تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
السلفية بأقلام سلفية
05-03-2008, 08:29 PM
معنى الانتساب إلى السلف و السلفية

للشيخ صالح آل الشيخ

معنى الانتساب إلى السلف والسلفية :

المسلمون صنفان: سلفيون، وخلفيون.

أما السلفيون: فهم أتباع السلف الصالح.

والخلفيون: أتباع فهوم الخلف، ويسمون بالمبتدعة، إذ كل من لم يرتض طريقة السلف الصالح في العلم والعمل، والفهم والفقه فهو خلفي مبتدع.

والسلف الصالح: هم القرون المفضلة، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم صحابة رسول الله -رصي الله عنهم- الذين أثنى الله عليهم بقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً} [الفتح: 29] الآية.وأثنى عليهم رسول الله بقوله: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»(1).

وتتابعت أقوال الصحابة أنفسهم، والتابعين لهم بإحسانٍ على الثناء على مجموعهم، والاقتداء بمسالكهم.

قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: «من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم»(2).

وهذا أمر مجمع عليه بين أهل السنة، لا يخالف في ذلك منهم مخالف، وإذا كانوا على مثل هذا الفضل العظيم فلا غرو أن يتشرف المسلم بالانتساب إلى طرائقهم في فهم الكتاب والسنة، وتفسيرهما، وعملهم بالنصوص.

وكانت كل فرقة ضالة من فرق الأمة تستدل لمراداتها ومذاهبها بآياتٍ وأحاديثٍ خلاف فهم السلف لها، وتوسعوا في ذلك حتى كفر بعضهم بعضاً وضربوا كتاب الله بعضه ببعض، كل ذلك بفهمهم للنصوص حَسبَ ما تدعيه كل فرقة، فأصبحت كل الفرق الزائغة تقول: نأخذ بالكتاب والسنة، فالتبس الأمر على ضعيفي النظر، قليلي العلم.

والمخرج من هذه الدعاوي والأقوال الزائغة هو اتباع نهج خير القرون، فما فهموه من النصوص هو الحق، وما لم يفهموه ولم يعملوا به فليس من الحق.

وهكذا تابعوهم بإحسانٍ ممن تلقوا عن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-، فصار من انتسب إلى منهج هؤلاء الصحابة في فهم الكتاب والسنة، ومن أخذ بما صحت روايته عنهم مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن ترك الآراء العقلية والفهم المحدث صار من هذا نهجة وسبيله سلفياً، وصار من لم يكن كذلك خلفياً مبتدعاً، إذا تقرر هذا، فكل مسألة من مسائل العلم لا تخلو من أحد ثلاث أحوال:

الأول: أن يكون الصحابة وتابعوهم قد قالوا بها وعملوا بها جميعاً أو بعضهم ولم يظهر له مخالف.

الثاني: أن يكون عمل بها بعضهم، وخالف فيها بعض آخر وهم أكثر.

الثالث: أن تكون المسألة غير معمول بها عندهم.

أما القسم الأول: وهو أن يكون عمل الصحابة كلهم بالمسألة، أو بعضهم ولم يعرف له مخالف، فلا شك أن هذا هو السنة المتبعة، والنهج الواضح البين، والصراط المستقيم، والمحجة البيضاء، فلا يحل لأحدٍ مخالفتهم في ذلك، وأمثلة هذا أشهر وأكثر من أن تذكر في العقائد والعبادات.

وأما القسم الثاني: وهو أن يكون قد عمل بها بعضهم، وخالف آخرون، وهم أكثرهم، حيث آثر عامة الصحابة غير ما اختاره ذلك القليل، وعملوا بغير ما عمل، قال الشاطبي في «الموافقات في أصول الشريعة» (3/57) في وجوب اتباع أكثرهم: «فذلك الغير هو السنة المتبعة، والطريق السابلة، وأما ما لم يقع العمل عليه إلا قليلاً، فيجب التثبت فيه، وفي العمل على وفقه، والمثابرة على ما هو الأعم الأكثر، فإن إدامة الأولين للعمل على مخالفة هذا الأقل: إما أن يكون لمعنى شرعي، فلا بد أن يكون لمعنى شرعي تحروا العمل به، وإذا كان كذلك فقد صار العمل على وفق القليل كالمعارض للمعنى الذي تحروا، وموافقة ما داوموا عليه) انتهى(3).

ثم قال (3/70-71): «وبسبب ذلك ينبغي للعامل أن يتحرى العمل على وفق الأولين، فلا يسامح نفسه في العمل بالقليل، إلا قليلاً، وعند الحاجة، ومس الضرورة إن اقتضى معنى التخيير، ولم يخف نسخ العمل، أو عدم صحة في الدليل، أو احتمالاً لا ينهض به الدليل أن يكون حجة، أو ما أشبه ذلك، أما لو عمل بالقليل دائماً للزمه أمور:

أحدها: المخالفة للأولين في تركهم الدوام عليها، وفي مخالفة السلف الأولين ما فيها.

الثاني: استلزام ترك ما داوموا عليه، إذ الفرض أنهم داووا على خلاف هذه الآثار، فإدامة العمل على موافقة ما لم يداوموا عليه مخالفة لما داوموا عليه.

والثالث: أن ذلك ذريعة إلى اندارس أعلام ما داوموا عليه، واشتهار ما خالفه، إذ الاقتداء بالأفعال أبلغ من الاقتداء بالأقوال، فإذا وقع ذلك ممن يقتدى به كان أشد.

الحذر الحذر من مخالفة الأولين، فلوكان ثَـمَّ فضل ما لكان الأولون أحق به، والله المستعان». انتهى كلام الشاطبي - رحمه الله -.

وأما القسم الثالث: وهو أن تكون المسألة غير معمول بها عندهم، فلا مراء في أن ما خرج عن عملهم كلهم بدعة وشر، إذا كان مما يتقرب به عامله إلى ربه، لا إن كان من العاديات فالأصل فيها الإباحة.

ولذا يقال لكل من عمل عملاً لم يكن على طريقة السلف وفهمهم لنصوص الكتاب والسنة: إنك مبطلٌ مبتدع، مُتَّبعٌ غير سبيل المؤمنين.

وقد يحسَّن المحدثات التي لم يتقرب بها صحابة رسول الله r أناسُ ينتسبون إلى العلم، في رغبات ونوازع مختلفة، وهو كله خطأ على الدين، واتباع لسبيل الملحدين، فإن هؤلاء الذين أدركوا هذه المدارك، وعبروا على هذه المسالك: إما أن يكونوا أدركوا من فهم الشريعة ما لم يفهمه الأولون، أو حادوا عن فهمها

يتبع ......
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
05-03-2008, 08:32 PM
وهذا الأخير هو الصواب.

إذ المتقدمون من السلف الصالح هم كانوا على الصراط المستقيم، ولم يفهموا من الأدلة المذكورة وما أشبهها إلا ما كانوا عليه، وهذه المحدثات لم تكن فيهم ولا عملوا بها(4).

والمحدثات أنواع: فمنها الشركي، ومنها البدع التي تجر إلى الشرك، ومنها بدع تقضي على السنن، وهذه المحدثات بأنواعها لم تكن في زمن الصحابة والتابعين مطلقاً، فلا كان في زمنهم قبور يعكف عندها، وتبنى القبابُ عليها، ويستشفع بأصحابها.

ولا كان عندهم توسل بحرمة الأنبياء والصالحين أو جاههم أو ذواتهم، ولا كان عندهم تحرٍ للدعاء عند القبور، ولا كان عندهم هذه الموالد والاحتفالات بمناسبتها، كل هذا لم يكن عندهم بإجماع المسلمين، فإذا كان ذلك كذلك فما استدل به الخلف من شبه لتبرير هذه البدع ينقسم ثلاثة أقسام:

الأول: آيات كريمة تأولوها على مراداتهم، محرفين لمعانيها عاسفين لها عسفاً.

الثاني: أحاديث، وهي قسمان:

القسم الأول: أحاديث صحيحة ليست على ما فهموه، ولا توافق مرادهم، وإنما يحرفونها عن معانيها وسياقها.

القسم الثاني: أحاديث واهية أو مكذوبة، وما أكثرها عندهم، وما أشدَّ فرحهم بها، وما أعظم إغلاءهم لهما، وما أحبهم لترديدها ونشرها.

الثالث: حكايات ومنامات يتناقلونها، وكأنها من مصادر التشريع.

والمخرج من الاستدلال بالآيات والأحاديث الصحيحة يكون بأمرين:

الأول: أن ما يستدل به المبتدعة ليس هو المعنى المراد، فأهل السنة المتبعون لفهم السلف يفهمون منه غير ما فهمه المبتدعة، فيكون فهمُ الخلف مردوداً بفهم السلف.

الثاني: -وهو فرع الأول- أن يقال: هل عمل السلف الصالح بفهم الخلف لما يستدلون به أم لم يعملوا به؟ والسلف لم يعملوا بهذه المحدثات اتفاقاً، ولن يقدر مبتدع أن يأتي بعمل للسلف مخالف لعمل الصحابة؛ لأن أهل السنة متبعون لعمل الأولين من الصحابة والتابعين، بخلاف الخلف الذين يفعلون ما لا يؤمرون.

وفي هذا المعنى ما رُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «إنه سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله».(5).

ولذا لا تجد فرقة من الفرق الضالة، ولا أحداً من المختلفين، يعجز عن الاستدلال على مذهبه بظواهر من الأدلة، والشأن والصواب في صحة الاستدلال لا بمجرد الاستدلال.

قال الشاطبي بعد ذكر مجمل هذه المعاني (3/77): «فلهذا كله يجب على كل ناظرٍ في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب وأقوم في العلم والعمل» انتهى.

إذا تبين هذا وانجلى، وظهر الحق واعتلى، فالذين يصح تشرفهم بالانتساب إلى السلف الصالح يدورون

مع هذه المسائل التي ذكرت.

1 - فما كان عمل الصحابة به منتشراً، عملوا به.

2 - وما تفرد به واحد منهم أو أفرادٌ وخالف فيه بقيتهم ردوه إلى الله والرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما أمرهم ربهم بذلك حيث قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}. [النساء: 59].

فأمر بالرد إلى الله : وهو الرد إلى كلامه المنزل الحكيم ..قرآنه العظيم،وأمر بالرد إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو: الرد إليه في حياته، وإلى سنته الثابتة الصحيحة بعد وفاته، والنظر للاتباع في عمل الأكثرين.

فلم يظهر -بحمد الله- في قاعدتهم إخلال، ولا نابها اضطراب وهي القاعدة البينة، والسبيل النهج الواضح، والصراط المستقيم، وعليها سار الأئمة الأربعة في أكثر فقههم -رحمهم الله وأجزل لهم المثوبة-.

3- وما لم يعمل به أولئك الكرام -أعني صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أمر العبادات فهو محدث أحدثه الخلوف.

فما كف الصحابة والتابعون عما كفّوا عنه إلا لنظر سديد، وفهم حميد لأدلة الكتاب والسنة، ولا تركوا ما تركوا ما أحدثه من بعدهم -مع وجود أسبابه عينها التي برَّرَ بها المحدثون محدثاتهم- إلا عن فهم لأمور الشرع، وتركهم سنة متبعة وسبيل مقتفاة.

ولا رغبوا فيما رغبوا عنه مما طلب به الخلوف الأجر والثواب إلا وفِعْل ما رغبوا عنه ليس من الدين، فإنهم أحرص الناس على الخير، وأكثرهم تحرياً لولوج أبواب الطاعات المشروعة، فإنهم لا يتركون مشروعاً إلا وقد أتوه وطلبوا الثواب، وتقربوا إلى الله بعمله.

فما أفقه من اتبعهم في: أخذهم وتركهم، وفقههم وعلمهم، وفهمهم وعملهم، وما أحراه بكل خير وقربة، وما أجدره بأن يوفق في أمره كله.


يتبع .......


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه البخاري (2652)، ومسلم (2533) عن عمران بن حصين، وابن مسعود، وألفاظه عندهما متعددة.

(2) أخرجه المقرئ في «ذم الكلام وأهله » (4/288)،عن ابن مسعود وأبو نعيم في « الحلية » (1/305) عن عبدالله بن عمر، وذكره كثير ممن كتب في العقيدة عنهما معلقاً .

(3) وساق الشاطبي أمثلة، وفي «التوسل والوسيلة» لشيخ الإسلام ابن تيمية من ذلك أمثلة كثيرة.

(4) «الموافقات» للشاطبي(3/73).

(5) رواه الدارمي(1/47)، واللالكائي في «السنة»، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله»، وكذا رواه الدراقطني وابن أبي زمنين في «أصول السنة»، ونصر المقدسي في «الحجة على تارك المحجة» وآخرون.
التعديل الأخير تم بواسطة اسد السنة ; 05-03-2008 الساعة 08:35 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
05-03-2008, 10:51 PM
السلفيَّة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة(1)

1- الفرقة الناجية والطائفة المنصورة:

والكلام في الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وعليها من وجوه:

أولاً: الأحاديث النبويّة في النهي عن افتراق الأمّة الإسلاميّة:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة».

وفي الباب عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-:

أ- عن معاوية -رضي الله عنه-، وفي حديثه زيادة: «وإنه سيخرج في أُمتي قومٌ تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، لا يبقى منه عرقٌ ولا مِفصلٌ إلا دَخَلته».

ب- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، وفي حديثه زيادة: «كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة».

ت- عن عوف بن مالك -رضي الله عنه-، وفيه زيادة نحو حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.

ث- عن أبي أمامة الباهليّ -رضي الله عنه- في قصّة طويلة، وفي حديثه زيادة: «السواد الأعظم» -أي: الناجية-.

جـ- حديثُ عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، وفيه زيادة: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي».

وفي الباب عن عمرو بن عوف المزني، وأبي الدرداء، وأبي أمامة، وواثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك مجتمعين في حديث واحد.

ومن هذه الأحاديث جاء وصف الفرقة الباقية على الأصل التي عضّت على السنّة بنواجذها بـ«الناجية»؛ لأنّها نجت من الخلاف، وستنجو -بإذن الله- من النار.

ثانياً: أحاديث الطائفة المنصورة:

1- عن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يزال من أمتي أُمَّة قائمة بأمر الله لا يضرُّهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمرُ الله وهم على ذلك».

قال عُمير -أحد رواة الحديث-: قال مالك بن يخامر: قال معاذ: «هم بالشام».

قال معاوية: هذا مالك يزعم أنّه سمع معاذ بن جبل يقول: «هم بالشام».

2- حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- بلفظ: «لا يزال ناسٌ من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمرُ الله وهم كذلك».

3- حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة».

4- حديث ثوبان -رضي الله عنه- بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرُّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».

5- حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال».

6- حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا إنّ بعضكم على بعض أمير؛ تكرمة الله -عزَّ وجلَّ- لهذه الأمّة».

7- حديث سلمة بن نُفيل -رضي الله عنه- بلفظ: «الآن جاء القتال؛ لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس يرفع الله قلوب أقوام فيقاتلون ويرزقهم الله -عزَّ وجل- وهم على ذلك، ألا إنّ عقر دار المؤمنين بالشام، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».

8 و 9- حديث عبدالله بن عمرو وعقبة بن عامر -رضي الله عنهم- بلفظ: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين لا يضرُّهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك».

10- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي قوّامة على أمر الله لا يضرُّها من خالفها».

11- حديث قُرَّة -رضي الله عنه- بلفظ: «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرُّهم من خالفهم حتى تقوم الساعة».

12- حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- بلفظ: «لن يبرح هذا الدين قائماً يُقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة».

13- حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- بلفظين:

الأول: «ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الدين عزيزة إلى يوم القيامة».

الثاني: «لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحقّ حتى تقوم الساعة».

14- حديث أبي عنبة الخولاني –رضي الله عنه- بلفظ: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته إلى يوم القيامة».

وعلى الجملة؛ فأحاديث الطائفة المنصورة متواترة؛ كما نصّ على ذلك جماعة من أهل العلم؛ منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في: «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص6)، والسيوطي في: «الأزهار المتناثرة» (93)، وشيخنا الألباني -حفظه الله- في «صلاة العيدين» (39-40) وغيرهم.

ومن هذه الأحاديث جاء وصف الطائفة بـ«المنصورة»؛ لأنها ظاهرة على الحق ثابتة عليه؛ ولأنّ الله يكلؤها برعايته، ويصنعها على عينه حتى يأتي أمره وهم كذلك.

ثالثاً: أوصاف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هل بينها تعارض وتغاير؟

وردت الأخبار الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتعيين أوصاف أوصاف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة منهجاً وحالاً.

أمّا المنهج فقد وردت ثلاثة ألفاظ بتحديد ملامحه:

1- «ما أنا عليه وأصحابي» كما في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-

2- «الجماعة» كما في حديث أنس وسعد -رضي الله عنهما-.

3- «السواد الأعظم» كما في حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-.

