رد: انتفاضة العقيدة
17-04-2008, 09:30 PM
اقتباس:
الأخ الحبيب الأثري - حفظك الله و رعاك - إن كنت لا تملك الكلمات الراقية، فمعك الحجج الواقية، ورُبّ صاحب باطل زيّن باطله بجمال اللسان، و كم من صاحب حقّ أرجئ حقّه لضعف البيان، و من اقتطع بالباطل بلحن كلامه فقد أخذ قطعة من النار، غير أني أقول لك يا أخي زادك الله بصيرة و تقى، و جمّل لسانيْك، اللسان و القلم بالبيان، و ما دعوتني إليه أجبتك ما أمكنني. قد عاد نهج أهل الأثر بعد أن كاد أن يعفى عنه في أزمان قد خلت، و رجْعتُه كانت علمية أكثر منها عملية، فكان من المعقول أن يكون له من الأعداء كما هي سنّة الله مع رسله، يجعل لهم شياطينا من الجنّ و الإنس ليصدّوا عن السبيل الحقّ، و كان الواجب على الرسل و أتباعهم أن يبيّنوا الحقّ و يردّوا الباطل بأفصح بيان، و أن يصبروا على الأذى الذي يلحقهم من ورائه. لكن هناك بضع مسائل ينبغي أن تعلم بخصوص الردّ على المخالفين، أجملها متناثرة كما تجول هي في خاطري: - خير سبيل للردّ على المخالفين هو بالتمسّك بنهج السّابقين و بيان محاسنه بالفعال ثم بالأقوال، فيلزم من يكون على سبيل السلف الصالحين أن يتمثّل طريقهم، و يقتفي أثرهم، و لو كان سائرا في خفارته لوحده، كما قال القائل منهم:"عليك بسبل الهدى و لا يمنعنّك قلّة السالكين، و إياك و سبل الضلالة و لا يغرنّك كثرة الهالكين"، لأن هناك حقيقة من يخالف هديه هدي السلف و هو يرفع عقيرته بالدّفاع عن طريقتهم، فيجني عليه بفعاله أكثر ممّا جنى عليه المخالفون، و الأمثلة على هذا لا تحصى، و أقلّها أولئك الذين يسيؤون الأدب مع الموالف قبل المخالف. - قد كثرت السهام التي تريد إصابة مقاتل أهل الأثر، و بعضها رميها شديد و بعضها ما هو دون ذلك، و لا يلزم علينا أن نردّ على كلّ من تكلّم، ففي الكثير من الأمور منها يلزم فقط الإجمال دون التفصيل، لكن بالتدليل، لا بالتذييل، فنردّ على ما يستحقّ الردّ، و أما كلام الأوباش و الأغمار فذلك ما لا ينبغي أن نقيم له وزنا، و قد ضربت لهم مثلا من قبل، فقلت :" إنّ التبن إن كثر الجدل حوله رفع الرّعاع ثمنه، و هذا ما لا نبغيه"، و كم من رويبضة لا يحسن حتى تقويم لسانه قد جعل له وزن بين الكتّاب، فقط لكثرة ما يُردّ على تراهاته. - اجتناب الجدال و المناظرات: و هذه عقيدة قد عقدتها قلوبنا و تلقّتها عقولنا بالقبول، أنّ من أكثر في دينه الخصومة أكثر التنقّل، و أن جدال أهل الزيغ عادة لا يأتي بخير، هذا إن لم يضرّ بصاحبه، و أنه لا ينبغي أن يتصدّى له إلا من رسخت قدمه في العلم و تزيّن بزينة الحلم و الأدب، و بعض أهل الباطل لهم أساليب مريبة و ماكرة في إقناع القارئ مع ضعف حجّتهم، و أساليب أخرى لتوهين حجج أهل الحق، و كم من أقدام زلّت و كان بداية انحرافها من باب الجدال و المناظرات لنصرة مذهب السلف، بدأت بخير، ثم اشتبكت عليها الشبه، ثم ضلّت الطريق، و أقلّ ما يمكن أن يقال عنها أنها تورث قسوة القلب، و إلاّ فهي للراسخين من أبواب الجهاد العظيمة التي ينبغي أن يرفعوا رايتها في عالي السماء، ليرى الخلق الحق حقا و المنكر منكرا. - و إن وصل بالمرء إلى الجدال فلا يجادلن إلا من يعتقد أنّ الحق مراده، و أنه مقبل عليه لو بان له، و تارك للتعصب للآراء و أهواء الرجال، و أما