تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري

> حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه الله

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
choroko
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 01-05-2007
  • المشاركات : 44
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • choroko is on a distinguished road
choroko
عضو نشيط
حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه الله
01-05-2007, 03:42 PM
حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين


الشيخ \ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

مقدمة في بيان ضوابط العبادة الصحيحة

الحمد لله رب العالمين ، أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا ، وأمرنا بالتمسك إلى الممات ، سورة آل عمران الآية 102 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .

وتلك وصية إبراهيم ويعقوب لبنيه .

سورة البقرة الآية 132 وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 144)

أجمعين ، وبعد :

فإن الله خلق الجن والإنس لعبادته ، كما قال تعالى : سورة الذاريات الآية 56 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .

وفي ذلك شرفهم وعزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لأنهم بحاجة إلى ربهم ، لا غنى لهم عنه طرفة عين ، وهو غني عنهم وعن عبادتهم ، كما قال تعالى : سورة الزمر الآية 7 إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ .

وقال تعالى : سورة إبراهيم الآية 8 وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ . . .

والعبادة حق لله على خلقه وفائدتها تعود إليهم ، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر ، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك ، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع ، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد .

ولما كان العباد في ضرورة إلى العبادة ، ولا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقتها التي ترضي الله سبحانه وتوافق دينه لم يكلهم إلى أنفسهم بل أرسل إليهم الرسل وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة كما قال تعالى : سورة النحل الآية 36 وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .


(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 145)

وقال تعالى : سورة الأنبياء الآية 25 وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ .

فمن حاد عما بينته الرسل ونزلت به الكتب من عبادة الله وعبد الله بما يلي عليه ذوقه وما تهواه نفسه وما زينته له شياطين الإنس والجن فقد ضل عن سبيل الله ولم تكن عبادته في الحقيقة عبادة الله ، بل هي عبادة لهواه :

سورة القصص الآية 50 وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ .

وهذا الجنس كثير في البشر وفي طليعتهم النصارى ، ومن ضل من فرق هذه الأمة ، كالصوفية فإنهم اختطوا لأنفسهم خطة في العبادة مخالفة لما شرعه الله في كثير من شعاراتهم . وهذا يتضح ببيان حقيقة العبادة التي شرعها الله على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيان ما عليه الصوفية اليوم من انحرافات عن حقيقة تلك العبادة .

إن العبادة التي شرعها الله سبحانه وتعالى تنبني على أصول وأسس ثابتة تتلخص فيما يلي :

أولا : أنها توقيفية - بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها - بل لا بد أن يكون المشروع لها هو الله سبحانه وتعالى ، كما قال تعالى لنبيه :

سورة هود الآية 112 فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا .


(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 146)

وقال تعالى : سورة الجاثية الآية 18 ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ .

وقال عن نبيه :

سورة الأحقاف الآية 9 إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ .

ثانيا : لا بد أن تكون العبادة خالصة لله تعالى من شوائب الشرك ، كما قال تعالى : سورة الكهف الآية 110 فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا .

فإن خالط العبادة شيء من الشرك أبطلها كما قال تعالى : سورة الأنعام الآية 88 وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .

وقال تعالى : سورة الزمر الآية 65 وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ سورة الزمر الآية 66 بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ .

ثالثا : لا بد أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى : سورة الأحزاب الآية 21 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وقال تعالى

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 147)

سورة الحشر الآية 7 وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وفي رواية من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد . وقوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الأذان (605). صلوا كما رأيتموني أصلي وقوله : سنن النسائي مناسك الحج (3062). خذوا عني مناسككم إلى غير ذلك من النصوص .

رابعا : أن العبادة محددة بمواقيت ومقادير لا يجوز تعديها وتجاوزها كالصلاة مثلا ، قال تعالى : سورة النساء الآية 103 إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا .

وكالحج قال تعالى : سورة البقرة الآية 197 الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ .

وكالصيام ، قال تعالى : سورة البقرة الآية 185 شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ الآية .

خامسا : لا بد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله تعالى والذل له وخوفه ورجائه ، قال تعالى : سورة الإسراء الآية 57 أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 148)

سورة الإسراء الآية 57 رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ،

وقال تعالى عن أنبيائه

سورة الأنبياء الآية 90 إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ .

وقال تعالى : سورة آل عمران الآية 31 قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة آل عمران الآية 32 قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ .

فذكر سبحانه علامات محبة الله وثمراته - أما علامتها فاتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعة الله وطاعة الرسول .

أما ثمراتها فنيل محبة الله سبحانه ومغفرة الذنوب والرحمة منه سبحانه .

سادسا : أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلا إلى وفاته ، قال تعالى : سورة آل عمران الآية 102 وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .

وقال :

سورة الحجر الآية 99 وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ . . .
أ - حقيقة التصوف :

لفظ التصوف والصوفية لم يكن معروفا في صدر الإسلام وإنما هو محدث بعد ذلك أو دخيل على الإسلام من أمم أخرى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة ، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ ، كالإمام أحمد بن حنبل وأبي سليمان الداراني وغيرهما ، وقد روي عن سفيان الثوري أنه تكلم به ، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري ، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي فإنه من أسماء النسب كالقرشي والمدني وأمثال ذلك ، فقيل : إنه نسبة إلى أهل الصفة ، وهو غلط ، لأنه لو كان كذلك ، لقيل : صفي ، وقيل نسبة إلى الصف المقدم بين يدي الله - وهو أيضا غلط ، فإنه لو كان كذلك لقيل : صفي ، وقيل نسبة إلى الصفوة من خلق الله - وهو غلط لأنه لو كان كذلك لقيل : صفوي ، وقيل نسبة إلى صوفة بن بشر بن أد بن بشر بن طابخة - قبيلة من العرب كانوا يجاورون بمكة من الزمن القديم ينسب إليهم النساك - وهذا وإن كان موافقا للنسب من جهة اللفظ فإنه ضعيف أيضا ، لأن هؤلاء غير مشهورين ولا معروفين عند أكثر النساك ولأنه لو نسب النساك إلى هؤلاء لكان هذا النسب في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم أولى . ولأن غالب من تكلم باسم الصوفي لا يعرف هذه القبيلة ولا يرضى أن يكون مضافا إلى قبيلة في الجاهلية لا وجود لها في الإسلام - وقيل وهو المعروف إنه نسبة إلى الصوف ، فإنه أول ما ظهرت الصوفية في البصرة .
  • ملف العضو
  • معلومات
choroko
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 01-05-2007
  • المشاركات : 44
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • choroko is on a distinguished road
choroko
عضو نشيط
رد: حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
01-05-2007, 03:45 PM

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 150)

وأول من ابتنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد ، وعبد الواحد من أصحاب الحسن ، وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار . . . وقد روى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن محمد بن سيرين أنه بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف ، فقال : إن قوما يتخيرون لباس الصوف يقولون إنهم يتشبهون بالمسيح ابن مريم ، وهدي نبينا أحب إلينا ، وكان صلى الله عليه وسلم يلبس القطن وغيره ، أو كلاما نحوا من هذا ، ثم يقول بعد ذلك : وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم صوفي ، وليس طريقهم مقيدا بلبس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به - لكن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال .

إلى أن قال : فهذا أصل التصوف ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع - وكلامه مجموع الفتاوى ( 11 \ 5 - 7 ، 16 ، 18 ) . رحمه الله يعطي أن التصوف نشأ في بلاد الإسلام على يد عباد البصرة نتيجة لمبالغتهم في الزهد والعبادة ثم تطور بعد ذلك - والذي توصل إليه بعض الكتاب العصريين - أن التصوف تسرب إلى بلاد المسلمين من الديانات الأخرى كالديانة الهندية والرهبانية النصرانية - وقد يستأنس لهذا بما نقله الشيخ عن ابن سيرين أنه قال : إن قوما يتخيرون لباس الصوف يقولون إنهم يتشبهون بالمسيح ابن مريم ، وهدي نبينا أحب إلينا . فهذا يعطي أن التصوف له علاقة بالديانة النصرانية - . . .

ويقول الدكتور صابر طعيمة في كتابه ( الصوفية معتقدا ومسلكا ) : ويبدو أنه لتأثير الرهبنة المسيحية التي كان فيها الرهبان يلبسون الصوف وهم في أديرتهم كثرة كثيرة من المنقطعين لهذه الممارسة على امتداد

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 151)

الأرض التي حررها الإسلام بالتوحيد أعطى هو الآخر دورا في التأثر الذي بدا على سلوك الأوائل ص 17 . . وقال الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله في كتابه : ( التصوف ، المنشأ والمصادر ) عندما نتعمق في تعاليم الصوفية الأوائل والأواخر وأقاويلهم المنقولة منهم والمأثورة في كتب الصوفية القديمة والحديثة نفسها نرى بونا شاسعا بينها وبين تعاليم القرآن والسنة ، وكذلك لا نرى جذورها وبذورها في سيرة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام البررة خيار خلق الله وصفوة الكون ، بل بعكس ذلك نراها مأخوذة مقتبسة من الرهبنة المسيحية والبرهمة الهندوكية وتنسك اليهودية وزهد البوذية ص 28 . .

ويقول الشيخ : عبد الرحمن الوكيل رحمه الله في مقدمة كتاب : ( مصرع التصوف ) : إن التصوف أدنأ وألأم كيدا ابتدعه الشيطان ليسخر معه عباد الله في حربه لله ولرسوله ، إنه قناع المجوس يتراءى بأنه رباني ، بل قناع كل عدو صوفي للدين الحق فتش فيه تجد برهمية وبوذية وزرادشتية ومانوية وديصانية ، تجد أفلاطونية وغنوصية ، تجد فيه يهودية ونصرانية ووثنية جاهلية ص 19 . .

ومن خلال عرض آراء هؤلاء الكتاب المعاصرين في أصل الصوفية . وغيرهم مما لم نذكره ، كثيرون يرون هذا الرأي . يتبين أن الصوفية دخيلة على الإسلام ، يظهر ذلك في ممارسات المنتسبين إليها - تلك

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 152)

الممارسات الغريبة على الإسلام والبعيدة عن هديه ، وإنما نعني بهذا المتأخرين من الصوفية حيث كثرت وعظمت شطحاتهم .

أما المتقدمون منهم فكانوا على جانب من الاعتدال ، كالفضيل بن عياض والجنيد وإبراهيم بن أدهم وغيرهم . . . .
ب- موقف الصوفية من العبادة والدين :

للصوفية - خصوصا - المتأخرين منهم منهج في الدين والعبادة يخالف منهج السلف ويبتعد كثيرا عن الكتاب والسنة . فهم قد بنوا دينهم وعبادتهم على رسوم ورموز واصطلاحات اخترعوها وهي تتلخص فيما يلي :

1 - قصرهم العبادة على المحبة ، فهم يبنون عبادتهم لله على جانب المحبة ويهملون الجوانب الأخرى كجانب الخوف والرجاء ، كما قال بعضهم : أنا لا أعبد الله طمعا في جنته ولا خوفا من ناره - ولا شك أن محبة الله تعالى هي الأساس الذي تبنى عليه العبادة . ولكن العبادة ليست مقصورة على المحبة كما يزعمون ، بل لها جوانب وأنواع كثيرة غير المحبة كالخوف والرجاء والذل والخضوع والدعاء إلى غير ذلك ، فهي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة . . .

ويقول العلامة ابن القيم :

وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذلك عابده هما قطبان وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان


(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 153)

ولهذا يقول بعض السلف : من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد .

وقد وصف الله رسله وأنبياءه بأنهم يدعون ربهم خوفا وطمعا ، وأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه ، وأنهم يدعونه رغبا ورهبا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولهذا قد وجد في نوع من المتأخرين من انبسط في دعوى المحبة حتى أخرجه ذلك إلى نوع من الرعونة والدعوى التي تنافي العبودية ، وقال أيضا : وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من الجهل بالدين ، إما من تعدي حدود الله ، وإما من تضييع حقوق الله . وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 90 طبعة الرئاسة العامة للإفتاء . ، وقال أيضا : والذين توسعوا من الشيوخ في سماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل والغرام كان هذا أصل مقصودهم ، ولهذا أنزل الله آية المحبة محنة يمتحن بها المحب ، فقال : سورة آل عمران الآية 31 قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .

فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله ، وطاعة الرسول ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية ، وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته صلى الله عليه وسلم ويدعي من الخيالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره ، حتى يظن أحدهم سقوط الأمر - وتحليل الحرام له ، وقال أيضا : وكثير من الضالين الذين اتبعوا أشياء مبتدعة من الزهد والعبادة على غير علم ولا

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 154)

نور من الكتاب والسنة وقعوا فيما وقع فيه النصارى من دعوى المحبة لله مع مخالفة شريعته وترك المجاهدة في سبيله ونحو ذلك ، انتهى .

فتبين بذلك أن الاقتصار على جانب المحبة لا يسمى عبادة قد يؤول بصاحبه إلى الضلال بالخروج عن الدين .

2 - الصوفية في الغالب لا يرجعون في دينهم وعبادتهم إلى الكتاب والسنة والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يرجعون إلى أذواقهم وما يرسمه لهم شيوخهم من الطرق المبتدعة ، والأذكار والأوراد المبتدعة ، وربما يستدلون بالحكايات والمنامات والأحاديث الموضوعة لتصحيح ما هم عليه بدلا من الاستدلال بالكتاب والسنة ، هذا ما ينبني عليه دين الصوفية .

ومن المعلوم أن العبادة لا تكون عبادة صحيحة إلا إذا كانت مبنية على ما جاء في الكتاب والسنة - قال شيخ الإسلام ابن تيمية ويتمسكون ( يعني الصوفية ) في الدين الذي يتقربون به إلى ربهم بنحو ما تمسك به النصارى من الكلام المتشابه والحكايات التي لا يعرف صدق قائلها ، ولو صدق لم يكن معصوما ، فيجعلون متبوعيهم وشيوخهم شارعين لهم دينا ، كما جعل النصارى قسيسيهم ورهبانهم شارعين لهم دينا . . انتهى .

ولما كان هذا مصدرهم الذي يرجعون إليه في دينهم وعباداتهم - وقد تركوا الرجوع إلى الكتاب والسنة صاروا أحزابا متفرقين - كما قال تعالى : سورة الأنعام الآية 153 وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .
  • ملف العضو
  • معلومات
choroko
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 01-05-2007
  • المشاركات : 44
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • choroko is on a distinguished road
choroko
عضو نشيط
رد: حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
01-05-2007, 03:46 PM
(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 155)

فصراط الله واحد لا انقسام فيه ولا اختلاف عليه ، وما عداه فهو سبل متفرقة تتفرق بمن سلكها ، وتبعده عن صراط الله المستقيم ، وهذا ينطبق على فرق الصوفية فإن كل فرقة لها طريقة خاصة تختلف عن طريقة الفرقة الأخرى . ولكل فرقة شيخ يسمونه شيخ الطريقة يرسم لها منهاجا يختلف عن منهاج الفرق الأخرى ، ويبتعد بهم عن الصراط المستقيم ، وهذا الشيخ الذي يسمونه شيخ الطريقة يكون له مطلق التصرف وهم ينفذون ما يقول ولا يعترضون عليه بشيء - حتى قالوا : المريد مع شيخه يكون كالميت مع غاسله . وقد يدعي بعض هؤلاء الشيوخ أنه يتلقى من الله مباشرة ما يأمر به مريديه وأتباعه .

3 - من دين الصوفية التزام أذكار وأوراد يضعها لهم شيوخهم فيتقيدون بها ويتعبدون بتلاوتها ، وربما فضلوا تلاوتها على تلاوة القرآن الكريم ، ويسمونها ذكر الخاصة .

وأما الذكر الوارد في الكتاب والسنة فيسمونه ذكر العامة . فقول لا إله إلا الله عندهم هو ذكر العامة ، وأما ذكر الخاصة - فهو الاسم المفرد : الله ؛ وذكر خاصة الخاصة ( هو ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ومن زعم أن هذا - أي قول لا إله إلا الله ذكر العامة وأن ذكر الخاصة - هو الاسم المفرد ، وذكر خاصة الخاصة ( هو ) أي الاسم المضمر فهو ضال مضل . واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله :

سورة الأنعام الآية 91 قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ من أبين غلط هؤلاء ، بل من تحريفهم للكلم عن مواضعه ، فإن الاسم

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 156)

- الله - مذكور في الأمر بجواب الاستفهام في الآية قبله وهو قوله : سورة الأنعام الآية 91 مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ إلى قوله :

سورة الأنعام الآية 91 قُلِ اللَّهُ

أي الله هو الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى .

فالاسم - الله - مبتدأ خبره دل عليه الاستفهام كما في نظائر ذلك - تقول : من جارك ؟ فيقول : زيد ، وأما الاسم المفرد مظهرا ومضمرا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي ، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعطي القلب نفسه معرفة مفيدة ، ولا حالا نافعا ، وإنما يعطيه تصورا مطلقا لا يحكم فيه بنفي ولا إثبات - إلى أن قال : وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر بالاسم المفرد وبـ : " هو " في فنون من الإلحاد وأنواع من الاتحاد ، وما ذكر عن بعض الشيوخ في أنه قال : أخاف أن أموت بين النفي والإثبات ، حال لا يقتدى فيها بصاحبها ، فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء به إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه ، إذ الأعمال بالنيات ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتلقين الميت لا إله إلا الله . وقال سنن أبو داود الجنائز (3116),مسند أحمد بن حنبل (5/233). من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، ولو كان ما ذكره محظورا لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتا غير محمود . بل كان ما اختاره من ذكر الاسم المفرد - والذكر بالاسم المضمر أبعد عن السنة وأدخل في البدعة وأقرب إلى إضلال الشيطان ، فإن من قال : يا هو

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 157)

يا هو ، أو هو هو ، ونحو ذلك لم يكن الضمير عائدا إلا إلى ما يصوره قلبه ، والقلب قد يهتدي وقد يضل - وقد صنف صاحب الفصوص يعني ابن العربي كتابا سماه كتاب " ألهو " - وزعم بعضهم أن قوله :

سورة آل عمران الآية 7 وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ معناه : وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو الهو - وهذا مما اتفق المسلمون بل العقلاء على أنه من أبين الباطل - فقد يظن هذا من يظنه من هؤلاء . حتى قلت لبعض من قال شيئا من ذلك لو كان هذا كما قلته لكتبت الآية وما يعلم تأويل هو منفصلة رسالة العبودية ص 117- 118 طبعة الإفتاء . - أي كتبت ( هو ) منفصلة عن : ( تأويل ) . . .

4 - غلو الصوفية في الأولياء والشيوخ خلاف عقيدة أهل السنة والجماعة . فإن عقيدة أهل السنة والجماعة موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه - قال تعالى : سورة المائدة الآية 55 إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ،

وقال تعالى : سورة الممتحنة الآية 1 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ وأولياء الله هم المؤمنون المتقون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، ويجب علينا محبتهم والاقتداء بهم واحترامهم - وليست الولاية وقفا على أشخاص معينين . فكل مؤمن تقي فهو ولي لله عز وجل ،

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 158)

وليس معصوما من الخطأ ، هذا معنى الولاية والأولياء ، وما يجب في حقهم عند أهل السنة والجماعة - أما الأولياء عند الصوفية فلهم اعتبارات ومواصفات أخرى ، فهم يمنحون الولاية لأشخاص معينين من غير دليل من الشارع على ولايتهم ، وربما منحوا الولاية لمن لم يعرف بإيمان ولا تقوى ، بل قد يعرف بضد ذلك من الشعوذة والسحر واستحلال المحرمات ، وربما فضلوا من يدعون لهم الولاية على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كما يقول أحدهم :




مقام النبوة في برزخ فريق الرسول ودون الولي




ويقولون : إن الأولياء يأخذون من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول ويدعون لهم العصمة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وكثير من الناس يغلط في هذا الموضع فيظن في شخص أنه ولي لله - ويظن أن ولي الله يقبل منه كل ما يقوله ، ويسلم إليه كل ما يقوله . ويسلم إليه كل ما يفعله ، وإن خالف الكتاب والسنة . فيوافق ذلك الشخص . ويخالف ما بعث الله به رسوله الذي فرض الله على جميع الخلق تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر - إلى أن قال وهؤلاء مشابهون للنصارى الذين قال الله فيهم : سورة التوبة الآية 31 اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ .

وفي المسند وصححه الترمذي عن عدي بن حاتم في تفسير هذه الآية ، سنن الترمذي تفسير القرآن (3095). لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، فقال : ما عبدوهم ، فقال النبي

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 159)

صلى الله عليه وسلم : أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم وكانت هذه عبادتهم إياهم - إلى أن قال : ونجد كثيرا من هؤلاء : في اعتقاد كونه وليا لله ، أنه قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور أو بعض التصرفات الخارقة للعادة ، مثل أن يشير إلى شخص فيموت أو يطير في الهواء إلى مكة أو غيرها ، أو يمشي على الماء أحيانا أو يملأ إبريقا من الهواء ، أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاءه فقضى حاجته ، أو يخبر الناس بما سرق لهم أو بحال غائب لهم أو مريض أو نحو ذلك - وليس في هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي لله .
  • ملف العضو
  • معلومات
choroko
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 01-05-2007
  • المشاركات : 44
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • choroko is on a distinguished road
choroko
عضو نشيط
رد: حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
01-05-2007, 03:48 PM
[CENTER][FONT="Comic Sans MS"][SIZE="5"][COLOR="Blue"]بل قد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر متابعته للرسول صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونهيه . وكرامات أولياء الله أعظم من هذه الأمور - وهذه الأمور الخارقة للعادة وإن كان قد يكون صاحبها وليا لله فقد يكون عدوا لله فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين وتكون لأهل البدع وتكون من الشياطين ، فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله . بل يعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة ، ويعرفون بنور الإيمان والقرآن وبحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة . مثال ذلك أن هذه الأمور المذكورة وأمثالها قد توجد في أشخاص ويكون أحدهم لا يتوضأ ولا يصلي الصلوات المكتوبة ، بل يكون ملابسا للنجاسات معاشرا للكلاب يأوي إلى الحمامات والقمامين والمقابر والمزابل ، رائحته خبيثة لا يتطهر الطهارة الشرعية ولا يتنظف . إلى أن قال : فإذا كان الشخص مباشرا للنجاسات والخبائث (الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 160) التي يحبها الشيطان ، أو يأوي إلى الحمامات والحشوش التي تحضرها الشياطين ، أو يأكل الحيات والعقارب والزنابير وآذان الكلاب التي هي خبائث وفواسق أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يحبها الشيطان ، أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها أو يسجد إلى ناحية شيخه ، ولا يخلص الدين لرب العالمين ، أو يلابس الكلاب أو النيران أو يأوي إلى المزابل والمواضع النجسة أو يأوي إلى المقابر ولا سيما إلى مقابر الكفار من اليهود والنصارى والمشركين ، أو يكره سماع القرآن وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن ، فهذه علامات أولياء الشيطان ، لا علامات أولياء الرحمن مجموع الفتاوى ( 11 \ 210- 216 ) . . . انتهى . ولم يقف الصوفية عند هذا الحد من منح الولاية لأمثال هؤلاء بل غلوا فيهم حتى جعلوا فيهم شيئا من صفات الربوبية ، وأنهم يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب . ويجيبون من استغاث بهم بطلب ما لا يقدر عليه إلا الله . ويسمونهم الأغواث والأقطاب والأوتاد ، يهتفون بأسمائهم في الشدائد ، وهم أموات أو غائبون ويطلبون منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات ، وأضفوا عليهم هالة من التقديس في حياتهم وعبدوهم من دون الله بعد وفاتهم ، فبنوا على قبورهم الأضرحة وتبركوا بتربتهم وطافوا بقبورهم ، وتقربوا إليهم بأنواع النذور ، وهتفوا بأسمائهم في طلباتهم ، هذا منهج الصوفية في الولاية والأولياء . 5 - من دين الصوفية الباطل تقربهم إلى الله بالغناء والرقص وضرب الدفوف والتصفيق ويعتبرون هذا عبادة لله . (الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 161) قال الدكتور صابر طعيمة في كتابه : الصوفية معتقدا ومسلكا : أصبح الرقص الصوفي الحديث عند معظم الطرق الصوفية في مناسبات الاحتفال بموالد بعض كبارهم أن يجتمع الأتباع لسماع النوتة الموسيقية التي يكون صوتها أحيانا أكثر من مائتي عازف من الرجال والنساء ، وكبار الأتباع يجلسون في هذه المناسبات يتناولون ألوانا من شرب الدخان ، وكبار أئمة القوم وأتباعهم يقومون بمدارسة بعض الخرافات التي تنسب لمقبوريهم ، وقد انتهى إلى علمنا من المطالعات أن الأداء الموسيقي لبعض الطرق الصوفية الحديثة مستمد مما يسمى " كورال صلوات الآحاد المسيحية " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مبينا وقت حدوث هذا . وموقف الأئمة منه ومن الذي أحدثه : . . . . اعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه فقال : الشافعي رضي الله عنه : خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه ( التغبير ) يصدون به الناس عن القرآن ، وقال يزيد بن هارون : ما يغبر إلا فاسق ، ومتى كان التغبير ؟ . . . . وسئل الإمام أحمد فقال : أكرهه هو محدث ، قيل : أتجلس معهم ، قال : لا . وكذلك سائر أئمة الدين كرهوه ، وأكابر الشيوخ الصالحين لم يحضروه ، فلم يحضره إبراهيم بن أدهم ، ولا الفضيل بن عياض ، ولا معروف الكرخي ، ولا أبو سليمان الداراني ، ولا أحمد بن أبي الحواري ، والسري السقطي وأمثالهم . (الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 162) والذين حضروه من الشيوخ المحمودين تركوه في آخر أمرهم ، وأعيان المشايخ عابوا أهله كما فعل ذلك عبد القادر والشيخ أبو البيان ، وغيرهما من المشايخ ، وما ذكره الشافعي رحمه الله من أنه من إحداث الزنادقة ، كلام إمام خبير بأصول الإسلام فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدع إليه في الأصل إلا من هو متهم بالزندقة كابن الراوندي والفارابي وابن سينا وأمثالهم - إلى أن قال : وأما الحنفاء أهل ملة إبراهيم الخليل الذي جعله الله إماما ، وأهل دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا غيره ، المتبعون لشريعة خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم فليس فيهم من يرغب في ذلك ولا يدعو إليه ، وهؤلاء هم أهل القرآن والإيمان والهدى والسعد والرشاد والنور والفلاح وأهل المعرفة والعلم واليقين والإخلاص لله ، والمحبة له ، والتوكل عليه والخشية له والإنابة إليه . إلى أن قال : ومن كان له خبرة بحقائق الدين وأحوال القلوب ومعارفها وأذواقها ومواجيدها عرف أن سماع المكاء والتصدية لا يجلب للقلوب منفعة ولا مصلحة إلا وفي ضمن ذلك من الضرر والمفسدة ما هو أعظم منه فهو للروح كالخمر للجسد ، ولهذا يورث أصحابه سكرا أعظم من سكر الخمر فيجدون لذة بلا تمييز ، كما يجد شارب الخمر ، بل يحصل لهم أكثر وأكبر مما يحصل لشارب الخمر ويصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلاة أعظم مما يصدهم الخمر ، ويوقع بينهم العداوة والبغضاء أعظم من الخمر . وقال أيضا : وأما الرقص فلم يأمر الله به ولا رسوله ولا أحد من الأئمة ، بل قد قال الله في كتابه : سورة لقمان الآية 19 وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ . (الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 163) وقال في كتابه : سورة الفرقان الآية 63 وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا . أي بسكينة ووقار ، وإنما عبادة المسلمين الركوع والسجود . بل الدف والرقص لم يأمر الله به ولا رسوله ولا أحد من سلف الأمة ، وقال : وأما قول القائل هذه شبكة يصاد بها العوام - فقد صدق فإن أكثرهم إنما يتخذون ذلك شبكة لأجل الطعام والتوانس على الطعام ، كما قال الله تعالى : سورة التوبة الآية 34 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ . ومن فعل هذا فهو من أئمة الضلال الذي قيل في رؤوسهم : سورة الأحزاب الآية 67 وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا سورة الأحزاب الآية 68 رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا . وأما الصادقون منهم فهم يتخذونه شبكة لكن هي شبكة مخرقة يخرج منها الصيد إذا دخل فيها ، كما هو الواقع كثيرا ، فإن الذين دخلوا في السماع المبتدع في الطريق ولم يكن معهم أصل شرعي شرعه الله ورسوله - أورثهم أحوالا فاسدة . . . انتهى كلامه مجموع الفتاوى ( 11 \ 569 - 574 ) . فهؤلاء الصوفية الذين يتقربون إلى الله بالغناء والرقص يصدق عليهم قول الله تعالى : سورة الأعراف الآية 51 الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا . (الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 164) 6 - ومن دين الصوفية الباطل ما يسمونه بالأحوال التي تنتهي بصاحبها إلى الخروج عن التكاليف الشرعية نتيجة لتطور التصوف ، فقد كان أصل التصوف - كما ذكره ابن الجوزي : رياضة النفس ومجاهدة الطبع برده عن الأخلاق الرذيلة وحمله على الأخلاق الجميلة من الزهد والحلم والصبر والإخلاص والصدق . قال : وعلى هذا كان أوائل القوم فلبس إبليس عليهم في أشياء ثم لبس على من بعدهم من تابعيهم ، فكلما مضى قرن زاد طمعه في القرن الثاني فزاد تلبيسه عليهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن ، وكان أصل تلبيسه عليهم أن صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل ، فلما أطفأ مصباح العلم عندهم تخبطوا في الظلمات ، فمنهم من أراه أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا ما يصلح أبدانهم وشبهوا المال بالعقارب . ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى إنه كان فيهم من لا يضطجع ، وهؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة ، وفيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري ، ثم جاء أقوام فتكلموا لهم في الجوع والفقر والوساوس والخطرات وصنفوا في ذلك مثل الحارث المحاسبي ، وجاء آخرون فهذبوا مذهب الصوفية وأفردوه بصفات ميزوه بها من الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق . ثم ما زال الأمر ينمى ، والأشياخ يضعون لهم أوضاعا ويتكلمون بمواقعاتهم - وبعدوا عن العلماء ورأوا ما هم فيه أو في العلوم حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر ، ومنهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه . فكأنهم تخايلوا شخصا مستحسن الصورة فهاموا به . . . وهؤلاء بين الكفر والبدعة (الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 165) ثم تشعبت بأقوام منهم الطرف ففسدت عقائدهم فمن هؤلاء من قال بالحلول ، ومنهم من قال بالاتحاد ، وما زال إبليس يخبطهم بفنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سننا . انتهى تلبيس إبليس صفحة 157 - 158 . .
  • ملف العضو
  • معلومات
choroko
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 01-05-2007
  • المشاركات : 44
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • choroko is on a distinguished road
choroko
عضو نشيط
رد: حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
01-05-2007, 03:49 PM
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن قوم داوموا على الرياضة مرة فرأوا أنهم قد تجوهروا فقالوا لا نبالي الآن ما علمنا ، وإنما الأوامر والنواهي رسوم العوام ، ولو تجوهروا لسقطت عنهم ، وحاصل النبوة يرجع إلى الحكمة والمصلحة والمراد منها ضبط العوام ولسنا نحن من العوام فندخل في حجر التكليف لأنا قد تجوهرنا وعرفنا الحكمة فأجاب : لا ريب عند أهل العلم والإيمان أن هذا القول من أعظم الكفر وأغلظه وهو شر من قول اليهود والنصارى . فإن اليهودي والنصراني آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض . وأولئك هم الكافرون حقا ، كما أنهم يقرون أن لله أمرا ونهيا ، ووعدا ووعيدا وأن ذلك متناول لهم إلى حين الموت ، هذا إن كانوا متمسكين باليهودية والنصرانية المبدلة المنسوخة ، وأما إن كانوا من منافقي أهل ملتهم كما هو الغالب على متكلميهم ومتفلسفتهم كانوا شرا من منافقي هذه الأمة ، حيث كانوا مظهرين للكفر ومبطنين للنفاق فهم شر ممن يظهر إيمانا ويبطن نفاقا .

والمقصود أن المتمسكين بجملة منسوخة فيها تبديل خير من هؤلاء الذين يزعمون سقوط الأمر والنهي عنهم بالكلية ، فإن هؤلاء خارجون في هذه الحال من جميع الكتب والشرائع والملل ، لا يلتزمون لله أمرا ولا نهيا بحال ، بل هؤلاء شر من المشركين المتمسكين ببقايا من الملل كمشركي العرب الذين كانوا متمسكين ببقايا من دين إبراهيم عليه

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 166)

السلام فإن أولئك معهم نوع من الحق يلتزمونه . وإن كانوا مع ذلك مشركين ، وهؤلاء خارجون عن التزام شيء من الحق بحيث يظنون أنهم قد صاروا سدى لا أمر عليهم ولا نهي - إلى أن قال : ومن هؤلاء من يحتج بقوله :

سورة الحجر الآية 99 وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ .

ويقول معناها : اعبد ربك حتى يحصل لك العلم والمعرفة فإذا حصل ذلك سقطت العبادة ، وربما قال بعضهم : اعمل حتى يحصل لك حال فإذا حصل لك حال تصوفي سقطت عنك العبادة ، وهؤلاء فيهم من إذا ظن حصول مطلوبه من المعرفة والحال استحل ترك الفرائض وارتكاب المحارم . وهذا كفر كما تقدم إلى أن قال : فأما استدلالهم بقوله تعالى : سورة الحجر الآية 99 وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فهي عليهم لا لهم - قال الحسن البصري : إن الله لم يجعل لعمل المؤمنين أجلا دون الموت ، وقرأ قوله :

سورة الحجر الآية 99 وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ .

وذلك أن اليقين هنا الموت وما بعده باتفاق علماء المسلمين وذلك مثل قوله :

سورة المدثر الآية 42 مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ سورة المدثر الآية 43 قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ .

إلى قوله :

سورة المدثر الآية 45 وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ سورة المدثر الآية 46 وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ سورة المدثر الآية 47 حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ .

فهذا قالوه وهم في جهنم وأخبروا أنهم كانوا على ما هم عليه من ترك الصلاة والزكاة والتكذيب بالآخرة والخوض مع الخائضين حتى أتاهم

(الجزء رقم : 22، الصفحة رقم: 167)

اليقين . . ومعلوم أنهم مع هذا الحال لم يكونوا مؤمنين بذلك في الدنيا ولم يكونوا مع الذين قال الله فيهم :

سورة البقرة الآية 4 وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ .

وإنما أراد بذلك أنه أتاهم ما يوعدون وهو اليقين . . انتهى مجموع الفتاوى ( 11 \ 401- 402 ، 417- 418 ) . .

فالآية تدل على وجوب العبادة على العبد منذ بلوغه سن التكليف عاقلا : إلى أن يموت . وأنه ليس هناك حال قبل الموت ينتهي عندها التكليف كما تزعمه الصوفية .

الخاتمة :

وبعد : فهذا هو دين الصوفية قديما وحديثا وهذا موقفهم من العبادة ولم ننقل عنهم إلا القليل مما تضمنته كتبهم وكتب منتقديهم وما تدل عليه ممارساتهم المعاصرة ولم أتناول إلا جانبا واحدا من جوانب البحث حولهم هو جانب العبادة وموقفهم منها ، وبقيت جوانب أخرى تحتاج إلى محاضرات ومحاضرات كموقفهم من التوحيد وموقفهم من الرسالات وموقفهم من الشريعة والقدر ، إلى غير ذلك . . .

هذا وأسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ، ، ،


صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------
منقول من : مجلة البحوث الإسلامية العدد الثاني والعشرون - الإصدار : من رجب إلى شوال لسنة 1408هـ
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو جويرية
أبو جويرية
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 12-04-2007
  • الدولة : في قلب الجزائر
  • المشاركات : 1,825
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أبو جويرية is on a distinguished road
الصورة الرمزية أبو جويرية
أبو جويرية
شروقي
رد: حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
01-05-2007, 03:53 PM
بارك الله فيك أخي موضوع قيم

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام وخاتم الرسل العظام الكرام، وسمانا بالمسلمين، فأغنانا عن تسمية غيره من الأنام، وصلى الله وسلم على رسوله ما تعاقب الملوان، وعلى أصحابه وأزواجه والتابعين لهم بإحسان.

وبعد..

من اقوى وسائل التضليل والتدليس والتلبيس على الناس المصطلحات المغلوطة، والشعارات الفارغة المبثوثة، والتعتيم على ذلك.

شاع بين الناس قديماً وحديثاً أنه لا مشاحة في الأسماء والألفاظ والمصطلحات، وإنما العبرة بالمضمون، لكن هذا الأمر ليس على عمومه، إذ هناك مصطلحات ومسميات لها ظلال واضحات، ومخالفات بينات، وعليها محاذير خطرات.

من تلك المصطلحات والتسميات التي تحمل تلك السمات والظلال مصطلح "الصوفية"، إذ يظنه البعض مرادفاً للإسلام، وموافقاً لشريعة ولد عدنان، بل يعتقد فريق من الناس أنه أعلى درجة من الإسلام، وأرفع منزلة منه، يَحْدُث هذا بسبب الجهل بحقيقة الإسلام والصوفية معاً من ناحية، ولسكوت جل العلماء عن بيان الفروق الكبيرة والمخـالفات الخطيرة بين الإسـلام والصوفية، إما خـوفاً وطمعاً، أورغباً ورهبـاً، ولله در الإمام أحمد بن حنبل حين قال: "إذا سكت الجاهل لجهله، وأمسك العالم تقية، فمتى تقوم لله حجة؟".

لقد أمر الإسلام بالتناصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ورفع الحرج عن هذه الأمة، حيث قال مشرعها: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وليس وراء ذلك مثقال حبة من خردل من إيمان".

وليت الساكت عن البيان – وهو شيطان أخرس – سكت عن المجاهرين بالحق، ورضي بأضعف الإيمان بدلاً من النفاق.

من المحزن أن يقدِّم أرسطو – وهو كافر – الحقَّ على موافقة أستاذه أفلاطون، ويستنكف البعض عن إقرار القائلين بالحق أوحتى السكوت عنهم.

من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة قط، وأن الله عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة أوتتفق على بطالة، بل جعل طائفة منها لا تزال على الحق ظاهرة عالية لا يضرها من خذلها ولا من عاداها حتى تقوم الساعة، كما أخبر الصادق المصدوق.

فما حقيقة الصوفية؟ ومتى ظهرت هذه البدعة في البرية؟ وما هي أخطر عقائدها ومخالفاتها دعك عن موافقتها أوتميزها عن المحجة البيضاء والحنيفية السمحة، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية؟

هذا ما نود الإشارة إليه في إيجاز، نصحاً لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، وتبرئة من المسؤولية، ولعلها تصادف آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، ونفوساً زاكية.

دفعني لهذا البيان ما سمعته من أغنية للشيخ البرعي وأنا راكب حافلة، إذ لا فرق بين الأغاني والسماع الصوفي الملحن1 ، بل السماع الصوفي أخطر وأضر لما يحويه من الشركيات والغلو، جاء فيها أن محمداً صلى الله عليه وسلم "أساس الصوفية"، لأن هذا من الكذب المبين، والافتراء المهين، الذي يدرج قائله من جملة المكذبين على سيد المرسلين، وكذلك زعم البعض أن محمداً صلى الله عليه وسلم لبس الخرقة، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً، وأن علياً وجعفر رضي الله عنهما رقصا وتواجداً، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم تواجد.

أما نسبة أبي بكر وعمر وأبي ذر وغيرهم من الصحابة إلى الصوفية فهي أقذر وأخس من نسبة عمر إلى "الديكتاتورية"، وأبي ذر إلى الاشتراكية، سيُكتب قول هؤلاء ويسألون.

متى ظهرت الصوفية؟ وإلى أي شيء ينتسب الصوفي؟

ظهرت الصوفية كما يقول العلماء المحققون في أواخر المائة الثانية أوأوائل المائة الثالثة بالبصرة.

وينتسب الصوفي إلى لبس الصوف، وليس إلى الصفاء، ولا إلى أهل الصُّـفَّة، ولا إلى الصف الأول، ولا إلى غير ذلك من الدعاوي، لأن كل هذا تأباه اللغة ويكذبه التاريخ.

لقد لبس رسولنا الكريم القطن والصوف وغيرهما، ونهى عن لباس الشهرة، الذي يتمثل في لبس الصوف، أوالمرقع، أوالتميز باللون الأسود أوالأخضر، لأن ذلك أصبح شعاراً للرافضة والطرقية.

ولباس الشهرة وهو الرفيع جداً، أوالوضيع جداً، أوالمخالف لما تعارف عليه الناس، حكمه في أرجح قولي العلماء الحرمة، فليهنأ لابسه بمخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.

فالصوفية إذاً من العقائد المحدثة، وهي مأخوذة من الفكر الرافضي الشيعي، الذي مصدره اليهودية الحديثة، والفلسفات والديانات القديمة.

لم يرد لفظ "صوفي" أو"صوفية" لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا في أثر للصحابة الكرام ولا الأئمة الأعلام المقتدى بهم.

مم يتكون الفكر الصوفي أوالعقيدة الصوفية؟ وماهي مصادره؟

يتكون الفكر الصوفي والعقيدة الصوفية من الآتي:

أ‌. عقائد كفرية، نحو:

*

عقيدة الاتحاد والحلول والفناء.
*

جواز التوسل بالأنبياء والصالحين، الأحياء الغائبين والحاضرين منهم، والميتين.
*

اتخاذ الوسائط.
*

الغلو في الأنبياء والصالحين.
*

ادعاء أن بعض المشايخ تسقط عنهم التكاليف الشرعية.
*

اعتقاد البعض أن درجة الولاية أعلى من درجة النبوة، يقول محي الدين بن عربي:

مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي

*

أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بعد وفاته، ويحضر الحوليات والموالد.
*

أن الرسول صلى الله عليه وسلم خُلق من نور، وأن الأنبياء من لدن آدم خلقوا من نور محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
*

تقسيم العلم إلى علم شريعة وحقيقة، أوظاهر وباطن، وهو تقسيم لم ينزل الله به سلطاناً، ولا أثر عن أحد من الأعلام.
*

أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره كحياته قبل وفاته، وأنه يعلم الغيب.
*

أن الشيخ يحضر عن وفاة مريديه وفي القبر ويلقنهم الشهادتين:

هم حاضرين يا ليلى

مع الملكين يـا ليلى

و ملقنـين يـا ليلى

للكلمتـين يـا ليلى

إلى غير ذلك من العقائد الكفرية المخالفة للشريعة المحمدية، فهذه مجرد أمثلة، ويمكن الرجوع إلى مصادرهم "فصوص الحكم" و"الفتوحات المكية" لابن عربي، و"طبقات الشعراني"، و"طبقات ود ضيف الله"، وغيرها؛ ونحن نعلم أن ليس كل صوفي يعرف هذه العقائد أويدين بها، لكن جل المشايخ يعلمونها ويعتقدونها.

ب. السماع الصوفي

من المخالفات الواضحة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عند الصوفية السماع الصوفي، وهوعبارة عن قصائد مليئة بالشركيات والغلو في الرسول والمشايخ، وملحنة ومصحوبة بالآلات الموسيقية.

وهناك فرق بينها وبين إنشاد القصائد الزهدية الخالية من الشركيات والغلو والتلحين والآلات الموسيقية نحو الطبل "النوبة".

وحتى هذا فقد كرهه الإمامان الكبيران الشافعي وأحمد وغيرهما، فقال الشافعي وهو يتحدث عما خلفه ببغداد: "التغبير أحدثه بعض الزنادقة ليصدوا به الناس عن كتاب الله"، وكان الإمام أحمد ينهى أتباعه عن سماع ذلك عندما أحدثه الحارث المحاسبي.

ج. الأوراد والأذكار البدعية

كذلك من مخالفات الصوفية الأوراد والأذكار البدعية التي ألفها بعض المشايخ لأتباعهم، فما من طريقة إلا ولها أوراد خاصة بها تلزم بها أتباعها ومريديها، وفيما صح عن نبينا غنى وكفاية عما أحدثه المُحْدِثون قديماً وحديثاً، فمن لم يسعه ما وسع محمداً وصحبه والتابعين لهم بإحسان فلا وسَّع الله عليه.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو جويرية
أبو جويرية
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 12-04-2007
  • الدولة : في قلب الجزائر
  • المشاركات : 1,825
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أبو جويرية is on a distinguished road
الصورة الرمزية أبو جويرية
أبو جويرية
شروقي
رد: حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين (للشيخ صالح الفوزان حفظه ا
01-05-2007, 03:54 PM
مصادر التلقي عند الصوفية

ونعني بذلك مصادر هذه العقائد المنحرفة، والأذكار، والسماع الصوفي البدعي المحدث، يعتمد الصوفية في ذلك على الآتي:

1. الأحاديث الموضوعة والضعيفة جداً.

2. الرؤى، منامية أويقظة، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمشايخهم.

3. الهواتف الشيطانية.

4. الذوق.

5. الحكايات المكذوبة، وادعاء الكرامات المزعومة المنسوبة لبعض مشايخهم.

هل هناك علاقة بين التقلل من الدنيا، والزهد، والإكثار من ذكر الله، وبين الصوفية؟

من الخلط الواضح والتلبيس الفاضح نسبة الزهد في الدنيا، والتقلل من نعيمها ومباحاتها، وعدم الاشتغال بها، والإكثار من ذكر الله عز وجل بالاذكار المشروعة إلى الصوفية، وعدم إضافة ذلك إلى الإسلام، وهذا أكبر بهتان وأعظم افتراء، سواء كان خلطاً متعمداً مقصوداً أونتيجة جهل.

إذ رسولنا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام كانوا أئمة الزهاد والمتوكلين، ومطلقين للدنيا وزخارفها الفانية، وكانوا أخشى عباد الله وأتقاهم.

فلماذا ينسب هذا إلى الصوفية زوراً وبهتاناً ويسحب من شريعة المنزل عليه القرآن؟ وهو القائل: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"، والقائل: "والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"، وكان يمر الشهر والشهران والثلاثة ولا توقد في بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار لصنع طعام، وعندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتسألن يومئذ عن النعيم"، قال له أصحابه: عن أي نعيم نُسأل؟ إنما هما الأسودان التمر والماء، وسيوفنا على أكتافنا، والعدو أمامنا؛ قال: "لتسألن عن الأسودين"، والمراد سؤال تعداد النعم.

كل هذا نتج من اللبس المتعمد والتضليل المقصود لمرادفة الصوفية وهي من البدع المحدثة للحنيفية السمحة والمحجة البيضاء.

الذي ندين الله به ونلقاه عليه أن الإسلام بريء من الصوفية براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وأن الصوفية شرع جديد يشمل بعض ما جاء به الإسلام وكثير من النواقض والمبطلات له، هذا بجانب البدع المحدثات، والمخالفات الواضحات، فالمرء قد يكون فيه شيء من الإيمان وأشياء من الكفر، كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: "إنك امرؤ فيك جاهلية"، فقط لقوله لأحد الصحابة: يا ابن السوداء.

أما من اعتقد أن الصوفية أفضل من الإسلام وأعلى منزلة ودرجة منه فليجدد إسلامه.

هل هناك صوفية معتدلة وأخرى منحرفة؟

لا شك أن الصوفية ليسوا كلهم سواء، وأنهم متفاوتون قديماً وحديثاً، وأنه من الظلـم نسبة الجنيـد والفضيل بن عياض وأضرابهما من العباد والزهاد والأئمة الأخيار وقرنهم تحت اسم واحد وهو الصوفية مع الحلاج، وابن عربي، وابن سبعين، وابن الفارض، وغيرهم.

فالأوائل من أئمة المسلمين وإن صدرت منهم بعض المخالفات، وإن نسبوا إلى الصوفية، والأواخر أقرب إلى الزندقة منهم إلى الإسلام، ولذلك من الظلم نسبة الأوائل إلى الصوفية وإن صدرت من بعض الأكابر، فالصوفية معتدلهم وغاليهم من أهل البدع وإن تفاوتوا في الدرجات.

ولا يرد على هذا ما أثر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تقسيم الصوفية إلى ثلاث مراحل فهو وصف لحالهم، ولم يرد إقرار الأوائل منهم.

هل يجوز لأحد أن ينتسب إلى طريقة صوفية؟

لا يحل لأحد أن يرضى بغير الإسلام اسماً وبديلاً، خاصة المصطلحات التي لها ظلال، ولا نعني بذلك الانتساب إلى المذاهب السنية الأربعة، ولا الانتساب إلى أهل السنة والجماعة، لأنها لا ظلال لها كالانتساب إلى طريقة صوفية، أوإلى فرقة عقدية، أوحزب أوجماعة يخالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في الاعتقاد والتصور والسلوك.

ونحن لا نشك أن الداخل في بعض هذه الطرق قد يستفيد بترك بعض المعاصي وبتحسين سلوكه، لكن ما يفقده بانضمامه إلى تلك الطرق أضعاف أضعاف ما يكسبه منها، فدرء المفاسد مقدم على جلب المنافع.

ومن أخطر ما يصيب المنتمي لهذه الطرق فساد العقيدة والتعصب المقيت لها، وكونه يصبح إمعة، لأن من شروط الانتساب لهذه الطرق أن يكون مع الشيخ كالميت بين يدي مغسله، ويقولون له: لا تعترض فتطرد؛ ويا فوز المطرودين ويا ندامة الباقين على هذه الحال، حيث قرر رسولنا الكريم أن الطاعة لا تكون إلا في المعروف.

والطاعة في الإسلام للعلماء العاملين بعلمهم، ولولاة الأمر المؤتمرين بأمر العلماء، أما مشايخ الطرق وجلهم نالوا ذلك بالتوارث، ولا اهتمام لهم بالعلم، فلا تجب طاعتهم، ولا يحل لأحد أن يسألهم، حيث أمرنا بسؤال أهل الذكر وهم العلماء: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".

هذا مع يقيننا بأهمية المشيخة والتتلمذ على المشايخ العلماء لنيل العلم الشرعي، فالعلم بالتعلم وليس بالتلقين كما يزعم الصوفية، ولا يرد على ذلك أن يبارك الله في فهم وعلم الإنسان: "واتقوا الله ويعلمكم الله"، وحاجة المرء إلى تزكية النفس والسمو بها لا تقل عن حاجته إلى العلم الشرعي، ولذلك قال ابن وهب: ما تعلمته من أدب مالك أضعاف ما تعلمته من علمه؛ ولذات السبب قال مالك وغيره: إن هذا العلم دين فانظروا ممن تأخذون دينكم.

أما بالنسبة للمشايخ الطرقية فهم لا يشتغلون بالعلم، وعمدتهم ما قاله الشبلي وغيره: إذا جاءوني بعلم الورق بذلت لهم علم الخِرَق!!

وقد طلق كثير ممن دخل في التصوف العلم الشرعي، منهم على سبيل المثال حمد النَّحلان، كما حكى ود ضيف الله عنه، فقد طلق الفقه ثلاثاً، وهذا أول رغبات الشيطان ومتطلباته من أوليائه حتى يلقي في عقولهم ما يشاء.

وكان بعض المشايخ السابقين عندهم شيء من الزهد والتقلل من الدنيا، أما الأحفاد والأبناء فقد زاحموا أهل الدنيا وبزوهم في ذلك، ورحم الله الشيخ العبيد ود بدر حين قال: "أنا وأحمد ولدي فقراء ومساكين، والبعدنا أمراء وسلاطين، والبعدهم عكليتة2 ود الأمين"، أوكما قال، وقد غشانا الزمن الذي تنبأ به الشيخ ود العبيد، فالواجب الفرار منهم كالفرار من الأسد.

الأسباب الشرعية التي تحرم الانتساب إلى الطرق الصوفية

الأسباب التي تنهى المسلم عن الانتساب إلى الطرق الصوفية خاصة، والمخالفة للإسلام من الأحزاب العلمانية وغيرها عامة ما يأتي:

1. المخالفات العقدية والبدع التي ذكرنا طرفاً منها.

2. عدم الاشتغال بالعلم الشرعي والاستعاضة عن ذلك بالحكايات المكذوبة والكرامات المختلقة.

3. الصوفية في العقيدة مرجئة، ولذلك فهم لا يشتغلون بـ:

*

الجهاد في سبيل الله، بل بعضهم كان عوناً ولا يزال للغزاة والمستعمرين في الجزائر وغيرها، وعندما غزى التتار بلاد الشام قال أحد الطرقية مطمئناً الناس ومثبطاً لهم عن الجهاد:

يا خائفين من التتار لوذوا بقبـر أبي عمر

لوذوا بقبر أبي عمر ينجيكـم من الخطـر

فقال له شيخ الإسلام ومفتي الأنام: لو كان أبوعمر حياً واقفاً معنا ما استطعنا أن نفعل شيئاً ونحن في هذه الحال من فساد العقيدة وعدم الأخذ بالأسباب؛ ثم سعى هو وتلاميذه لتجميع الناس وتدريبهم وحضهم على القتال، مما كان له الفضل بعد الله في رد الغزاة ودحرهم.

*

عدم الاشتغال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
*

التواكل والبطالة، ولهذا قال الإمام الشافعي: "أسس التصوف على الكسل".

4. الخوف من الممارسات الشركية المحبطة للأعمال والمخلدة لصاحبها في النار.

5. منافقة الصوفية للسلطان، كافراً كان أم مسلماً، وقد مردوا على ذلك وتفننوا فيه.

6. عدم الاشتغال بالدعوة إلى الله على بصيرة، ولا يرد على ذلك ما قام به بعض التجار من الصوفية ومن غيرهم.

7. عدم السعي لتحكيم شرع الله، بل من العوامل الرئيسة المساعدة في سقوط الخلافة العثمانية دخول بعض الخلفاء والأعيان في الطريقة النخشبندية وغيرها، وانشغالهم بها عن الجهاد.

لا يرد على ذلك بعض الشذوذ، فالحكم للغالب.

8. الصوفية عامل مخدر للشعوب الإسلامية، "فليس في الإمكان خير مما كان"، "والله يولي من يصلح" هذه شعاراتهم.

ولهذا عندما سئل الشيخ الإمام المالكي أبوبكر الفهري الطرطوشي عن جماعة من الصوفية يحضرون شيئاً من الطعام والشراب يأكلونه ويشربونه ثم يقومون إلى الرقص والتواجد حتى يقع أحدهم مغشياً عليه، وهي الحال العامة لجميع الطرقية، خاصة في الأعياد، وحوليات المشايخ، وليالي الاثنين والجمعة، هل الجلوس معهم جائز؟

فقال: افهم وفقك الله أن مذهب الصوفية ضلالة، وجهالة، وبطالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلاً جسداً له خوار، قاموا يرقصون حواليه وتواجدون، فهو دين الكفار وعبَّاد العجل، وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى، وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وكأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوابه3 أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم، هذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة المسلمين، وبالله التوفيق.4

وقد ذكروا له من قولهم:

يا شيخ كف عن الذنوب قبل التفـرق و الـزلل

واعمل لنفسك صالحـاً مـا دام ينفعك العمـل

أما الشبـاب فقد مضى ومشيب رأسك قد نزل

9. الصوفية عامل من عوامل الفرقة والتشتت للأمة.

10. الصوفية حائل منيع وكثيف عن الوصول إلى الدين الخالص الذي جاء به الحبيب المصطفى والنبي المجتبى.

11. الصوفية عامل من عوامل إماتة السنن وإحياء البدع، فكم من سنة أماتوها وأضاعوها، وكم من بدعة أحيوها ونشروها وجادلوا عنها؟ والبدع كلها ضلال بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم: "كل بدعة ضلالة"، من غير استثناء، فمن استحسن بدعة فبسبب هواه، أما المصالح المرسلة فلا علاقة لها بالبدع البتة.

قد يقول قائل: لماذا لم تذكر محاسنهم، أليس لهم محاسن؟ هذا من باب لزوم ما لا يلزم، لأنه إذا كانت المحاسن – إن وجدت – مغمورة بسيل من المفاسد والمضار فما فائدة ذكرها، بل لا حسنة واحدة مع فساد العقائد، ومخالفة السنة، وانتشار البدع.

الخلاصة

أولاً: أن الصوفية من البدع الحادثة المخالفة للإسلام في عقائده، وشرائعه، وأذكاره، وأوراده.

ثانياً: الصوفية شرع جديد مغاير لما جاء به البشير النذير.

ثالثاً: لا علاقة البتة بين الزهد والتقلل من الدنيا والإكثار من ذكر الله وبين الصوفية، وكون بعض الصوفية رفعوا هذه الشعارات ومارسوا بعضها لا ينقلها ذلك من الإسلام إلى الصوفية.

رابعاً: إن الدين عند الله الإسلام، وهو سمانا المسلمين، فعلينا أن لا نختار لقباً غير ذلك.

خامساً: ما عند الصوفية من معتدلين وغلاة لا يقره الإسلام ولا يرضاه.

سادساً: لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينسب رسول هذه الأمة أوأحد الصحابة أوالتابعين لهم بإحسان إلى الصوفية، وإلا فقد أعظم على الله الفرية، وليعلم أنه سيحاسب على ذلك حساباً عسيراً.

وأخيراً أسأل الله أن يرينا وجميع إخواننا المسلمين الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ويعافينا من التعصب للآباء والأجداد، وأن يعيننا على قبول الحق والأخذ به، ولو جاءنا من منافق أوكافر، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه.

وأقول لمن أراد المناظرة في ذلك – مع تمنينا أن يجري الله الحق على لسان مناظرينا- أننا مستعدون لذلك بهذه الشروط، وهي:

1. الالتزام بالأدلة من القرآن، وصحيح السنة، وإجماع الأمة.

2. أن يكون هناك حَكَم من علماء أهل السنة والجماعة.

3. أن لا تكون بين العامة.

4. أن تختم بمباهلة علنية إن لم يرجع المناظر.

فمن رضي بهذه الشروط فحيهلا على المناظرة، وإلا فلا، ونقول كما قال ربنا سبحانه وتعالى: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أوفي ضلال مبين".

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين

كتبه الأمين الحاج محمد
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
إرشاد العقلاء... أين الله ؟
( التعريف بابن تيمية الحراني وانحرافه عن منهج السلف )
الإمام أبو حامد الغزالي
الساعة الآن 03:45 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى