نقاشنا ، والدجاج في السجنة
21-06-2009, 09:06 AM
نقاشنا ، والدجاج في السجنة
بقلم بن اسماعين زليخة خربوش
وأنا صغيرة عندما كنت ازور جدتي خارج المدينة كنت احب ان اراقبها في المساء عندما تناديه الدجاج المنتشر في الضيعة: تى،تي،تي... وتزربع الحبوب داخل السجنة، فيقبل الدجاج افواجا ،افواجا ،منصاعا، طائعا، ويدخل السجنة دون عناء. وما تكاد جدتي تغلق الباب ، حتى يقع الدجاج في فرجة مرعبة : الخصام والتماسك ، انقبني انقبك... حتى تسيل دماؤه تنهار قواه ويرسي ريشه ، فينط الدجاج ساعتها فوق الرفوف ويستسلم للنوم .
كنت ابقى وحدي امام السجنة متمسكة بشباكها متسائلة: هل الدجاج يعقل؟ وإذا كان حقا لا يعقل فلماذا لبى نداء جدتي وانساق لإرادتها؟ وإذا كان يعقل لماذا يقتتل فيما بينه ويترك العدو الحقيقي الذي وضعه في السجنة يمر بسلام؟ وكبرت وبقي السؤال بلا جواب...
وأنا كبيرة اصبحت هذه الحادثة تنط الى ذاكرتي كلما شاهدت نقاشا او مؤتمرا او قمما او تجمعا ينعدم فيه التفاهم وتحتدم الافكار وينقلب النقاش الى خصومات يتهم فيها كل طرف من اطراف الحوار بما يؤتى على لسانه : انت جاهل، لا تفهم، كافر، علماني ، اسلاماوي، شيوعي، امبريالي... هكذا ينقلب نقاش الموضوع الى خصومات واتهامات لأشخاص أطراف النقاش في مبادئهم وانتماءاتهم. واعتقد ان من هنا جاءتنا مصائبنا وإلا لماذا تقع الحروب إلا على رؤوسنا و اراضينا الاسلامية ؟(موقاديشو) يغتال فيه المسلم باسم الاسلام.... فلسطين ، العراق ، افغانستان ، باكستان ، كشمير ، واليوم ايران... لماذا لم تقع هذه الكوارث عند اليهود او امريكا او غيرها؟
لقد حدد العقلاء اطراف المناقشة بثلاثة اطراف : الطرفان المتناقشان –او اكثر- وموضوع النقاش، وعلى كل طرف ان ينشف الموضوع او يمزقه ويدقه كما شاء بموضوعية ومحاولة اقناع الاخر- او الاخرين- ولكن لا يجوز لأحد الطرفين ان يعتدي على الطرف الاخر فينعته او يعلق على جبينه لافتة من اللافتات التي يتوهم انها تجرده من انتماءاته قصد الافحام. ننتظر بفارغ الصبر متى نغرس مخالبنا في قلب من يناقشنا.
تعلمنا مبادئ الحوار مع المعتزلة والمتكلمين وفلاسفتنا الكبار كابن رشد في تهافت التهافت حيث كان غيرنا في القرون الوسطي غارقا في الظلمات. واليوم عندما تطوقنا الظروف وتحاصرنا الافكار وتتغلب علينا نهجم على بعضنا البعض ويبقى الموضوع كما هو في كمانه يفحمنا ويسخر منا ويضحك علينا.
مثلا عندما نتناقش في موضوع التراث كل طرف يريد ان يحتكر التراث وكأنه ملك له وحده ، ينصب نفسه محاميا للتراث ويختزل الاسلام في حد من حدود العقاب ويفرض عليك اراءه شئت ام ابيت... هذه الحماية الدامية هي التى اخرتنا وقدمت غيرنا مع ان الله اخبرنا بأنه هو الذي خلق.الذكر وهو حاميه ، والدليل 14 قرنا ولم ينل منه نائل ، ولازال يتمتع بالصحة والعافية ولكن نحن الذين نريد ان نقتل انفسنا بالتحجر والجمود ونبحث عن المغاليق عمدا. مع ان الله رزقنا عقيدة تمشي مع كل زمكان... نعم العقيدة قائمة في نصوصها ولا تتغير ولكن الذي يتغير هو طريقة فهمها والارتباط بها حسب كل عصر.
ان الله تعالي يقول لنا اذا جاءكم فاسق؟... يعني فاسق... يأمرنا ان نتبين ونفقه قوله حتى لا نصيب الناس بالجهل... على الاقل نعرف ماذا في بطنه. اصدقكم القول ولا اتحدث عن المواقع الاجنبية لان ذلك معروف ولكن اتحدث عن عدة مواقع في المشرق العربي بما فيها مقر سيد المرسلين انهم يمتازون عنا بالانفتاح الفكري كل يتحدث بحرية وكل يرد بحرية ولا احد يعتدي على شخص احد كل منا يدافع ان ارائه دون ان يكمم غيره...
وقد سررت عندما وجدت موقع الشروق بهذا المستوى الفكري ولكن ادهشنى ان هنا من يريد ان يستبد بالرأي ويريد ان يغلق عليك الابواب بالشعارات المنقولة من هنا وهناك ومن بعض المواقع المعروفة.
لقد وضح الكواكبي مخادعة الاستبداد وشرحها افضل شرح... وقبله عرفنا كيف ابتدأت الامور... فقد جمع اول خليفة صعد سدة الحكم، كل الفقهاء وطرح عليهم السؤال : انتم معي او ضدي؟ انقسم الفقهاء في الرد الى ثلاث ، فمن قال : نحن ضدك طار رأسه الى السماء السابع... ومن قال: نحن لا ضدك ولا معك ، قال لهم اشتغلوا بالمرأة ولباسها ونفاسها والزوج والطلاق وابتعدوا عن السياسة والاقتصاد... اما من قال نحن معك قال لهم اهتموا بوضع الاحاديث التي تؤيد منصبي وتشرع للكرسي الذي اجلس عليه... وخطب يقول: (لا أحول بين الناس والسنتهم ماداموا لم يحولوا بيني وبين سلطتي) من هنا انعدم الحوار والاجتهاد وخلا التشريع من النظريات الاقتصادية والسياسية والعلمية التى كانت في ذلك الوقت .
لقد عرقل الاجتهاد بفعل المستبدين بالرأي : فالله عز وجل حرم الريبا وأحل البيع دون ان يقول لنا ماهية الريبا وما هو البيع لأنه ترك ذلك للمسلمين ليفكروا ويدبروا ويعقلون وقال لنا: (اكملت لكم دينكم) ولكن الحياة سائرة، لذا لم يقل لنا اكملت لكم دنياكم... وليس نقصا في القران انه لم يحدد منهجا سياسيا ولا دستورا محددا بل كان دليلا على حكمته لان الله اراد من المسلم ان يكون مجتهدا مفكرا عاقلا يستنبط المناهج والأحكام من الحياة المتغيرة دون ان يقيدنا بقيد سموي جامد لذا اكتفي بالتوصيات العامة في السياسة توصيات ازلية مثل حرية الفرد وكرامته وإطعامه من الجوع وأمنه من الخوف. وقد قالها تعالى: ( خلق الانسان في كبد) اي كتب عليه المجاهدة لأنه حمل المسؤولية التي رفضتها السماء والأرض والجبال.
ان المغاليق التي نخلقها لنفوسنا هي التي تتركنا نتخبط في سجنة الافكار فنريد من اطراف النقاش ان تطهي ما يطبخ في رؤوسنا دون ان نفكر فيما يطبخ في رؤوس الاطراف الأخرى...
انتم تلاحظون بأننا لا نرتاح بل نقاطع المواقع التي نجد فيها من نصبوا نفوسهم حراسا لبركة التراث ما تكاد تقترب من تلك البركة حتى يتصدى لك النقيق... ان من يحب تراثه لا يتركه بركة بل يجعله كالوادي الكبير نحافظ علي شكله المعين وهدفه المحدد لكن مياهه متجددة يوميا كي يبقي صالحا للشرب...
يسرنا ان نجد مواقع فيها احياء يناقشون لكن ليس بطريقة الدجاج ونقل الشعارات الايديولوجية لنكمم الافواه، بل بطريقة العقلاء كل واحد يحاول ان يرتفع بمداركه دون ان يكون هدفه هو افحام غيره والانتصار عليه بالانتقاص من شخصه لان الانتصار الحقيقي للأفكار فقط او عندما ننجح في جعل حياتنا المعاصرة جزء من شريعتنا... دونك الموضوع ارني ماذا تفعل به؟ لا تحاول ان تغضب احدا او ترضيه فليكن هدفك رضي الله وحده .
