بذور الفناء في نقض كتاب جذور البلاء لشمس الدين 6:
02-11-2020, 09:01 PM
لاشك أن من علامات الأمانة العلمية والموضوعية في البحث الصحة في النقل ،كما أن العبث بأقوال العلماء أو تأويلها أو ذكر مجملها دون مفصلها أو الإقتصار على جزء منها حتى تظهر بمظهر يتوافق مع مذهب الكاتب كل هذا لاشك من التزوير والتحريف الباطل الذي يسأل عنه صاحبه يوم العرض الأكبر.
كما أن المنهجية العلمية تقتضي تقسيم البحث إلى فصول أو أبواب ومباحث وطرح إشكالية للموضوع يجيب عليها الباحث في ثنايا الكتاب بالأدلة العلمية والعقلية مع البعد ما أمكن على العاطفة والأفكار المسبقة والميولات النفسية والأهواء الشخصية،لكن تهون كل هذه الأمور مع علمنا المسبق بالتكوين العلمي الحر لصاحب الكتاب البعيد عن الدراسة الأكادمية بالإضافة إلى مذهبه الصوفي الأشعري ، والرجل ذوحساسية عجيبة- كما سنبين لك يا أخي القارئ -بكل ما له صلة بعقيدة السلف وأصحابها كابن تيمية إلا ماكان من قبيل التأويل أو التفويض الذين ينسبهما زورا لأئمة أهل السنة في العصور المفضلة ومابعدها .
ويكفي لبيان جهل الرجل الذي يتأرجح في عقيدته بين التفويض والتأويل وهو اضطراب يرجع بالأساس إلى اضطراب منهج أهل الكلام ككل -وليس الأشاعرة فحسب-في اثبات العقائد عندما سعوا إلى اثبات صفات الخالق بما لا يتعارض مع أدلة العقل وقواعد المنطق فاضطروا إلى انكار بعض الصفات (كالصفات الإختيارية وبعض الصفات الخبرية ) وتأويل بعضها الأخر أوالتوقف فيه.
لذا تجد من الأشاعرة من يثبت صفات المعاني السبع ومعها صفة الوجود ويسمونها الصفة السلبية وبعضهم يثبت عشرون صفة ومنهم من يزيد عليها باثبات الصفات الخبرية كاليد والعين والوجه وغيرها وبعضهم يثبت حتى بعض الصفات الإختيارية كالمجيء والنزول والضحك والغضب .
المهم أننا قسمنا الكتاب إلى أبواب حتى يسهل علينا النقاش والرد والتحليل .
الباب الأول الفرق بين عقيدة السلف ومن يسميهم الحشوية :
وعلى ذكر هذا المصطلح الجائر الذي يقذف به هذا الرجل في الظاهر سلفية المتأخرين من الحنابلة ومن جاء بعدهم من الوهابية وغيرهم ننبه القارئ أن الهدف من وراء الكتاب هو النيل من منهج السلف وأهل الحديث وتشويه عقيدتهم والطعن في أئمتهم كحماد بن سلمة وقتادة ومجاهد وابن خزيمة والدارمي واللالكائي وابن بطة وابن ابي يعلى والخلال وعبد الله بن احمد بن حنبل وابن تيمية وابن القيم وغيرهم كثير من كبار الحفاظ والمحدثين والفقهاء .
ولقد تذرع بجملة من الأقوال المجملة لبعض السلف اجتثها من سياقاتها وأوردها بمعزل عن تفصيلاتها حتى يثبت كذبا أن مذهب السلف هو تفويض معاني الصفات وعدم اثبات حقائقها وظواهرها وسنحاول عبثا تتبع هذا المنهج الصبياني وال في مقدماته وصولا إلى نتائجه النهائية الغريبة والتي لايمكن أن تقتنع بها العقول السليمة البتة وإن حاولت جدلا أن تقنع نفسك بتلك العقيدة فلابد أن تسلم بهذه المقدمات العجيبة التي سأذكرها:
1-أن تجعل من قواعدالعقل الإنساني و المنطق البشري الناقص حاكمة أو مكحمة على النصوص الإلهية الكاملة من حيث الفهم والتفسير ،وعند وقوع الخلاف الظاهري بين نصووص الشرع ومفاهيم العقل تلوى أعناق الكلمات وتأول النصوص حتى تنسجم مع هذه الأخيرة.
2-أن القران كلام الله المعجز الذي أنزله الله بلسان عربي مبين على نبيه الأمين والذي تضمن كل الأحكام التي تهم الناس في دينهم ودنياهم أبهم ايضاح معاني صفات الخالق الذي عليها مدار الرسالة المتمثل في معلفة الخالق بصفاته وأسمائه وعبادته وعدم الشرك به ،فعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الْخِرَاءَةَ -يقصد علمكم نبيكم كل شيء حتى أداب قضاء الحاجة، فكيف لهذا النبي الأمين ص أن يغفل عن تعليمهم صفات الخالق عز وجل أو حتى ينبه أصحابه إلى أن ألفاظ نصوص الصفات هي ألفاظ مجهولة المعاني ويحذرهم من عاقبة حمل تلك الألفاظ على ظاهرها حتى لاتسلك بهم إلى سبيل التشبيه والشرك.
3-أن تقبل بقواعد ذلك الميزان المختل الذي يزن به هؤلاء صفات الله فمرة تنكر بعض معاني الصفات الواردة في النصوص كالنزول والغضب والضحك لأنها من صفات المخلوقين فتعرض نفسك لجريرة التشبيه ،وعليك في نفس الوقت أن تثبت صفات أخرى كالحياة والسمع والبصر لأنها ثابتة بالنص ، رغم أن هذه الصفات هي عينها صفات المخلوقين و صادرة من نفس المشكاة التي طلعت منها الصفات الأخرى كالضحك والغضب والنزول .