تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية طارق زينة
طارق زينة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 14-09-2017
  • الدولة : سورية
  • المشاركات : 135
  • معدل تقييم المستوى :

    7

  • طارق زينة is on a distinguished road
الصورة الرمزية طارق زينة
طارق زينة
عضو فعال
الإنسان و الطبيعة
10-05-2018, 04:53 PM
بدأت الحياة تطورها على سطح الأرض منذ أن ظهرت (الأشنات)، أسلاف الحياة الأولى في البحار الضحلة، مستفيدة من إشعاع الشمس المستقر، حتى وصلت إلى أشكالها الحالية التي لا تكاد تحصى.
من بين أشكال الحياة هذه جميعها، يقف الإنسان على قمة هرم التطور الطبيعي، متفرداً بقدرات عقلية متميزة جعلته يسود كوكب الأرض، وربما عوالم أخرى كثيرة في المستقبل.
إن تفرد الإنسان بملكة العقل والتفكير يشكل استثناء من قاعدة التطور التي مرت بها بقية الأحياء على الأرض، وإذا أردنا الحديث بلغة الأرقام، فإن احتمال ظهور الحياة العاقلة على الأرض بالصدفة يكاد أن يكون معدوما. إنه احتمال ضئيل جداً لكنه يبقى احتمالاً قائماً لا يلغي إمكانية نشوء حياة راقية وعاقلة أخرى على كواكب غير الأرض، ويقدر العلماء عدد الحضارات العاقلة المحتملة في مجرتنا وحدها، بين مليون، وعشرة ملايين حضارة.
ما شكل هذه الحياة الأخرى العاقلة – إن وجدت؟ هل يأخذ أفرادها شكل الدلافين، أم القرود مثلاً، أم غير ذلك من أشكال لا نستطيع أن نتصورها؟ إننا لا نعرف الإجابة بعد، فلنسمها مجازاً (شبيهات الإنسان) مهما كانت صورتها المحتملة، ونقصد بذلك طبعاً الشبه العقلي والمعنوي، لا الشبه العضوي.