من رأيته على غير ما قدّمت، فأعرض عنه كإعراضك عن الجيفة، فإنه لا خير يؤمل منه، فإنه لو رأى الشمس بازغة في رابعة النهار لأصرّ أنها بدر الدجى، فأولئك من أشربت الأهواء قلوبهم و تمكّنت من عقولهم. و يبقى الردّ على شبههم إن كان الحال يستدعي ذلك حتى لا يغترّ غيرهم بها، و الله أعلم. - أهل السنّة هم أعرف النّاس بالحقّ، و أرحمهم بالخلق، و أذكى البشر و أزكاهم، و لم يغلبهم أحد قطّ بقوة حجّة و لا برهان، و ما بزغ قرن من خالفهم إلا بالمنعة و السلطان، أو المال و النفوذ و حشد الجماهير. و أهل السنّة هم أهل إحسان و إنصاف، لا أهل عدوان و إحجاف، فإن ردّوا فلأجل الأمانة و رأفة بالمخالف، و أحسنوا إليه في ردّهم، فإن كانوا يحدّثون بحديث :".. فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، و إن قتلم فأحسنوا القتلة" و هذا في حق البهيمة، فالإحسان إلى من خالفهم من أهل الملّة من باب أولى، و قد يكون الإحسان في لين الجانب أحيانا و قد يكون أحيانا أخرى أقلّ من الأولى بالشدّة. - المثبّطون من الخارج كثير، و المندسّون من الداخل أشدّ خطرا و فتكا، و هذا ما دفع الأوائل إلى القيام بالوظيفة الجهادية لحراسة المبادئ و القيم، فورثناها كما ورثنا من عندهم العلم و الهدى، فيلزمنا أن نهتم بالعلم و الدعوة في المقام الأول، و أن لا نهدر الكثير من أوقاتنا في الردّ على المخالفين مع كثرتهم، و أضرب مثلا لرجل بنى قصرا و عمره بكل خير، ثمّ جيّش الجيوش حول الأسوار ليحمي حصنه ضدّ البغاة، و بين رجل طوّق فراغا واسعا و زعم أنه سيبني بداخله قصرا، وظلّ حياته و هو يحامي و يردّ ليحمي بيضة الخواء و الخلاء. - هناك الكثير ممّن تصدّى للكتابة في بعض المواقع أو الجرائد ممّن يحاول أن يجرّم وظيفة الردّ على المخالف، و منهم من يريد أن يعطّلها بتمامها و منهم من يريد أن يحصرها في مسائل هزلية، بل و البارحة قرأت مقالا زعم صاحبه أنّ الكثير ممّا يقع هو من جرح الأقران الذي يطوى و لا يروى، و الحقّ أنّ الكاتب قد أتي من جهة قلّة علمه، وعدم إدراكه لخصوصية جرح الأقران، وأنه لا يمكن التعميم، فإنه لو قام قائم و ردّ مخالفة لقائل ما بالحجج البينات، فإنها تقبل منه و لو كان القائل بالمخالفة من هو أرفع منه مقاما، سواءا علما أو سنّا، و جرح الأقران هو ما لا بيّنة فيه في الأغلب إلا أمورا شخصية تحاك في صدر كل واحد، كما ينقل ما كان بين الإمام مالك و بن أبي ذئب و غيره، و لو عملنا بزعم الكاتب لرددنا كلام الكثير من الأئمة في الردّ على أساطين أهل البدع، و لسكت عن الكثير منهم، سوى لأنّ الرادّ هو من أقران المخالف، و هذا ما لم يعمل به واحد من أهل العلم على عمومه، فالأصل أن الرد المدلّل مقبول حتى يظهر ما يدفعه من باب جرح الأقران و غيره، و من أراد مثالا جزائريا فإليه النقطة الموالية. - الردّ على المخالف هو وظيفة لم يتركها المصلحون في كل زمان و مكان، و في أعسر الظروف لم يتركوها، نصيحة لله و لرسوله و لكتابه و لأئمة المسلمين و عامّتهم، و قد قامت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وقت الاستعمار الفرنسي بهذه الوظيفة أحسن قيام، قردّت على المخالفين لها في الأصل كالقبوريين و الطرقيين، كما ردّت على ابن جلول الذي نظّم زردة ما أنزل الله بها من سلطان، و ردّت حتى على الكبار حين خالفوا في مسائل لو طرحت اليوم لاتّهم المتناول لها بأقبح الألقاب (مهوّن، يهتم بالشكليات و القشور، و نحن بأمسّ الحاجة لتوحيد الصفّ ضدّ الأعداء.. يريد أن يفرّق جماعة المسلمين بكلامه عن التوحيد و مسائل العقيدة التي عفا عنها الزمان..و..و..)، و مثل ذلك الكلام لا يقوله رجل امتدّت رائحة العلم إلى أنفه، فقد ردّ العلامة عبد الحميد بن باديس و كذا زملاؤه في النضال على شيخ الإسلام كما لقّبوه، العلامة الطاهر بن عاشور، في مسألة قراءة القرآن على الأموات، فقد بيّنوا الأدلّة و أغلظوا في الردّ في بعض الأحايين حسب ما يقتضيه الحال، إلا أنهم لم يخرجوا في ذلك عن سمت أهل العلم، و نستفيد من ذلك كلّه أمران: · الردّ على المخالف مسؤولية محتّمة و لو كنّا تحت نير الاستعمار، فإنها لن تسقط ما دام فينا رمق يقدر عليها، و لو كان المخالف فينا مرجوّا، إلا أنه ينبغي أن تحفظ له كرامته و يقدّر له مقامه في العلم. · لزوم الأدب و الإحسان و بيان الدليل، و أن لا يكون مراد الرادّ إلا ابتغاء الحقّ و الشفقة على المخالف. و لا شكّ أنّ هناك من أراد أن يعطّل هذه الوظيفة الجهادية و هو مخطئ، و هناك من قام بها على غير وجهها و اساء الأدب و هو مخطئ، و الحق ما كان عليه السلف في الجمع بين جميع معاني الدّين. فهذه بضع خواطر أمليتها من لوحة المفاتيح مباشرة، عساني أن أكون قد أصبت في أغلبها، و ما تصدّيت لكتابتها إلا لأني رجوت أن أذاكر العلم مع إخواني طلبة العلم، و الله الموفّق. (و أشير إلى نوع من الردود، و هي الردود الأدبية التي هي على مذهب الأدباء، و فيها يظهر الكتّاب براعتهم في بيان حال المخالف و لن تخلو من حجج علميّة منمّقة في قالب أدبي راق، و ممّن أبدع في هذا الباب، أمير البيان، محمد البشير، و ردّه على عبد الحي الكتّاني لا يزال باق كصرح أدبي تنيخ أمامه الأقلام الرفيعة) |
سبحان الله وكأنك تعيش في قلبي
والله لقد أثلجت صدري
قرأت مقالك كاملا ففرحت به وسأحاول جاهدا أن أعمل بنصائحك القيمة
ماشاء الله تبارك الله
لقد إستفدت منك كثيرا
الله يحفظك
والله لقد أثلجت صدري
قرأت مقالك كاملا ففرحت به وسأحاول جاهدا أن أعمل بنصائحك القيمة
ماشاء الله تبارك الله
لقد إستفدت منك كثيرا
الله يحفظك
من مواضيعي
0 يغفر ذنبك عند كل وجبة طعام!
0 غير مسجل هذه دعوة مني لك لتأمل هذه الآية: (( فلنحيينه حياة طيبة))
0 [ جديد ] 24 بطاقة دعوية حول فضل وأعمال عشر ذي الحجة
0 توصيات ونصائح للطلاب مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2014م/2015م
0 افتراضي تهنئة العيد من بذرة خير إلى كل الأعضاء خاصة بذرة خير
0 نبشر كل مؤمن ومؤمنة في العالم بأن الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله حي يرزق وهو يتمتع بصحة جيدة
0 غير مسجل هذه دعوة مني لك لتأمل هذه الآية: (( فلنحيينه حياة طيبة))
0 [ جديد ] 24 بطاقة دعوية حول فضل وأعمال عشر ذي الحجة
0 توصيات ونصائح للطلاب مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2014م/2015م
0 افتراضي تهنئة العيد من بذرة خير إلى كل الأعضاء خاصة بذرة خير
0 نبشر كل مؤمن ومؤمنة في العالم بأن الشيخ أبوبكر الجزائري حفظه الله حي يرزق وهو يتمتع بصحة جيدة