لماذا يكره أطفالنا الأدوية؟
03-08-2015, 06:05 AM

راضية حجاب
الشروق العربي

يرفض الكثير من الأطفال تناول الأدوية مهما كان مذاقها، حيث يقومون بلفظها خارج أفواههم ولو أجبروا على بلعها، ما يجعل الأمهات يعانين، وهو ما قاد بعضهن لابتكار طرق خطيرة ومنفّرة لإجبار الصغير على بلع الدواء، ولمعالجة الأمر ارتأينا البحث عن الطرق السليمة والأكثر أمانا لتنفيذ العملية والبدائل وهو ما سنأتي على ذكره في مقالنا هذا.

تقول الدكتورة نعيمة بن موسى أخصائية أطفال أن الأطفال باختلاف شخصياتهم يرفضون تناول الدواء، بدافع الخوف أو عدم استساغة المذاق، مؤكدة أن هذا الأخير يلعب دورا مهما في الموضوع، مشيرة إلى ضرورة اختيار الأدوية التي تتماشى مع تذوقهم، بعيدا عن تلك اللاذعة والمرة، مفضلة أن يكون الدواء برائحة الفواكه، داعية الأطباء لمراعاة هذا ومراعاة شخصية الطفل، لأن الجرعة الواحدة أفضل من الجرعتين، وذا الجرعتين أفضل من الثلاثة وهكذا.

وتنبه الأخصائية الأم إلى ثقافة إعطاء الدواء، فحين تجبر طفلها بعنف على شربه، تكسبه نفورا شديدا قد تعجز عن تغييره، داعية إياها إلى تعلم أساليب تناول الدواء الصحية، كأن تعطيه الدواء مع بعض عصير الفواكه، وذلك بعد الطعام أو قبله بفترة كافية، محذرة من خلط الدواء بالحليب أو العصير، خاصة في زجاجة الرضاعة فهي طريقة غير محببة، فقد لا ينهي الطفل وجبته، وبالتالي لن تعرف الأم الكمية التي أخذها من الدواء-حسبها-.

وأرجعت أسباب رفض الطفل تناول الدواء في بعض الحالات لمعاناته من صعوبة في البلع، نتيجة مرض وقتي، كاحتقان في الحلق أو التهاب باللوزتين، منوهة أنه لا يمثل صعوبة في البلع أكثر مما يمثل سلوكا خاطئا اكتسبه الطفل، ناصحة بتحفيز الطفل على التجربة من بداية أشهره الأولى، وأن لا يعطى الدواء بعنف، بل بطرق سلمية لا غصب فيها، كأن تأخذ الجرعات بالقطارة المدرجة -حقنة الفم-.

من جهته، يرجع الدكتور محمد حموتان، اختصاصي طب نفسي رفض الطفل للدواء، لأنه يستعمل كوسيلة تهديد في يد الأم، وهو متداول بشدة في ثقافتنا، فالأم التي يتشاقى ابنها تهدده بحقنة أو جرعة دواء، ما يشكل النفور عنده كردة فعل طبيعية، كما أن الطعم غير المستساغ يجعل الطفل لا يتقبلها، منبها إلى دور الأهل في تحفيز الطفل على شربها، بعيدا عن الترهيب والتخويف، بحيث يتبع الوالدان أسلوبا سليما، من خلال تمهيد فكرة تناول الدواء في نفس الطفل، وتعزيزها بالحلويات والألعاب، بدءا من سنواته الثلاث الأولى، مشيرا إلى إمكانية التحدث الإيجابي للطفل عن فوائد الأدوية، بطريقة تصويرية خيالية تناسب عمره، ما يصحح مفهوم الدواء عنده، فلابد من التعامل معه بابتسامة وعطف وحنان، فضلا عن حضنه كمحفز، أو تذوق الأم لبعض الدواء خصوصا تلك التي لا ضير فيها، ليقوم بدوره بتقليدها، معددا نتائج سلبية كثيرة نتيجة أسلوب التخويف، منها عناد الطفل، العنف، وفي حالات كثيرة الاختناق بالدواء.

يبقى لنا في الأخير أن ننهى الآباء عن ضرب أطفالهم عند رفضهم تناول الدواء، أو حتى الصراخ عليهم أو تهديدهم، لأن هذا سيولد لديهم ردة فعل معادية قد تضر بصحتهم أو قد تجعلهم عدوانيين مستقبلا وليس هناك أفضل من الحوار ومحاولة الإقناع بحيل صغيرة والكثير من الحنان والصبر.