من كتاب الإسلام والإيمان والإحسان والواقع المعيش- الوضـوء
18-04-2012, 08:55 AM
الوضوء لغة هو الحسن والنظافة، أما شرعا فهو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة بكيفية مخصوصة(1)، وهو شرط لصحة الصلاة، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمُ إِلَىالصَّلَاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمُ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ... ﴾(المائدة/6)(2)، فعلى المؤمن أن يتطهر من الحدثين الأكبر والأصغر قبل أن يقوم للصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَامِنِْامْرِئٍيَتَوَضَّاُفَيُحْسِنُوُضُوءَهُ ثُمَّيُصَلِّيالصَّلاَةَاِلاَّغُفِرَلَهُمَابَيْنَهُوَبَيْنَالصَّلاَةِالاُخْرَىحَتَّىيُصَلِّيَهَا »(3)، وقال أيضا: « اِنَّأَحَدَكُمْإِذَاتَوَضَّأَفَأَحْسَنَالْوُضُوءَ،ثُمَّأَتَىالْمَسْجِدَلاَيَنْهَزُهُاِلاَّالصَّلاَةُ،لَمْيَخْطُخَطْوَةًاِلاَّرَفَعَهُاللَّهُعَزَّوَجَلَّبِهَادَرَجَةً، وَحَطَّعَنْهُبِهَاخَطِيئَةً،حَتَّىيَدْخُلَالْمَسْجِدَ »(4).
الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة، وله فرائض وسنن، فالفرائض لا يتحقق الوضوء إلا بها، أما السنن فهي ما كان يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة على الفرائض، إذا قام بها المتوضئ يثاب على فعلها وإذا تركها يصح وضوءه.
فرائض الوضوء سبعة وهي: 1- النية ومحلها القلب ولا دخل للسان فيها والتلفظ بها غير واجب، زمنها في أول الوضوء ولا يشترط استحضارها إلى آخره، والنية هي أن ينوي المتوضئ في قلبه فعل فرائض الوضوء، 2- غسل الوجه، 3- غسل اليدين مع المرفقين، 4- مسح جميع الرأس من منابت شعر الرأس المعتاد من الأمام إلى نقرة القفا من الخلف، 5- غسل الرجلين مع الكعبين، 6- الموالاة: وهي غسل العضو قبل أن يجف العضو الذي قبله، 7- دلك الأعضاء وهو إمرار اليد على العضو، كتخليل الشعر، وأصابع اليدين.
ففرائض الوضوء عند المالكية سبعة وهي: النية، غسل الوجه، غسل اليدين مع المرفقين، مسح جميع الرأس، غسل الرجلين مع الكعبين، الموالاة، ودلك الأعضاء(5).
أما سنن الوضوء تسعة وهي: 1- غسل اليدين إلى الرسغين، 2- المضمضة، 3- الإستنشاق، 4- الإستنثار، 5- مسح الأذنين ظاهرا وباطنا، 6- تجديد الماء لمسح الأذنين، 7- الترتيب بين أعضاء الوضوء، 8- رد مسح الرأس، 9- تحريك الخاتم حتى يصل الماء إلى تحته(6).
وللوضوء تسعة فضائل وهي: 1- الوضوء في موضع طاهر، 2- تقليل الماء، 3- تقديم الميامين على المياسير، 4- وضع الإناء الذي يمكن الإغتراف منه على اليمين والضيق الذي يصب منه الماء على اليسار، 5- البدء بأول الأعضاء عرفا كأعلى الوجه، وأطراف الأصابع ومقدم الرأس، 6- الغسلة الثانية والثالثة في كل مغسول، ولو الرجلين، 7- الإستياك قبل الوضوء، 8- التسمية في أول الوضوء، 9- الترتيب بين السنن والفرائض(7).
نواقض الوضوء ستة وهي: 1- ما خرج من أحد السبيلين – القبل والدبر- من بول أو غائط أو ريح أو صوت أو مذي أو ودي أو مني أو هادي، 2- غياب العقل بجنون أو صرع أو إغماء أو سكر بالخمر أو تخدير بالبنج، 3- النوم الثقيل، 4- المس بقصد الشهوة أو وجدانها، 5- مس الذكر بغير حائل، 6- الشك في الحدث(8).
وهناك أخطاء يرتكبها المتوضئ أثناء وضوءه منها: الجهر بالنية عند الوضوء، الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء، الإسراف في ماء الوضوء، عدم إسباغ الوضوء، عدم التنزه من البول، الإحتقان أثناء تأدية الصلاة، إدخال اليدين في إناء الوضوء قبل غسلهما، ترك التسمية عند بدء الوضوء، مسح الرقبة في الوضوء، غسل الفرج قبل كل وضوء ولو لم يحدث، عدم إكمال غسل اليدين إلى المرافق، ترك مواضع في البدن لا يصلها الماء عند الوضوء أو الغسل، عدم تحريك الخاتم حتى يدخل الماء تحته، القيام إلى الصلاة بعد أن يأخذه النوم أثناء انتظار الصلاة، هذه بعض الأخطاء التي يرتكبها المتوضئ أثناء وضوءه(9)، والحقيقة أن كل ما يتعلق بالوضوء والصلاة يجب أن يعرفه المؤمن البالغ، إلا أن العكس هو الذي يحدث، يبدأ المسلم في البحث عن هذه الأمور عندما يحال على التقاعد ويتقدم به العمر؛ وكأن العبادة من المكملات وليست هي الأساس.
عند عدم وجود الماءأو عدم القدرة على استعماله لضرر أو تأخر برء أو غير ذلك من الأسباب المشروعة يستعمل بدله التيمم، قال تعالى: ﴿ ... وَإِن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنْتُم مََرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ اَوْ جَاءَ احَدٌ مِنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُّرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾(المائدة/6)(10).
يصلى بالتيمم فريضة واحدة مع ما بعدها من النوافل، وفرائض التيمم عند المالكية هي: 1- النية، 2- الضربة الأولى وهي استعمال الصعيد الطهور، 3- تعميم مسح الوجه، 4- مسح اليدين إلى الكوعين، 5- الموالاة بين أجزائه وبينه وبين ما فعل من الصلاة، فلا يصح التفريق بين التيمم وفعل الصلاة بزمن يخل بالموالاة وإلا بطل(11).
أما سنن التيمم فهي: الترتيب بأن يبدأ بالوجه قبل اليدين، مسح الذراعين إلى المرفقين، تجديد ضربة ثانية لليدين، نقل ما تعلق باليدين من الغبار إلى العضو الذي يراد مسحه(12).
وأمر المسلمين اليوم غريب!، فهناك من لا يعلم من التيمم شيئا وإن كان يعلم بعض أمور الوضوء، يسهر الليالي، يجد ويجتهد من أجل الحصول على شهادة الماجستير أو الدكتوراة أو غيرهما، أما أن يكلف نفسه بعض الدقائق لمعرفة أمور العبادة، خاصة تلك التي يمارسها يوميا كالوضوء أو التيمم أو الصلاة فهذا غير ممكن؛ لأن وقته ضيق ولا يسمح له بذلك.
اقتصرت في هذا الفصل على ذكر بعض أمور الصلاة وما يتعلق بها من طهارة ووضوء وتيمم وغيرها من دون تفصيل، وذلك لأني لا أقصد تقديم دروس في فقه العبادات، وإنما أريد فقط أن أشير إلى ما لاحظته من إهمال أو جهل من طرف بعض المسلمين لأمور دينهم، وإذا تحدثت معهم؛ أظهروا لك أنهم أفقه الناس في الدين وأتقاهم لرب العالمين ....آمين، ولكن العاقبة للمتقين.
هناك من لا يفرق بين الفرض والسنة والمندوب، فيبالغ في المحافظة على مندوب أو سنة على أنه فرض، ولا يلقي بالا للفرض على انه سنة أو مندوب أو يحرص كل الحرس على تأدية العبادات إذا كان في جمع بما فيها من نوافل، أما إذا خلا لنفسه تهاون وتكاسل في التأدية.
ــــــــــــ
(1)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص46.
(2)- تتمة الآية (وَإِن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنْتُم مََرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ اَوْ جَاءَ احَدٌ مِنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُّرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ).
(3)– كتاب الموطأ للإمام مالك بن أنس(كتاب إسعاف المبطأ برجال الموطأ)، ص44.
(4)– سنن ابن ماجة، المجلد الأول ص103.
(5)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص57- 59. (6)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص68.
(7)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص74.
(8)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص79-87.
(9)- ينظر من أخطاء المصلين على أحكام المذهب المالكي، ص7-15.
(10)– أول الآية( يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمُ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمُ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ).
(11)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص157- 162.
(12)- ينظر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المجلد الأول ص163.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم برواية ورش.
- عبد الرحمن الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت، المجلد الأول.
- الإمام مالك بن أنس، كتاب الموطأ، والإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، كتاب إسعاف المبطأ برجال الموطأ، قدم لهما وراجعهما ونسقهما فاروق سعد، منشورات دار الأفاق الجديدة بيروت، الطبعة الثانية1401هـ -1981م.
- الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، سنن ابن ماجة، المجلد الأول 1395هـ - 1975م، دار إحياء التراث العربي.
- مجموعة من العلماء، من أخطاء المصلين على أحكام المذهب المالكي، دار الاعتصام للطبع والنشر والتوزيع.
بوداود جلولي
.../...