رؤية إسلامية للإستشراق
05-04-2018, 09:29 AM
رؤية إسلامية للإستشراق
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
هذا مقال ماتع رائع جامع مبين مفصل للرؤية الإسلامية للإستشراق، وهو من تدبيج يراع الأستاذ: مساعد صالح محمد، والذي لخص فيه مضمون كتاب:( رؤية إسلامية للإستشراق) من تأليف الأستاذ: أحمد غراب، وقد لخص الأستاذ: مساعد الكتاب المذكور على نمط يسير لتسهل قراءته، فجزى الله الأستاذين خير الجزاء، وإلى المقال الذي ننشره بتوفيق الله على حلقات بتصرف يسير، نسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين:
_____
للإستشراق تعاريف كثيرة، ولكن خلاصتها:
" أنها دراسات أكاديمية يقوم بها غربيون كافرون من شتى الجوانب:( عقيدة، شريعة، ثقافة...) بهدف التشكيك بالإسلام وتشويهه".
وللإستشراق خصائص منها: أنها دراسات ذات ارتباط وثيق بالاستعمار الغربي، ولها ارتباط أيضاً بالتنصير، ولها قرار سياسي ضد الإسلام والمسلمين.
ولاشك أن الإستشراق ليس ظاهرة جديدة، فهو في جوهره:
" موقف عقائدي وفكري معادٍ للإسلام، يقف الكافرون ضد هذا الدين بوجه عام، وبعض اليهود والنصارى بوجه خاص".
_______
لا يخفى علينا: أن المشركين لهم موقف من مصدر الرسالة:(وحي الرسالة)، وترديدهم تلك الافتراءات والكذب على شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فتارة يقولون:" أضغاث أحلام، وتارة: قول كاهن، وتارة: قول شيطان، وتارة: قول البشر، وتارة: أساطير الأولين"، وقد جاءت تلك الأوصاف كلها في القران.
وهؤلاء المستشرقون يرددون افتراءات المشركين بالزعم: أن القران من قول البشر، والقول بأن الرسول مجنون، وغيرها من الافتراءات بهدف التشكيك بالإسلام.
أما موقف اليهود من الإسلام والمسلمين، فقد لجئوا إلى تشويه الإسلام عن طريق تأويل معاني القران تأويلاً فاسداً لا يستقيم مع المراد من كلام الله.
قال تعالى:[أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ].(البقرة:٧٥).
واستخدم اليهود وسيلة أخرى لتشكيك الناس في دينهم، وهو التلبيس، أي: تلبيس الحق بالباطل: لتعمية الحق وتشويهه، وكذلك إخفاء الحق جملة واحدة، كما أثاروا الشبه حول القران وحول الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت الفرية التي يرددها المستشرقون هي قولهم: (بتناقض القرآن).
مع العلم أنه يوجد هناك مئات لكتب التفاسير التي تفسّر القران تفسيراً كاملاً واضحًا، بحيث تطمئن إليه النفس مثل: تفسير ابن كثير والشوكاني وغيرهم.
ومن وسائل اليهود لتشويه صورة الإسلام هو: تظاهرهم باعتناق الإسلام، ثم الارتداد عنه لإيهام المسلمين: أنهم اكتشفوا في القران عيباً ونقصا!!؟.
كما أن هدف اليهود هدف واضح في العقيدة الإسلامية، وهو أن يرتد المسلمون عن دينهم، يقول الله تعالى:
[ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ].( البقرة:١٠٩).
__
وأما بالنسبة لنظرة الغرب للإسلام، فإنه ينظر إليه نظرة تمثل خطراً حقيقياً وعقائدياً وحضارياً وحربياً على أوروبا النصرانية.
فمنذ القرن الأول الهجري(السابع الميلادي): كانت قوة الإسلام متكاملة من جميع النواحي في نمو مطرد وانتشار مستمر.
وخلال القرون الثلاثة الأولى شملت الفتوحات الإسلامية بلاداً كثيرة ومناطق شاسعة ذات أهمية حيوية كانت تابعة للإمبراطورية الرومانية النصرانية.
وامتد الزحف الإسلامي تدريجاً إلى شبه القارة الهندية وأند ونسيا والصين في آسيا بالإضافة إلى امتداده إلى إفريقيا.
ولم تكن الفتوحات الإسلامية مجرد فتوحات حربية، بل كانت في كثير من جوانبها حضارية وعقائدية، فقد دخل كثير من الناس وكثير من النصارى في الإسلام.
وكانت أوربا تشهد هذا التوسع الإسلامي، وهي تمر بفترة من التخلف والجهل، وقد وصفها المؤرخ:( جيبون) بأنها:" أحلك الفترات في التاريخ الأوروبي".
وقد شن الغرب النصراني على المسلمين حروبا صليبية استمرت نحو قرنين، وقد انتهت تلك الحروب بالفشل الذريع.
وفي موجة الفتح الإسلامي الثانية: فتح المسلمون القسطنطينية، ووصلوا خلال القرن الخامس عشر الميلادي إلى مشارف أوروبا الغربية، وحاصروا فيينا ١٥٢٩م.
وفي نهاية القرن التاسع عشر: كان الإسلام ممثلاً في الدولة العثمانية هو: التحدي الحقيقي للحضارة الغربية النصرانية.
____
لاشك أن المستشرقين تخوفوا من الإسلام مع الجهل به والحقد عليه حتى بدؤوا يقولون: إن العقيدة الإسلامية تحتوي على انحرافات، وأن الإسلام دين العنف، وأنه الدين يدعوا إلى الانغماس في الشهوات، وأن في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم ضعفاً أخلاقياً، وأنه قد ألّف دينا زائفا، بل كان النصارى في أوربا يحرفون اسمه من(محمد) إلى (ماهوند)، أي: الشيطان.
____
ومن أهدافهم لتشويه صورة الإسلام هو: عدم انتشار هذا الدين الإسلامي، وتشكيك المسلمين في دينهم حتى يرتدوا.
ولاشك أن الصورة المشوهة للإسلام والعرب مازالت مستمرة في الدراسات الإستشراقية، وفي وسائل الإعلام كما شهد شاهد من أهلها:( ادوارد سعيد).
ونذكر بعض الأمثلة على سبيل التمثيل لا الحصر عن بعض المستشرقين في كلامهم عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم والوحي:
١/ المستشرق: أليوس سبرنجر في كتابه عن:( حياة محمد وتعاليمه) يزعم: أن الرسول كان مصاباً بالصرع والهستيريا معاً!!؟.
٢/ المستشرق: ماكدونالد في:( مجلة المنصرين) يصف الإسلام: بأنه ليس أكثر من هرطقة اريوسية من الدرجة الثانية!!؟.
٣/ المستشرق: مونتجمري في كتابه:(محمد النبي ورجل الدولة) يزعم: أن القرآن ليس وحيا، وإنما هو من إنتاج الخيال المبدع، والقران مأخوذ من اليهودية والنصرانية!!؟.
يتبع إن شاء الله.