المشهد يتكرر
07-01-2017, 07:26 PM
هذه احدى محاولاتي في القصة القصيرة كانت قد تقلدت المرتبة الاولى في احدى المسابقات على موقع التواصل الاجتماعي
انتظر تعقيباتكم وتصحيحاتكم



السادسة صباحا نفس المشهد يتكرر
عند ناصية الشارع ينظر لساعته الجيبية يدقق في عقاربها يغلقها ويعيدها الى ذلك المكان الامين بسترته , اعتدت المرور من أمامه يحييني بيده التي بدأت التجاعيد ترسم عليها لوحات السنين .
يحييني وكل فتاة في طريقها للدراسة , وكلماته المشجعة تخترق الجو الهادئ : ادرسي جيدا ...سلمي على الوالد...كوني بخير...
يركب الحافلة بهدوء وتمضي في سبيلها توصل كل شخص لغايته , أذكر كم تغامزنا نسأل : ماعمله ؟
تلك الرفيقة كانت متأكدة أنه يعمل ساعي بريد لأنها رأته يعطي والدها ظروفا بريدية وصار كذلك بمخيلتي .
مرت الاعوام وساعي البريد كل يوم بمكانه ينظر لنفس الساعة بنفس الدقة لكنه الان ينقر زجاجها مرتين ...لابد أنه كان يساعد عقاربها على السير , هذا ما اقنعت به نفسي .
ذلك اليوم اختلف , لم يكن هناك كعادته , لا ذلك اليوم ولا الذي بعده , عله مرض أو فارق الحياة أو ربما يكون مرض , اخترت أن يكون مريضا , فهو ولا مرة تاخر عن حافلته ولا مرة مرض ولا مرة فارقت البسمة وجهه .
يالها من فرحة وانا انظر اليه يتجه لنفس المكان بخطى سريعة , متأخر على غير عادته ويشير للحافلة لتتوقف بعد أن سارت , شعرت بالحزن لأجله فقد كان يبدو نحيفا شاحبا وأكثر من ذلك منزعجا , فكرت وانا بطريقي للدراسة : ماغير حاله وكيف للبسمة أن تمحى وللبهجة أن تختفي .
وعند أثر قدمه رأيتها صاحبة تلك السلسلة الفضية ذات الحلقات المتشابكة , حملتها وحرصي عليها أكبر من حرصي على الدرس الذي ولابد يقدم وأنا واقفة هنا أحدق فيها كأنها كنز , يالها من ساعة ويالها من نقوش قديمة , لا يمكنني مقاومة فتحها والنظر اليها ولو للحظة , لنصف أو ربع لحظة ... هل تقسم اللحظات ؟
ارتبكت, أمضيت الدقائق أفكر: أفتحها أو لا , سافتحها , سأراقبها تفتح واستمتع بكل حركة لعقاربها ...أين العقارب ؟ أين الارقام ؟ أين ماينظر اليه ساعي البريد كل صباح ؟
أيعقل أن ما ظننته ساعة هو قلادة ؟ لكن أي قلادة هذه التي تكون بهذا الحجم ؟ والأهم من ذلك أين الصورة ؟
أمضيت ذلك اليوم بنفس المكان أفكر بما أقول لساعي البريد , وعندما حضر ضاعت الكلمات , مددت يدي اليه وانا احملها من سلسلتها : هذه لك سيدي ساعي البريد
نظر الي تسللت بسمة من بين شفتيه : ساعي البريد ؟
عرفت خطئي استدركت : عفوا هذا ما ظننت .
تنهد : بنيتي ألم تتأخري على وقت عودتك (تحديقي به جعله يتراجع عن تعقيبه) أعمل بمصلحة الضرائب .
سار بطريقه مشيت خلفه حينا : ظننتها ساعة .
ودون أن يستدير أجاب : بل قلادة , قلادة خاصة .
لم أستطع أن أخفي استغرابي : والصورة ؟
تكلم وهو يسير بعجل : تفقد الصورة معناها كصاحبتها , عندما يختفي الأصل ما نفعل بالظل ؟ ومانفع الذكرى ان كانت زائفة ؟
كانت تفاصيل لم أفهمها حينها , رحت أكتب كل السيناريوهات : من تكون ؟ ابنته , زوجته . أم أمه ؟
والآن بهذا العمر أعرف أن القلادة كانت ساعة فقدت بريقها بمرور الوقت وذكرى ضاعت بين العقارب ...


سحر الحرف والكلام


شكرا للأخ صقر الأوراس على التوقيع