وهذه الألفاظ النبويّة الصحيحة تتفق ولا تفترق، وتأتلف ولا تختلف، وتجتمع ولا تمتنع؛ كما بيّن ذلك الآجري -رحمه الله- في كتابه المستطاب: «الشريعة» (ص14-15) فقال: «ثم إنه صلوات الله وسلامه عليه سئل: من الناجية ؟ فقال -عليه الصلاة والسلام- في حديث: «ما أنا عليه أنا وأصحابي»، وفي حديث: «السواد الأعظم»، وفي حديث قال: «واحدة في الجنة وهي الجماعة».

قلت أنا -القائل الآجري-: «ومعانيها واحدة إن شاء الله -تعالى-».
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
05-03-2008, 10:51 PM
قال أبو أسامة الهلالي: صدق وبرّ، فالأمر كما قال؛ لأنّ هذه الطائفة المنصورة هي الجماعة؛ لأنّ الجماعة ما وافق الحقّ ولو كنت وحدك، كما عرَّفها الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-.

عن عمرو بن ميمون الأودي -رحمه الله- قال: «قَدِمَ علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوقع حبّه في قلبي، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام، ثمّ لزمتُ أفقه الناس بعده عبدالله بن مسعود فذُكر يوماً عنده تأخير الصلاة عن وقتها فقال: «صلوا في بيوتكم واجعلوا صلاتكم معهم سُبحة».

قال عمرو بن ميمون: «فقيل لعبدالله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة، فقال لي: «يا عمرو بن ميمون! إنّ جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنّما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك»(1).

وقد نقله العلامة أبو شامة في كتابه المستطاب «الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص22) محتجاً به على قوله: «وحيثُ جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحقّ واتباعه، وإن كان المتمسك به قليلاً والمخالف كثيراً؛ لأنّ الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم (وذكره)».

واستحسن هذا الكلام العلامة ابن القيم الجوزيّة في كتابه الفذ: «إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان»: «وما أحسن ما قال أبو محمد إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتابه «الحوادث والبدع» (وذكره)».

قلت: لقد تبيّن لذي عينين أنّ الجماعة هي ما وافق الحق ولو كان وحده، وهذه الطائفة المنصورة وُصفت في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنّها ظاهرة على الحق، وكذلك لفظ الطائفة يقع على الواحد فما فوق في لغة العرب.

قال أديب الفقهاء وفقيه الأدباء ابن قتيبة الدينوري في كتابه النافع الطيّب «تأويل مختلف الحديث» (ص45): «قالوا: وأقلُّ ما تكون الطائفة ثلاثة وغَلِطوا في هذا القول؛ لأنّ الطائفة تكون واحداً وثلاثاً وأكثر؛ لأنّ الطائفة بمعنى القطعة والواحد، وقد يكون قطعة من القوم، وقال الله -تعالى-: { وليَشْهد عذابهما طائفة من المؤمنين} يريد الواحد والاثنين» أ.هـ.

قلت: وهذا ما اتفق عليه أئمة اللغة والدين كما بينته في كتابي «الأدلة والشواهد على وجوب الأخذ بخبر الواحد في الأحكام والعقائد» (1/23)، فلا جرم أن تكون هذه الطائفة المنصورة هي الجماعة.

وهي السواد الأعظم؛ لأنها الجماعة.

قال ابن حبان في «صحيحه» (8/44): «الأمر بالجماعة بلفظ العموم والمراد منه الخصوص؛ لأنّ الجماعة هي إجماع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن لزم ما كانوا عليه وشذَّ عمّن بعدهم لم يكن بشاقٍّ للجماعة، ولا مفارق لها، ومن شذَّ عنهم وتبعَ من بعدهم كان شاقّاً للجماعة، والجماعة بعد الصحابة هم أقوامٌ اجتمع فيهم الدين والعقل والعلم، ولزموا ترك الهوى فيما هم وإن قلّت اعدادهم، لا أوباش الناس ورعاعهم وإن كثروا».

وقال إسحاق بن راهويه: «لو سألت الجهّال عن السواد الاعظم لقالوا: جماعة الناس، لا يعلمون أنّ الجماعة عالمٌ متمسّكٌ بأثر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وطريقه، فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة»(2).

قال الإمام الشاطبي في كتابه القيّم «الاعتصام» (2/267) مؤكداً هذا الفهم السُّنيّ الصحيح: «فانظر حكايته تتبيّن غلط من ظنَّ أنّ الجماعة هي جماعة الناس، وإن لم يكن فيهم عالمٌ، وهو فهم العوام لا فهم العلماء، فليُثَبِّت الموفّق في هذه المزلّة قدمة لئلا يضلَّ عن سواء السبيل، ولا توفيق إلا بالله».

قال اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة» (1/25) في وصف الطائفة المنصورة والفرقة الناجيّة: «واغتاظ بهم الجاحدون؛ فإنّهم السواد الأعظم، والجمهور الأضخم؛ فيهم العلم والحكم، والعقل والحلم والخلافة والسيادة، والملك والسياسة، وهم أصحاب الجمعات والمشاهد، والجماعات والمساجد، والمناسك والأعياد، والحج والجهاد، وباذلوا المعروف للصادر والوارد، وحماة الثغور والقناطر الذين جاهدوا في الله حقّ جهاده».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (3/345): «ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنّها أهل السنّة والجماعة، والهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم».

قلت: تدبّر أيها الأخ هذه الكلمات الغاليات واحفظها؛ فإنّها تزيل عنك إشكالات اوجبها حمل أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المتقدمة في التفرُّق على وهم العامّة، وتوهم أنصاف الفقهاء، وتدحص شبهات أثارها دعاة الفرق الضالّة الذين ردّوا هذه الأحاديث بدعوى أنّها تخالف الواقع حيث تحكم على جماهير الأمة الإسلاميّة بدخول النار ظنّا منهم أنّ جماهير الأمّة الإسلامية يدينون ببدعهم وضلالاتهم، وما فطنوا أنّ جماهير الأمّة الإسلاميّة تجذبهم الفطرة السليمة إلى العقيدة الصحيحة -إن شاء الله- ولذلك تمنّى رؤوس مذهب الخلف أن يموتوا على دين العجائز.

ولا شكّ أنّ هذه الطائفة المنصورة هي على ما كان عليه النبيّ وأصحابه؛ لأنّها على الحق، والحقّ هو ما كان عليه النبيّ وأصحابه، فمن بقي على ما كانت عليه الجماعة قبل التفرُّق وكان وحده، فإنذه حينئذ هو الجماعة.

وبهذا تتّضح معالم منهج الفرقة الناجيّة والطائفة المنصورة:

الكتاب والسنّة بفهم سلف الأمّة؛ محمد والذين معه ومن اتّبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ودعوةٌ إلى توحيد الأمّة على هذا الفهم؛ لأنّه اعتصام بحبل الله.

وهو المؤهل لإعادة مجد هذه الأمّة المفقودة، وتحقيق أملها المنشود؛ لأنه الدين لمؤسّسُ على الفطرة، والله بالغ أمره.

أمّا حال الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؛ فقد وردت أربعة أوصاف تنعته:

1- «لا تزال طائفة»، وهذا يعني الاستمرار.

2- «ظاهرة على الحق»، وهذا يعني الانتصار.

3- «لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم»، وهذا يعني إغاظة أهل البدع والكفّار.

4- «كلُّها في النار إلا واحدة»، ويعني النجاة من النار.

أمّا الاستمرار والانتصار؛ فلقد اتّفقت أحاديث الطائفة المنصورة على أنّها مستمرة بثباتٍ على الإسلام حتى يأتي أمر الله وهم كذلك.

وهذه صفة عظيمة استظهرها أهل العلم لأنّ فيها معجزة بيّنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث وقع ما أخبر به.

قال المناوي في «فيض القدير» (6/395): «وفيه معجزة بيّنة؛ فإنّ أهل السنّة لم يزالوا ظاهرين في كلّ عصر إلى الآن، فمن حين ظهرت البدع على اختلاف صنوفها من الخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم لم يقم لأحد منهم دولة، ولم تستمر لهم شوكة بل كلّما أوقد نارً للحرب أطفأها الله بنور الكتاب والسنّة، فلله الحمد والمنّة».

وأمّا إغاظة أهل البدع والكفار، فهذه الطائفة الطيبة التي غرسها الله، فنما عودها، واشتدّ فاستغلظ فاستوى على سوقه لا ترى فيه عوجاً، بل قويّاً سويّاً إذا رآه أهل الخبرة في الزرع العالمين بالنّامي منه والذابل، المثمر منه والبائر، سرُّوا وأحبّوه، وأمّا إذا وقع بصر أهل الزيف والزور والكذب امتلأت قلوبهم غيظاً وكمداً . . قل موتوا بغيظكم.

هذه صفة جيل القدوة الأول: {ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يُعجب الزُرَّاع ليغيظ بهم الكفّار} [الفتح:29].

