لماذا لا نغيّر اسم ملعب 5 جويلية؟
16-08-2015, 10:50 AM

الكاتب
عبد الناصر


يقول بعض علماء تركيا، بأن الفتوى القديمة، التي تفضل بها بعض فقهاء الدولة العثمانية بنهيهم عن إطلاق إسم محمد على المواليد الجدد، له ما يبرره في عصر قد يكون فيه حامل هذا الاسم المقدس من أكبر الفجار والزنادقة والشواذ، فيكرهه الناس ويلعنه اللاعنون اسما قبل صفة، هذا الأمر يمكن نقله إلى حالة ملعب 5 جويلية الذي لم يعد حكاية أشبه بالخيال، وإنما لغز محيّر أفتى فيه الوزير الأول ووزير السكن ووزير الشباب الرياضة وعدد من الولاة ورؤساء البلديات ومديرو الرياضة، من دون أن يتحرك رقم من الخامس ولا حرف من جويلية، في قصته العجيبة التي يتابعها الملايين من الجزائريين في دهشة، لأنها مرتبطة باللعبة الوحيدة التي يحبونها دون كل الرياضات والنشاطات، وهي التي تجمعهم بالجالية الجزائرية في الخارج على نشيد قسما وتحت راية الجزائر.
عندما كان عمر الجزائر المستقلة ست سنوات فقط، وفي زمن لا نفط فيه ولا ثروة، بعث الراحل هواري بومدين مشروع ملعب 5 جويلية الذي تم تدشينه في الذكرى العاشرة للاستقلال، فكان الأكبر والأجمل في إفريقيا والعالم العربي، وثالث أجمل ملاعب العالم، ولم تكن إسبانيا تمتلك ملعبا أجمل منه، ولم تمر سوى أشهر قليلة حتى ظهرت ملاعب أخرى مازالت بيتا لأكبر الأندية الجزائرية في قسنطينة ووهران وسطيف وتيزي وزو، بل إن التقني الفرنسي الشهير ميشال هيدالغو تساءل عن سبب عدم تقدم الجزائر بطلب لاحتضان كأس العالم في عام 1978 أي بعد ست عشرة سنة فقط من الاستقلال.

الآن وبعد أكثر من ثلاث وخمسين سنة عن الاستقلال، وبعد طوفان النفط الذي جنت منه الجزائر ألفي مليار دولار، وبعد أن أصبح في رصيد المنتخب الجزائري لكرة القدم أربع مشاركات في كأس العالم، يكتشف الجزائريون، بأن لا ملعب كرة واحد يمتلكون، ماعدا تلك التي أجزت في عهد بومدين أو الموروثة من عهد الاستعمار، التي تستقبل حاليا المباريات المحلية العاصمية، وحتى الملعب الذي التفّ حوله الوزراء بقيادة السيد عبد المالك سلال لأجل ترميمه وتهيئته وتوسعته بعد أن أغلق نهائيا في وجه المنافسة، اتضح بأنه غير مؤهل لاحتضان المباريات برغم السنوات والأموال والقرارات الصارمة والاعتماد على الأجانب ومتابعته من أعلى هرم السلطة ومن الشعب والإعلام أيضا التي أنفقت عليه، وعندما يكون هذا حال ملعب كرة في قلب عاصمة البلاد، موضوع تحت مجهر المراقبة شعبيا وسلطويا، فالسؤال المؤلم هو عن حال المنشآت الأخرى الموجودة في الجزائر العميقة وفي الجنوب بعيدا عن أنظار الناس والمسؤولين.

في ألعاب البحر الأبيض المتوسط لعام 1975 قدمت الجزائر ملعبها لدول متوسطية وصفته بالتحفة، وقرّبت بين إسمه والتحدي الذي رفعته الجزائر حديثة الاستقلال، فكان فخرا وعزة واسما على مسمى، أما الآن فالملعب تحوّل مرة إلى مسبح وطرفة الموسم على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم مقبرة ابتلعت شابين توجها للمتعة فهلكا في الملعب، وها هو الآن مغلق من دون تحديد الأسباب الحقيقية ولا حالته الحالية ولا صورته وموعد افتتاحه مستقبلا...

ألا يستحق تاريخ الخامس من جويلية أن ننزع عنه... هذا العار؟