-الهيدروجين...الطاقة البديلة..الأرخص للسيارات؟؟
12-06-2007, 04:25 PM
خبير أميركي في الطاقة البديلة لـ «الشرق الأوسط»:

عقد قبل أسبوع من الزمن في ابيردين (اسكوتلندا) - عاصمة الغاز الطبيعي في بحر الشمال ومقر العديد من الشركات العالمية المنقبة عن البترول وتكريره وتسويقه - أول مؤتمر عالمي يتعلق بالهيدروجين، وقود المستقبل بعنوان H207 حضره جمع من خبراء الطاقات النظيفة والمتجددة. وكان بين أبرز المتكلمين في هذه المناسبة العالم الأميركي جيف سيرفاس الذي يعتبر من اشهر الخبراء في شؤون الهيدروجين وخلايا الوقود والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والوقود البيولوجي المستخرج من النباتات، وما تطرحه الغابات من عضويات ميتة، فضلا عن القمامة ونفايات المدن التي تشكل مصدرا غنيا للطاقة في حال استغلالها بطريقة صحيحة.
ويترأس سيرفاس جمعية الطاقة الهيدروجينية وهو من المتحدثين الدائمين امام الكونغرس الأميركي عن آخر التطورات والابحاث في هذا المضمار. وقد انتهزت "الشرق الاوسط" فرصة عودته من مؤتمر ابيردين لتتحدث معه عن آخر ما توصلت اليه تقنية الطاقة البديلة وتأثيرها المنتظر في قطاع النقل، خصوصا السيارات والحافلات إضافة إلى احتمال استعمالها في تزويد المنازل والمناطق السكنية بالتيار الكهربائي بشكل مركزي، كبديل عن شبكات الكهرباء العامة. تجدر الاشارة الى أن مهمة جمعية الطاقة الهيدروجينية الترويج لاستعمالات اللهيدروجين والأبحاث الخاصة به بهدف مساعدة البيئة للتغلب على ظاهرة الانحباس الحراري، وتأمين وقود متجدد لا ينضب، واستغلال الطاقات المحلية والمستقلة وتأمين فرص عمل جديدة. وتنضوي في عضويتها خمس من كبار الشركات العالمية لصناعة السيارات هي "جي إم" و"تويوتا" و"هوندا" و"ديلمر كرايسلر" و"بي إم دبليو"، فضلا عن شركات النفط العالمية مثل" شل" و"باور جين" و"بي بي""واكسيل انيرجي" و"شيفرون" و"كونكو فيليبس". كما ان هناك عددا من الجامعات المتعاونة مع الجمعية على صعيد الابحاث يربو عددها على 12 جامعة.

تحدث سيرفاس بداية عن مؤتمر ابيردين والهدف منه كان مناقشة الجديد في ابحاث الهيدروجين الذي اصبح المطلب الاول للسيارات والحافلات على صعيد الوقود البديل.

يمكن الحصول على الهيدروجين من مصادر عديدة، وهو نظيف تماما ولا ينتج عن استعماله اي عوادم. وهو يستخدم في محركات الاحتراق الداخلي، كسيارة H7 من بي ام دبليو (راجع "الشرق الاوسط" عدد 23/05/07) على سبيل المثال فالعادم لا يتعدى اوكسيد النيتروجين، اضافة الى بخار الماء. كما يستخدم ايضا في خلايا الوقود.

إلا أن مشكلته هي في كيفية انتاجه، ففي حال انتاجه من الوقود الحجري (كالفحم مثلا) ينتج معه الكاربون فيما الرؤية المستقبلية هي في انتاجه عبر الطاقة النظيفة، وعبر الطاقة النووية ايضا الخالية من الكاربون، وعن طريق اشعة الشمس ايضا و"البايوماس"، وهو الاسلوب المباشر لانتاج الهيدروجين من المحاصيل الزراعية،وبقايا النجارة والخشب وبقايا الغابات والقمامة والنفايات ومياه الصرف في البلديات. ويستدرك سيرفاس قائلا "صحيح ان بقايا الخشب والغابات تحتوي على الكاربون، لكن الكاربون هنا سلبي ولا يؤثر على البيئة مثل كاربون العوادم".

ثم هناك الطاقة الناجمة عن الرياح، التي يقول سيرفاس انها تعتبر الارخص في انتاج الهيدروجين بحيث يمكن الحصول على كيلوغرام واحد من الهيدروجين مقابل خمسة الى ستة دولارات. واذا وضعنا هذا الامر في مفهومه المنظوري وأصبح الهيدروجين المستخرج من خلايا الوقود ينافس الغازولين تجاريا عندئذ ستتراوح كلفة الهيدروجين بين الدولارين والثلاثة دولارات للكيلوغرام الواحد. من هنا فإن الطاقة المولدة من الرياح هي الاقرب الى تحقيق هذا الامر، وان كانت خلايا الوقود في حال تطويرها ونضج تقنيتها تبقى الهدف النهائي والأساسي. ويضيف سيرفاس أن الشمس ، الموجودة في كل مكان لا سيما في المناطق الحارة مصدر آخر للطاقة لكنها اغلى ولا يمكن استخدامها سوى على سبيل العرض ليس الا، اي انها لا تصلح تجاريا الان، لكن الامل معقود على الخلايا الشمسية لتخفيض كلفة الانتاج كلما كبرت المزارع الشمسية وتوسعت.. وهناك تحليل قامت به شركة "هيوليت-باكرد" في مدينة ليون الفرنسية واتسم برؤية واسعة وكبيرة وهي انتاج معامل ومصانع شمسية 100 الى 200 مرة اكبر من الموجود منها حاليا بحيث يمكن القيام بجميع اعمال المعالجة وعمليات السيليكون والزجاج في مكان واحد، مع عمليات التجميع المصاحبة لتخفيض كلفة الطاقة الشمسية وانتاج الهيدروجين ليصبح رخيصا وقادرا على المنافسة تجاريا. والامر الاساسي هنا هو اللجوء الى اسلوب "الفوتوكاميكال" و"الفوتوبايوليجيكال".

ويقول سيرفاس إنه شاهد بحثا وضعته جامعة اوبسالا في السويد حيث يجري استغلال طحالب المياه، وهي مادة طبيعية موجودة في مياه البحار والانهر والبحيرات والمستنقعات، لاستخراج الهيدروجين بأسلوب "الفوتوبايوليجيكال"، وهي عملية يجري فيها تقليد الطبيعة ومحاكاتها لكن في المصانع، وهي مثال حي على استخدام الطبيعة لتوجهنا الى ما نؤول اليه. لكننا، يقول سيرفاس لن نقوم بإنفاق اموالنا على ذلك الآن في الوقت الذي توجد فيه اساليب اخرى اقرب للحصول على الهيدروجين. وقد يتحقق ذلك في المستقبل مع المزيد من التطور والابحاث.

وعن تقنية "السيراميك" قال سيرفاس، انها نوع من خلايا الوقود تدعى "سوليد اوكسايد فيويل سيلس" مصنوعة من مادة "السيراميك" الصلبة جدا، التي لا تتأثر بالحوامض ولا بعوامل الحرارة العالية والتآكل الكيماوي التي تجري داخلها اثناء عملها. وهناك العديد من تقنيات خلايا الوقود المختلفة التي يجري البحث فيها وأغلبيتها تتعلق بالنقل والسيارات والحافلات، فهناك مثلا ما يسمى بتقنية "البلاستيك" المنخفضة الحرارة فهي، خلافا لتقنية "السيراميك" يجري التفاعل فيها بحرارة منخفضة جدا. وهذه جميعها ابحاث تتعلق باقتصاد الهيدروجين. وحول طرح" بي إم دبليو" لسيارتها الهجين H7 العاملة على الهيدروجين ايضا والصعوبات التي ترافق تخزين الهايدروجين داخلها في خزانات مضغوطة، اقر الخبير الأميركي ان هناك الكثير من التحديات التي ينبغي تذليلها، ومنها مسألة تخزين الهيدروجين. ولكنه اضاف انه ينبغي الاستمرار في هذه المساعي للوصول الى النتائج المرضية منها مثلا تخزين الهيدروجين، ليس تحت ضغط 3 بارات، بل تحت ضغط 350 (بار) (5000 رطل بالبوصة المربعة) لاستيعاب المزيد منه لقطع مسافات اطول. وقال "لقد قدت سيارة من هذا النوع، لكن قيض لي في واشنطن ان اقود قبل اسابيع سيارة هوندا إف سي إكس عندما عرضوا عددا منها هناك. انها سيارة رائعة. وتستخدم هوندا فيها الهيدروجين الناتج عن خلية الوقود، في حين تستخدم بي إم دبليو مبدأ المحرك ذي الاحتراق الداخلي. ويبدو ان خلية الوقود التي تستخدمها هوندا هي اكثر كفاءة من محرك بي إم دبليو الاحتراقي بثلاثة اضعاف، لان الاخير يستوعب قدرا اقل من الهيدروجين".

وقال سيرفاس، ان تخزين الهيدروجين تحت ضغط 250-300 بار هو الضغط الذي يرتاح اليه اغلبية الناس. ولكن لقطع مسافات أطول ينبغي مضاعفته، او التوجه الى الهيدروجين المسيل. اما هوندا فتلتزم بمبدأ خلية الوقود بضغط 250-350 (بار)، لكنها من التطور والكفاءة بحيث تتيح قطع مسافة 300 ميل في الخزان الواحد. وهذه التقنية الجديدة ستطرحها هوندا في الولايات المتحدة العام المقبل، وهي تجمع بين الهيدروجين التقليدي وخلية الوقود، لكن ما زالت هناك حاجة ماسة الى خفض كلفة الانتاج، وقد يتطلب الامر خمس سنوات من الان لكي يتحقق ذلك، وخمس سنوات اخرى لكي تتحول السيارات العاملة بخلايا الوقود إلى سلعة تجارية مطروحة في الاسواق.

لكن "بي إم دبليو"، بالمقابل، تقول انها لا يتوجب عليها انتظار هذه الفترة الطويلة واللجوء الى خلايا الوقود، بل التوجه مباشرة الى محرك الاحتراق الداخلي، وربما الى الهدروجين المسيل الذي قد لا يكون عالي الكفاءة، لحل مشكلة الانتظار الطويل، خاصة وان ذلك لايتطلب ايضا انتظار إقامة البنية الاساسية الخاصة بذلك. لذا اكتفت "بي إم دبليو" بانتاج سيارة هيدروجينية تعمل بالاحتراق الداخلي، ومن دون خلية وقود، قادرة على قطع مسافة 125 ميلا، ليعقب ذلك التحول الى البنزين العادي لأكمال المسافة المتبقية. وهذا اجراء عادي عملي جدا بحيث اخضعت السيارة هذه الى العديد من اختبارات السلامة وحوادث الاصطدام المفتعلة، وتعريضها الى حالات الطقس السيئة. اذن هي ليست سيارة نموذجية، بل سيارة عاملة مثل سائر السيارات الاخرى.

والتحدي الاخر الذي تواجهه شركات السيارات ايجاد بدائل في اساليب تخزين الوقود ليكون صلبا بدلا من حالته الغازية مثلا على شكل قطع معدنية، او كتل جافة بحيث يزول خوف الناس من وجود خزانات مضغوطة في سياراتهم قابلة للانفجار.

واشار جيف الى ان شركة" لوكهيد مارتن" للصناعات الفضائية والجوية والالكترونية مهتمة بالهيدروجين لدفع الغواصات والسفن العائمة، كما اشار الى ان الاتحاد السوفياتي السابق كان مهتما في وقت من الاوقات ايضا بوقود الهيدروجين لكنه توقف عن ابحاثه من دون ابداء الاسباب.

واضاف انه يمكن استخدام الهيدروجين في الاجهزة الجوالة على نطاق تجاري ايضا مثل الهواتف وكمبيوترات اللابتوب وغيرها بدلا من البطاريات. ومن المجالات المتاحة استخدام خلايا الوقود في القطاع العسكري... وهذه من علامات القبول الاولى التي ستقرر كلفة خلايا الوقود للسيارات والحافلات التي سيتدنى سعرها ليصبح مقبولا اذا انتجت على نطاق واسع. واحد سبل ذلك تخفيض كمية البلاتنيوم الذي يستخدم كمحفز في التفاعلات.

اخيرا في ما يتعلق بتوليد الطاقة من حركة الرياح، أو الامواج، او من حرارة جوف الارض، يقول سيرفاس ان كل ذلك يتعلق بالكلفة والسياسة الوطنية للحكومات، لكن يمكن انتاج الكهرباء من طواحين الهواء بكلفة خمسة سنتات للكيلوواط ساعة واحدة، وربما اقل مما يعني تقنية عالية الكفاءة لانتاج الهيدروجين على الصعيد


-عن الشرق الأوسط اللندنية