ولا شكّ أنّها -أيضاً- صفة للطائفة المنصورة أهل الحديث الذين درجوا على أثر جيل القدوة الأول محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحبه، ونهلوا من معينه الصافي كتاباً وسنّةً.

وتعتمد إغاظة الكفار يوحي بأنّ هذه الطائفة هي غرس غرسه الله وتعهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتربية، فهي من دلائل قدرة الله؛ لأنها اداة لإغاظة أعداء الله الذين يعملون على إطفاء نور الله، وإخناد جذوته في نفوس المسلمين، ولكنّ الله متم نوره ولو كره المشركون، ومطهر دينه ولو كره الكافرون.

ولذلك ترى أهل البدع يعادون أهل الحديث في كل عصر ومصر.

قال أبو عثمان عبدالرحمن بن إسماعيل الصابوني –رحمه الله- في كتابه «عقيدة السلف أصحاب الحديث» (ص101-102): «وعلامات أهل البدع على أهلها ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدّة معاداتهم لحملة أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- واحتقارهم لهم، وتسميتهم إيّاهم حشويّة، وجهلة، وظاهريّة، ومشبهةً اعتقاداً منهم في أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنذها بمعزل عن العلم، وأنّ العلم ما يلقنه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة، ووساوس صدروهم المظلمة، وهواجس قلوبهم الخالية من الخير، وكلماتهم وحججهم العاطلة بل شبههم الداحضة الباطلة».

{أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم} [محمد:23]، {ومن يُهن الله فما له من مُكرم إنّ الله يفعل ما يشاء} [الحج:18].

قال أحمد بن سنان القطّان المتوفى سنة (258هـ) -رحمه الله-: «ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه»(3).

وقال أبو نصر بن سلام الفقيه المتوفى سنة (305هـ) -رحمه الله-: «ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناده»(4).

عن أبي أسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال: كنتُ أنا واحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد الله احمد بن حنبل فقال له: يا أبا عبدالله ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث، فقال: قوم سوء(5).

فقام أبو عبدالله وهو ينفض ثوبه، فقال: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته.

قال الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص4): «وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كلَّ من ينتسب إلى نوع من الإلحاد والبدع، لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشويّة».

قال أبو حاتم الرازي: «علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزناقدة تسميتهم أهل الأثر حشويّة، يريدون بذلك إبطال الأثر، وعلامة القدرية تسميتهم أهل السنّة مشبهة، وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة»(6).

قال الصابوني في «عقيدة السلف» (ص105-107): «وكل ذلك عصبيّة ولا يلحق أهل السنة إلا اسمٌ واحدٌ وهو أهل الحديث».

ثمّ قال: «أرأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقّبوا بها أهل السنّة -ولا يلحقهم شيءٌ منها فضلاً من الله ومنّة- سلكوا معهم مسلك المشركين -لعنهم الله- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم اقتسموا القول فيه؛ فسمّاه بعضهم ساحراً، وبعضهم كاهناً، وبعضهم شاعراً، وبعضهم مجنوناً، وبعضهم مفترياً مختلقاً كذاباً، وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من تلك المعائب بعيداً بريئاً، ولم يكن إلا رسولاً مصطفى نبيّاً».

قال الله -عزَّ وجل-: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً} [الفرقان:9].

وكذلك المبتدعة –خذلهم الله- اقتسموا القول في حملة أخباره، ونقلة آثاره، ورواة حديثه، المقتدين به، المهتدين بسنته المعروفين بأصحاب الحديث؛ فسمّاهم بعضهم حشويّة، وبعضهم مشبهة، وبعضهم نابتة، وبعضهم ناصبة، وبعضهم جبريّة.

وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعايب بريئة زكيّة نقيّة، وليسوا إلا أهل السنّة المضيّة، والسيرة المرضيّة، والسُّبل السويّة، والحجج البالغة القويّة، قد وفقهم الله -جلّ جلاله- لاتّباع كتابه ووحيه وخطابه، واتّباع أقرب أوليائه، والاقتداء برسوله -صلى الله عليه وسلم- في أخباره التي أمر فيها أُمّته بالمعروف من القول والعمل، وزجرهم عن المنكر منهما، وأعانهم على التمسك بسيرته، والاهتداء بملازمة سنته».

قلت: فكما تداعت الأمم على أُمّة الإسلام فكذلك تكالبت الفرق المبتدعة على السّلف أهل الحديث؛ لأنّهم شامة بين الفرق، كما أنّ أمّة الإسلام شامة بين الأمم، يُريدون بذلك جرح شهودنا على الكتاب والسنّة كما صنع أسلافهم الرافضة والخوارج والقدريّة من قبل مع أسلافنا صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

عن أحمد بن سليمان التستري قال: سمعت أبا زرعة يقول: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنّه زنديق، وذلك أنّ الرسول عندنا حقّ، والقرآن حقّ، وإنّما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنّما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنّة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة»(7).

وقال شيخ الإسلام وشامة الشام ابن تيمية -رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (4/96): «ليتبيّن لك أنّ الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب؛ ولهذا لمّا بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنّه ذكره عنده أهل الحديث بمكة فقال: قوم سوء، فقام الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته؛ فإنّه عرف مغزاه».

قلت: نعم؛ هكذا كان ربانيوا هذه الامّة لدعاة الضلالة وفرق الغواية وأفراخهم بالمرصاد تحذيراً وتنبيهاً؛ لئلا يقع الطيّبون في شراكهم وحيلهم وتدليسهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

(1) أخرجه اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (160)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (13/322/2).

(2) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (9/239).

(3) أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (73)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص4).

(4) أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص73-74)، والصابوني في «عقيدة السلف أصحاب الحديث» (104).

(5) أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص74)، وابن الجوزي في «مناقب أحمد» (ص180)، وأبو يعلى في «طبقات الحنابلة» (1/38).

(6) ذكره ابن أبي حاتم في رسالته «أصل السنّة واعتقاد الدين»، وأخرجه الصابوني في «عقيدة السلف» (ص105)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة» (2/179).

(7) أخرجه الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ص48) وغيره.


يتبع......
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
06-03-2008, 02:41 PM
السلفيَّة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة - 2

2- الغرباء:

والكلام في «الغرباء» من وجوه:

أولاً: الأحاديث النبوية الواردة في غربة الإسلام:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء»(1).

وفي الباب عن جماعةٍ من الصحابة -رضي الله عنهم-:

أ- حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء».

قال: قيل: من الغرباء؟

قال: «النزَّاعُ من القبائل»(2).

وفي رواية: «الذين يصلحون إذا فسد الناس»(3).

ب- حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بداً، وهو يأرز بين المسجدين كما تأزر الحية في جُحرها»(4).

ت- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذات يوم ونحن عنده: «طوبى للغرباء».

فقيل: من الغرباء؟

قال: «أناس صالحون في أناس سوءٍ كثير من يعصيهم أكثر ممن يعطيهم»(5).

وفي رواية: «الفرّارون بدينهم يبعثهم الله -عز وجل- يوم القيامة مع عيسى بن مريم -عليه السلام-»(6).

ث- حديث ابن عباس(7) وأنس بن مالك(8) -رضي الله عنهما- مثل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

ج- حديث جابر بن عبدالله(9) وسهل بن سعد(10) -رضي الله عنهم- مثل حديث ابن مسعود في روايته الثانية.

ح- حديث عبدالرحمن بن سَنّة -رضي الله عنه- أنه سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «بدأ الإسلام غريباً، ثم يعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء».

قيل: يا رسول الله ومن الغرباء؟

قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس، والذي نفسي بيده لينحازنَّ الإيمان إلى المدينة كما يحوزُ السيل، والذي نفسي بيده ليأرزَنَّ الإسلام إلى ما بين المسجدين كما تأرزُ الحيّة إلى جُحرها»(11).

خ- حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- نحو حديث عبدالرحمن بن سَنّة -رضي الله عنه-(12).

د- حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحيّة إلى جحرها، وليعقلنّ الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إن الدين بدأ غريباً، ويرجع غريباً، فطوبى للغرباء الذين يُصلحون ما أفسد الناس من بعدي في سنتي»(13).

وبالجملة؛ فحديث الغرباء متوتر، كما نص على ذلك السيوطي في «تدريب الراوي» (2/180)، والسخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص 114)، والغماري (!) في تعليقه على «المقاصد الحسنة» (ص 114)، والكتاني في «نظم المتناثر» (ص 34- 35).

ثانياً: تفسير الغرباء:

جاءت زيادات مفسرة للغرباء تكلمت عليها مفردة، وهأنا أضمها إلى بعضها بعضاً لنصل إلى قول فصل فيها:

1- «النزع من القبائل»:

لم أرها إلا في حديث عبدالله بن مسعود وهي ضعيفة؛ لأن مدارها على أبي إسحاق السبعي، وهو مدلس مختلط..

2- «الذين يصلحون إذا فسد الناس»:

جاءت في حديث عبدالله بن مسعود بإسناد صحيح، وفي حديث أبي هريرة بإسناد فيه بكر بن سليم الصواف وهو ضعيف لكن يعتبر به، ومن طريقه -أيضاً- في حديث سهل بن سعد الساعدي، وفي حديث جابر بن عبدالله بإسناد فيه عبدالله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف يستشهد به، وفي حديث عبدالرحمن بن سَنّة بإسناد فيه إسحاق بن عبدالله ابن أبي فروة وهو متروك لا يفرح به، وفي حديث سعد بن أبي وقاص بإسناد صحيح، وفي مرسل يحيى بن سعيد بإسناد فيه ضعف.

وبهذا يتبين أن هذه الجملة صحيحة مستفيضة.

3- «أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».

جاءت في حديث في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، وهي صحيحة.

وقد أبعد السبكي النجعة فذكرها في الباب الذي جمع فيه الأحاديث التي لا أصل لها في «كتاب إحياء علوم الدين» ضمن ترجمة أبي حامد الغزالي في «طبقات الشافعية» (4/145).

وهذا وهم قبيح وبخاصة أن هذه الرواية في «المسند» للإمام أحمد.

4- «هم المتمسكون بما أنتم عليه».

ذكرها الغزالي في «إحياء علوم الدين» (1/38)، وقال الحافظ العراقي: «يقوله في وصف الغرباء لم أر له أصلاً».

وحشرها السبكي في الأحاديث التي لا أصل لها الواردة في «إحياء علوم الدين» ضمن ترجمة الغزالي في «طبقات الشافعية» (4/145).

قلت: والأمر كما قالا.

5- «الفرارون بدينهم يبعثهم الله -عز وجل- يوم القيامة مع عيسى بن مريم -عليه السلام-».

جاءت في حديث عبدالله بن عمرو بإسناد ضعيف.

6- «الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي».

جاءت في حديث كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده وهو واه بمرة.

7- «الذين يزيدون إذا نقص الناس».

جاءت في حديث المطلب بن حنطب مرسلاً.

8- قالوا يا رسول الله كيف يكون غريباً؟

قال: «كما يقال للرجل في حي كذا وكذا: إنه لغريب».

جاءت في حديث الحسن البصري مرسلاً.

9- «والذين يمسكون بكتاب الله حين يترك، ويعملون بالسنة حين تطفأ».

جاءت في حديث بكر بن عمرو المعافري معضلاً.

10- «لا يمارون في دين الله، ولا يكفرون أهل القبلة بذنب».

جاءت في حديث أبي الدرداء وأنس وواثلة مجتمعين بسند واه جداً.

وبالجملة؛ فلا يصح في تفسير الغرباء إلا تفسيران مرفوعان:

1- «الذين يصلحون إذا فسد الناس».

2- «أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».

ثالثاً: هل بين الغرباء والفرقة الناجية والطائفة المنصورة تغاير؟

لا فرق بين هذه المسميات لأنها تفضي إلى حقيقة واحدة، وهذا ما صرح به أهل العلم من السلف.

قال الآجري -رحمه الله- في «صفة الغرباء من المؤمنين» (ص 27): «وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «سيعود غريباً» معناه -والله أعلم- أن الأهواء المضلة تكثر فيضل بها كثير من الناس، ويبقى أهل الحق الذين هم على شريعة الإسلام غرباء في الناس، ألم تسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة».

فقيل: من هي الناجية؟

قال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي» أ.هـ.

قلت: فأنت ترى أن الآجري -رحمه الله- فسر الغرباء بالفرقة الناجية.

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في «كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة» (ص 22-27): «وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعاً وكفر بعضهم، وأصبحوا أعداء وفرقاً وأحزاباً، بعد أن كانوا إخواناً قلوبهم على قلب رجل واحد، فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية، وهم المذكورون في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».

وهم في آخر الزمان الغرباء المذكورون في هذه الأحاديث: الذين يصلحون إذا فسد الناس، وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس من السنة، وهم الذين يفرون بدينهم من الفتن، وهم النزاع من القبائل؛ لأنهم قلوا، فلا يوجد في بعض القبائل منهم أحد كما كان الداخلون إلى الإسلام في أول الأمر كذلك، وبهذا فسر الأئمة هذا الحديث.

قال الأوزاعي في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ»-: «أما إنه ما يذهب الإسلام؛ ولكن يذهب أهل السنة حتى ما يبقى في البلد منهم إلا رجل واحد».

ولهذا المعنى يوجد في كلام السلف كثيراً مدح السنة ووصفها بالغربة، ووصف أهلها بالقلة، فكان الحسن -رحمه الله- يقول لأصحابه: «يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقل الناس».

وقال يونس بن عبيد: «ليس شيء أغرب من السنة، وأغرب منها من يعرفها».

وعن سفيان الثوري قال: «استوصوا بأهل السنة فإنهم غرباء».

ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة: طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي كان عليها هو وأصحابه، السالمةُ من الشبهات والشهوات.

ولهذا كان الفضل بن عياض يقول: «أهل السنة من عرف ما يدخل في بطنه من حلال».

وذلك لأن أكل الحلال من أعظم خصائل السنة التي كان عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-.

ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم السنة عبارة عما سلم من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة، وصنفوا في هذا العلم باسم السنة؛ لأن خطره عظيم، والمخالف فيه على شفا هلكة.

وأما السنة الكاملة فهي الطريق السالمة من الشبهات والشهوات كما قال الحسن ويونس بن عبيد وسفيان والفضيل وغيرهم، ولهذا وصف أهلها بالغربة في آخر الزمان لقتهم وغربتهم فيه» أ.هـ.

قلت: تأمل كيف عد الحافظ ابن رجب الغرباء هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة لا فرق(14).





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم (2/175-176- نووي).

(2) ضعيف؛ كما بيتته في كتابي «طوبى للغرباء» رقم (1).

(3) صحيح؛ كما في المصدر السابق رقم (1).

(4) أخرجه مسلم (2/76- نووي).

(5) صحيح بطرقة؛ كما بيتته في كتابي «طوبى للغرباء» (3).

(6) ضعيف؛ كما في المصدر السابق (3).

(7) ضعيف؛ المصدر السابق نفسه (4).

(8) صحيح بطرقة؛ المصدر السابق (9).

(9) ضعيف؛ المصدر السابق (7).

(10) ضعيف؛ المصدر السابق (8).

(11) ضعيف؛ المصدر السابق (10)، وللحديث طريق أخرى بلفظ آخر صحيح.

(12) صحيح؛ المصدر السابق (11).

(13) ضعيف جداً؛ المصدر السابق (13).

(14) وكذلك عد الفرقة الناجية والطائفة المنصورة شيئاً واحداً لا فرق؛ فقد فسر الفرقة الناجية بحديث الطائفة المنصورة، وفي هذا رد على من فرق بينهما، والله الموعد.
يتبع ....
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
06-03-2008, 10:59 PM
السلفيَّة والفرقة الناجية والطائفة المنصورة – 3

3- أهل الحديث:

والكلام في «أهل الحديث» من وجوه:

أولاً: اتفاق أهل العلم والإيمان على تفسير الفرقة الناجية والطائفة المنصورة بأهل الحديث.

اعلم أيها العبد الباحث عن الحقيقة أن كلمة أهل العلم اتفقت على أن أهل الحديث هم الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية.

وها أنا أضعُ بين يديك هذا الحشد الهائل منهم، عندئذ لا تجد مفراً إلا أن تسلك سبيلهم، وتدرج على أثرهم، وتتبع فهمهم، فهم زوامل دين رب العالمين، الذين نطق بهم الكتاب وبه نطقوا، وبهم قامت السنة وبها قاموا، ومن يتبع غير سبيلهم فقد سفه نفسه:

1- عبد الله بن مبارك المتوفى سنة 181هـ -رحمه الله-.

2- علي بن المديني المتوفى سنة 234هـ -رحمه الله-.

3- أحمد بن حنبل المتوفى سنة 241هـ -رحمه الله-.

4- محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256هـ -رحمه الله-.

5- أحمد بن سنان المتوفى سنة 258هـ -رحمه الله-.

6- عبد الله بن مسلم بن قتيبة المتوفى سنة 267هـ -رحمه الله-.

7- محمد بن عيسى الترمذي المتوفى سنة 276هـ -رحمه الله-.

8- محمد بن حبان المتوفى سنة 354هـ -رحمه الله-.

9- محمد بن الحسين الأجري المتوفى سنة 360هـ -رحمه الله-.

10- محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 463هـ -رحمه الله-.

11- أحمد بن علي بن ثابت الخطيب النيسابوري المتوفى سنة 463هـ -رحمه الله-.

12- الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة 516هـ -رحمه الله-.

13- عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة 597هـ -رحمه الله-.

14- أبو زكريا يحيى بن يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة 676هـ -رحمه الله-.

15- أحمد بن عبد الحليم بن تيمية شيخ الإسلام المتوفى سنة 728هـ -رحمه الله-.

16- إسحاق بن إبراهيم الشاطبي المتوفى سنة 790هـ -رحمه الله-.

17- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852 -رحمه الله-(1).

كل هؤلاء الأئمة- وغيرهم كثير- صرحوا أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أهل الحديث، ولن يضل بإذن الله من اهتدى بأقوالهم، واقتفى آثارهم كيف وهم القوم لا يشقى جليسهم.

ولقد نقل النووي -رحمه الله- في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/17) اتفاق أهل العلم على ذلك فقال: «ومع هذا فلهم في أنفسهم فضائل ظاهرة، وفي حفظ العلم آيات باهرة؛ ففي الصحيحين أن النبي -عليه السلام- قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم».

وجملة العلماء أو جمهورهم على أنهم حملة العلم.» أ.هـ

ثانياً: من هم السلف أهل الحديث؟(2)

هم من درج على نهج الصحابة والتابعين لهم بإحسان في التمسك بالكتاب والسنة، وتقديمها على كل قول سواء أكان في العقيدة، أو العبادة، أو المعاملة، أو الأخلاق، أو السياسة، أو أي شأن من شؤون الحياة صغيرها وكبيرها.

وهم الثابتون في أصول الدين وفروعه على ما أنزله الله وحياً على عبده ورسوله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

هم القائمون بالدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-- قولاً وفعلاً وعملاً- بكل جد، وعزم، وصدق، وثبات.

هم الذين امتشقوا حسام العلم، وتسنموا غارب الحق؛ لينفوا عن الدين وأهله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

هم الذين يجاهدون كل الفرق التي حادت عن منهج الصحابة سواء أكانت معتزلةً، أو جهميةً، أو خوارج، أو شيعة روافض، أو مرجئة، أو صوفية، أو باطنية، وكل من حاد عن الهدى، واتبع الهوى في كل زمان ومكان، لا تأخذهم في الله لومة لائم.

هم الذين يعملون على تحقيق قول الله: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} [آل عمران: 107].

هم الذين يطبقون قول الله -تعالى-: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63].

وقوله: {وما كان لمؤمن أو لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب:63].

فكانوا أشد الناس بعداً عن مخالفة أمر الله ورسوله، وأبعدهم عن الفتن ما ظهر منها وما بطن.

هم الذين جعلوا دستورهم: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} [النساء: 65].

فقدروا نصوص الكتاب والسنة حق قدرها، فقدموها على أقوال البشر جميعاً، واحتكموا إليها عن رضىً كامل، وصدور منشرحة بلا ضيق ولا حرج، وسلموا لله ورسوله تسليماً كاملاً في عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم، وأخلاقهم، وكل شأن من شؤون حياتهم.

والسلف أهل الحديث بهذا المعنى تنداح دائرتهم حتى تشمل ألوفاً من العلماء العاملين الذين وعت ذاكرة التاريخ أسماءهم، وامتلأت بطون الأسفار بذكرهم، وعلوا هامة الزمن بعلمهم وفضلهم وعملهم.

ومن أراد أن يقف على حقيقتهم فما عليه إلا أن يعود إلى هاتيك الكتب والأسفار، ودونك طبقاتهم.

هم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جميعاً الذين آمنوا به، ورأوه، وماتوا على الإسلام، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة.

هم سادة التابعين وعلى رأسهم: أويس القرني، وسعيد بن المسيب، وعروة ابن الزبير، وسالم بن عبدالله بن عمر، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، ومحمد بن الحنيفة، وعلي بن الحسن زين العابدين، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبدالعزيز، ومحمد بن شهاب الزهري.

هم أتباع التابعين وعلى رأسهم: عبدالله بن المبارك، ووكيع، والشافعي، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان.

ثم تلاميذهم الذين اتبعوا منهجهم وعلى رأسهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني.

ثم تلاميذهم وعلى رأسهم: البخاري، ومسلم، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والترمذي، وأبو داود، والنسائي.

ثم من جرى مجراهم عبر الأجيال المتلاحقة كابن جرير الطبري، وابن خزيمة، وابن قتيبة الدنيوري، والخطيب البغدادي، وابن عبد البر النمري، وعبد الغني المقدسي، وابن الصلاح، وابن تيمية شيخ الإسلام، والمزي، وابن كثير، والذهبي، وابن قيم الجوزية، وابن رجب الحنبلي.

ثم من تلاهم واقتفى أثرهم في التمسك بالكتاب والسنة وفهمهما بفهم الصحابة -رضي الله عنهم- إلى أن يأتي أمر الله، ويقاتل آخرهم الدجال.

هؤلاء الذين نعني بهم السلف أهل الحديث.

وما من شك أن هذه النسبة لا تكون حقيقية إلا إذا كان عمل مدعيها مطابقاً للمنهج النبوي.

وهل يتصور عاقل ان تكون هذه النسبة مقيلةً عثرة؟ أو مزيلةً ارتياباً؟ أو محققةً فضلاً بمجرد دعواها؟ أو التذبذب عن منهاجها علواً وسفلاً، أخذاً ورداً كما يهوى صاحبها.

وهذه النسبة تقتضي من مدعيها أن يصدق مع الإسلام في دعواه حتى تكون دعواه صادقة لا شية فيها.

وأي إنسان على توالي القرون، وتتابع الأجيال، لا يصدق في دعواه هذه النسبة إلا بأن يكون موصولاً بالمنهج النبوي في عقيدته وسلوكه وعبادته لا يصدر إلا عنه، ولا يفيء إلا إليه حتى يلقى ربه.

ورحم الله شيخ الإسلام؛ فقد جمع ذلك كله في كلمة نفسية في «مجموع الفتاوى» (4/95) فقال: «ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه، أو كتابته، أو روايته، بل نعني بهم كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهراً وباطناً، واتباعه باطناً وظاهراً، وكذلك أهل القرآن.

وأدنى خصلة في هؤلاء: محبة القرآن والحديث، والبحث عنهما وعن معانيهما، والعمل بما عملوه من موجبهما، ففقهاء الحديث أخبر بالرسول من فقهاء غيرهم، وصوفيتهم(3) أتبع للرسول من صوفية غيرهم، وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم، وعامتهم أحق بموالاة الرسول من غيرهم».

ثالثاً: تنبيه لكل نبيه.

فإن قيل: لم لم ينتسبوا للقرآن؛ فيقال: أهل القرآن؟

قلت: ألم تسمع ما قاله العلامة الهمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي المتوفى سنة 418هـ -رحمه الله- في كتابه الفذ: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/32- 25):

«ثم كل من اعتقد مذهباً فإلى صاحب مقالته التي أحدثها ينتسب، وإلى ربه يستند، إلا أصحاب الحديث فإن صاحب مقالتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهم إليه ينتسبون، وإلى علمه يستندون، وبه يستدلون، وإليه يفزعون، وبرأيه يقتدون، وبذلك يفتخرون، وعلى أعداء سنته بقربهم منه يصولون، فمن يوازيهم في شرف الذكر، ويباهيهم في ساحة الفخر، وعلو الاسم؟!

إذا اسمهم مأخوذ من معاني الكتاب والسنة، يشتمل عليهما لتحقيقهم بهما، أو لاختصاصهم بأخذها، فهم مترددون في انتسابهم إلى الحديث بين ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه؛ فقال تعالى ذكره: {الله أنزل أحسن الحديث} [الزمر:23]، فهو القرآن، فهم حملة القرآن وأهله وقراؤه وحفظته، وبين أن ينتموا إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهم نقلته وحملته فلا شك أنهم يستحقون هذا الاسم لوجود المعنيين فيهم لمشاهدتنا أن اقتباس الناس الكتاب والسنة منهم، واعتماد البرية في تصحيحهما عليهم، لأنا ما سمعنا عن القرون التي قبلنا ولا رأينا نحن في زماننا مبتدعاً رأساً في إقراء القرآن، وأخذ الناس عنه في زمن من الأزمان، ولا ارتفعت لأحد منهم راية في رواية حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما خلت من الأيام، ولا اقتدى بهم أحد في دين ولا شريعة من شرائع الإسلام(4).

