أولويات الدعوة إلى الله
20-06-2009, 12:57 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
كثيرٌ هم العاملون للإسلام لكنهم أشكال وأنواع فمنهم المخلصون وهم قسمين :
1 – مخلصون في دعوتهم لكنهم لا يدرون من أين يبدءون وكثير منهم لا يملكون العلم النافع القائم على الكتاب والسنة فتراهم مع إخلاصهم يتخبطون في جهلهم فهؤلاء ربما كان ضررهم أكثر من نفعهم .
وآخرون مخلصون وعندهم من العلم ما يخولهم لتبوء الصدارة في المجتمع الإسلامي كفر ولا إيمان وحالهم كحال من رأى قوماً قد تحطمت سفينتهم وتعلق أهلها بألواحها فأخذ يجمع هذا الحطام قبل إنقاذ الناس من الغرق الذي يشهدهم فمعرفة كيف ومتى يبدأ الداعية دعوته فقه عظيم من فقه الدعوة إلى الله لا منه كمعرفة الداء قبل صرف الدواء .
( البدء بما بدأ به الأنبياء عليهم السلام سبب نجاح الدعوة والدعاة ) .
معلوم لدى المسلمين جميعاً أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أنزل الكتب وأرسل الرسل إذ أن الرسل جميعاً جاءوا لأقوامهم يدعونهم إلى غاية واحدة وهدف سام جليل من أجله قامت السموات والأرض وهو عبادة الله سبحانه وتعالى لا شريك له .
قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } فالأنبياء جميعاً قالوا لأقوامهم وشعوبهم : " يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " فأول كلمة قرعت أسماع المشركين من النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا "(1) ولما كان العرب هم أهل اللسان والبيان فقالوا جميعاً ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم ونزل عليهم الغيث ولكن شق عليهم التبرؤ من آلهتهم الأرضية المتمثلة في أصنامهم بأشكالها وأسماءها لأنهم يعلمون أن من لوازم إفراد ربهم بالعبادة الانسلاخ عن هذه الآلهة الباطلة وعدم صرف شيء من العبادة لها وهذه نقطة الخلاف بينهم . وبين النبي صلى الله عليه وسلم وأخطأ من زعم من أدعياء العلم أن المشركين كانوا يعتقدون في أصنامهم ما

يعتقدونه في ربهم من خلق ورزق وإماتة فمن زعم ذلك فما شم رائحة العلم وما وعى شيئاً من التوحيد .
قال تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } .


• قبول الأعمال منوط بصلاح العقيدة :
والأعمال أنواع مختلفة منها الركن ومنها الواجب ومنها المندوب فإذا علمنا أن الأعمال الصالحة لا تُقبل عند الله سبحانه وتعالى إلا إذا كان صاحبها موحداً وحقق شرطين اثنين من عمله :
الأول : الإخلاص لله سبحانه وتعالى .
الثاني : موافقة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويتمثل هذين الشرطين في قوله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } .
فمن حقق هذين الشرطين ولم يكن موحداً لله سبحانه وتعالى الذي هو بمثابة الروح والجسد والأساس للبناء فقد حبط عمله لقوله تعالى : { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } والموحد لا يكون موحداً حتى يجتنب ثلاثة أنواع من الشرك : الأول شرك الربوبية وهو الإشراك مع الله من أفعاله كقول غلاة المتصوفة " وإن من جودك الدنياوضرتها" والثاني شرك في العبادة كدعاء غير الله والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم وغير ذلك . والثالث شرك في الأسماء والصفات وهو وصف الله سبحانه وتعالى بصفات المخلوقين أو تشبيه الله بخلقه وتعطيل أسماء الله وصفاته العليا التي وصف بها نفسه ووصفهُ بها رسوله ، قال تعالى : { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين } .
بعض الدعاة يقدمون ما حقه التأخير ويؤخرون ما حقه التقديم .
والداعية ينبغي أن يتلمس حاجات الأمة ويعرف أمراضها المستعصية المهلكة فيبادر لعلاجها قبل غيرها كما لو رأيت مصاباً ينزف دماً غزيراً وعلمت أنه مصاب بزكام في أنفه فالواجب عليك أولاً إيقاف نزيفه الذي لو استمر أدى هلاكه ، والداعية كالتاجر الحاذق الذي خبر حاجات الناس واطلع على ما يُروج عرضه في الأسواق . فلا تكن أخي الداعية كمن يبيع الثلج في موسم الشتاء ولا كمن يحاول بناء السقف قبل حفر الأساس فأول ما يجب البدء به في دعوتك أخي الداعية هي العقيدة التي هي أساس الدين وقاعدته الصلبة .
فإن صلحت صلح ما بعدها وإن فسدت فسد ما بعدها لذا رأينا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يبدءون دعوتهم بإصلاح عقائد الناس أولاً .
قال أحد الفضلاء :
العلم إن طلبته كثير والعمر عن تحصله قصير
فقدم المهم منه فالمهم . والله أعلم .