هل يمتد التنافس بين قطر والإمارات إلى القرن الأفريقي؟
24-07-2019, 04:09 PM

الإمارات لجأت للتعاون مع إقليم "بونت لاند" المسيطر على ميناء بوصاصو بعد فشلها في التوصل لاتفاق مع حكومة مقديشو المعترف بها دوليا

يتصدر الخلاف بين قطر ودول الخليج حول دعم ثورات الربيع العربي التحليلات السياسية المهتمة بالأوضاع في الخليج العربي. لكن صراعا آخر موازيا يدور في القرن الأفريقي، حيث يسعى الطرفان لبسط نفوذهما في خليج عدن ومضيق باب المندب، المتحكمين في الملاحة في البحر الأحمر.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز تسجيلا صوتيا مسربا لمكالمة بين السفير القطري في الصومال، حسن بن حمزة هاشم، ورجل الأعمال القطري، خليفة كايد المهندي، يقول فيها الأخير "نعلم من نفذ الهجمات التي استهدفت الإماراتيين (في الصومال)"، وأن الهدف من هذه الهجمات هو "طرد (الاستثمارات) الإماراتية بحيث لا تجدد العقود" لتحل محلها استثمارات قطرية.

وفي حوار لـ بي بي سي مع ديفيد كيركباتريك، أحد صحفيي نيويورك تايمز الذين حرروا القصة المرتبطة بالتسجيل، قال إن المهندي أحد المقربين من النظام القطري، وتحديدا الأمير تميم بن حمد.

وأضاف أن المهندي قال نصا إن "أصدقاءنا هم من نفذوا التفجير (الذي استهدف محكمة في بوصاصو في مايو/أيار الماضي)" بهدف طرد الإماراتيين.

ويرى كيركباتريك أن هذا التسريب يكشف مدى احتدام الصراع بين الدولتين الخليجيتين في الصومال، بغية السيطرة على خليج عدن والقرن الأفريقي بشكل عام.

واتجهت أنظار الحكومة الإماراتية إلى الصومال ضمن خطة للاستثمار في الدول المطلة على خليج عدن ودول القرن الأفريقي (وتحديدا الصومال، جيبوتي، إثيوبيا، إريتريا). هذا بجانب الصراع الدائر في اليمن لبسط النفوذ على المنطقة المحيطة بمضيق باب المندب.

ولم تكن الصومال الخيار الأول للإمارات. ففي عام 2006، دشنت الإمارات استثماراتها في المنطقة مع جيبوتي، إذ وقعت شركة موانئ دبي عقد امتياز مع ميناء "دوراليه"، حصلت بموجبه على امتياز إداري واستثماري لمدة 50 عاما.

وتأسست آنذاك شركة جديدة لإدارة الميناء باسم "دي سي تي"، امتلكت الهيئة الوطنية لموانئ جيبوتي 67 في المئة منها، مقابل 33 في المئة لموانئ دبي.

البديل الصومالي
لكن بدءا من عام 2012، حاولت حكومة جيبوتي مرارا تعديل الاتفاق، اعتراضا على عدة بنود، من بينها حقها في بناء موانئ أخرى، والإدارة الإماراتية للميناء رغم امتلاك جيبوتي للحصة الأكبر.

وفشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق، حتى فسخت حكومة جيبوتي العقد في فبراير/شباط 2018 بسبب "تعارضه مع المصالح الأساسية للدولة".

وهنا أدركت الإمارات ضرورة البحث عن بدائل في المنطقة، بعدما أصبح جليا سعي دول أخرى، من بينها قطر وتركيا والصين، لتحل استثماراتها محل الإمارات.

وفي أواخر عام 2016، وقعت موانئ دبي مع إقليم أرض الصومال، الذي يتمتع بحكم ذاتي، عقد امتياز لإدارة وتشغيل ميناء بربرة، مدته 30 عاما.

وبلغت حصة موانئ دبي في هذا الاتفاق 65 في المئة، مقابل 35 في المئة لإقليم الصومال. لكن الاتفاق عُدّل لاحقا في فبراير/شباط 2018، لتصبح أثيوبيا شريكا مقابل 14 في المئة من حصة موانئ دبي، و5 في المئة من حصة إقليم الصومال.

أما الاتفاق الذي يتعلق به التسجيل المسرب، فهو خاص بميناء بوصاصو، إذ عقدت شركة موانئ "بي آند أو" المملوكة لحكومة دبي اتفاقا مع إقليم بونت لاند المنشق عن الصومال في أبريل/نيسان 2017. وحصلت بموجبه الشركة على امتياز مدته 30 عاما للاستثمار في الميناء، بتكلفة 336 مليون دولار.

ويقول كيركباتريك إن الإمارات اتجهت إلى التعاون مع أرض الصومال وبونت لاند بعد فشلها في التحالف مع حكومة الصومال المعترف بها دوليا في مقديشو، التي تدعمها تركيا وقطر بمساعدات واستثمارات.

وأضاف أنه رغم المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها هذه الاتفاقات، فإنها كانت الفرصة المتاحة أمام الحكومة الإماراتية للحفاظ على وجودها في خليج عدن.

وأورد تقرير نيويورك تايمز تعليق المهندي على التسريب، إذ قال إنه تحدث بصفته الشخصية كمواطن قطري، وليس ممثلا للدولة. وأضاف أن كلمة "أصدقائي" هي وصف للصوماليين "فجميع الصوماليين أصدقائي".

كما أصدر مكتب الاتصال القطري الحكومي بيانا جاء فيه أن المهندي "لا يمثل قطر وليس له الحق في إصدار تعليق نيابة عن الحكومة، وسيتم التحقيق فيما قام به هذا الشخص وسيتحمل تبعات مسؤولية تعليقاته".

وأضاف البيان أن قطر لا تتدخل في السياسة الداخلية للدول ذات السيادة. وأن سياستها الخارجية "تهدف دائما إلى تحقيق الاستقرار والازدهار".

وتوجه الإمارات العربية المتحدة اتهامات إلى قطر بدعم الجماعات التي تصفها بـ "الإرهابية"، ومن بينها حركة الشباب الإسلامية في الصومال، التي أعلنت مسؤوليتها عن مقتل مدير ميناء بوصاصو في فبراير/شباط الماضي، وكذلك التفجير الذي ذكرته المكالمة المسربة.