جعفر الصادق
20-08-2019, 01:29 PM


نظرت الكتب الإسلامية إلى الإمام جعفر الصادق نظرة إجلال وإكبار وتقدير، ووجدنا ذلك واضحًا عند علماء السير والتراجم، مثل: (الذهبي، وابن كثير، والسخاوي، وغيرهم الكثير..) في كتبهم الجليلة والتي اشتملت على ترجمةٍ وافيةٍ ومنصفةٍ وعادلة للإمام جعفر الصادق رحمه الله.

نسب الإمام جعفر الصادق ومولده

هو النحوي، اللغوي، المفسر، المقرئ، الإمام العلم أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان الإمام جعفر رحمه الله يقول: ولدني الصديق مرتين، ولد الإمام جعفر الصادق سنة (80هـ= 699م)، وهو الأشهر بين المؤرخين، وقيل: وُلد يوم الثلاثاء قبل طلوع الشمس ثامن شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين، وهو سادس الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية الشيعة الروافض، أما عند أهل السنة هو إمامٌ بعلمه وفضله رفعة أخلاقه ونسبه، ولُقِّب بالصادق لصدقه في مقالته.

مذهب الإمام جعفر الصادق

كان جعفر الصادق رحمه الله كبير الشأن وعالمًا من جملة علماء أهل السنة والجماعة الأتقياء، وقد عاش رضي الله عنه في بيئة المدينة المنورة وبيئة الإيمان والإسلام والكتاب والسنة وكانت عبادته وسائر أعماله وفق أعمال عامة أهل السنة والجماعة، وقد تتلمذ على يد العديد من الأئمة الكبار، كجده القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، والزهري، وغيرهما.

كما أنَّه تتلمذ على يديه بعض الأئمة، مثل: أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك بن أنس، وابن جريج، وسفيان الثوري، وولده موسى الكاظم، وخلقٌ كثير.

وقد وصفه الإمام الذهبي رحمه الله: بأنَّه الإمام الصادق شيخ بني هاشم، وعن سالم بن أبي حفصة: سألتُ أبا جعفر وابنه جعفر الصادق عن أبي بكر وعمر، فقالا لي: "يا سالم تولَّهما وابرأ من عدوِّهما؛ فإنَّهما كانا إمَامَي هدى".

وقد كذبت الشيعة الرافضة على الإمام جعفر الصادق ونسبت إليه أشياء لم يسمع بها.

علم الإمام جعفر الصادق

كان الإمام جعفر الصادق رحمه الله من سادات أهل البيت فقهًا وعلمًا وفضلًا وجودًا، وكان يصلح للخلافة لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه، ولمَّا سُئِل أبو حنيفة عنه قال: "ما رأيت أحدًا أفقه من جعفر بن محمد؛ حيث أقدمه أبو جعفر المنصور إلى الحيرة، وبعث إليَّ وقال: يا أبا حنيفة، إنَّ الناس قد فُتِنُوا بجعفر ابن محمد فهيِّئ له من مسائلك الصعاب، فهيَّأتُ له أربعين مسألة، وأتيته بالحيرة فدخلت عليه وجعفر جالسٌ عن يمينه، فسلَّمت وأذن لي فجلست، ثم قال: يا أبا حنيفة؟ هاتِ من مسائلك نسأل أبا عبد الله، فكان الإمام جعفر يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن أهل البيت نقول كذا وكذا، حتى أتيتُ على أربعين مسألةً ما أخرم منها مسألة"!

كما كان رحمه الله من أجلَّاء التابعين، وجريئًا صدَّاعًا بالحق، وله منزلةٌ رفيعةٌ في العلم؛ فعن ابن أبي حاتم رحمه الله قال: "جعفر بن محمد ثقةٌ لا يُسأل عن مثله".

وللإمام جعفر أيضًا كلام في صناعة الكيمياء والزجر والعيافة، وكان تلميذه جابر بن حيان الطرسوسي الذي ألَّف كتابًا يشتمل على ألف ورقةٍ يتضمَّن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة.

عبادة الإمام جعفر الصادق

كان الإمام جعفر الصادق رحمه الله فاضلًا تقيًا ورعًا، وأكثر كلامه حكمة، وأوفر الناس عقلًا، وأقلهم نسيانًا لأمر آخرته؛ فعن الإمام مالك بن أنس قال: "اختلفت إلى جعفر بن محمد زمانًا وما كنت أراه إلَّا على ثلاث خصال: إمَّا مصلٍّ، وإمَّا صائم، وإمَّا يقرأ القرآن، وما رأيته يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا على طهارة، وكان لا يتكلم في ما لا يعنيه، وكان من العلماء العبَّاد الزهَّاد الذين يخشون الله، ولقد حججت معه سنةً فلمَّا أتى الشجرة أحرم، فكلَّما أراد أن يهلَّ كاد يغشى عليه، فقلت له: لا بُدَّ لك من ذلك، فقال: يا ابن أبي عامر، إنِّي أخشى أن أقول: لبيك اللهم لبيك، فيقول: لا لبيك ولا سعديك"!

وفاة الإمام جعفر الصادق

تُوفِّي جعفر الصادق رحمه الله ورضي عنه في المدينة سنة (148هـ= 765م)، وكان يومئذٍ ابن ثمان وستين سنة، وهو الأشهر، وقيل: ابن إحدى وسبعين، ودُفِن رحمه الله بالبقيع مع أبيه وجده وعمه.
ومن كلامه: "الفقهاء أمناء الرسل، فإذا ركنوا إلى السلاطين فاتَّهِمُوهم، وإيَّاكم والخصومة في الدين؛ فإنَّها تُشغل القلب وتُورِث النفاق".

قصة الإسلام