائر.

2-المحاضرات والمقالات:
أ‌- المحاضرات:
1/
زودة عمر، محاضرات في قانون الإجراءات المدنية ملقاة على الطلبة القضاةللسنة الأولى، بالمعهد الوطني للقضاء، السنة الأكاديمية 2001/2002.
ب-المقالات:
1-
أ/زورقي ليلى، التصرفات القانونية الواجبة الشهر والآثار المترتبة عنها، مجلة الموثق سنة 1998، عدد 5.
2-
أ/زروقي ليلى، نظام الشهر و إجراءاته في القانون الجزائري، مجلة مجلس الدولة، سنة2002، عدد 2.
3-
أمين بركات سعود، آثار القيد في السجلات العينية (دراسة مقارنة)، المجلة القضائية لسنة 1995، عدد2.
4-
د/ فيلالي علي، الشهر العقاري في ضوء القضاء الجزائري، المجلة الجزائريةللعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، كلية الحقوق بن عكنون، السنة 2000، عدد 2.
5-
د/ معاشو عمار المنازعات العقارية بين الأفراد فيما بينهم و بين الأفرادوالدولة، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية، الإقتصادية والسياسية السنة 2000، عدد 2.
6-
د/ موسى بوصوف، دور القاضي الإداري في المنازعات العقارية، مجلة مجلس الدولة سنة 2002، عدد 2.
7-
بوركي محمد، التوثيق والإشهار العقاري، مجلة الموثق، سنة 1998، عدد 5.
8-
حمدي باشا عمر، عقد الشهرة، مجلة الموثق لسنة 2001، عدد4.
9-
أ/زودة عمر، تعليق على قرار الغرفة الإدارية رقم 129947 الصادر بتاريخ 09/03/1998، مجلة الموثق، لسنة 1999، عدد 6.
10-
عبيد الله مسعود، عدل الموثق وحجية العقد التوثيقي، مجلة الموثق لسنة 99، عدد 6.
11-
محمد سباغ، التوثيق والعقود الرسمية، مجلة الموثق لسنة 1998، عدد 5.
12-
مقال علاقة القضاء بالتوثيق (لم يشير إلى مؤلفه)، مجلة الموثق سنة1999، عدد 6.
13-
رامول خالد، قاعدة الأثر النسبي، مجلة الموثق لسنة 2002، عدد 5.

III-المجلات القضائية:
-
المجلة القضائية لسنة 1993 عدد 1 و 2.
-
المجلة القضائية لسنة 1994 عدد 1.
-
المجلة القضائية لسنة 1995 عدد 1.
-
المجلة القضائية لسنة 1997 عدد 1 و 2.
-
المجلة القضائية لسنة 1998 عدد 2.
-
المجلة القضائية لسنة 2000 عدد 1.

VI – النصوص القانونية والتنظيمية:
1-
الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 08/06/1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية.
2-
الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
3-
الأمر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد المسح العام للأراضي وتأسيس السجل العقاري.
4-
قانون رقم 88/27 المؤرخ في 12/07/1988 المتضمن تنظيم مهنة التوثيق.
5-
قانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري المعدل والمتمم بالأمر رقم 95/26 المؤرخ في 25/12/1995.
6-
القانون رقم 03/22 المؤرخ في 28/09/2003 المتضمن قانون المالية لسنة 2004، الجريدة الرسمية الصادرة في 29/12/03، عدد 83.
7-
المرسوم التنفيذي 76/62 المؤرخ في 25/03/1976 المعدل والمتمم بالمرسومرقم 84/400 المؤرخ في 24/12/1984 والمرسوم رقم 92/138 المؤرخ في 07/04/1992المتعلق بتأسيس السجل العقاري.
8-
المرسوم التنفيذي رقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المعدل بالمرسوم 80/210 المؤرخ في 13/09/1980 المعدل بالمرسوم رقم 93/123 المؤرخ في 19/05/1993 المتعلق بتأسيس السجل العقاري.
9-
المرسوم التنفيذي 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 يسن إجراء إثبات التقادم المكسب وإعداد عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملكية.
10-
قرار وزير العدل الصادر في 15/09/1996 المتمم لقرار 01/04/1994 المتمم لقرار 25/09/1990 المحدد لعدد أقسام المحاكم.

V – المذكرات التنظيمية:
1-
مذكرة صادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية في 22/03/1993 تحت رقم 385.
2-
مذكرة صادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بتاريخ 14/02/1994 تحت رقم 626.
3-
مذكرة صادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بتاريخ 29/03/1994 تحت رقم 1215.
4-
تعليمة صادرة عن مديرية الشؤون العقارية وأملاك الدولة بوزارة العدلبتاريخ 21/04/1988 تحت رقم 02020 موجهة إلى المفتش الرئيسي لشؤون الحفظالعقاري و الأملاك الوطنية لولاية وهران.
5-
تعليمة صادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بتاريخ 21/12/1999 موجهة إلى مدراء أملاك و محافظي الشهر العقاري عبر الولايات.