يتوقع أن يكون لشبيهات الإنسان أعضاء تقوم بوظيفة الأصابع، وأجهزة حسية متطورة، من سمع وبصر وشم، وأن تتميز بمستوى عالٍ من الوعي والشعور بحيث يمكنها ممارسة التفكير المجرد، والتخيل والإبداع والابتكار، دون أن تنتظر فائدة مادية مباشرة من وراء ذلك، لا بل أن تكون مستعدة للتضحية بكل غال ونفيس في سبيل مواقفها الإبداعية، كمثيلاتها من العباقرة والمصلحين الذين غيروا وجه المدنية الإنسانية ودفعوها قدماً في سبيل التطور على الأرض، و لعل الرغبة في التقدم و الازدهار احدى الخصائص الفردية التي يمتاز بها الجنس البشري تحديدا، فبعض الأنواع الحية تمتاز بذكاء فطري، لكنها تفتقر إلى الإبداع و التطوير: النمل مثلاً تحفر بيوتها بالطريقة نفسها منذ أن وجدت على سطح الأرض، والعنكبوت تنسج شباكها دوماً بشكلها المألوف، والنحل يبني خلاياه بالطريقة نفسها منذ آلاف السنين، ولم يحدث أن طورت هذه الأنواع الحية وغيرها كثير طريقة حياتها أبداً، في الوقت الذي شهد فيه النوع الإنساني تطوراً هائلاً انتقل فيه من الكهوف إلى معارج السماء.
لو تفحصنا الأمر بدقة، لوجدنا أنه بالإضافة إلى القدرات الطبيعية التي يتفوق بها الإنسان على بقية الأنواع الحية، من دقة في طريقة صنع أطرافه و أصابعه مكَّنته من صنع أدوات الصيد و إيقاد النار منذ فجر التاريخ، و بالنار استطاع صهر المعادن و صناعة الأسلحة و أدوات الصيد و الزراعة و بالتالي الاستقرار في مجموعات كانت نواة لإنتاج الحضارة في ما بعد، و قد ساعدته في كل ذلك مقدرته على التجريد التي أدت به إلى اختراع اللغة و الرياضيات متيحة المجال أمام أفراد الجنس البشري لتناقل المعلومات و الخبرات المتراكمة و نقلها من الأجداد إلى الأحفاد جيلا بعد جيل، إضافة إلى صفاته النفسية المتميزة من فضول إيجابي لجمع المعلومات و تسخيرها في الاختراع و الإبداع ... لكن الملفت للنظر فعلا هو الطريقة التي رُتبت بها الطبيعة من حوله، و حُفظت بطريقة مخططة ومدروسة لتأخذ بيده دوماً إلى الأمام.
لقد فتحت الطبيعة أسرارها تدريجياً لخدمة الإنسان، فوجد فيها عدداً لا يحصى من الموارد والثروات التي سُخّرت لنفعه، حتى القوانين الطبيعية وجدها في انتظاره كي يحل ألغازها، ومن ثم يضعها في خدمته.
لقد تشكل النفط في أعماق الأرض من بقايا كائنات عضويّة ماتت منذ ملايين السنين، و بقي ينتظرنا هناك حتى أصبحت لدينا المعلومات و التكنولوجيا اللازمة لاستخراجه و استثماره في توليد الطاقة و تشغيل المعامل و و سائل الانتقال و السفر... مما دفع البشرية قدما إلى الأمام من خلال الثورة الصناعية التي تلتها بالضرورة ثورة المعلوماتية. كذلك الأمر بالنسبة للعناصر المشعة و النادرة في الأرض التي أمكن الاستفادة منها في توليد الطاقة الذرية و النووية، و مازال المستقبل يعد بالكثير.
لقد أصبح بإمكاننا اليوم أن نتصل مع أقصى أصقاع الأرض بالصوت وبالصورة وبشكل آني، بإمكاننا أيضاً أن نستبدل أعضاء الجسم البشري المريضة من قلب أو كليتين وغيرهما بغيرها، كما تمكنا من معالجة أمراض كان شفاؤها يبدو مستحيلاً.
كما أصبح بمقدورنا إدارة أصعب وأعقد العمليات الصناعية بلمسة زر، لا بل حتى بدون أي تدخل عن طريق برامج الحاسوب، هذا وغيره كثير مما سخر لنا على الأرض من موارد وقوانين طبيعية إذا أحسنّا استغلالها.
لكن المدهش ما هو في السماء أيضاً فمن غريب المصادفة أن يكون للأرض من بين جميع كواكب المجموعة الشمسية قمر بحجم كبير نسبيا مثل قمرنا، وأن يكون سطح هذا القمر مهيأً بمساحات كبيرة منبسطة مغطاة بالرمل الطري و كأنها مطارات أعدت لاستقبال مركبات الفضاء التي ستأتيها من الأرض، أما كواكب المجموعة الشمسية، فقد اتخذت لنفسها مدارات متباعدة بمسافة آمنة عن بعضها تمنعها من الارتطام و راحت تدور في اتجاه واحد حول الشمس.
إن كوكب الزهرة، وهو الأقرب إلى الأرض، يكاد أن يكون توأمها، سواء بالحجم أو بالكثافة، يحيط به غلاف غني بثاني أكسيد الكربون لا يحتاج لأكثر من حقنة بالأشنات ليصبح غنياً بالأوكسجين اللازم للحياة*.
قد يقول قائل: إنه من الأنسب لو أن أجواء الزهرة كانت مركبة من الأوكسجين والنتروجين كما هو الحال في الأرض، بشكل يكون معه صالحاً لاستقبال الإنسان فوراً، لكن هذا مستحيل من الناحية الفيزيائية، إلا إذا وقعت الزهرة في مدار الأرض نفسه حول الشمس، ولو حصل هذا لكان احتمال ارتطام الكوكبين ببعضهما كبيراً.
كذلك فإن المشتري، عملاق المجموعة الشمسية، يمكن أن يكون منجماً تستفيد مدنيات المستقبل مما فيه من معادن**، إنه أيضاً قريب بما فيه الكفاية لاستطلاعه ودراسته بالوسائل المتوفرة لدينا الآن. ألا نستطيع القول أخيرا أننا قد وجدنا في عالم سُخِّر ضمن خطة محكمة لرقي الجنس البشري و الأخذ بيده إلى معارج السماء؟

*. انظر موضوعي في هذا المنتدى: استصلاح كوكب الزهرة
** أيضا موضوعي: عمارات حول النجوم
التعديل الأخير تم بواسطة طارق زينة ; 10-05-2018 الساعة 05:03 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية طارق زينة
طارق زينة
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 14-09-2017
  • الدولة : سورية
  • المشاركات : 135
  • معدل تقييم المستوى :

    7

  • طارق زينة is on a distinguished road
الصورة الرمزية طارق زينة
طارق زينة
عضو فعال
تتمة
18-05-2018, 11:54 AM
لكن الارتحال في الكون يتطلب قدرا كبيرا من الطاقة، و هذا يقودنا إلى الحديث عن مصادر الطاقة على الأرض، لقد بقيت مصادر الطاقة الأحفورية التقليدية من فحم ونفط و غاز، أحقاباً طويلة مدفونة قرب السطح الذي حفظها من التأكسد بفعل العوامل الجوية، وكأن هناك تصميماً كونياً في تخزينها وحفظها مئة مليون عام من التغيرات الجيولوجية والمناخية، حتى إذا جاء الوقت المناسب، وتوفرت التكنولوجيا الملائمة لاستخراجها، وجدناها سهلة المنال، ثم تعرفنا على تطويع النظائر المشعة (كاليورانيوم) لإنتاج الطاقة، فوجدنا أن هذه النظائر تنتظرنا أيضاً منذ أن وجدت الأرض، ليس هذا فحسب، بل إن تحولها الإشعاعي المنتظم من شكل إلى آخر، أمكن استخدامه في معرفة التاريخ الطبيعي للأرض.
يتوقع أن تنضب مصادر الطاقة الأحفورية خلال مئة سنة قادمة، أما مصادر الطاقة الأخرى فلن تكفي احتياجات المدنية المتنامية من الطاقة مستقبلاً و التي ستكون من مرتبة 10 ^37 إرغة كما بينا في موضوع سابق، ناهيك عن الصعوبات التي تعترض نقل أنواع الوقود من نظائر مشعة، أو مادة مضادة إلى ما بين النجوم، لكن المدنيات الإنسانية في المستقبل البعيد لن تعدم الوسيلة لاستثمار مصادر الطاقة والمواد الأولية التي تنتظرها وراء حدود المجموعة الشمسية وفي الفضاء ، وقد رأينا كيف أن عمارات دايسون ستتيح الاستفادة القصوى من الطاقة الإشعاعية التي تبثها النجوم، وكيف أن المادة النجومية ستستخدم في بناء تلك العمارات، أما الظواهر الكونية الخارقة، التي مازالت غامضة بقدر ما هي رائعة، كالمجرات الدُّرّية (الكوازار)، والنجوم النيوترونية (البولزار)، والنجوم الثواقب (الثقوب السوداء) فستتعلم المدنيات مستقبلاً كيفية التعامل معها، والاستفادة من طاقتها الجبارة في ما هو نافع ونظيف، مستفيدة من التجارب المريرة التي عاشتها مدنيات أخرى سخرت الطاقة الذرية لقتل الإنسان، ونفثت دخان مصانعها ورمادها الذري في خضرة الأرض وأعماق المحيطات، وطبقة الأوزون سماً قاتلاً.
إن العلوم النظرية اليوم هي تقنيات الغد، وأفضل طريقة للانتصار على الطبيعة تكمن في طاعتها لتعطينا ما سخرت من أجله.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 05:36 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى