تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
ابن توات الكبرى
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 10-04-2012
  • المشاركات : 15
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • ابن توات الكبرى is on a distinguished road
ابن توات الكبرى
عضو مبتدئ
اللهجة التواتية وعلاقتها باللغة العربية
21-04-2012, 09:52 AM
اللهجةُ التَّوَّاتيَّة وعلاقتها باللغة العربية الفصحى

إن الحديث عن موضوع اللهجة التواتية وعلاقتها باللغة العربية الفصحى أولا يقتضي مناالوقوف عند المصطلحين (لهجة، وتوات). وإذا كانت اللهجة قد أخذت حدودها الاصطلاحيةمن تعريفها اللغوي الذي ينطلق أساسا من (اللسان)، فإن الحديث عن منطقة تواتالتاريخية (ولاية أدرار حديثا) لم يقف به المؤرخون عند حد فاصل في أصل التسمية (توات)، وتاريخ اختطاطها، بل وحتى في رسم حدودها، فهناك من اعتبر أن "السبب فيتسمية هذا الإقليم بتوات على ما يُحكى أنه لما استفتح عقبة(1) بن نافع الفهري بلادالمغرب، ووصل ساحله، ثم عاد لواد نون ودرعة وسجلماسة(2)، وصل خيله توات، ودخلبتاريخ 62 هـ، فسألهم عن هذه البلاد يعنى توات، وعن ما يسمع ويفشى عنها من الضعف،هل تواتي لنفي المجرمين من عصاة المغرب، ينزله بها أو يجلّيه بها، فأجابوه بأنهاتواتي، فأنطلق اللسان بذلك أنها تواتي، فتغير اللفظ على لسان العامة لضرب منالتخفيف"(3).
وهذا الرأي انفرد به العالم محمد بن عومر (ت 13 هـ)، في حين نراه يورد إلى هذارأياً آخر أكثر تداولاً، وهو الرأي الذي أسهب في تفسيره وشرحه الشيخ سيد البكري (ت 14 هـ) حيث يقول: "في سنة 518 هـ حيث غلب المهدي(4) الشيعي سلطان الموحدين علىالمغرب. بعث قائدَيه علي بن الطيب والطاهر بن عبد المؤمن لأهل الصحراء وأمرهما بقبضالأتوات، فعرف أهل هذا القطر بأهل الأتوات، لأن السلطان قبله منه في المغرم"(5).
ونرى البكري يعلق على هذه الرواية ويقول: "وهذه الرواية أصحّ ولهذا اللفظ مسند فيالعربية. قال في المصباح(6): "التوت هو الفاكهة والجمع أتوات"، فعرف أهل هذه البلادبأهل الأتوات، فحذف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مقامه... فصار توات بعد حذف التعريفوالمضاف… وصار هذا الاسم على هذا القطر الصحراوي من تبلكوزه إلى عين صالح"(7).
وهذا التفسير اعتمده كثير من المؤرخين(8) واعتُبر الرأي الأرجح في المسألة على مايذكر الرواة. في حين راح البعض(9) الآخر ينحى بالكلمة نحواً بعيداً عن كل هذا وذاكتبعا لمدلولها. وفي كل يبقى الاختلاف الأساسي في أصل اشتقاق الكلمة نفسها هل هو منالفعل واتى يواتى، أو هو اسم للمغارم، أي الأتوات، أو هو غير هذا وذاك، وإنما هواسم أعجمي يحمل دلالات خاصة تبعاً للغته الأم، البربرية(10)، أو التكرورية(11) أوالتارقية(12) أو العربية.
والمؤكد في كل هذا أن منطقة توات ضاربة في أعماق التاريخ" ويرجع تاريخ عمارتا إلىما قبل الإسلام(13) وكانت تسمى بالصحراء القبلية، ثم كثرت عمارتها بعد جفاف نهرقير(14) في غضون القرن الرابع الهجري"(15). ولا أدل على ذلك من كثرت الحديث عنها فيكتب المؤرخين والرحالة العرب والأعاجم كابن حوقل والحسن الوزان والكرخي واليعقوبيوابن بطوطة (ت 779 هـ) وابن خلدون (ت 808 هـ) وأبو سالم العياشي (ت 11 هـ) والحاج بن الدين الأغواطي (ت 13 هـ).
يشكل الإقليم التواتي - حاليا - نقطة التقاء وتجمع أساسية لعدد من القبائل والأجناسالبشرية الكبرى من عرب وزناته وطوارق وغير ذلك. تتمايز هذه التجمعات والقبائل في مابينها بلهجاتها المحلية المختلفة لسان حالها الداخلي، بالإضافة إلى تمايز عاداتهاوتقاليدها وغير ذلك. غير أن ما يجمع هذه الخلايا التجمعية الكبرى أكثر بكثير ممايفرقها. فبغض النظر عن عناصر الهوية الثابتة من وطن ودين وتاريخ، تأتي اللغةالعربية، الوطنية والرسمية لتكون لسانا موحدا للجميع، ورافدا أساسيا لما أصبح يشكللهجة محلية تواتية جامعة تضرب فيها العامية العربية بسهم وافر بحكم عوامل عدة. ويبقى الجزء اليسير لبقية اللهجات. وهذا ما جعل هذه اللهجة وفي كثير من الأحيان لايفصلها عن اللغة الأم سوى قضية الإعراب تقريبا. بل الأكثر من هذا أنها ظلت تحافظ - وإلى الآن - على كثير من خصوصيات اللغة العربية التي غابت أو غيبت عن اللغةالرسمية. ومن هنا تأتي هذه الدراسة بإذن الله لتحاول البحث في جذور وخصائص هذهاللهجة التواتية الجامعة وكذا طبيعة العلاقة بينها وبين اللغة العربية الأم.
وبنظرة أولية لطبيعة اللهجة التواتية في أصولها وجذورها الأولية، وبغض النظر عناللغة العربية الأم لهذه اللهجة كما ذكرنا، فإننا لا نجدها تخرج في روافدها الفرعيةعن لغة البربر أو الزناتة الأصليين أو لغة الطوارق الذين استقروا بالمنطقة منذالقديم. ويضاف إلى كل هذا وذاك لغة المستعمر الفرنسي إبان احتلاله للجزائر.
وإذا كانت اللهجة الزناتية قد عرفت عبر تاريخها الطويل بالمنطقة تراجعا مستمرا أماماللهجة العربية بحكم عوامل تاريخية واجتماعية عدة، وأصبح الحديث بها وعنها مقصوراعلى بعض مناطق قورارة (تيميمون) وعند بعض الفئات فقط، فإن اللهجة التارقية ظلتمحافظة على بعض خصوصياتها وبخاصة عند سكانها الأصليين في الجزء الجنوبي من الولاية (دائرة برج باجي مختار). غير أن كل هذا لم يكن كافيا ليوقف زحف اللهجة العربيةلتكتسح جل مناطق الولاية حديثا، ولتكون عنصر تفاهم عام لكل أبناء الإقليم.
وبالرجوع إلى هذه اللهجة العربية العامة - أو التواتية كما تسمى - في علاقتها معاللغة العربية الفصيحة وجدنا العلاقة بينهما وطيدة - كما ذكرنا - إلى الدرجة التيأصبحت فيها هذه اللهجة عبارة عن فصحى محرفة، ليس إلا، وهذا التحريف موزع علىمستويات عدة أهمها: (القواعد، والبنيات، والحركات، والحروف) وعلى جانبين أساسيينهما: المفردات والتراكيب. وهو ما نحاول الوقوف عنده بحول الله، بالإضافة إلى بعضمظاهر محافظة العامية على العربية الفصحى.
أولا: الجانب الأول: المفردات.
1-
مستوى القواعد: ويشمل التحريف في:
في صيغ الأفعال مثل (دخل، يدخل و خرج، يخرج وسمع، يسمع) وهذا كله بتسكين الحرفالأخير وفتح العين في المضارع بدل ضمها.
حذف نون الرفع في مثل (يدخلون، يخرجون، يأكلون ويشربون) فهم يقولوا يدخلوا يخرجواياكلوا يشربوا مع فتح الفاء وتسكين العين. وإن كان هذا الاستعمال قد ثبت في كلامالعرب(16).
تسهيل الهمز وهذا في مثل قولهم (جيت، مومن، بير، قرا...)
في اسم الفاعل: يأتون باسم الفاعل من المعتل على الأصل ودون إبدال ففي باع يقولونبايع بدل بائع وفي سال سايل بدل سائل وفي صام صايم بدل صائم وكلها اشتقا قات صحيحةالأصل. كما نراهم يدخلون عليه نون الوقاية. ومعلوم أن هذه النون تدخل في العربيةلتقي الفعل من الكسر نقول: سامحني خاصمني لكنهم يقولون مسامحْنيْ، مخاصمْنيْ. والسبب كما هو ظاهر أنهم لما سكنوا (اللام) التقى ساكنان ففرقوا بينهم بهذه النون. وقد ذكر ابن هشام(17) أنه يجوز أن تلحق هذه النون اسم الفاعل أيضا تشبيها له بالفعلكما في قول الشاعر:
فما أدري وكل الظن ظني *** أمُسلمَني إلى قومي شراحي (شراحيل)
في الأسماء الخمسة: لا تلتزم العامة هنا بقاعدة هذه الأسماء بل تأتي بها مرفوعة فيكل الحالات مثل: مشى خوه، ضربت خوه، كتاب خوه.
في أسماء الإشارة: يبدلون الذال دالا يقولون داك الرجل وقد يلحقون الهاء أيضا هداكالرجل.
في الاسم الموصول: تعوض الأسماء الموصولة (الذي، التي اللذان، اللتان، الذين،اللاتي وغيرها) بلفظ (اللي). وحينما ننظر إلى تركيبة هذا اللفظ نجده يأخذ القسمالأول من تلك الأسماء (ال) بالإضافة إلى الحرف الأخير أحيانا. وقال الكوفيون أن: الألف واللام قد تقام مقام (الذي) لكثرة الاستعمال طلبا للتخفيف قال الفرزدق:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته *** ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
أراد (الذي ترضى)(18).
في التصغير: يتم بنفس الطريقة تقريبا لكن بفتح الأول أو تسكينه لا ضمه وبفتح ما قبلالآخر (عمير حميد خويرة بنية).
وفي المركبات يصغرون الجزء الأول فقط أيضا (عبيد الله، عبيد الكريم) وقد يستغنون عنالجزء الأول ويصغرون الجزء الثاني (قويدر) كما أنهم يرخمون المضاف بحذف آخر المضافإليه على رأي الكوفيين(19) فيقولون في (يا عبد القادر) (يا عبد القا). وحينماينحتون من المركب لفظا يصغرونه عاديا أيضا، كما في قولهم (عبد الله، علله، عليله).
2-
مستوى بنية الكلمات: وفيها تغير العامة هيئة كثير من الكلمات زيادة أو نقصان ومنأمثلة ذلك: جلابية / من جلباب / وهذا بإبدال (الباء) الأولى (لاما) وإدغامها،وإضافة ياء مشددة وهاء السكت.
وفي القلب المكاني:
-
يقولون عفر بدلا من رعف.
-
ويقولون قضب بدلا من قبض.
-
وماسط بدلا من سامط. (سيأتي الحديث عن هذه اللفظة وأصل دلالتها في العربية).
-
ويقولون جبد بدلا من جذب (وفيها إبدال بين الذال والدال).
وفي النحت يقولون: أمّالا / المركبة من (أن، ما، لا) وأصلها كما يقول الدكتور شوقيضيف (أن كنت لا تفعل). وقد استشهد بحديث للرسول (ص) قال فيه لفتية من الأنصار رآهميتبعون بعيرا قال (أتبيعونه. قالوا: لا بل هو لك قال إما لا فأحسنوا إليه) ويعلقشوقي على هذا ويقول: (أراد إن كنتم لا تبيعونه فأحسنوا إليه)(20) ونظير هذا عندالعرب شاهدهم في قول الشاعر:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر *** فإن قومي لم تأكلهم الضبع
والتقدير فيه: أن كنت ذا نفر، فحذف الفعل وزاد ما على أن عوضا عن الفعل(21).
بعدين / المركبة من كلمتي: بعد آن.
عمنول / المركبة من كلمتي: عام و أول.
فيسع / المركبة من كلمتي: في الساعة.
ما عليهش / المركبة من كلمات: ما عليه شيء.
منين / المركبة من حرف الجر (من) والظرف (أين).
ويلمه / وهي لفظة للتعجب مركبة من ويل لأمه. وأصل العبارة عند العرب دعاء ثم وسعتدلالتها لتشمل التعجب. وقد وردت مستعملة عند الشاعر كعب بن زهير في قصيدته بانتسعاد حيث يقول:
ويلُمَّها خُلة لو أنها صدقت *** بوعدها ولو أن النصح مقبول
ما كانش منها: وأصلها ما كان شيء منها.
3-
مستوى الإبدال في الحروف والحركات: ومثيل هذا عندهم كثير نذكر منه تمثيلا لاحصرا:
إبدال (الذال) (دالا) أو (زايا): لأن الذال لا تنطقه العامة هنا البتة. فهم يقولونأدن وأزن، إداعة وإزاعة، اللدين واللزين. وهذا الأمر ينطبق هنا حتى عند الناطقينبالفصحى من أبناء المنطقة.
إبدال (السين) (صادا) مثل: قارس بدلا من قارص.
إبدال (الضاد) (دالا): في مثل قولهم مدغ بدلا من مضغ.
إبدال (الظاء) (ضاء) مثل قولهم: الحفض، الحنضل، الضفر، الضهر وهذا. الإبدال أيضامطرد في العربية وقد ألفت فيه منظومات للتفرقة بين الحرفين.
إبدال (العين) (غينا) في مثل قولهم: غامق بدلا من عامق.
إبدال (القاف) (قافا) بثلاثة نقاط وهذا عندهم كثير مثل: وقف، قرب، قالوا. وعن هذاالحرف (القاف) بثلاثة نقاط واستعمالاته يقول الطيب البكوش: قد يكون في النطق القديمشبيها بالقاف (الثلاثية) وهي تقريبا قاف البدو أو جيم مصر فنحن نلاحظ أن البدو وهمأكثر قربا من النطق القديم يستعملون القاف (بثلاثة نقاط) حيث يستعمل أهل المدنوالحواضر القاف(22).
إبدال (اللام) (نونا) مثل: جبرين بدلا من جبريل، واسماعين بدلا من إسماعيل.
أما عن إبدال الحركات فهو كثير وأكبر من أن يحصى.
ثانيا: الجانب الثاني: التراكيب والأساليب.
ونمثل له هنا ببعض التراكيب والأساليب المستعملة عند طرف العامة من باب البيان أوالبديع مثل التشبيه والمجاز والكناية أو المثل.
1-
التشبيه:
في التشبيه كثيرا ما تميل العامة إلى الحذف قدر الإمكان ولهذا كثر عندهم التشبيهالبليغ دون غيره، وفيه نراهم يبقون التشبيه على ركن واحد فقط هو المشبه به، وذلكحينما يكون المشبه معلوم في مثل قولهم: شيطان، نعجة وما شابه ذلك. والتقدير أنتشيطان. وقد يبقون على ركني التشبيه البليغ (المشبه والمشبه به) مثل قولهم (أنت نمس) ووجه الشبه هو في حيل وحركات هذا الحيوان الذي هو عبارة عن دويبة صغيرة، تنقبضوتنضم وتستدق حتى كأنها قطعة حبل. وهو حيوان لاحم تلد أنثاه مرتين في السنة، يدجنويستخدم في صيد الأرانب(23).
2-
المجاز:
تقول العامة في تعبيرها إذا رأت رجلا يقبل امرأة: (فلان يحب فلانة) ويحب هنا مجازحقيقته يقبل. ومعلوم أن الحب سبب في القبلة فأنت لا تقبل إنسانا تكرهه، ومنهفالعلاقة بين المجاز والحقيقة علاقة سببية. وكقولهم أيضا: (رجل شبعان): أي غني. وشبعان هنا مجاز حقيقته غني. والشبع مسبب عن الغنى، ومنه فالعلاقة بينهما مسببية. وعندهم أيضا أن الرجل إذا زرع أرضه يقولون عنه (خضر الارض) وحقيقة خضر المجازية كماقلت زرع أي الزرع الذي سيكون اخضرارا، ومنه فالعلاقة بينهما اعتبار ما سيكون وهكذا.
3-
الكناية:
تستعمل اللهجة التواتية الكنايات بكثرة بهدف تقوية معانيها من جهة وبهدف الوصولبالفكرة إلى ذهن السامع من أيسر السبل وأبسط الوسائل، مثال ذلك عندهم:
-
بارد القلب: وهي كناية عندهم عن صفة اللامبالاة وعدم الشعور والإحساس بالمسؤولية.
-
راه يصفّر: كناية عن الإفلاس وعدم ملكه لأدنى شيء. وهي كناية عن الصفة وقد وردتاللفظة بهذا المعنى في كتاب النخلة لأبي حاتم السجستاني حيث يقول: "والتصفير أن لايبقى في النخل شيء من التمر، ومن ذلك يقال: صفرت يده إذا لم يكن فيها شيء ويده صفرمن ذلك"ً(24).
-
كتاف عراض: كناية عن صفة القوة والسلطة المادية والمعنوية.
-
نهار كحل: كناية عن كثرة الأعمال.
-
على العين والراس كناية عن الاهتمام والقدر الرفيع. وفيها يقول الشاعر:
ألا قـد قدَّمـتُ فوزا *** فقَـرَّ عينُ عـباس
لمن بشرني الـبُشرى *** على العينين والرأس
-
ما فيها إلى ولا حتى: يقولونها للبث في الأمر وقطع التردد رفضا. ردا لمن يتعللبقوله: احضر مثلا إلى أن يحدث كذا وكذا، وحتى يحدث كذا وكذا فيقولون: تحضر ما فيهاإلى ولا حتى.
شايل الله به: هي لتعظيم الأولياء وأصلها شائل الله به، أي: رافع. من شال بمعنىرفع. قال الشاعر:
ما أجدر الحق أن تحنى الرؤوس له *** وأن يُشال على الأعناق كالعلم
-
اللا بالتي. كناية عن الرفق والتأني وهي من قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 34: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وفي سورة العنكبوت. الآية 36: (ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) وفي سورة النحل الآية 125: (ادع إلى سبيلربك بالحكة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وفي سورة فصلت الآية 34: (ادفعبالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
-
عفت حياتي. وهي عندهم كناية عن التذمر والسخط وفيها يقول الشاعر:
ولقد عفت في هواك حياتي *** وتغربت بين أهلي ومالي
-
ولى فحمة: وهي كناية عن شدة البكاء وفيها يقول ابن قتيبة: يقولون: بكى الصبي حتىفحَم بفتح الحاء أي انقطع صوته من البكاء(25).
-
ما وصيتك: يقولونها عند الإرسال في طلب الحاجة. قال حسان بن ثابت (ض):
إذا كنت في حاجة مرسلا *** فأرسل حكيما ولا توصه
وإن باب أمر عليك التوى *** فشـاور لبيبا ولا تعصه
-
الشبعة في وجهه: كناية عن نسبة.
4-
الاستعارة:
ومن أمثلتها عندهم يقولون: طار النوم من عيني. وهي استعارة مكنية فيها تشبيه للنومبالحيوان أو الطائر وهذه الاستعارة بلفظها ومعناها وردت مستعملة في شعر أبيالعتاهية حيث يقول:
أرقت وطار عن عيني النعاس *** ونام السامرون ولم يؤاسوا(26)
ويضاف إلى كل هذا جانب الحكم والأمثال الشعبية الكثيرة عندهم والفصيحة في لفظهاومدلولها أيضا. ومن أمثلة ذلك في الحكم (الجار قبل الدار) وقد ذكره النيسابوري فيمجمع أمثاله وباللفظ نفسه(27).
ومن الأمثال يقولون:
-
ذكرو يحضر. وقد ورد المثل عند النيسابوري في مجمعه ج/2، ص 11 بنفس اللفظ والدلالة (اذكر غائبا يقترب).
-
الزايد خو الناقص. ويقول النيسابوري في مجمعه ج/3، ص 76: كل زائد ناقص.
-
كل شاة تتعلق من رجليها. لتحمل المسؤولية الفردية. ويقول النيسابوري في مجمعه 3/23: كل شاة من رجلها معلقة.
وفي جانب البديع يحرص التواتيون أحيانا على تنميق أساليبهم - وإن كان ذلك ليس مطرداعندهم - فيكون البديع عامل إيضاح وتقريب لا هدفا في حد ذاته. ومن أمثلة ذلك:
الجناس الناقص: (اللي فات مات). و(ياكل الغلة ويسب الملة) و(به فيه) و(نهار الليتحزمت العمشة لقت النهار مشى).
الطباق: يقولون: مشى وجا، هابط، قاعد واقف.
الترادف: ما شفت ما ريت، ما رقد ما نام.
الذم في ما يشبه المدح: وفيه يقولون للذي لا يعرف القراءة: (أنت تقرى الضمياضي) والضمياضي أصلها الدمياطي بالدال والطاء نسبة إلى دمياط المصرية. والدمياط هو علممعقد تُستعمَل فيه طرق باطنية لتفسير القرآن، وهو يُنسب في استنباطه إلى العلمالدمياطي المعروف بعبد الله الدمياطي. وفي هذا أيضا قد يوبخ الأب منهم ابنه الذي لميراجع دروسه وحصل على توبيخ ولم ينجح في صورة مدحية ظاهرا أيضا فيقول: (قريت واديتتهنئة وانتقلت بارك الله فيك).
التعبير بما يراد به الضد: وهو ما يعرف عند اللغويين بالأضداد وعندهم فيه كتب كثيرةأشهرها كتاب الأضداد للأنبا ري. ومن الأضداد كما ذكر الأنباري(28): كلمة (وراء). فهي تعني خلف وتعني أمام. ويفسر ذلك بقوله تعالى في سورة الجاثية، آية 10: (منورائهم جهنم) ومعناه (من أمامهم) وقوله تعالى في سورة الكهف، آية 79: (وكان ورائهمملك يأخذ كل سفينة غصبا). ونظير هذا عند العامة هو قول الصديق لصديقه مثلا أنامريض. فيرد الثاني أنا أقل منك. وهو يقصد أكثر منك مرضا.لكنه يعبر عن ذلك بالضد. وقد تكون بمعنى أنا لست أكثر منك.
وبالإضافة إلى كل هذه لخصائص التي تميز الفصحى في اللهجة التواتية، نجد أن هذهاللهجة تظل في معظم موادها محافظة على الأصول والفروق من اللغة، ووصل الحد في ذلكإلى الدرجة التي غابت فيها كثير من هذه المواد عن الاستعمال الرسمي للغة العربيةحاليا، وأصبحت حكرا على العامية وبدلالتها الفصيحة. وسنمثل لكل ذلك بنموذجين: الأولعام يمس باقة من الألفاظ المختلفة. والثاني: خاص أردناه مع النخلة عنصر الصحراء، فيمسمياتها وفروعها الدقيقة وعلاقة كل ذلك بلغتنا العربية الفصحى.
النموذج الأول: ونمثل فيه بما يزيد عن الأربعين لفظة من قاموس اللهجة التواتية ومايقابلها في لسان العرب قديما وألفاظه على الترتيب هي: بان: بمعنى ظهر. وقد يستفهمون به. ما بان فلان. أي ما ظهر ويقول عنها ابن منظور فيلسانه(29) ج/13 ص 67 (بان الشيء اتضح فهو بين).
البرنوس: وهو عندهم نوع مخصوص من الثياب يستعمل شتاء لرد البرد. وقد عرفه ابن منظورفي لسانه ج/6، ص 26 بقوله: (البرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به دراعة كانت أو ممطراأو جبة).
البسيسة: وهي نوع من الأطعمة يقول عنها ابن منظور ج/6، ص 26 نقلا عن ابن سيده: (البسيسة خبز يجفف ويدق ويشرب كما يشرب السويق) ومن كنايات العامة في هذا، يقولونللمهزوم من الشجار: فلان مبسس. دلالة على منظره بعد العراك وتمرغه في التراب. وفيذلك أيضا يقول ابن منظور عن ثعلب: (معنى وبست الجبال بسا، خلطت بالتراب). بل إن لفظالبسبسة التي يتغامز بها بعض الناس في قولهم (بَس بَس أو بس بس) جاء في كلام العربالفصحاء أيضا. يقول ابن منظور: (بسبس من زجر الدابة... وأبس بالناقة دعاها للحلب).
البعير: يطلقونه على الجمل والناقة معا وهو هنا تدقيق منهم وتفريق بين الجنسين. وفيهذا يقول أبو منصور الثعالبي(30) في كتابه فقه اللغة الفصل الثاني في أسماء الإبل،ص 35: (الجمل بمنزلة الرجل، والناقة بمنزلة المرأة، والبعير بمنزلة الإنسان). وقدجاء اللفظ بهذه الدلالة العامية في القرآن في سورة يوسف الآية 65: (ونزداد كيلبعير).
والخلاصة في كل هذا أن جل هذه الكلمات وغيرها في النموذجين معا هي كلمات فصيحة لفظاومعنى وهي في معظمها وإن كانت متداولة عند التواتيين وغيرهم من العامة إلا أنها لميبق لها حيز في الاستعمال الرسمي للغة، بل إن معظم هذه المفردات حينما دخلت برنامجالحاسوب أولا علمها بخط أحمر دلالة على خطئها أو عدم معرفتها. كما أنك إذا حاولتالحديث بهذه المفردات وغيرها من بقايا الفصاح في لهجة التواتيين، فإنك ستقابلبالسخرية والاستهزاء ظنا من الجميع بعاميتها وابتعادها عن لغة الضاد. وملخص القولهنا أن من أهم النقاط التي وصلنا إليها من خلال هذه المداخلة نوجزها في ما يلي: اللهجة التواتية الآن هي خليط بين العربية والزناتية والفرنسية والتارقية. تشتركهذه اللهجة في كثير من خصائصها مع اللهجات الأخرى وتختلف عنها. وتعد هذه اللهجة منأهم اللهجات داخل الوطن حفاظا على العربية الفصحى. لا تزال اللهجة التواتية تحافظعلى كثير من مفردات العربية التي غابت عن الاستعمال الرسمي لهذه اللغة. وتمثل هذهاللهجة حاليا كل مستويات التعبير العربي أفراد، مركبات، أساليب. وبنسبة تفوقالثمانين بالمائة. مع توظيف خاصيتي: التسهيل واللا إعراب.

الهوامش:
1 -
الشيخ بوعمران وآخرون: معجم مشاهير المغاربة، جامعة الجزائر 1995، ص 365 - 366.
2 -
عبد العزيز بن عبد الله: الموسوعة المغربية للأعلام البشرية، المغرب 1976، ص 62.
3 -
محمد بن عمر بن محمد بن المبروك الجعفري: نقل الرواة عن من أبدع قصور توات، ص 4. (مخطوط).
4 -
أحمد بن خالد الناصري: الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى، الدار البيضاء، المغرب 1997.
5 -
محمد بن عبد الكريم البكري: درة الأقلام في أخبار المغرب بعد الإسلام، ص 6. (مخطوط).
6 -
أحمد الفيومي: المصباح المنير، ج 1، ط 4، المطبعة الأميرية، القاهرة 1921، ص 108.
7 -
محمد بن عبد الكريم البكري: المصدر السابق.
8 -
مثل المؤرخ محمد بن عمر في مخطوطه نقل الرواة، ومولاي أحمد الإدريسي في مخطوطهنسيم النفحات في ذكر جوانب من أخبار توات والشيخ محمد باي بلعالم في محاضرته حولالمنطقة.
9 -
عبد الرحمان السعدي: تاريخ السودان، تحقيق هوداس، مطبعة بردين، باريس 1964، ص 7.
10 -
لغة القبائل الأصلية التي سكنت المنطقة.
11 -
فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور للبرتلي، تحقيق محمد إبراهيم الكتانيومحمد حاجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1981، ص 26.
12 -
التارقية لغة الطوارق من سكان الصحراء.
13 -
التسلسل الزمني لأحداث توات (معالم عن التاريخ)، مركز البحث العلمي غرداية (د. ت).
14 -
الرحلة العياشية ماء الموائد، تحقيق محمد حاجي، الجزء الأول، ط 2، مطبوعات دارالمغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط 1977، ص 18.
15 -
الشيخ باي بلعالم: محاضرة في التعريف بمنطقة توات، مكتبة أدرار.
16 -
ينظر د. شوقي ضيف: تحريفات العامية للفصحى في القواعد والبنيات والحروفوالحركات، دار المعارف بمصر، ص 31.
17 -
مغني اللبيب، تحقيق حنا الفاخوري، ج 1، ط 2، 1997، ص 557.
18 -
ينظر الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف، ج/2، تحقيق د. إميل بديع يعقوب، دارالكتب العلمية، بيروت 1998، ص 55 - 56. ود. صبحي تميمي: هداية السالك إلى ألفية ابنمالك، ج 1، ط 2، دار البعث، قسنطينة 1990، ص 17.
19 -
ينظر، المسألة في كتاب الإنصاف، ج 1، ص 323 وما بعدها.
20 -
تحريفات العامية للفصحى، ص 136.
21 -
ينظر الإنصاف في مسائل الخلاف، ج 1، ص 74 وما بعدها.
22 -
التصريف العربي من خلال علم الأصوات الحديث، ط 2، مؤسسة عبد الكريم بن عبدالله، تونس 1987، ص 42.
23 -
كتاب الحيوان، الزيتونة للإعلام والنشر، باتنة 1989، ص 24.
24 -
أبو حاتم السجستاني: كتاب النخلة، تحقيق د. حاتم صالح الضامن، دار البشائرالإسلامية، بيروت 2002، ص 78.
25 -
أدب الكاتب، تحقيق محمد محي الدين، ص 45.
26 -
الديوان، قدم له وشرحه مجيد طراد، دار الكتاب العربي، بيروت 1999، ص 202.
27 -
مجمع الأمثال، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، دار الجيل، بيروت 1987.
28 -
الأضداد، تحقيق محمد، أبو الفضل، المكتبة العصرية، بيروت 1987، ص 68.
29 -
ابن منظور: لسان العرب، دار صادر، بيروت.
30 -
أبو منصور الثعالبي: فقه اللغة، تحقيق د. عمر الطباع، شركة دار الأرقم، بيروت 1999.
  • ملف العضو
  • معلومات
SUISSE
زائر
  • المشاركات : n/a
SUISSE
زائر
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 03:32 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى