أنّ الدعوة ليس المراد منها أن تصل فيها إلى هداية الخلق، إنما أن تمتثل أمر الله ب
25-03-2009, 03:18 PM
تفاني السلف في الدعوة إلى الله
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
-حفظه الله تعالى-
[شريط مفرغ]


أنّ الدعوة ليس المراد منها أن تصل فيها إلى هداية الخلق، إنما أن تمتثل أمر الله بالدعوة، إذا حصلت نتيجة فالحمد لله، وإن لم تحصل ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، فالأنبياء وخاتمهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلوا ما بذلوا في سبيل الدعوة وورثهم منهم أهل العللم، وخاصة هذه الأمة من الدعاة إلى الله بذلوا في ذلك لكن لا يعني أن يتحقق المقصود أو لا يتحقق، يحرصون على أن ينفعوا الناس وأن يتحقق سبيل الدعوة، ولكن إذا لم يتحقق فالأمر لله جل وعلا من قبل ومن بعد.
وهذان المثالان عجيبان:
الأول لنوح عليه السلام كم لبث في قومه؟ ألف سنة إلا خمسين عاما داعيا إلى الله، لكن ما الحصيلة؟ هل كانت الحصيلة كبيرة؟ قال جل وعلا ?وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ?[هود:40]
، قال المفسرون: آمن معه اثنا عشرة رجلا وامرأة، وأكثر الروايات على أنه آمن معه بضعة وسبعون بين رجل وامرأة، حصيلة ألف سنة هذا العدد؟ لكنهم امتثلوا أمر الله جل وعلا وعبدوا الله جل وعلا ببذل الدعوة.
المثال الثاني محمد بن عبد الله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مكث في مكة ثلاثة عشر عاما، كم نتيجة الدعوة في هذه السنين؟ قليل نحو خمسمائة من أهل مكة وأهل المدينة فقط؛ لكن في العشر سنين في العهد المدني كم حصل؟ حجّ معه مائة ألف عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أو يزيدون، فيبين لك ربك جل وعلا أن العبرة في الدعوة بالبذل والعطاء؛ لكن متى تنفتح القلوب للدعوة ومتى يدخل الناس في دين الله أفواجا ومتى يهتدون؟ هذا الأمر لمن؟ لله جل وعلا ?لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء?[البقرة:272]، أنت عليك البلاغ ?إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ?[الشورى:48]، الذي على الرسل البلاغ، على العلماء أن يبينوا ما كان عليه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن يجتهدوا في بيان الكتاب والسنة وما أمر الله به وما نهى عنه ليتبع الناس وليحذروا، لكن هل يستجيب الماس ولا يستجيبون، وما يكون ذلك من مهامهم إنما عليهم أن يبذلوا في ذلك.
والداعي إلى الله فضيلته عظيمة، فأجره مضاعف، وعمله ينمى له بقدر من اهتدى به، قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ كما في صحيح مسلم «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم» (من دعا إلى هدى) أي نوع من الهدى، تدعو إليه فلك مثل أجر من اتبعك لا ينقص ذلك من الأجر شيئا، علمت التوحيد، عملت الصلاة، علمت الخلق الحميد، علمت آداب الإسلام، علمت الغيرة على الإسلام، علمت الدعوة، حثثت الناس، حفّظت القرآن، أي سبيل من ذلك، لك من الأجر مثل أجور من اتبعك، ولله الحمد والمنة.
السلف الصالح رضوان الله عليهم نشروا الإسلام، من الذي نشر الإسلام في شرق الأرض وفي غربها؟ الصحابة والتابعون ومن تابعوهم وأئمة الإسلام في الفتوحات الصحابة رضوان الله عليهم كانوا -كما وصفهم ابن مسعود-: كانوا أبر الأمة قلوبا وأعمقها علوما وأقلها تكلفا، حين نشروا هداية الإسلام، لماذا نشروها؟ بالدعوة إلى الله جل وعلا، بذلوا ليلهم ونهارهم، وتركوا أولادهم، وتركوا ديارهم لينشروا الدعوة، أحب ما عليهم مكة والمدينة من بلاد الله؛ لكن تركوها وسكنوا غيرها لنشر الدعوة إلى الله جل وعلا، كيف انتشرت الدعوة في الشام؟ بهم، كيف انتشرت الدعوة في مصر؟ بهم، كيف انتشرت الدعوة في العراق؟ بهم، كيف انتشرت الدعوة في خراسان وفي السند وما وراء السند إلى فلسطين؟ إنما انتشرت بهم، فتحوا البلاد بالعلم والدعوة.
السيف أو الجهاد هذا يفتح الطريق؛ لكن لا يقنع الناس، لا يهدي الناس، لا بعلم الناس، فحينئذ صار الصحابة معلمي.

الدعوة إلى الله في فهم السلف ليست فقط دعوة إلى الأخلاق، أو دعوة إلى الأمور العامة، لا، أهم شيء في الدعوة إلى الله أن يدعى إلى أعظم حق لله جل وعلا وهو توحيد الله جل وعلا والحفاظ على جناب التوحيد وحمايته، ثم المحافظة على الفرائض والمحافظة على الأخلاق المحافظة على السير.
عائشة رضي الله عنها كان يغشاها الناس ويسألونها عن خلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتخبرهم بما تيسر لها، وجاءها مرة أحد الصحابة في بيتها وكانوا علماء من التابعين قالوا: أخبرينا عن خلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت: كان خلقه القرآن. يعني أن هديه وسمته وخلقه وطريقته هي القرآن بشموله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
إذا نظرت إلى سير التابعين وجدتّ أن التابعين عملوا على أربع محاور:
فمنهم من بذل نفسه في الجهاد في سبيل الله والفتوحات.
ومنهم من بذل نفسه في الوِلايات -يعني تولى ولاية إمارة أو على ديوان.
ومنهم من بذل نفسه في التعليم؛ في تعليم الناس العلم النافع.
ومنهم من بذل نفسه في الوعظ والإرشاد
.
والجهاد الناس فيه كثير جاهد من جاهد حتى دفن على أسوار، فمنهم من دفن على أسوار القسطنطينية، ومنهم من مات في البحر، ومنهم مات في البر، وإنما انتشر الدين بالبذل والعطاء، انتشر الدين فبلِّغت رسالة الله بنفوس ذهبت وحياة سنين وحياة طويلة فيها السنون الكثيرة بُذلت لله جل وعلا، ليست للهو ولا للدعة ولا للمكث، وإنما بذلوا لذلك انتشر الدين.
ومنهم من بذل في نفس في الولايات، لا شك أن أمر الدين لا يستقيم إلا أن يكون أهل الحق الأقوياء في دين الله أهل الأمانة أن يكونوا في مستوى المسؤولية وأن يلون الولايات، لا يطلبونها ولكن يستعينون بها على أداء أمر الله جل وعلا، وهذا يوسف قوله عليه السلام ?قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ?[يوسف:55]، هل قال ذلك رغبة فيها؟ لا، ولكن لأجل أن يفتح الله على يديه ما يقي الناس من المصايب في عهده من الفقر والعنت.
كذلك السلف لم يكونوا يطلبونها؛ لكن إذا جاءت استعانوا الله بها واتقوا الله جل وعلا فيها، فنشروا أمر الله وأعانوا على الخير في جميع المجالات لما كانوا ولاة.
الصنف الثالث: العلماء، العلماء نشروا العلم كلٌّ في مجاله، منهم من نشر علم التفسير، ومنهم من نشر علم السنة، ومنهم من نشر علم الفقه، ومنهم ومنهم إلى آخره.
وعلماء السلف كثير من التابعين وتابعي التابعين وأئمة الإسلام، واقرأ تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي، تجد أن فيها جمعا كبيرا من أهل العلم من وقت التابعين إلى من بعدهم.
الصنف الرابع: الوعاظ؛ لكن كان وعظ السلف في سبيل نشر الدعوة وترقيق القلوب بالعلم النافع، ولذلك ذمّ أئمة الإسلام القصاص الذين يقصون بجهل ويضربون الأمثلة بجهل، ويحكون على غير هدى، وإنما بما اقتضته عقولهم بما يؤثر على الناس، هذا مذموم، فنهى عنه السلف أن يتبع سبيل القصاص.


المصدر :تفاني السلف في الدعوة إلى الله
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
-حفظه الله تعالى-
[شريط مفرغ]
قال الله عزوجل :وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .الآية رقم [126] من سورة [البقرة]
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "منْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا". أخرجه البخاري

فائدة من الاية والحديث أن إبراهيم عليه السلام أول مادعا الامن قبل الرزق والرسول صلى الله عليه وسلم بدا بالامن قبل الرزق ولو كان الرزق قليل يكفي يوم فكأنما حزيت له الدنيا
فهل من معتبر ؟