الأعمش
04-11-2015, 12:44 PM
الأعمش

سليمان بن مهران ، الإمام شيخ الإسلام ، شيخ المقرئين والمحدثين أبو [ ص: 227 ] محمد الأسدي الكاهلي ، مولاهم الكوفي الحافظ . أصله من نواحي الري . فقيل ولد بقرية أمه من أعمال طبرستان في سنة إحدى وستين وقدموا به إلى الكوفة طفلا ، وقيل : حملا .

قد رأى أنس بن مالك وحكى عنه ، وروى عنه ، وعن عبد الله بن أبي أوفى على معنى التدليس
وقال يحيى القطان : هو علامة الإسلام . قال وكيع بن الجراح : كان الأعمش ، قريبا من سبعين سنة ، لم تفته التكبيرة الأولى .

وقال عبد الله الخريبي : ما خلف الأعمش أعبد منه . وقال ابن عيينة : رأيت الأعمش لبس فروا مقلوبا ، وبتا تسيل خيوطه على رجليه . ثم قال : أرأيتم لولا أني تعلمت العلم ، من كان يأتيني لو كنت بقالا ؟ كان يقدر الناس أن يشتروا مني .

قال أبو نعيم : سمعت الأعمش يقول : كانوا يقرءون على يحيى بن وثاب ، فلما مات أحدقوا بي .

وقال أبو أسامة : قال الأعمش : ما أطفتم بأحد إلا حملتموه على الكذب . الأشج : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن الأعمش قال : استعان بي مالك بن الحارث في حاجة ، فجئت في قباء مخرق . فقال لي : لو لبست ثوبا [ ص: 229 ] غيره ، فقلت : امش فإنما حاجتك بيد الله ، قال : فجعل يقول في المسجد : ما صرت مع سليمان إلا غلاما .

قال ابن إدريس : سئل الأعمش عن حديث فامتنع ، فلم يزالوا به حتى استخرجوه منه . فلما حدث به ، ضرب مثلا فقال : جاء قفاف بدراهم إلى صيرفي يريه إياها ، فلما ذهب يزنها ، وجدها تنقص سبعين ، فقال :
عجبت عجيبة من ذئب سوء أصاب فريسة من ليث غاب فقف بكفه سبعين منها
تنقاها من السود الصلاب فإن أخدع فقد يخدع ويؤخذ
عتيق الطير من جو السحاب
وقال نعيم بن حماد : حدثنا ابن عيينة قال : لو رأيت الأعمش وعليه فرو غليظ وخفان ، أظنه قال : غليظان ، كأنه إنسان سائل . فقال يوما : لولا القرآن ، وهذا العلم عندي ، لكنت من بقالي الكوفة .

أخبرنا علي بن أحمد في كتابه ، أنبأنا عمر بن محمد ، أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي ، أنبأنا عبد الله بن محمد ، أنبأنا عبيد الله بن حبابة ، حدثنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا الفضل بن موسى ، حدثنا الأعمش ، قال : دخلت على مجاهد ، فلما خرجت من عنده ، تبعني بعض أصحابه فقال : سمعت مجاهدا يقول : لو كانت بي قوة ، لاختلفت إلى هذا - يعني الأعمش .

وبه إلى البغوي ، حدثني أبو سعيد ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، سمعت الأعمش يقول : انظروا : لا تنثروا هذه الدنانير على الكنائس .

[ ص: 230 ] وسمعته يقول : لا تنثروا اللؤلؤ تحت أظلاف الخنازير .

وبه حدثني زياد بن أيوب ، حدثنا أبو سفيان الحميري ، عن سفيان بن حسين قال : خرج الأعمش إلى بعض السواد فأتاه قوم فسألوه عن الحديث ، قال : فقال له جلساؤه : لو حدثت هؤلاء المساكين ؟ فقال : من يعلق الدر على الخنازير ؟ ! .

حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن إدريس عن الأعمش قال : جلست إلى إياس بن معاوية بواسط فذكر حديثا . فقلت : من ذكر هذا ؟ فضرب لي مثل رجل من الخوارج . فقلت : أتضرب لي هذا المثل ، تريد أن أكنس الطريق بثوبي ، فلا أمر ببعرة ولا خنفس إلا حملتها ؟ ! .

حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن أبي ربعي ، عن الأعمش قال : العمالقة حرورية بني إسرائيل .

حدثني زياد بن أيوب ، حدثنا ابن أبي زائدة ، حدثنا الأعمش : دخل علي إبراهيم يعودني . وكان يمازحني ، فقال : أما أنت فتعرف في منزلة : أنه ليس من القريتين عظيم .
سير أعلام النبلاء محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي