تابع : العنف في المؤسسة التربوية/ الجزء الثاني
11-09-2015, 10:02 PM
العنف في المؤسسة التربوية ( الفصل الثاني) :
تحديد التصرف العنيف : يُعد تصرفا عنيفا كل سلوك يقوم به التلميذ خالٍ من الحياء و الاحترام ، و يمس بالكرامة الانسانية ، تجاه كل أحد من الجماعة التربوية ؛سواء بالاعتداء اللفظي أو البدني ، أو بمجرد الإيحاء و الاشارة ؛ و ما عدا ذلك فهي مجرد مخالفات للنظام الداخلي للمؤسسة.
كيف نعالج العنف في المؤسسة ؟ سؤال ينبغي على كل أعضاء الأسرة التربوية أن يطرحوه على أنفسهم بإلحاح شديد .لأن الأمر يهم الجميع في القطاع ، و استئصال هذا الورم من المدرسة مسؤوليتهم -هم- قبل غيرهم ، بصفتهم بُناة رجال مستقبل الأمة ، و إن مجرد التفكير في الظاهرة ، يعتبر بداية لعلاجها ، و لكل عمل بداية ، و لكل بداية نهاية . أما بقاؤنا متفرجين عليها ، مكتفين بالروايةأو بالتنديد أحيانا ، فهذا أكاد أعتبره تدعيما و لو غير مباشر و لا مقصود لتفاقم الظاهرة و اتساعها في الميدان .
و أردت من هذا القول إن العملية تتطلب تعاون الجميع من تربويين و إداريين ، و على كل مستوى ، و ليست القضية مستعصية الحل ، أمام الارادة الصادقة و الصلبة ، خاصة و أن اسبابها معروفة ، و لا ينبغي رمي المسؤولية على جهة دون أخرى ،فهذا تهرب من تحمل المسؤولية و تخاذل في الموقف ،كما لا ينبغي التساهل مع هذه الظاهرة بالتفسيرات السياسية و المواقف الديماغوجية ،فهذا استغلال لها في مآرب غير بريئة ،كما لا ينبغي استصغار أمرها و التهوين منه ، فهذا كذلك جهل بأخطارها و عدم إدرااك لحقيقتها وتاثيراتها التربوية و الاجتماعية .
و إن العلاج يكمن في تتبع اسبابها بالدراسة و التحليل ، سببا بسبب ،ثم تقديم الحلول المناسبة ، و تصحيح الأخطاء في الميدان ، عمليا ، و هذا ما سأتناوله فيما يأتي بإذن الله .
علاج السباب الخارجية : و يمكن حصرها في دعامتين اساسيتين ، تغنيان عن كل الوسائل العلاجية الأخرى ، و هما [الأسرة] و [الإعلام] ،لما لهما من نفوذ و تاثير في المجتمع بكل شرائحه و فئاته :
أولا : الأسرة : هي المحطة الأولى التي يتلقى فيها الطفل مبادئ التربية ، و منها يبدأ العلاج ،إذ ينبغي على الدولة التكفل بها و مساعدتها على تربية و تنشئة أطفالها ،عن طريق التكوين و التوجيه للآباء ، بالطرق العلمية و التربوية الصحيحة ، و منع تلك التربية العشوائية للنشء ، أجيال المستقبل ، و الذين إن لم تصلح تربيتهم ستدفع الأمة كلها الثمن مستقبلا ، بما ينجر عنهم من سلوكيات غير سوية . و من هنا يجب على الدولة تحميل السر مسؤولياتها و محاسبتها قانونيا ، تماما كما يحاسب المعلم على مردوده في المدرسة ، و هذا يستلزم سن قوانين خاصة ملزمة للأسرة بواجباتها التربوية للأبناء .
و إن الاهتمام بالأسرة و مرافقتها في تربية أطفالها أمر بالغ الأهمية في مواجهة ، ليس العنف وحده ، و إنما في مواجهة كل الآفات الاجتماعية ، و كل ولد يكتسب مبادئ تربيته من والديه .
و ينبغي أن يكون تدخل الدولة في مساعدة السرة و الأخذ بيدها بواسطة الخبراء و الاختصاصيين من المربين و العلماء النفسانيين و الشرعيين ، و كذا استغلال مراكز التكوين المهني و المساجد و و الاعلام ، و كل ما له صلة بالموضوع من المؤسسات العمومية .
ثانيا : التعليم التحضيري : و المحطة الأولى في امتداد السرة بالمحيط الخارجي للطفل ، و يعتبر في نفس الوقت أو مرحلة في المسار التربوي و التعليمي للأطفال بعد خروجهم من حضن البيت ، كما يمكن لدور رياض الأطفال التكفل بهذه المهمة ، بما لديهم من إمكانيات بشرية خاصة ، و دورهم مهم جدا في هذه المرحلة من عمر الطفل ، إذ تكون لها الفرصة في توجيه ميولات الطفل و تحسين سلوكه بإكسابه عادات و قيم خلقية نبيلة ، و إعطائهم تربية متماشية مع القيم الاجتماعية العامة في البلاد ، خاصة الايثار و التعاون و مساعدة الضعيف و الشيخ ، و احترام الغير و ممتلكاته إلخ ...و يوفر هذا المجال لأولئك الأطفال الذين لم يسعفهم الحظ على تلقي هذه التربية في اسرهم ، أن يتعلموها في هذه المؤسسات التربوية (الرياض و التعليم التحضيري) .
الإعــلام : و هو أكثر الوسائل و أنجعها في التوعية و التحسيس ، و بإمكانه تغطية كل هذا المجال التربوي ،بما لديه من قوة في الاتصال و التواصل مع المجتمع ، وطرق تعامله مع السر في منتهى السهولة ، و بأقل التكاليف ، على أـن يكون إعلاما تربويا و توجيهيا ، بعيدا عن كل الأغرالض الأخرى ، سياسية كانت أو تجارية .. و لابد للدولة من متابعته و مراقبة برامجه و العمل على توجيهها في الاطار المحدد للتربية و التنشئة الاجتماعية للأجيال .
و الاعلام أداة فعالة في محاربة الرذيلة و الانحلال الخلقي ، الذي نراه يتفشى بقوة و بسرعم مخيفة في المجتمع ، و هي العوامل الرئيسية في ظهور العنف بكل اشكاله ، بل و هو عامل هادم للأمن و الاستقرار في حياة المواطن .
علاج الأسباب الداخلية : و هي كلها موجودة داخل المؤسسة التربوية ، و علاجها من مسؤوليتها بالدرجة الأولى ، حتى و لو كانت نتيجة عوامل خارجية ، لأن مهمة المدرسة هي تقويم الاعوجاج و تصحيح الخطأ في تلاميذها ، و ليست مهمتها تعليمية صرفة ، إنها تقدم التعليم و التربية في آن واحد و بكل المراحل التربوية ، من الابتدائي إلى الثانوي . و من هنا كان حقها على الدولة كبيرا في امدادها بكل الامكانيات المادية و البشرية و المالية ، تمكينا لها برسالتها الخطيرة هذه ، لأن المدرسة تطبق سياسة الأمة التربوية .
إضافة إلى حقها على المجتمع ككل في مساعدتها ، بمختلف الوسائل ، و المتمثل خاصة في جمعيات أولياء التلاميذ .
و يكون دور المدرسة هنا تجنيد كل هياكلها و إطاراتها للتصدي لظاهرة العنف ، من اساتذة و معلمين و إداريين و تلاميذ و أولياء .
معاملة التلاميذ :رأينا فيما سبق كيف تكون المعاملة السيئة سببا من أسباب العنف ، سواء من التلاميذ أو من غيرهم ، و هي ردود فعل طبيعية للمعَـنَّفين ، لذا يجب التزام السلوب التربوي السليم في كل المعاملات ، و من الجميع ، إذ ينبغي على التلاميذ كذلك انتهاجه تجاه الآخرين ، و هو الأسلوب الذي يحفظ للجميع كرامته و يبعده عن الرد العنيف ، و يكون للنظام الداخلي (القانون) هنا دوره الحازم في ضبط السلوكايات و التصرفات داخل حرم المؤسسة ، و الجميع ملزم به ، من أعلى هرم السلطة(المدير) إلى أبسط عضو فيها .
و لانجاح هذه العملية لابد من القيام بعملية تحسيس واسعة ، تشمل الجميع ، خاصة الطاقم التربوي و التلاميذ ، حتى يتعرف كل طرف على واجباته و حقوقه ، و يعرف حدوده ، و تكون هذه العملية هي التحضير الجيد لكل الجماعة التربوية بتقبل كل الاجراءات المتخذة في محاربة العنف بالمؤسسة .
و يمكن انجاز هذه الحملة عن طريق الندوات و اللقاءات الداخلية ، بين التلاميذ و الأساتذة و بإشراك الأولياء ، و يلعب مستشار التوجيه المدرسي هنا دوره الممتاز في اتصالات خاصة و مباشرة بالتلاميذ ، سواء في اقسامهم أوبحمعهم في لقاءات عامة بالمؤسسة . كما يمكن للساتذة اقتطاع 10 دقائق على الأكثر في بعض الحصص للتذكير بالقرارات المتخذة في محاربة العنف ، و التوجيه ، و التصحيح لكل الأخطاء السلوكية ، حتى ترسخ في أذهان التلاميذ .
ملاحظة : و ينبغي ألآ تكون الحملة التحسيسية ظرفية ، ثم تتوقف ، بل يجب أن تتجدد طيلة السنة ، حتى يتاثر بها الكل ، و لا تفتر أو تضعف حركية الواجهة للعنف في المدرسة .
و للطاقم الاداري ، خاصة المدير المجال الواسع في لقاءاته باعضاء الجماعة التربوية ، للتذكير و التبليغ بما يتخذ من اجراءات و ما يطلب من الأساتذة على الخصوص ، في دعم العملية و العمل على إنجاحها في وسط التلاميذ . مع التركيز خاصة على حسن المعاملة و تجنب الاصطدام ، سواء بالتلاميذ أو بالعمال أو حتى فيما بين الأساتذة .
و نذكر هنا أن اسلوب المربين هو الابتعاد عن استعمال الألفاظ الجارحة و التقريع و اللوم الجهري أمام الناس ، فإن كل ذلك من اسباب الاثارة و الغضب و بالتالي العنف .( كاد المعلم أن يكون رسولا) .
الحوار و العدالة : يكون ضعف الحوار سببا رئيسيا في تولد التشنج و التمرد على النظام الداخلي للمؤسسة ، الذي يتحول فيما بعد إلى تصرفات عنيفة ، فما بالك بانعدامه بين التلاميذ و اساتذتهم أو مؤطريهم الاداريين ؟
إن رفض التعاطي مع التلاميذ بطرق الحوار السليمة ، و التي تحترم فيها المنازل السلمية ، لا يتماشى مع طبيعة أهل التربية و التعليم ، لأن الحوار هو الوسيلة الرئيسية المعتمدة في التدريس ؛ و لكن نقصد بالحوار تلك الوسيلة التواصلية ، التي لا يكون فيها تجاوز لحدود الاحترام و الانضباط ، من التلاميذ على اساتذتهم و و على المسيرين الاداريين .
و بالأسلوب الحواري في التعامل مع التلاميذ ، تربية لهم على قبول الرأي الآخر ، و احترامه ، و هو اسلوب تعليمي يحافظ على الاختلاف الايجابي المؤسس على أطر صحيحة ، يزيد من توسيع دائرة ثقافة التنوع و الابداع الفكري ، و تحقيق التعايش بين مختلف التيارات و الأفكار البناءة ، و ينبذ التفرقة و احتكار الكلمة . كما أننا بأسلوب الحوار نتعلم تمحيص الأفكار و نقدها نقدا بناء ، و بهذه الطريقة نمنع التصادم ، و نقلل من الخطأ في الأحكام على كل شيء .
و لنا في طرق التدريس العبرة ، إذ أن خير الطرق المعتمدة في التدريس هي الطريقة الحوارية ، التي تُشرك كل التلاميذ في المناقشة و في إبداء الرأي حول موضوع الدرس ، و تخلق نشاطا ممتعا ، و تقرب بين المتحاورين في استخلاص الأحكام في النهاية ،مع إثراء الأفكار ، و تصحيحها ، عكس أسلوب التلقين و الإملاء الممل و الدافع إلى النفور .
إن انتهاج الحوار كأسلوب في المؤسسة بين الجميع ، يمنع الاحتقان ، الذي ينتهي دائما بانفجار العنف .
و المدير الكفء ، أو الأستاذ الكفء ، لا يرفض الحوار ، و لا يسمح لنفسه بممارسة الضغط و احتكار الرأي ، دون غيره . و تعلمنا في الميدان أن المحاوِر يحظى باحترام اكثر من غيره ، سواء كان مسيرا أو مدرسا ، يحبه الجميع و يثقون فيه ، و يطيعونه .
النظــام الداخلي للمؤسسة : لا يمكن لأية مؤسسة أن تسير بدون نظام داخلي ينظم و يضبط أعمالها ، خاصة المؤسسة التربوية ، التي تعاملها مع البشر بنسبة مائة بالمائة ، مع اختلاف الأعمار و الميولات و الفيئات الاجتماعية ، و هذا النظام هو الآلية الجيدة و المعول عليها في إيجاد الانضباط و الاستقرار و التحكم في كل الأعمال داخل المؤسسة .
لذلك لا ينبغي أن يتحول هذا النظام إلى أحد اسباب العنف و التوتر داخل المؤسسة ، و لابد من تطبيقه بحكمة و مرونة ، حتى يستوعب كل الحالات ، و يتحكم في كل الظروف ، فلا يكون سيفا نسلطه على التلاميذ ، حتى يشعروا بالقهر و فقدان الحقوق و الحريات ، و لا يكون مائعا ،حتى يفقد مفعوله و سلطته ، و هنا تلعب حكمة الطاقم المسير دورها التربوي في تسيير المؤسسة ، بالاجتهاد في وضع نظام داخلي مناسب لخصوصية المؤسسة ، بحيث يلبي لها حاجياتها النظامية ، دون إغفال ظروف التلاميذ الاستثنائية ، و لذا نجد أن الوزارة اكتفت بوضع الخطوط العريضة لهذا النظام ، التي تشترك فيها كل المؤسسات على المستوى الوطني ، تاركا هامشا واسعا لكل جهة ، بل لكل مؤسسة لتضع ما يناسبها من مواد قانونية ، تنظم سيرها العادي ، شريطة عدم الاخلال بالنظام العام للقطاع ، و عدم المساس بحقوق التلاميذ .
و على المؤسسة بنشر هذا النظام في المؤسسة و تبليغه للأولياء ، حتى يكون ناجعا ، لأن نظاما مجهولا لا يمكن تطبيقه ، و لا تتحقق منه الغاية التي نصبو إليها من ورائه . و لا نكتفي بالنشر و الاعلان ، و لكن لابد من تجسيده في الميدان بالتزام مواده بكل عدالة ، و حكمة تربوية ، لأن المؤسسة لا هي ثكنة عسكرية ، و لا هي محكمة رادعة .
و نذكر هنا بأنه لا ينبغي استعمال الإجراءات التأديبية كسيف الحجاج ، للزجر و العقاب ، بل أن يكون الاستعمال تأديبيا تربويا ، طبقا لاسم المجلس نفسه( مجلس التأديب) . كما ينصح بعدم اللجوء إلى مجلس التأديب إلا للضرورة القصوى ، بعد فشل كل الاجراءات و المحاولات التوجيهية التربوية ، و في استعمال الاجراءات التأديبية ، يجب تطبيق القانون بكل جدية ، حتى نحفظ للمجلس هيبته ، لأننا لم نعقد المجلس إلا مضطرين ، و ينبغي أن يُبلغ هذا الانشغال للتلاميذ المعنيين و أوليائهم ، مذكرين إياهم بكل الاجراءات المتخذم من قبل حتى نتفادى مجلس التأديب ، حتى يكون لهم الاستعداد بتحمل و قبول قرارات المجلس ، و حتى لا يشعروا أنهم في محكمة تعاقب و تردع .
- و من أساليب الليونة في النظام الداخلي ، عدم حرمان التلاميذ المتغيبين عن الاختبارات من المشاركة فيها ، بحيث نعطيهم الفرصة لاستدراكها ، دون تمييزهم لا بالسهولة و لا بالصعوبة في الاختبار . و الحديث عن الغيابات ، يجرنا إلى التذكير بدور الاستشارة العامة( المراقبة العامة) في طريقة تعاملها مع هذه الظاهرة (التأخرات و الغيابات) بحكمة و عدالة ، فلا تشدد على كل التلاميذ بنفس الدرجة ، لأن هناك تلاميذ لهم ظروف خاصة ، و قاهرة ، علينا أن نتفهمها ، دون تعويدهم على سوء المواظبة . كما ينبغي التزام إجراءات أخف في مناسبات الاختبارات و اثناء الاضطرابات المناخية و في كل الظروف غير العادية ...و أهم وسيلة نكسب بها التلاميذ ، و ندفعهم إلى تحسين مواظبتهم ، و الرضا بما نتخذه من قرارات في حقهم ، العدل بينهم ن و مساواتهم أمام القانون . و الميدان واسع للمبادرات في النظام الداخلي ، المناسب لكل مؤسسة .
الحالات النفسية الخاضة : و نقصد بها أولئك التلاميذ الذين يعانون من حالات نفسية معينة كالخجل المفرط و الكبت و الانطواء و غيرها من العقد النفسية ، و خير متكفل بهذه الحالات مستشار التوجيه المدرسي ، كما يمكن مساعدته باساتذة الرياضة و النشاط الثقافي و الفني ، لما يتمتعون به من انفتاح على التلاميذ و حسن اندماج معهم ،خاصة من خلال طبيعة مادة التربية البدنية ، التي فيها العلاج لكل المكبوتات .
و رعاية هذه الفئة من التلاميذ لازمة ، و لو تطلب الأمر الاستعانة بأوليائهم و بالخبراء النفسانيين( بعد استشارة أوليائهم) .
الاختلاط: يشكل الاختلاط أكبر اسباب العنف في المؤسسة التربوية ، خاصة بالطور الثانوي ، و بدرجة أقل المتوسط ، لأن التلاميذ هنا يمرون بفترة المراهقة ، المرحلة الحاسمة و الصعبة في حياتهم ، يكثر فيه الاضطراب النفسي نتيجة الخيال الطافح ، و الهيجان العاطفي ، و صعوبة التاقلم مع الواقع عند أكثرهم .
كل هذا يشكل بيئة مناسبة لظهور العنف ، و يصعب من مهمة المؤسسة في التحكم في نظام سيرها العادي ، و قد يتعرض بعض التلاميذ ، من الجنسين إلى الضرر من زملائهم ، و تجد المؤسسة نفسها عاجزة عن متابعة كل السلوكات و التصرفات ، و ربما يتاثر النظام كله داخل المؤسسة ، و يصل إلى التاثير على تحصيل التلاميذ ، و آداء المؤسسة . لذا فالتركيز على التنسيق الدائم مع الأولياء ضروري ، خاصة في الثانوي . وللأساتذة دور اساسي ، من خلال ما يقومون به من توعية و توجيه للتلاميذ ، كإجراءات وقائية من الوقوع في تصرفات سلبية ، و خير علاج لهذه الظاهرة ، عزل الذكور عن الإناث ، باعتماد مؤسسات للبنات و أخرى للذكور .
الخاتمة : إذن فالظاهرة ذاتن أسباب داخلية و خارجية ،و مواجهتها مهمة الجميع ، داخل قطاع التربية و خارجه ، أي هي مهمة المجتمع ككل .و لا ينبغي إلقاء العبء كله على المدرسة وحدها ، فإن لكل جهة نصيبها من المسؤولية ، و الأولياء أكثر الناس مسؤولية في الأمر ، تبدأ مهمتهم من البيت و تمتد معه حتى المدرسة ، و مسؤولية الدولة أُ/ّ المجتمع ، إيلاء الأمر ما يستحق من العناية ، خاصة بسن القوانين التي تضع كل طرف أمام مسؤولياته ، و لا ينبغي محاسبة المدرسة على أخطاء السرة أو ما افسده الاعلام و الجهات الأخرى .
و فرصة المجتمع متوفرة في المدرسة لعلاج هذه الآفة ، بالتعاون معها ، لا محاسبتها و جرجرتها إلى المحاكم ، بسبب نتائج سلوكات هي غير متسببة فيها .
تحديد التصرف العنيف : يُعد تصرفا عنيفا كل سلوك يقوم به التلميذ خالٍ من الحياء و الاحترام ، و يمس بالكرامة الانسانية ، تجاه كل أحد من الجماعة التربوية ؛سواء بالاعتداء اللفظي أو البدني ، أو بمجرد الإيحاء و الاشارة ؛ و ما عدا ذلك فهي مجرد مخالفات للنظام الداخلي للمؤسسة.
كيف نعالج العنف في المؤسسة ؟ سؤال ينبغي على كل أعضاء الأسرة التربوية أن يطرحوه على أنفسهم بإلحاح شديد .لأن الأمر يهم الجميع في القطاع ، و استئصال هذا الورم من المدرسة مسؤوليتهم -هم- قبل غيرهم ، بصفتهم بُناة رجال مستقبل الأمة ، و إن مجرد التفكير في الظاهرة ، يعتبر بداية لعلاجها ، و لكل عمل بداية ، و لكل بداية نهاية . أما بقاؤنا متفرجين عليها ، مكتفين بالروايةأو بالتنديد أحيانا ، فهذا أكاد أعتبره تدعيما و لو غير مباشر و لا مقصود لتفاقم الظاهرة و اتساعها في الميدان .
و أردت من هذا القول إن العملية تتطلب تعاون الجميع من تربويين و إداريين ، و على كل مستوى ، و ليست القضية مستعصية الحل ، أمام الارادة الصادقة و الصلبة ، خاصة و أن اسبابها معروفة ، و لا ينبغي رمي المسؤولية على جهة دون أخرى ،فهذا تهرب من تحمل المسؤولية و تخاذل في الموقف ،كما لا ينبغي التساهل مع هذه الظاهرة بالتفسيرات السياسية و المواقف الديماغوجية ،فهذا استغلال لها في مآرب غير بريئة ،كما لا ينبغي استصغار أمرها و التهوين منه ، فهذا كذلك جهل بأخطارها و عدم إدرااك لحقيقتها وتاثيراتها التربوية و الاجتماعية .
و إن العلاج يكمن في تتبع اسبابها بالدراسة و التحليل ، سببا بسبب ،ثم تقديم الحلول المناسبة ، و تصحيح الأخطاء في الميدان ، عمليا ، و هذا ما سأتناوله فيما يأتي بإذن الله .
علاج السباب الخارجية : و يمكن حصرها في دعامتين اساسيتين ، تغنيان عن كل الوسائل العلاجية الأخرى ، و هما [الأسرة] و [الإعلام] ،لما لهما من نفوذ و تاثير في المجتمع بكل شرائحه و فئاته :
أولا : الأسرة : هي المحطة الأولى التي يتلقى فيها الطفل مبادئ التربية ، و منها يبدأ العلاج ،إذ ينبغي على الدولة التكفل بها و مساعدتها على تربية و تنشئة أطفالها ،عن طريق التكوين و التوجيه للآباء ، بالطرق العلمية و التربوية الصحيحة ، و منع تلك التربية العشوائية للنشء ، أجيال المستقبل ، و الذين إن لم تصلح تربيتهم ستدفع الأمة كلها الثمن مستقبلا ، بما ينجر عنهم من سلوكيات غير سوية . و من هنا يجب على الدولة تحميل السر مسؤولياتها و محاسبتها قانونيا ، تماما كما يحاسب المعلم على مردوده في المدرسة ، و هذا يستلزم سن قوانين خاصة ملزمة للأسرة بواجباتها التربوية للأبناء .
و إن الاهتمام بالأسرة و مرافقتها في تربية أطفالها أمر بالغ الأهمية في مواجهة ، ليس العنف وحده ، و إنما في مواجهة كل الآفات الاجتماعية ، و كل ولد يكتسب مبادئ تربيته من والديه .
و ينبغي أن يكون تدخل الدولة في مساعدة السرة و الأخذ بيدها بواسطة الخبراء و الاختصاصيين من المربين و العلماء النفسانيين و الشرعيين ، و كذا استغلال مراكز التكوين المهني و المساجد و و الاعلام ، و كل ما له صلة بالموضوع من المؤسسات العمومية .
ثانيا : التعليم التحضيري : و المحطة الأولى في امتداد السرة بالمحيط الخارجي للطفل ، و يعتبر في نفس الوقت أو مرحلة في المسار التربوي و التعليمي للأطفال بعد خروجهم من حضن البيت ، كما يمكن لدور رياض الأطفال التكفل بهذه المهمة ، بما لديهم من إمكانيات بشرية خاصة ، و دورهم مهم جدا في هذه المرحلة من عمر الطفل ، إذ تكون لها الفرصة في توجيه ميولات الطفل و تحسين سلوكه بإكسابه عادات و قيم خلقية نبيلة ، و إعطائهم تربية متماشية مع القيم الاجتماعية العامة في البلاد ، خاصة الايثار و التعاون و مساعدة الضعيف و الشيخ ، و احترام الغير و ممتلكاته إلخ ...و يوفر هذا المجال لأولئك الأطفال الذين لم يسعفهم الحظ على تلقي هذه التربية في اسرهم ، أن يتعلموها في هذه المؤسسات التربوية (الرياض و التعليم التحضيري) .
الإعــلام : و هو أكثر الوسائل و أنجعها في التوعية و التحسيس ، و بإمكانه تغطية كل هذا المجال التربوي ،بما لديه من قوة في الاتصال و التواصل مع المجتمع ، وطرق تعامله مع السر في منتهى السهولة ، و بأقل التكاليف ، على أـن يكون إعلاما تربويا و توجيهيا ، بعيدا عن كل الأغرالض الأخرى ، سياسية كانت أو تجارية .. و لابد للدولة من متابعته و مراقبة برامجه و العمل على توجيهها في الاطار المحدد للتربية و التنشئة الاجتماعية للأجيال .
و الاعلام أداة فعالة في محاربة الرذيلة و الانحلال الخلقي ، الذي نراه يتفشى بقوة و بسرعم مخيفة في المجتمع ، و هي العوامل الرئيسية في ظهور العنف بكل اشكاله ، بل و هو عامل هادم للأمن و الاستقرار في حياة المواطن .
علاج الأسباب الداخلية : و هي كلها موجودة داخل المؤسسة التربوية ، و علاجها من مسؤوليتها بالدرجة الأولى ، حتى و لو كانت نتيجة عوامل خارجية ، لأن مهمة المدرسة هي تقويم الاعوجاج و تصحيح الخطأ في تلاميذها ، و ليست مهمتها تعليمية صرفة ، إنها تقدم التعليم و التربية في آن واحد و بكل المراحل التربوية ، من الابتدائي إلى الثانوي . و من هنا كان حقها على الدولة كبيرا في امدادها بكل الامكانيات المادية و البشرية و المالية ، تمكينا لها برسالتها الخطيرة هذه ، لأن المدرسة تطبق سياسة الأمة التربوية .
إضافة إلى حقها على المجتمع ككل في مساعدتها ، بمختلف الوسائل ، و المتمثل خاصة في جمعيات أولياء التلاميذ .
و يكون دور المدرسة هنا تجنيد كل هياكلها و إطاراتها للتصدي لظاهرة العنف ، من اساتذة و معلمين و إداريين و تلاميذ و أولياء .
معاملة التلاميذ :رأينا فيما سبق كيف تكون المعاملة السيئة سببا من أسباب العنف ، سواء من التلاميذ أو من غيرهم ، و هي ردود فعل طبيعية للمعَـنَّفين ، لذا يجب التزام السلوب التربوي السليم في كل المعاملات ، و من الجميع ، إذ ينبغي على التلاميذ كذلك انتهاجه تجاه الآخرين ، و هو الأسلوب الذي يحفظ للجميع كرامته و يبعده عن الرد العنيف ، و يكون للنظام الداخلي (القانون) هنا دوره الحازم في ضبط السلوكايات و التصرفات داخل حرم المؤسسة ، و الجميع ملزم به ، من أعلى هرم السلطة(المدير) إلى أبسط عضو فيها .
و لانجاح هذه العملية لابد من القيام بعملية تحسيس واسعة ، تشمل الجميع ، خاصة الطاقم التربوي و التلاميذ ، حتى يتعرف كل طرف على واجباته و حقوقه ، و يعرف حدوده ، و تكون هذه العملية هي التحضير الجيد لكل الجماعة التربوية بتقبل كل الاجراءات المتخذة في محاربة العنف بالمؤسسة .
و يمكن انجاز هذه الحملة عن طريق الندوات و اللقاءات الداخلية ، بين التلاميذ و الأساتذة و بإشراك الأولياء ، و يلعب مستشار التوجيه المدرسي هنا دوره الممتاز في اتصالات خاصة و مباشرة بالتلاميذ ، سواء في اقسامهم أوبحمعهم في لقاءات عامة بالمؤسسة . كما يمكن للساتذة اقتطاع 10 دقائق على الأكثر في بعض الحصص للتذكير بالقرارات المتخذة في محاربة العنف ، و التوجيه ، و التصحيح لكل الأخطاء السلوكية ، حتى ترسخ في أذهان التلاميذ .
ملاحظة : و ينبغي ألآ تكون الحملة التحسيسية ظرفية ، ثم تتوقف ، بل يجب أن تتجدد طيلة السنة ، حتى يتاثر بها الكل ، و لا تفتر أو تضعف حركية الواجهة للعنف في المدرسة .
و للطاقم الاداري ، خاصة المدير المجال الواسع في لقاءاته باعضاء الجماعة التربوية ، للتذكير و التبليغ بما يتخذ من اجراءات و ما يطلب من الأساتذة على الخصوص ، في دعم العملية و العمل على إنجاحها في وسط التلاميذ . مع التركيز خاصة على حسن المعاملة و تجنب الاصطدام ، سواء بالتلاميذ أو بالعمال أو حتى فيما بين الأساتذة .
و نذكر هنا أن اسلوب المربين هو الابتعاد عن استعمال الألفاظ الجارحة و التقريع و اللوم الجهري أمام الناس ، فإن كل ذلك من اسباب الاثارة و الغضب و بالتالي العنف .( كاد المعلم أن يكون رسولا) .
الحوار و العدالة : يكون ضعف الحوار سببا رئيسيا في تولد التشنج و التمرد على النظام الداخلي للمؤسسة ، الذي يتحول فيما بعد إلى تصرفات عنيفة ، فما بالك بانعدامه بين التلاميذ و اساتذتهم أو مؤطريهم الاداريين ؟
إن رفض التعاطي مع التلاميذ بطرق الحوار السليمة ، و التي تحترم فيها المنازل السلمية ، لا يتماشى مع طبيعة أهل التربية و التعليم ، لأن الحوار هو الوسيلة الرئيسية المعتمدة في التدريس ؛ و لكن نقصد بالحوار تلك الوسيلة التواصلية ، التي لا يكون فيها تجاوز لحدود الاحترام و الانضباط ، من التلاميذ على اساتذتهم و و على المسيرين الاداريين .
و بالأسلوب الحواري في التعامل مع التلاميذ ، تربية لهم على قبول الرأي الآخر ، و احترامه ، و هو اسلوب تعليمي يحافظ على الاختلاف الايجابي المؤسس على أطر صحيحة ، يزيد من توسيع دائرة ثقافة التنوع و الابداع الفكري ، و تحقيق التعايش بين مختلف التيارات و الأفكار البناءة ، و ينبذ التفرقة و احتكار الكلمة . كما أننا بأسلوب الحوار نتعلم تمحيص الأفكار و نقدها نقدا بناء ، و بهذه الطريقة نمنع التصادم ، و نقلل من الخطأ في الأحكام على كل شيء .
و لنا في طرق التدريس العبرة ، إذ أن خير الطرق المعتمدة في التدريس هي الطريقة الحوارية ، التي تُشرك كل التلاميذ في المناقشة و في إبداء الرأي حول موضوع الدرس ، و تخلق نشاطا ممتعا ، و تقرب بين المتحاورين في استخلاص الأحكام في النهاية ،مع إثراء الأفكار ، و تصحيحها ، عكس أسلوب التلقين و الإملاء الممل و الدافع إلى النفور .
إن انتهاج الحوار كأسلوب في المؤسسة بين الجميع ، يمنع الاحتقان ، الذي ينتهي دائما بانفجار العنف .
و المدير الكفء ، أو الأستاذ الكفء ، لا يرفض الحوار ، و لا يسمح لنفسه بممارسة الضغط و احتكار الرأي ، دون غيره . و تعلمنا في الميدان أن المحاوِر يحظى باحترام اكثر من غيره ، سواء كان مسيرا أو مدرسا ، يحبه الجميع و يثقون فيه ، و يطيعونه .
النظــام الداخلي للمؤسسة : لا يمكن لأية مؤسسة أن تسير بدون نظام داخلي ينظم و يضبط أعمالها ، خاصة المؤسسة التربوية ، التي تعاملها مع البشر بنسبة مائة بالمائة ، مع اختلاف الأعمار و الميولات و الفيئات الاجتماعية ، و هذا النظام هو الآلية الجيدة و المعول عليها في إيجاد الانضباط و الاستقرار و التحكم في كل الأعمال داخل المؤسسة .
لذلك لا ينبغي أن يتحول هذا النظام إلى أحد اسباب العنف و التوتر داخل المؤسسة ، و لابد من تطبيقه بحكمة و مرونة ، حتى يستوعب كل الحالات ، و يتحكم في كل الظروف ، فلا يكون سيفا نسلطه على التلاميذ ، حتى يشعروا بالقهر و فقدان الحقوق و الحريات ، و لا يكون مائعا ،حتى يفقد مفعوله و سلطته ، و هنا تلعب حكمة الطاقم المسير دورها التربوي في تسيير المؤسسة ، بالاجتهاد في وضع نظام داخلي مناسب لخصوصية المؤسسة ، بحيث يلبي لها حاجياتها النظامية ، دون إغفال ظروف التلاميذ الاستثنائية ، و لذا نجد أن الوزارة اكتفت بوضع الخطوط العريضة لهذا النظام ، التي تشترك فيها كل المؤسسات على المستوى الوطني ، تاركا هامشا واسعا لكل جهة ، بل لكل مؤسسة لتضع ما يناسبها من مواد قانونية ، تنظم سيرها العادي ، شريطة عدم الاخلال بالنظام العام للقطاع ، و عدم المساس بحقوق التلاميذ .
و على المؤسسة بنشر هذا النظام في المؤسسة و تبليغه للأولياء ، حتى يكون ناجعا ، لأن نظاما مجهولا لا يمكن تطبيقه ، و لا تتحقق منه الغاية التي نصبو إليها من ورائه . و لا نكتفي بالنشر و الاعلان ، و لكن لابد من تجسيده في الميدان بالتزام مواده بكل عدالة ، و حكمة تربوية ، لأن المؤسسة لا هي ثكنة عسكرية ، و لا هي محكمة رادعة .
و نذكر هنا بأنه لا ينبغي استعمال الإجراءات التأديبية كسيف الحجاج ، للزجر و العقاب ، بل أن يكون الاستعمال تأديبيا تربويا ، طبقا لاسم المجلس نفسه( مجلس التأديب) . كما ينصح بعدم اللجوء إلى مجلس التأديب إلا للضرورة القصوى ، بعد فشل كل الاجراءات و المحاولات التوجيهية التربوية ، و في استعمال الاجراءات التأديبية ، يجب تطبيق القانون بكل جدية ، حتى نحفظ للمجلس هيبته ، لأننا لم نعقد المجلس إلا مضطرين ، و ينبغي أن يُبلغ هذا الانشغال للتلاميذ المعنيين و أوليائهم ، مذكرين إياهم بكل الاجراءات المتخذم من قبل حتى نتفادى مجلس التأديب ، حتى يكون لهم الاستعداد بتحمل و قبول قرارات المجلس ، و حتى لا يشعروا أنهم في محكمة تعاقب و تردع .
- و من أساليب الليونة في النظام الداخلي ، عدم حرمان التلاميذ المتغيبين عن الاختبارات من المشاركة فيها ، بحيث نعطيهم الفرصة لاستدراكها ، دون تمييزهم لا بالسهولة و لا بالصعوبة في الاختبار . و الحديث عن الغيابات ، يجرنا إلى التذكير بدور الاستشارة العامة( المراقبة العامة) في طريقة تعاملها مع هذه الظاهرة (التأخرات و الغيابات) بحكمة و عدالة ، فلا تشدد على كل التلاميذ بنفس الدرجة ، لأن هناك تلاميذ لهم ظروف خاصة ، و قاهرة ، علينا أن نتفهمها ، دون تعويدهم على سوء المواظبة . كما ينبغي التزام إجراءات أخف في مناسبات الاختبارات و اثناء الاضطرابات المناخية و في كل الظروف غير العادية ...و أهم وسيلة نكسب بها التلاميذ ، و ندفعهم إلى تحسين مواظبتهم ، و الرضا بما نتخذه من قرارات في حقهم ، العدل بينهم ن و مساواتهم أمام القانون . و الميدان واسع للمبادرات في النظام الداخلي ، المناسب لكل مؤسسة .
الحالات النفسية الخاضة : و نقصد بها أولئك التلاميذ الذين يعانون من حالات نفسية معينة كالخجل المفرط و الكبت و الانطواء و غيرها من العقد النفسية ، و خير متكفل بهذه الحالات مستشار التوجيه المدرسي ، كما يمكن مساعدته باساتذة الرياضة و النشاط الثقافي و الفني ، لما يتمتعون به من انفتاح على التلاميذ و حسن اندماج معهم ،خاصة من خلال طبيعة مادة التربية البدنية ، التي فيها العلاج لكل المكبوتات .
و رعاية هذه الفئة من التلاميذ لازمة ، و لو تطلب الأمر الاستعانة بأوليائهم و بالخبراء النفسانيين( بعد استشارة أوليائهم) .
الاختلاط: يشكل الاختلاط أكبر اسباب العنف في المؤسسة التربوية ، خاصة بالطور الثانوي ، و بدرجة أقل المتوسط ، لأن التلاميذ هنا يمرون بفترة المراهقة ، المرحلة الحاسمة و الصعبة في حياتهم ، يكثر فيه الاضطراب النفسي نتيجة الخيال الطافح ، و الهيجان العاطفي ، و صعوبة التاقلم مع الواقع عند أكثرهم .
كل هذا يشكل بيئة مناسبة لظهور العنف ، و يصعب من مهمة المؤسسة في التحكم في نظام سيرها العادي ، و قد يتعرض بعض التلاميذ ، من الجنسين إلى الضرر من زملائهم ، و تجد المؤسسة نفسها عاجزة عن متابعة كل السلوكات و التصرفات ، و ربما يتاثر النظام كله داخل المؤسسة ، و يصل إلى التاثير على تحصيل التلاميذ ، و آداء المؤسسة . لذا فالتركيز على التنسيق الدائم مع الأولياء ضروري ، خاصة في الثانوي . وللأساتذة دور اساسي ، من خلال ما يقومون به من توعية و توجيه للتلاميذ ، كإجراءات وقائية من الوقوع في تصرفات سلبية ، و خير علاج لهذه الظاهرة ، عزل الذكور عن الإناث ، باعتماد مؤسسات للبنات و أخرى للذكور .
الخاتمة : إذن فالظاهرة ذاتن أسباب داخلية و خارجية ،و مواجهتها مهمة الجميع ، داخل قطاع التربية و خارجه ، أي هي مهمة المجتمع ككل .و لا ينبغي إلقاء العبء كله على المدرسة وحدها ، فإن لكل جهة نصيبها من المسؤولية ، و الأولياء أكثر الناس مسؤولية في الأمر ، تبدأ مهمتهم من البيت و تمتد معه حتى المدرسة ، و مسؤولية الدولة أُ/ّ المجتمع ، إيلاء الأمر ما يستحق من العناية ، خاصة بسن القوانين التي تضع كل طرف أمام مسؤولياته ، و لا ينبغي محاسبة المدرسة على أخطاء السرة أو ما افسده الاعلام و الجهات الأخرى .
و فرصة المجتمع متوفرة في المدرسة لعلاج هذه الآفة ، بالتعاون معها ، لا محاسبتها و جرجرتها إلى المحاكم ، بسبب نتائج سلوكات هي غير متسببة فيها .
بلادي و إن جارتْ علي عزيزة ٌ** و قومي و إن ضنوا علي كِرامُ
من مواضيعي
0 من وصايا رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه
0 حول احتفالات رأس (أو رقص) السنة
0 لجنة جمع القرآن في العهد العثماني
0 حتى تصير العربية لغة مصانع الصلب في الحجار ومعامل تكرير الغاز في سكيكدة وآرزيو
0 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة
0 نكسة المدرسة الفرنسية
0 حول احتفالات رأس (أو رقص) السنة
0 لجنة جمع القرآن في العهد العثماني
0 حتى تصير العربية لغة مصانع الصلب في الحجار ومعامل تكرير الغاز في سكيكدة وآرزيو
0 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة
0 نكسة المدرسة الفرنسية
التعديل الأخير تم بواسطة بلحاج بن الشريف ; 17-09-2015 الساعة 01:09 PM