تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ابن حوران
ابن حوران
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 05-02-2009
  • الدولة : الأردن/ الرمثا
  • العمر : 72
  • المشاركات : 1,896
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • ابن حوران is on a distinguished road
الصورة الرمزية ابن حوران
ابن حوران
شروقي
العاشق ذو المروءة
29-04-2015, 09:51 AM
العاشق ذو المروءة


حكي عن الأصمعي أنه قال: دخلت البصرة أريد بادية بني سعد، وكان على البصرة يومئذ خالد بن عبد الله القسري (والي العراق في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان)، فدخلت عليه يوماً فوجد قوماً متعلقين بشاب ذي جمال وكمال وأدب ظاهر، بوجه زاهر حسن الصورة طيب الرائحة جميل البزة، عليه سكينة ووقار، فقدموه إلى خالد فسألهم عن قصته فقالوا: هذا لص أصبناه البارحة في منازلنا. فنظر إليه فأعجبه حسن هيئته ونظافته، فقال: خلوا عنه. ثم أدناه منه وسأله عن قصته، فقال: إن القول ما قالوه والأمر على ما ذكروه.

فقال له: ما حملك على ذلك وأنت في هيئة جميلة وصورة حسنة؟ قال: حملني الشره في الدنيا. وبذا قضى الله سبحانه وتعالى.

فقال له خالد: ثكلتك أمك، أما كان لك في جمال وجهك وكمال عقلك وحسن أدبك زاجر لك عن السرقة.
قال: دع عنك هذا أيها الأمير، وانفذ ما أمرك الله تعالى به. فذلك بما كسبت يداي. وما الله بظلام للعبيد.

فسكت خالد ساعة يفكر في أمر الفتى ثم أدناه منه وقال له: إن اعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني وأنا ما أظنك سارقاً. وإن لك قصة غير السرقة فأخبرني بها.

فقال: أيها الأمير، لا يقع في نفسك سوى ما اعترفت به عندك، وليس لي قصة أشرحها لك إلا أني دخلت دار هؤلاء فسرقت منها مالاً فأدركوني وأخذوه مني وحملوني إليك.
فأمر خالد بحبسه وأمر منادياً ينادي في البصرة: ألا من أحب أن ينظر إلى عقوبة فلان اللص وقطع يده فليحضر من الغد.

فلما استقر الفتى في الحبس ووضع في رجليه الحديد تنفس الصعداء، ثم أنشأ يقول:
هددني خالد بقطع يدي
إن لم أبح عنده بقصتها

فقلت هيهات أن أبوح بما
تضمن القلب من محبتها

قطع يدي بالذي اعترفت به
أهون للقلب من فضيحتها

فسمعه الموكلون به فأتوا خالداً وأخبروه بذلك، فلما جن الليل أمر بإحضاره عنده، فلما حضر استنطقه فرآه أديباً عاقلاً لبيباً ظريفاً فأعجب به فأمر له بطعام فأكلا وتحادثا ساعة. ثم قال له خالد: قد علمت أن لك قصة غير السرقة، فإذا كان غداً وحضر الناس والقضاة وسألتك عن السرقة فأنكرها واذكر فيها شبهاتٍ تدرأ عنك القطع. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات".

ثم أمر به إلى السجن، فلما أصبح الناس لم يبق بالبصرة رجل ولا امرأة إلا حضر ليرى عقوبة ذلك الفتى، وركب خالد ومعه وجوه أهل البصرة وغيرهم، ثم دعا بالقضاة وأمر بإحضار الفتى، فأقبل يحجل في قيوده، ولم يبق أحد من النساء إلا بكى عليه وارتفعت أصوات النساء بالبكاء والنحيب، فأمر بتسكيت الناس، ثم قال له خالد: إن هؤلاء القوم يزعمون أنك دخلت دارهم وسرقت مالهم فما تقول؟ قال: صدقوا أيها الأمير، دخلت دارهم وسرقت مالهم.

قال خالد: لعلك سرقت دون النصاب.
قال: بل سرقت نصاباً كاملاً.
قال: فلعلك سرقته من غير حرز مثله.؟ قال: بل من حرز مثله.
قال: فلعلك شريك القوم في شيء منه؟ قال: بل هو جميعه لهم لا حق لي فيه.
فغضب خالد وقام إليه بنفسه وضربه على وجهه بالسوط. وقال متمثلاً بهذا البيت:

يريد المرء أن يُعطى مناه
ويأبى الله إلا ما أرادا

ثم دعا بالجلاد ليقطع يده. فحضر وأخرج السكين، ومد يده ووضع عليها السكين، فبرزت جارية من صف النساء عليها آثار وسخ، فصرخت ورمت بنفسها عليه، ثم أسفرت عن وجه كأنه البدر وارتفع للناس ضجة عظيمة كاد أن تقع منه فتنة، ثم نادت بأعلى صوتها: إليه رقعة ففضها خالد فإذا هي مكتوب فيها:

أخالد هذا مُستهام متيمٌ
رمته لِحاظي من قسي الحمالق

فأصماه سهم اللحظ مني فقلبه
حليف الجوى من دائه غير فائق

أَقَرَ بما لم يقترفه لأنه
رأى ذلك خيراً من هتيكة عاشق

فهلا على الصب الكئيب لأنه
كريم السجايا في الهوى غير سارق

فلما قرأ الأبيات تنحى وانعزل عن الناس وأحضر المرأة، ثم سألها عن القصة، فأخبرته أن هذا الفتى عاشق لها وهي له كذلك، وأنه أراد زيارتها وأن يعلمها بمكانه، فرمى بحجر إلى الدار، فسمع أبوها واخوتها صوت الحجر، فصعدوا إليه، فلما أحس بهم جمع قماش البيت كله وجعله صرة، فأخذوه وقالوا: هذا سارق وأتوا به إليك فاعترف بالسرقة وأصر على ذلك حتى لا يفضحني بي اخوتي، وهان عليه قطع يده لكي يستر علي ولا يفضحني. كل ذلك لغزارة مروءته وكرم نفسه.

فقال خالد: إنه خليق بذلك.

ثم استدعى الفتى إليه وقبل ما بين عينيه وأمر بإحضار أبي الجارية وقال له: يا شيخ إنا كنا عزمنا على إنفاذ الحكم في هذا الفتى بالقطع، وإن الله عصمه من ذلك، وقد أمرت له بعشرة آلاف درهم لبذله يده وحفظه لعرضك وعرض ابنتك وصيانته لكما من العار. وقد أمرت لابنتك بعشرة آلاف درهم، وأنا أسألك أن تأذن لي في تزويجها منه.
فقال الشيخ: قد أذنت أيها الأمير بذلك.

قال: فحمد الله وأثنى عليه وخطب خطبة حسنة وقال للفتى: قد وقدره عشرة آلاف درهم.

فقال الفتى: قبلت منك هذا التزويج.

وأمر بحمل المال إلى دار الفتى مزفوفاً في الصواني، وانصرف الناس مسرورين ولم يبق أحد في سوق البصرة إلا نثر عليهما اللوز والسكر حتى دخلا منزلهما مسرورين مزفوفين.

قال الأصمعي: فما رأيت يوماً أعجب منه أوله بكاء وترح وآخره سرور وفرح.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية حلباوي محفوظ
حلباوي محفوظ
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 21-05-2015
  • الدولة : عين الإبل الجلفة
  • المشاركات : 780

  • وسام اول نوفمبر 

  • معدل تقييم المستوى :

    9

  • حلباوي محفوظ is on a distinguished road
الصورة الرمزية حلباوي محفوظ
حلباوي محفوظ
عضو متميز
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 10:42 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى