كورونا ...المحنة و المنحة
18-05-2020, 12:54 PM






لطالما تغنينا و دافعنا عن القوة الخارقة التي تملكها الدول المتطورة ، حتى أصيب الفرد في عالمنا العربي بعقدة شلت العقل و كبلت الفكر و اعتقدنا أننا أمام عقلية جبارة ملهمة و قاهرة لكل ما يفتك بالعالم من محن و مصائب و استسلمنا الى فكرة أن غيرنا يفكر و نحن نستعمل ،فطلقنا العلم و حتى العمل بالثلاث . سبحان من جعل من وراء كل محنة منحة ليحل على العالم ضيف ثقيل الظل أجبر الجميع أن يفر منه بدون أن يراه ، ليتسابق العالم في البحث عن أفضل الطرق لطرده و دحضه ، فذهب العالم الى مخابره و استعمل علماؤه ، أما نحن فحتى المساجد ملاذنا الأخير أغلقت أبوابه في وجوهنا . و ليتكشف السؤال الجديد القديم ، كيف نساعد العالم في مواجهة هذه الجائحة ؟
منذ انطلاق هذا الفيروس الذي وقف العالم عاجزاً و حائراً في إيجاد الترياق المناسب و بعد أن أصبح العالم على مسافة واحدة من الحل فلا المتقدم وجد الدواء و لا المتخلف لم يشارك في عملية البحث عن الحل فالعالم اليوم في مركب واحد و ما يجري على الفرد يجري على الجميع ، فمن الصين انطلق بغض النظر من أنه مختلق أم لا و لينتقل عبرها إلى مجموعة من دول العالم و منها ايطاليا حيث استعرض فيها عضلاته على مسمع و مرأى من العالم و حتى اسبانيا و باقي الدول ، تزامن الجائحة التهاوي الرهيب لسعر البترول لما دون الخمسة و العشرين دولاراً ، و كما قيل إن المصائب لا تأتي فرادى أمرا عرض اقتصادياتنا إلى خطر جم ليثبت لنا مرة أخرى أننا على حافة الخطر ،و وضعاً يتطلب منا أن نعيد رسم سياساتنا و نتخلص نهائياً من اقتصاد الريع و نفكر في التنوع و أن يكون استثمارنا على عدة جبهات منها و أهمها:
الرأس مال البشري :
آن الأوان لدولنا العربية أن تعيد توجيه الدفة إلى التوجه للإنسان و الاستثمار فيه و خاصة العقل العربي حيث يعتبر تربة خصبة لتنمو فيها بذرة الإبداع و التطور و التي بدورها تقطع أوصال الجهل و التخلف من جذوره ، و حسب خبراء الموارد البشرية فإن النهوض بالعنصر البشري يمر عبر عدة عناصر من أهمها:
التوجيه : يأتي التوجيه في بداية عملية البناء حيث يظهر مدى الحاجة للمناصب و الاختصاصات التي يجب أن توضع في أعلى هرم الأولويات و التركيز على النخبة و الإطارات بحكم أنهم هم من يقودون قاطرة النهضة و يجب أن لا ننسى أيضا الطبقة الوسطى حتى نحدث اتزانا في عملية التوجيه و البناء
التخطيط : الذي يعتبر الأسلوب و الطريقة المثلى للعمل ، حيث يركز علماء التنمية البشرية والاقتصادية أن هناك أنواعاً منها التخطيط المتوسط بحيث يصل إلى حوالي الخمسة سنوات و هناك التخطيط بعيد المدى ليصل حتى إلى ثلاثون سنة و أهم من التخطيط هي رسم الخطة و الالتزام الصارم على تنفيذها و أن يُحمَل الأمر مَحْمَل الجدّ و البعد عن الاستهتار . فقد شاهدنا بعضاً من الأقطار العربية من رسمت خططاً و رؤى مستقبلية إلا أهما اكتفت بالشعارات لا أكثر .
التنظيم : يعني التنظيم بمعناه البسيط أن يقوم كل فرد في المجتمع بدوره المنوط به و تكليف كل شخص بدوره و أن تقوم الدولة برسم هيكل تنظيمي من أجل تحقيق أهداف رسمت في أثناء عملية التخطيط
القيادة : تعرف القيادة في تعريفها المختصر هي الأخذ بيد الأفراد لتحقيق الأهداف ، و مع تنوع أنماط القيادة العالمية من الديمقراطية إلى القيادة الاستبدادية و حتى النماذج العربية في القيادة منها العمرية نسبه إلى عمر بن الخطاب إلى الحجّاجية و التي تنسب إلى الحجاج الثقفي فاختيار النموذج إنما يتوقف على بنية المجتمع و لا نفضل نمط على غيره بما فيه من ايجابيات و سلبيات لكل نمط
و أخيرا برغم ما فتك فينا هذا الفيروس يجب أن لا ننظر إلى سلبيات الواقعة و الجائحة بل يجب أن نركز على الايجابيات بالرغم من الصدمة فحتى في علم النفس هناك علاج بالصدمة. و العلاج سينقلنا من الاهتمام بالمورد الطبيعي إلى المورد البشري لأنه هو رأس المال الحقيقي ، و ما يسهر على ذلك القيادة نعم كيف لا و المثل يقول الناس على دين ملوكهم هو مثل يلخص بنسبة كبيرة دور القيادة في التأثير على الرعية .
التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسامة ; 18-05-2020 الساعة 02:36 PM