تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
  • تاريخ التسجيل : 28-04-2007
  • الدولة : بسكرة -الجزائر-
  • المشاركات : 44,562
  • معدل تقييم المستوى :

    63

  • أبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the roughأبو اسامة is a jewel in the rough
الصورة الرمزية أبو اسامة
أبو اسامة
مشرف عام ( سابق )
محنة الأمّة مع الظّاهرية الجُدد!
21-05-2020, 04:37 PM



بقلم/


سلطان بركاني


يبدو أنّ النّقاشات الطّويلة التي تثار حول كثير من مسائل الفقه الفرعية، لن تنتهي، ما دامت الصّدور تضيق لكلّ خلاف أيا كان نوعه، وما دام في الأمّة من يعقد الولاء والبراء على قضايا خلافية لا تمسّ بجوهر الدّين، ويحاكم المختلفين كما لو أنّهم خالفوا في أصول الدّين الأساسية، وما دام بعض الظّاهرية الجدد قد أشهروا سيوف التّجريح والتّصنيف في حقّ من يخالف منهجهم في لزوم ظواهر النّصوص، بغضّ النّظر عن القرائن والأحوال.
نقاشات لم تنته ولا تزال تثار حول حكم التّصوير الفوتوغرافي، يتمسّك فيها الظّاهرية الجدد بظواهر نصوص نبوية، وردت في شأن التّمثيل والمضاهاة، وينزلونها على التّصوير المعاصر، دون مراعاة للاختلاف الواضح بين التّصوير الذي وردت في شأنه النّصوص وبين التصوير الفوتوغرافي الذي لا يعدو أن يكون نقلا للواقع كما هو دون قصد للمضاهاة.. نقاشات أخرى لا تزال تثار حول حكم إسبال الثّياب لغير الخيلاء، وحكم الأخذ من اللحية، وأخرى حول جلسة الاستراحة وعدد ركعات التراويح ووقت صلاة الفجر… ومع كثرة هذه المسائل الجزئية التي تثار بمناسبة ومن دون مناسبة، إلاّ أنّ محنة الأمّة ليست مع من يلتزمون فيها بظواهر النّصوص ويعذرون من يخالفهم في مذهبهم، إنّما هي مع من يشتطّون في اعتبار التمسّك بالظّاهر هو الدّين وهو حبل الله المتين والصّراط المستقيم الذي من خالفه هلك!
ولعلّنا لو بحثنا عن السّبب الرّئيس للشّطط الذي يصاحب الخلاف في كثير من مسائل الفقه الجزئية، لوجدناه إصرار بعض الظّاهرية الجدد على استبعاد الفقه أو حصره في تنقيح الروايات لمعرفة صحيحها من ضعيفها وخاصِّها من عامّها، أمّا فقه الروايات في ظلّ قواعد الدّين وضرورياته وفي ضوء النصوص الكلية ومراعاة الأحوال ومستجدّات الأزمان، فهذا يعدّ عند الظّاهرية الجدد مخالفة للسنّة وعقلانية واتباعا للرّأي والهوى!
أصبح لزوم السنّة عند الظّاهرية الجدد يقتضيالتزام ظاهر الأمر أو النّهي أو الفعل النبويّ،ليس في الأمور التعبّدية المحضة، فحسب، بل كذلك في الأمور التي يعقل معناها وتعرف الحكمة الكامنة خلفها.. يتمسّكون بالظّاهر في مثل هذه المسائل من دون اعتبار للمرادمن الأمر أو لعلّة النّهي التي قد تنتفي في بعض الأحوال، ومن دون مراعاة للباعث على الفعل.. النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ثبت عنه أنّه قال: “فليبلّغ الشّاهد الغائب، فرُبّ مبلَّغ أوعى من سامع”، ما يعني أنّ الحديث النبويّ قد يحتاج إلى وعي وفقه وفهم، ولا يُوقَف عند ظاهره، والصّحابة رضي الله عنهم ثبت عنهم أنّهم نظروا في كثير من النّصوص إلى عللها والأحوال التي نزلت أو قيلت فيها، فهذان مثلا الخليفتان الراشدان أبو بكر وعمر –رضي الله عنهما- اتفق رأيهما على تعليق العمل بإخراج سهم المؤلّفة قلوبهم من الزّكاة، مؤقّتا، عندما استقوى المسلمون واستغنوا عن غيرهم، ولم يقل أحد من الصّحابة إنّ الخليفتين خالفا الآية القرآنية وعمل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والعجيب في أمر بعض الظّاهرية الجدد أنّهم عندما يواجَهون بهذه الواقعة المشتهرة، يردّون بأنّ أبا بكر وعمر، من الخلفاء الراشدين الذين أمِرنا باتباع سنّتهم مع سنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.. لكنْ هل نحن مأمورون باتباع سنّة الخلفاء الرّاشدين في آحاد المسائل، أم في تعاملهم مع النّصوص واهتمامهم بفقهها والنّظر في مدلولاتها والأحوال والوقائع التي تنزّل عليها.
وهكذا أيضا في القصّة المشهورة حينما قال النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- للصّحابة الذين أرسلهم إلى بني قريظة: “لا يصلينّ أحدكم العصر إلا في بني قريظة”، وحينما أدركتهم العصر في وسط الطريق وخافوا أن يخرج وقتها، صلاها بعضهم وقالوا إنّما قصد النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- أن نسرع في المسير ولم يقصد أن نؤخّر الصّلاة حتّى يخرج وقتها، بينما صلاّها بعضهم الآخر في بني قريظة بعد خروج وقتها، وهؤلاء أيضا لم يتمسّكوا بظاهر الأمر النبويّ إنّما تمسّكوا بفقهه، لأنّ النبيّ –عليه الصّلاة والسّلام- كان لا يزال حيّا بين أظهرهم وقد يكون أمره في تلك الواقعة مخصصا للأمر القرآني العامّ بإقامة الصّلاة في وقتها، ولو سلّمنا بأنّهم تمسّكوا بظاهر الأمر النبويّ، فإنّهم لم ينكروا على الفريق الآخر نظرهم في المراد ومخالفتهم للظّاهر.
لعلّ من أكثر المسائل التي تعطي أوضح الأمثلة على شطط الظاهرية الجدد في القضايا الخلافية، مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر، هذه المسألة التي يصرّ الظّاهرية الجدد على إثارتها كلّ عام، ولو وقفوا عند حدّ الانتصار للرّأي القائل بإخراجها قوتا، لكان لهم الحقّ في ذلك، لكنّهم يشتطّون في تسفيه الرّأي الآخر واتّهام أصحابه بمخالفة السنّة ومخالفة عمل الصّحابة واتّباع الرّأي والهوى! مع أنّ الخلاف في المسألة قديم وقد كان خلافا معتبرا بين المختلفين، يعذر فيه بعضهم بعضا، وكيف لا يعذر بعضهم بعضا وبين القائلين بإخراج الزّكاة قوتا صحابة كرام وأئمّة أعلام، وفي الطّرف الآخر من لا يقلّون وزنا وشأنا عن هؤلاء؟
مع التّأكيد على أنّ الخلاف في المسألة لا يزال قائما ومعتبرا، ولا يضرّ المسلم أن يأخذ بهذا الرّأي أو ذاك، وأنّ ما ينبغي أن ينكر هو محاولة إلغاء أحد الرّأيين وتسفيه القائلين به أو تصنيفهم.. فإنّ الخلاف حول زكاة الفطر في زماننا هذا يفترض أن ينحسر، ونحن نرى النّقود أصبحت عصبا للمعاملات، ونرى واقع النّاس في إخراج زكاة الفطر مالا يفرض نفسه، وبالعودة إلى زمن الصّحابة فإنّنا وبالنّظر والتأمّل نجد أنّ إجماعهم العمليّ –المؤقّت- على إخراج زكاة الفطر قوتا، كان بما أملاه الواقع، والدّليل على ذلك أنّهم تعدّوا المنصوص إلى أصناف أخرى في أماكن وأوقات أخرى، وقال بعضهم بإجزاء البدل، وقال بعضهم بإجزاء القيمة، وعملوا به، قال التابعي أبو إسحاق السبيعي (توفي رحمه الله سنة 127هـ): “أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام” (مصنف ابن أبي شيبة)، فمَن هؤلاء الذين أدركهم السبيعي غير الصّحابة؟ يضاف إلى هذا أنّه لم يثبت عن صحابيّ واحد منع إخراج القيمة في زكاة الفطر. ولهذا عندما تولّى عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- الخلافة واتّسع نطاق استعمال النّقود في البيع والشّراء، أخذ زكاة الفطر نقودا.
الصّحابة المتأخّرون والتابعون وأتباعهم والأئمّة والعلماء الذين أجازوا إخراج القيمة في زكاة الفطر لم يخالفوا حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا عمل الصّحابة، إنّما نظروا إلى العلّة المعقولة في زكاة الفطر وأنّها ليست سدّ حاجة الفقير إلى الطّعام، فحسب، إنّما سدّ حاجتهإلى ضروريات العيش عامّة وكفّ يده وحفظ ماء وجهه عن السّؤال، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم”، والفقير قد يتوفّر لديه الطّعام، وتكون به حاجة إلى ضروريات أخرى، تتنوّع وتستجدّ بتغيّر الزّمان والمكان والحال.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 10:34 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى