الحنش والحبيلة! / بقلم جمال لعلامي
13-06-2015, 06:52 AM


ظاهرة غريبة، أصبح المجتمع الجزائري، يتعامل بها مع تطورات الحياة، خلال السنوات الأخيرة.. الشروع في شراء ملابس العيد قبل العيد، وقبل رمضان أيضا بأسابيع وأيام، فلماذا يا تـُرى؟
أعتقد، أن "اللاثقة" والخوف من الغد، هو الذي دفع المستهلك الجزائري إلى تكييف تصرفاته وقراراته وخططه مع واقع "مافياوي" فشلت وزارتا التجارة والفلاحة، والحكومات المتعاقبة، على التصدّي لها وضربها بالحلول والبدائل، قبل قصفها بيد من حديد!
الموظف الذي يشتري ملابس العيد لأبنائه قبل دخول رمضان، "أندعر" من التجارب المرّة السابقة، فأصبح يتعامل مع الأشياء وفق منظور "ألـّي ڤرصو الحنش يولـّي يخاف من الحبيلة"!
إشعال النار في الأسعار هو الذي حرّض المواطن البسيط، على ادخار الجزر و"القرعة" والبصل والثوم قبل حلول رمضان، وشراء الجوارب وملابس العيد قبل تاريخ العيد بأسابيع كثيرة!
لكن، مثلما تفطن الزبائن و"فاقو"، فقد تفطن أيضا التجار "عديمو الذمة" وفاقوا هم أيضا، فأصبحوا يرفعون التعريفة وبورصة الأسعار قبل حلول رمضان وعيد الفطر وبعده عيد الأضحى ومختلف المناسبات التي تحوّلت إلى فرص لملء الجيوب بالمسروقات!
نعم، الوزارات المعنية بالمراقبة وتنظيم السوق وقمع الغشّ، تتحمل المسؤولية، مثل ما يتحمل التجار وزر هذا النهب المبرمج، لكن المستهلك يتحمّل بدوره جزءا من هذا الواقع المرّ والقاتل للقدرة الشرائية!
المصيبة، هي أن تتحمّل حلول العيش بالتحايل والمراوغة، وهذا دليل على الانفلات وعدم الالتزام بالقانون كمسيّر لفئات المجتمع الواحد، ولذلك كلما عاد رمضان والعيد التهبت الأسعار، ولم نسمع بإلقاء القبض على المتورطين الحقيقيين، باستثناء التراشق بالتهم!
إنـّنا أمام واقع جديد، مؤسف، مضحك ومُبك في نفس الوقت، وهذا التفكير الاستهلاكي الجديد، يضرّ أكثر ممّا ينفع، ويُغذي الفوضى ويمدّد عمرها، ويُبقي بالتالي على نفس الأسباب في نفس الظروف فتكون نفس النتائج.. نهب وسلب ونصب، ومسح للموس في رمضان!
هكذا هي المقاربة: إذا عمّت خفـّت، الكلّ يُفتي لنفسه، فيُدخل يده في جيب الآخر.. الحكومة تتفرّج، التاجر يتفنـّن في البحث السريع، الزبون يطارد "الأرخص"، وفي النهاية الجميع لا يصوم إيمانا واحتسابا!