أطنان من الأرشيف لا تزال مشمّعة!
20-07-2015, 03:48 AM


كامل الشيرازي

صحافي بموقع الشروق أونلاين


كشف مؤرخون جزائريون، الأحد، عن نحو خمسة أطنان من الأرشيف الوطني لا تزال مشمّعة للعام الـ 53 على التوالي، مشيرين إلى "القيمة الكبيرة" التي تكتسيها بعض الوثائق، وحذّر هؤلاء من أنّ استمرار وجود حقائق خفية سيفرز قنبلة موقوتة، ما جعلهم يشدّدون على ضرورة فتح أرشيف الثورة ووضعه تحت تصرف الجمهور والمتخصصين.


في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، تقاطع كل من "حسان رمعون"، "عمار رخيلة" و"محمد القورصو" عند وجود حجم "كبير" للأرشيف الذي سلمته وزارة التسلح والعلاقات العامة لـ "خليفتها" وزارة الدفاع الوطني غداة الاستقلال، وهو حجم بحدود خمسة أطنان، وهو معطى أكّده "دحو ولد قابلية" رئيس جمعية قدامى وزارة التسليح والاتصالات العامة.وتساءل "القورصو" عن الهدف من تشميع الأرشيف المتعلق بالثورة، معتبرا أنّ الطابع "الملّح" للمسألة يكمن في "الخطاب السياسي"، وتابع: "إنه تفكير متصلب يمنع فتح الأرشيف ولا يرجع هذا إلى الخوف من كشف الحقائق التي تزعج لأننا نعلم ما فيه الكفاية حول هذه الحقبة بالرغم من أن هناك حقائق لا زالت خفية".

واعتبر "القورصو" أنّ تبني مثل هذا السلوك "يجعلنا نساهم في جعل مسألة الأرشيف قنبلة موقوتة"، مضيفا أنّ الثورة الجزائرية اعتبرت مثالية لدرجة أنه تم تجريدها من طابعها الإنساني، من حيث أن الثورة صنعها رجال غير معصومين من الخطأ".
من جانبه، ركّز "رخيلة" على حتمية التأكد من صحة الأرشيف الموروث عن أرشيف الاستخبارات إبان الثورة، معتبرا أنه قائم في بعض الأحيان على معلومات قدمتها المصالح السرية الفرنسية وبالتأكيد يحتوي على أخطار "المناورة" والتعتيم".
وبالإضافة إلى أهمية جعل أرشيف الثورة التحريرية في متناول الجميع من الجانب البيداغوجي، حثّ أستاذ العلوم السياسية على إلزامية "استرجاع" الأرشيف الجزائري المشتّت في عدة دول بينها فرنسا، المغرب ومصر.
حقائق من الأفضل ألا تقال... تحت الحصار !!!!
اعتبر "حسان رمعون" الباحث في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والتاريخ، أنّه يجب "تنظيم" هذا الأرشيف في مرحلة أولى ثم "حمايته"، معترفا بأنّ الأمر يتعلق بعمل شاق يجب أن يكون مشفوعا بنقاش مجتمعي.
وقال "رمعون": "كلما أسرعنا في القيام بهذا كلما كان ذلك أفضل"، مشيرا إلى الطابع "الثمين" لهذا الكنز الوثائقي الموجود في الجزائر والذي يجب الحفاظ عليه "من خطر التدهور"، والأمر يتصل – في نظره – بتصنيف الهيئات المتخصصة للأرشيف وتسجيل المادة الموجودة في شكل كتل.
وعن سببية استمرار وضع هذا الأرشيف "تحت الحصار"، أرجع الجامعي المسألة إلى "عدم تقدير" الأهمية، و"التخوف" من العواقب التي يمكن أن تثيرها بعض الحقائق التي من الأفضل ألا تقال" (..)، وأعرب عن قناعته بحدوث "تحول مستقبلي يفرضه المجتمع ومن المؤكد أنّ التغيير سيكون على الأمد الطويل".
فتح سيجيب عن تساؤلات ويصحّح أخطاءً
اعتبر "عمار رخيلة" الباحث في تاريخ الحركة الوطنية وثورة الفاتح نوفمبر أنّ فتح الأرشيف سيساهم في الإجابة عن كل التساؤلات التي ما زالت عالقة ومن شأنه تصحيح كل الأخطاء بخصوص العديد من الوقائع.
وأضاف: "فتح هذا الأرشيف حتمي خاصة "قبل وفاة" شهود هذه الفترة الذين ما زالوا لديهم القدرة الجسدية على إعطاء توضيحات إضافية أو تصحيحات لمضمون الوثائق عندما يتم نشر هذه الأخيرة".
وفيما يتعلق "بنوعية" الرصيد الوثائقي الذي أنتجته الثورة الجزائرية، أشار "القورصو" إلى أنها قائمة على إدارة "مهيكلة بشكل جيد" أعطت مجموعة من المعلومات التاريخية"، ذاكرا على سبيل المثال بيان أول نوفمبر الذي وصفه بـ "النابع عن تفكير مدروس ومحكم".
وسجّل "القورصو" الحجم "الهائل" من الأرشيف الموجود بما في ذلك أشرطة مسموعة وسمعية بصرية وكتابات لمسؤولي جبهة التحرير ودفاتر تحوي تعليمات عسكرية مرفوقة بمخططات منجزة بطريقة فنية نادرة.
كما ذكر وثائق أخرى هامة تتعلق بالمبادلات ما بين الولايات ومع الخارج، بينها تسجيلات لمحادثات مسؤولي جبهة التحرير الوطني مع وفود أجنبية ووثائق خاصة بمنظمات، وأكد المختص أنّ السجون تحوّلت زمن الثورة إلى جبهة حقيقية لمناهضة الاستعمار وتتوفر على وثائق مسجلة بينها تصريحات تتوفر على وثائق لتصريحات محكومين بالإعدام.

أرشيف "إكس بروفانس" أسهل من "بئر خادم" !
تأسف مؤرخون لسهولة الاستفادة من أرشيف مركز "إكس بروفانس" بفرنسا، مقارنة بذاك المتوفر في مقر المديرية العامة للأرشيف ببئر خادم، وعلّق "القورصو" بهذا الشأن: "الأرشيف المرقمن من طرف هؤلاء الباحثين انطلاقا من أعمالهم بفرنسا لا يمكن استغلاله بسبب ممارسات معرقلة بالرغم من أن التشريع يكرس الحق في الاطلاع على الوثائق وهو حق يسمح للباحثين باللجوء إلى وزارة الدفاع الوطني الذي تردّ "بالقبول" في هذا الشأن.