ساعِ البريد ..
16-11-2017, 08:43 PM
أمام مكتب البريد والليل باسط ذراعيه على الأرض . يجلس على كرسي قاس . يضطر للقيام بين الفينة والأخرى حتى لا يملّ.
وظيفته أن يتحدى الضجر ويرتشف المساء جرعة واحدة . يحرس أكواماً من الورق ، يدفعنه الفضول لقراءتها ثم يحرق المكتب والفرار .
أخرج كيس ما. نفضه مرتين ثم أعاده دغاراً يليق بكآبته . السجائر للأثرياء واللصوص . ذاك الكيس لمسامير الأرض والكادحين أمثاله .
قرأت عشرات الجرائد . راقب قطة مصابة بالاسهال . تغوطت بضع مرات ودفنت برازها بصبر بالغ .
البعوض يلسع ويتلاشى . الهواء يبعثر الجرائد . قلبه يخفق . جني مر من هنا : بسم الرّب
جمعها وأخذ جولة ، أنه حارس البريد يا أوغاد . لا تحاولوا العبث برسائل العشاق والمهاجرين لأمهاتهم .
إن أمضى عاماً آخر ، لن تكفيه مدخراته لعملية الكلى.
بصق وشرب من السبيل . الخزين صاحب الدكان ينام مثل البغل تحت الناموسية .
بوكوفسكي عمل في البريد وأصبح كاتباً عظيما . حياته حافلة بالجنون .
هو يذبحه الملل . يعلقه مثل الشاة ويسلخ روحه .
ربما لو فضض الخطابات وقرأها خلسة . ربما يخف إيقاع الضجر .
_ماذا عن قسمك بحماية البريد ؟
=أخبرك أين تضعه؟
_ لا ، شكراً .
حللنا مشكلة الضمير . ماذا تبقى ؟
اسرق مفتاح المخزن واصنع منه نسخة .
_متى ستفعل ذلك ؟
=غداً بالضبط
_قلت ذلك بالأمس !
= كان الليل قصيراً !
صياح ديك من بعيد .

إني اذوب في الجحيم صديقي أو ما أطلقته عنك الوتين ..أراني أنحدر في الهاوية أتمنى يا صديقي أن تغفر لي الندوب الظاهرة واللاظاهرة لم أتعمد إحداث كل هذه الكوارث العابرة لديك .

كنت تظن بانك تستطيع إخفاء الوجع لكنك مخطئ، مثلما أخطأُتُ_أنا_كثيرا يوم هربت و مازلت أهرب ظنّا مني أن ما نهرب منه لا يظهر على أجسادنا ، و أنه يمكننا أن نُخفي كل الثقوب بثوب أو قطعة قماش أو حتى كريم من كريمات التجميل القذرة.