Zoulikha2
بقلم بن اسماعين زليخة خربوش
وأنا صغيرة عندما كنت ازور جدتي خارج المدينة كنت احب ان اراقبها في المساء عندما تناديه الدجاج المنتشر في الضيعة: تى،تي،تي... وتزربع الحبوب داخل السجنة، فيقبل الدجاج افواجا ،افواجا ،منصاعا، طائعا، ويدخل السجنة دون عناء. وما تكاد جدتي تغلق الباب ، حتى يقع الدجاج في فرجة مرعبة : الخصام والتماسك ، انقبني انقبك... حتى تسيل دماؤه تنهار قواه ويرسي ريشه ، فينط الدجاج ساعتها فوق الرفوف ويستسلم للنوم .
كنت ابقى وحدي امام السجنة متمسكة بشباكها متسائلة: هل الدجاج يعقل؟ وإذا كان حقا لا يعقل فلماذا لبى نداء جدتي وانساق لإرادتها؟ وإذا كان يعقل لماذا يقتتل فيما بينه ويترك العدو الحقيقي الذي وضعه في السجنة يمر بسلام؟ وكبرت وبقي السؤال بلا جواب...
وأنا كبيرة اصبحت هذه الحادثة تنط الى ذاكرتي كلما شاهدت نقاشا او مؤتمرا او قمما او تجمعا ينعدم فيه التفاهم وتحتدم الافكار وينقلب النقاش الى خصومات يتهم فيها كل طرف من اطراف الحوار بما يؤتى على لسانه : انت جاهل، لا تفهم، كافر، علماني ، اسلاماوي، شيوعي، امبريالي... هكذا ينقلب نقاش الموضوع الى خصومات واتهامات لأشخاص أطراف النقاش في مبادئهم وانتماءاتهم. واعتقد ان من هنا جاءتنا مصائبنا وإلا لماذا تقع الحروب إلا على رؤوسنا و اراضينا الاسلامية ؟(موقاديشو) يغتال فيه المسلم باسم الاسلام.... فلسطين ، العراق ، افغانستان ، باكستان ، كشمير ، واليوم ايران... لماذا لم تقع هذه الكوارث عند اليهود او امريكا او غيرها؟
لقد حدد العقلاء اطراف المناقشة بثلاثة اطراف : الطرفان المتناقشان –او اكثر- وموضوع النقاش، وعلى كل طرف ان ينشف الموضوع او يمزقه ويدقه كما شاء بموضوعية ومحاولة اقناع الاخر- او الاخرين- ولكن لا يجوز لأحد الطرفين ان يعتدي على الطرف الاخر فينعته او يعلق على جبينه لافتة من اللافتات التي يتوهم انها تجرده من انتماءاته قصد الافحام. ننتظر بفارغ الصبر متى نغرس مخالبنا في قلب من يناقشنا.
تعلمنا مبادئ الحوار مع المعتزلة والمتكلمين وفلاسفتنا الكبار كابن رشد في تهافت التهافت حيث كان غيرنا في القرون الوسطي غارقا في الظلمات. واليوم عندما تطوقنا الظروف وتحاصرنا الافكار وتتغلب علينا نهجم على بعضنا البعض ويبقى الموضوع كما هو في كمانه يفحمنا ويسخر منا ويضحك علينا.
مثلا عندما نتناقش في موضوع التراث كل طرف يريد ان يحتكر التراث وكأنه ملك له وحده ، ينصب نفسه محاميا للتراث ويختزل الاسلام في حد من حدود العقاب ويفرض عليك اراءه شئت ام ابيت... هذه الحماية الدامية هي التى اخرتنا وقدمت غيرنا مع ان الله اخبرنا بأنه هو الذي خلق.الذكر وهو حاميه ، والدليل 14 قرنا ولم ينل منه نائل ، ولازال يتمتع بالصحة والعافية ولكن نحن الذين نريد ان نقتل انفسنا بالتحجر والجمود ونبحث عن المغاليق عمدا. مع ان الله رزقنا عقيدة تمشي مع كل زمكان... نعم العقيدة قائمة في نصوصها ولا تتغير ولكن الذي يتغير هو طريقة فهمها والارتباط بها حسب كل عصر.
ان الله تعالي يقول لنا اذا جاءكم فاسق؟... يعني فاسق... يأمرنا ان نتبين ونفقه قوله حتى لا نصيب الناس بالجهل... على الاقل نعرف ماذا في بطنه. اصدقكم القول ولا اتحدث عن المواقع الاجنبية لان ذلك معروف ولكن اتحدث عن عدة مواقع في المشرق العربي بما فيها مقر سيد المرسلين انهم يمتازون عنا بالانفتاح الفكري كل يتحدث بحرية وكل يرد بحرية ولا احد يعتدي على شخص احد كل منا يدافع ان ارائه دون ان يكمم غيره...
وقد سررت عندما وجدت موقع الشروق بهذا المستوى الفكري ولكن ادهشنى ان هنا من يريد ان يستبد بالرأي ويريد ان يغلق عليك الابواب بالشعارات المنقولة من هنا وهناك ومن بعض المواقع المعروفة.
لقد وضح الكواكبي مخادعة الاستبداد وشرحها افضل شرح... وقبله عرفنا كيف ابتدأت الامور... فقد جمع اول خليفة صعد سدة الحكم، كل الفقهاء وطرح عليهم السؤال : انتم معي او ضدي؟ انقسم الفقهاء في الرد الى ثلاث ، فمن قال : نحن ضدك طار رأسه الى السماء السابع... ومن قال: نحن لا ضدك ولا معك ، قال لهم اشتغلوا بالمرأة ولباسها ونفاسها والزوج والطلاق وابتعدوا عن السياسة والاقتصاد... اما من قال نحن معك قال لهم اهتموا بوضع الاحاديث التي تؤيد منصبي وتشرع للكرسي الذي اجلس عليه... وخطب يقول: (لا أحول بين الناس والسنتهم ماداموا لم يحولوا بيني وبين سلطتي) من هنا انعدم الحوار والاجتهاد وخلا التشريع من النظريات الاقتصادية والسياسية والعلمية التى كانت في ذلك الوقت .
لقد عرقل الاجتهاد بفعل المستبدين بالرأي : فالله عز وجل حرم الريبا وأحل البيع دون ان يقول لنا ماهية الريبا وما هو البيع لأنه ترك ذلك للمسلمين ليفكروا ويدبروا ويعقلون وقال لنا: (اكملت لكم دينكم) ولكن الحياة سائرة، لذا لم يقل لنا اكملت لكم دنياكم... وليس نقصا في القران انه لم يحدد منهجا سياسيا ولا دستورا محددا بل كان دليلا على حكمته لان الله اراد من المسلم ان يكون مجتهدا مفكرا عاقلا يستنبط المناهج والأحكام من الحياة المتغيرة دون ان يقيدنا بقيد سموي جامد لذا اكتفي بالتوصيات العامة في السياسة توصيات ازلية مثل حرية الفرد وكرامته وإطعامه من الجوع وأمنه من الخوف. وقد قالها تعالى: ( خلق الانسان في كبد) اي كتب عليه المجاهدة لأنه حمل المسؤولية التي رفضتها السماء والأرض والجبال.
ان المغاليق التي نخلقها لنفوسنا هي التي تتركنا نتخبط في سجنة الافكار فنريد من اطراف النقاش ان تطهي ما يطبخ في رؤوسنا دون ان نفكر فيما يطبخ في رؤوس الاطراف الأخرى...
انتم تلاحظون بأننا لا نرتاح بل نقاطع المواقع التي نجد فيها من نصبوا نفوسهم حراسا لبركة التراث ما تكاد تقترب من تلك البركة حتى يتصدى لك النقيق... ان من يحب تراثه لا يتركه بركة بل يجعله كالوادي الكبير نحافظ علي شكله المعين وهدفه المحدد لكن مياهه متجددة يوميا كي يبقي صالحا للشرب...
يسرنا ان نجد مواقع فيها احياء يناقشون لكن ليس بطريقة الدجاج ونقل الشعارات الايديولوجية لنكمم الافواه، بل بطريقة العقلاء كل واحد يحاول ان يرتفع بمداركه دون ان يكون هدفه هو افحام غيره والانتصار عليه بالانتقاص من شخصه لان الانتصار الحقيقي للأفكار فقط او عندما ننجح في جعل حياتنا المعاصرة جزء من شريعتنا... دونك الموضوع ارني ماذا تفعل به؟ لا تحاول ان تغضب احدا او ترضيه فليكن هدفك رضي الله وحده .
Zoulikha2
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا
من مواضيعي
0 الهُوية؟
0 أين أمتنا من النحل الياباني!
0 عدت با نوفمبر وعودك محمود!
0 الكفرة الفجرة؟
0 دعه يسقط!
0 الشهيد
0 أين أمتنا من النحل الياباني!
0 عدت با نوفمبر وعودك محمود!
0 الكفرة الفجرة؟
0 دعه يسقط!
0 الشهيد
التعديل الأخير تم بواسطة zoulikha2 ; 22-06-2009 الساعة 03:12 AM
سبب آخر: اخطاء املائة