والحمد لله الذي كمَّل لهذه الطائفة سهام الإسلام، وشرَّفهم بجوامع الأقسام، وميَّزهم وهداهم إلى طريقته وطريقة رسوله، فهي الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، والعصبة الهادية، والجماعة العادلة المتمسكة بالسنّة التي لا تريد برسول الله بديلاً، ولا عن قوله تبديلاً، ولا عن سنته تحويلاً، ولا يثنيهم عنها تقلّب الأعصار والزمان، ولا يلويهم عن سمتِها تغيُّر الحدثان، ولا يصرفهم عن سمتِها ابتداعُ من كاد الإسلام ليصدَّ عن سبيل الله ويبغيها عوجاً، ويصرفُ عن طريقها جدلاً ولجاجاً، ظنَّاً منه كاذباً، وتخميناً باطلاً، أنَّه يُطفئُ نور الله، والله متمُّ نوره ولو كره الكافرون».



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

(1) وقد أوردت أقوالهم معزوة إلى مصادرها في كتاب: «اللآلئ المنثورة في أوصاف الطائفة المنصورة».

وكذلك بسطها الشيخ أبو محمد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ورعاه في كتابه: «أهل الحديث هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية».

(2) مأخوذ- بتصرف- من جزء «مكانة أهل الحديث» للشيخ ربيع بن هادي- حفظه الله ورعاه-.

(3) ليس مراده الصوفية كطائفة لها عقائدها وافكارها المنحرفة عن الإسلام؛ كما بين في كتاب «الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة» (ص 82-152)، وإنما قصده الزهاد، والله أعلم.

(4) يخبر اللالكائي- -رحمه الله-- عن أزمان كان الإسلام فيها عزيزاً، والعلم النبوي منيعاً، لم تمسه أيدي المبتدعة، ولكننا في زمان الغربة نرى كثيراً من المبتدعة قراء للقرآن ودارسين للحديث النبوي، فلم ندهش، ولم نستوحش؛ لأننا علمنا توجيهه في السنة النبوية الصحيحة المطهرة، حيث أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الواقع الذي ماله من دافع إلا أن يتداركنا الله بكرمه، ويُفرغ علينا رحمته، فليستيقظ طلاب العلم الشرعي على حقيقة هذا الأمر، فيعرفوا عمّن يأخذون دينهم.

لقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ من أشراط الساعة أن يُلتمس العلم عند الأصاغر».

أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (61)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة» (102) من طريق ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي أميّة الجُمحي مرفوعاً.

وهذا إسناد صحيح؛ لأن حديث ابن لهيعة صحيحٌ إذا كان من طريق العبادلة عنه، وابن المبارك منهم.

قال ابن المبارك: الأصاغر أهل البدع.

وله شاهد من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في حكم المرفوع؛ لأنه لا يُقال من قبل الرأي والاجتهاد، ولفظه: «لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلمُ من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وأكابرهم، فإن أتاهم العلم من قبل أصاغرهم فذلك حين هلكوا».

أخرجه ابن المبارك (851)، واللالكائي (101) وغيرهم.

فإن قيل: ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» [حسن لغيره كما بين في جزء مفرد سمي «تحرير النقول في تصحيح حديث العدول»].

بلى، ولكن ألم تقرأ ما كتبه النووي -رحمه الله- في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/17) فقال بعد أن ذكر هذا الحديث: «وهذا إخبارٌ منه –صلى الله عليه وسلم- بصيانة العلم وحفظه وعدالة ناقليه، وأنّ الله -تعالى- يوفق له في كلّ عصر خلفاً من العدول يحملونه وينفون عنه التحريف، وما بعده فلا يضيع وهذا تصريح بعدالة حامليه من كل عصر، وهكذا وقه ولله الحمد، وهذا من أعلام النبوة، ولا يضرُّ مع هذا كون بعض الفسَّاق يعرف شيئاً من العلم، فإن الحديث إنَّما هو إخبارٌ بأن العدول يحملونه لا أن غيرهم لا يعرف شيئاً منه، والله أعلم».

يتبع.....
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
07-03-2008, 02:19 PM
هذه هى السلفية فاعرفوها
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن الدعوة السلفية هى المتمسكة بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، ودعاتها يأخذون علمهم عن أئمة الدعوة السلفية فى كل عصر، ويتتلمذون على أيدي العلماء الربانيين، وكل دعوة لم تقم على هذا الأساس فهى دعوة منحرفة عن طريق الحق والصواب بقدر ما تركت.

تعريف السلفية:
لغة: قال ابن منظور "والسلف من تقدمك من آبائك وذوى قرابتك الذين هم فوقك فى السن والفضل ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها "فإنه نعم السلف أنا لك" رواه مسلم.
اصطلاحاً: قال القلشانى: السلف الصالح، وهو الصدر الأول الراسخون فى العلم، المهتدون بهدي النبى صلى الله عليه وسلم، الحافظون لسنته، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، وانتخبهم لإقامة دينه، ورضيهم أئمة للأمة، وجاهدوا فى سبيل الله حق جهاده، وأفرغوا فى نصح الأمة ونفعهم، وبذلوا فى مرضاة الله أنفسهم. قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه} (التوبة:الآية100)
وقال السمعاني (ت 562) في الأنساب (3/273): "السلفي؛ بفتح السين واللام وفي آخرها فاء: هذه النسبة إلى السلف، وانتحال مذاهبهم على ما سعمت منهم"
وقال الإمام الذهبي قال في ترجمة: الحافظ أحمد بن محمد المعروف بـ أبي طاهر السلفي: "السلفي بفتحتين وهو من كان على مذهب السلف" سير أعلام النبلاء (21/6).

الانتساب إلى مذهب السلف:
الانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف، فلفظ السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح.
والسلفية رسم شرعي أصيل يرادف {أهل السنة والجماعة} و {أهل السنة } و{أهل الجماعة} ، و{أهل الأثر} و {أهل الحديث} و {الفرقة الناجية} و{الطائفة المنصورة} و{أهل الاتباع}.
قال الإمام الذهبي : "فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقيا ذكيا نحويا لغويا زكيا حييا سلفيا" السير (13/380)
وقد حكى الإجماع على على صحة الانتساب إلى السلف: شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ في الفتاوى : (1/149) في رده على قول العز بن عبدالسلام : ".. والآخر يتستر بمذهب السلف": ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً، فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً، فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً، وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق ، فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله، فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة رقم {1361} {1/165} :
"س: ما هي السلفية وما رأيكم فيها ؟
ج : السلفية نسبة إلى السلف والسلف هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى {رضي الله عنهم} الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في قوله: {خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته} رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم، والسلفيون جمع سلفي نسبة إلى السلف، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء
عضو:عبدالله بن قعود، عضو:عبدالله بن غديان، نائب رئيس اللجنة:عبدالرزاق عفيفي،
الرئيس:عبدالعزيز بن باز


ويقول محدث العصر الإمام الألباني - رحمه الله :
هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول: {لايجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي } وكأنه يقول : {لا يجوز أن يقول مسلم: أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك} .
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم : "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق.
والذي ينكر هذه التسمية نفسه، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟
فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً؛ مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون، فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الانتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟
وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح، فإنه ينتسب إلى العصمة ـ على وجه العموم ـ وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه .
فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه ... ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول : أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح، وهي أن تقول باختصار : {أنا سلفي} " .[مجلة الأصالة العدد التاسع ص 86 ـ87 ]

السلفية مع العلم والعلماء:
قال ابن القيم رحمه الله عن العلماء:"هم فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال من الحرام"
ومما يعرف به العالم شهادة مشايخه له بالعلم، فقد دأب علماء المسلمين من سلف هذه الأمة، ومن تبعهم بإحسان على توريث علومهم لتلامذتهم، الذين يتبوأون من بعدهم منازلهم، وتصبح لهم الريادة والإمامة فى الأمة، ولا يتصدر هؤلاء التلاميذ حتى يروا إقرار مشايخهم لهم بالعلم، وإذنهم لهم بالتصدر والافتاء والتدريس فهؤلاء يؤخذ عنهم العلم والتلقى، فلا يجدى الأخذ عن الكتب فقط، بل الاقتصار فى التلقي على الأخذ من الكتب بلية من البلايا، وكذا اجتماع الشباب والطلبة على التدارس دون أخذ عن شيخ.
والسلفيون يحبون علماءهم ويجلونهم ويتأدبون معهم ويدافعون عنهم ويحسنون الظن بهم ويأخذون عنهم، وينشرون محامدهم، إلا أنهم بشر غير ممصومين، بل يجوز عليهم فى الجملة الخطأ والنسيان إلا أن ذلك لا ينقص من أقدارهم، ولا يُسوِّغ ترك الأخذ عنهم.

السلفية والفتوى:
اقتداءً بالصحابة الكرام – رضى الله عنهم - فقد كانوا يتدافعون الفتيا، لعلمهم بخطر القول على الله بغير علم فهم يتورعون عنها، إيثاراً للسلامة، وخوفاً من القول على الله بغير علم.

السلفية والاجتهاد:
الاجتهاد نعمة من نعم الله على المسلمين، وتسهيل لهم لتبيين الحكم الشرعي فى مسائل عصرية لم تر فيها نص لا من كتاب ولا من سنة، فيحكم العالم باجتهاده فى هذه المسألة
"باب الاجتهاد و سيبقى مفتوحاً لمن يسره الله له لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" الحديث صحيح أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي.

السلفية والتقليد:
إن مذهب إمام من أئمة السلف أو قولاً له، لا يعد ديناً للأمة، ولا مذهباً لها إلا أن يقوم عليه دليل من الكتاب و السنة أو إجماع متيقن.
قال ابن القيم – رحمه الله : "لا تجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم" .

السلفية والأخلاق:
هم أحسن الناس أخلاقاً وأكثرهم حلماً وسماحة وتواضعاً، وأحرصهم دعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال من طلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس واحتماله منهم، والايثار والسعي فى قضاء الحاجات، وبذل الجاه في الشفاعات، والتلطف بالفقراء، والتحبب إلى الجيران والأقرباء، والرفق بالطلبة واعانتهم وبرهم، وبر الوالدين والعلماء، وخفض الجناح لهما قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)
وقال صلى الله عليه وسلم: "أثقل شئ فى الميزان الخلق الحسن" صحيح رواه الإمام أحمد.

السفلية والأخبار:
انطلاقاً من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات:6)
بخلاف الذين يسارعون فى إطلاق الأحكام، ويتهافتون على إلصاق التهم بالأبرياء، فيفسقون، ويبدعون ويكفرون بالتهمة والظنة من غير برهان أو بينة.

السفلية والتكفير:
السلفيون لا يمنعون التكفير بإطلاق، ولا يكفرون بكل ذنب، ولم يقولوا: إن تكفير المعين غير ممكن، ولم يقولوا بالتكفير بالعموم دون تحقق شروط التكفير، وانتفاء موانعه فى حق المعين، ولم يتوقفوا فى إثبات وصف الإسلام لمن كان ظاهره التزام الإسلام، ومن أتى بمكفر واجتمعت فيه الشروط، وانتفت فى حقه الموانع فإنهم لا يجبنون ولا يتميعون، ولا يتحرجون من تكفيره".

السلفية وولاة الأمور:
السلفيون تمسكوا بالحق، وتعاملوا مع ولاة الأمور على وفق ما جاء في نصوص الشرع.
فهم يدينون لولاتهم بالسمع والطاعة، في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وعلى أثرة عليهم ما لم يؤمروا بمعصية إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وإنما تكون الطاعة بالمعروف.
كما أنهم يدينون بالنصيحة لولاة الأمور، ويتعاونون معهم على البر والتقوى وإن كانوا فجاراً.
ولذلك فهم يرون إقامة الجمع والجماعات والأعياد معهم، ويرون أن الجهاد ماض إلى قيام الساعة مع كل بر وفاجر، ثم إنهم لا ينزعون يداً من طاعة، ولا ينازعون الأمر أهله، كما أنهم لا يدينون بالخروج على أئمة الجور – فضلاً عن أئمة العدل – إلا إذا رأوا كفراً بواحاً عندهم فيه من الله برهان، وكان لديهم قوة ومنعة، ولم يترتب على الخروج مفسدة أعظم.
ثم إنهم أبعد الناس عن المدح الكاذب والإطراء القاتل الذى يورث الإعجاب بالنفس، كما أنهم لا يرون المداهنة فى الدين، ولا يخافون فى الله لومة لائم.

السلفية والولاء والبراء:
فهم يوالون على الدين، فلا ينتصرون لأنفسهم، ولا يغضبون لها، وإنما ولاؤهم لله ورسوله والمؤمنين، وبراؤهم لله، ومواقفهم ثابتة لا تتبدل ولا تتغير. قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} (المائدة:الآية55) قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: "وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبى صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي، غير كلام الله ورسوله، وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لها شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون"
ولا يحتاج المسلمون إلى عقد يكتب، أو وثيقة تختم، أو منهج يقرر فيه هذا المبدأ غير الكتاب والسنة. فليس العمل الإسلامي شركة أو مؤسسة أو جمعية أو لجنة ينتظر الناس الإذن بالدخول فيها، أو الموافقة عليهم أن يكونوا من مستخدميها، فلا حاجة إلى بطاقة عضوية، أو انتساب أو ولاء لهذه الأسماء والشعارات واليافطات.
وليس لمسلم أن يوالي على طائفة أو تجمع، أو يعادي عليها، أو يرى أن الحق ما جاء عن طائفته، والباطل في غيرها.

السلفية والبدع:
السلفيون أسلم الناس وقوعاً فى البدع، ولا تكون فيهم الشركيات، أما المعاصى والكبائر فقد يقع فيها طوائف من السفليين، إلا أن هذه الأمور عندهم قليلة بالنسبة إلى غيرهم.
وقد تجد من يخطئ في مسألة ما، أو يرتكب معصية من المعاصى، فهذا لا يطلق عليه مبتدعاً، بل عاصياً أو فاسقاً، وإذا وقع إنسان ببدعة، أو تلبس فيها، إما عن جهل أو تأويل، فهذا وقع فى بدعة، ولا نطلق عليه مبتدعاً.
أما من ابتدع فى دين الله عن عمد، وأقيمت عليه الحجة، وأزيلت عنه الشبهة، وأصرّ عليها، وغلب عليه البدع، فهذا من أهل البدع.
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله: "إذا أخطأ المخطئ عن تأويل، لأن التأويل شبهة تدرأ عنه الحكم بأنه مبتدع، ولأنه ظن أن تأويله سائغ، أو قلد من ظن أنه على حق، فهذا يقال فى حقه أنه أخطأ، أو خالف، لا يقال: إنه مبتدع.
وهجر المبتدع لا يكون مشروعاً إلا لمقصدين:-
1. إما لتأديب المبتدع وزجر مثله عن فعله
2. وإما لخشية حصول الضرر والفتنة بمجالسته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، ولهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين".

السلفية والحزبية:
يرى السلفيون أن الحزبية داء عظيم، وشر مستطير، ووبال وبيل على أصحابه فى الدنيا والآخرة، والحزبية فرقت المجتمع الواحد، بل الأسرة الواحدة، وهى من أفعال المشركين، قال تعالى محذراً منها:
{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (الروم 31 :32 )
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (الأنعام:159)
فهذه الفرق والأحزاب الموجودة على الساحة اليوم لا يقرها دين الإسلام، بل ينهى عنها أشد النهى، وهى من كيد شياطين الجن والإنس لهذه الأمة، والأصل الاجتماع على عقيدة التوحيد، وعلى منهج الإسلام جماعة واحدة، و أمة واحدة ، قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الانبياء:92) وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران:الآية103).
يقول الشيخ بكر أبو زيد : "إنَّ إنشاء أي حزب في الإسلام يخالفه بأمر كلي أو بجزئيات لا يجوز، ويترتب عليه عدم جواز الانتماء إليه، ولنعتزل تلك الفرق كلها، وعليه فلا يجوز الانصهار مع راية أخرى تخالف راية التوحيد بأي وجهٍ كان من وسيلة أو غايـة. ومعاذ الله أن تكون الدعوة على سنن الإسلام مِظَلَّة يدخل تحتها أي من أهل البدع والأهواء، فيُغَض النَّظر عن بدعهم وأهوائهم على حساب الدعوة " [حكم الانتماء 153] .

السلفية والعمل السرى:
الدعوة السفلية، لا تعرف السرية، بل هى دعوة واضحة فوق الأرض فى وضح النهار، ولا تعرف السراديب السرية، وهى دعوة لجميع الناس للسير على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فعنوانها المساجد، ودروسها فى المساجد أمام الناس، وللناس جميعاً، فنحن فى مجتمع مسلم، وإن كان فيه بعض المنكرات والمعاصى، لكن هذه لا تخرجه من الإسلام، حتى نرجع إلى العصر المكي.
فالتنظيم السرى هو الذى جر علينا الويلات، وجعل الفجوة تتسع بين الحكام وبين الدعاة والمصلحين، مما أتاح الفرصة للمنحرفين أن يتقربوا إلى الفئة الحاكمة ليصلوا إلى مآربهم ومقاصدهم، بل هو الذى جعل الحكومات والأمن يتوجهون بأنظارهم تجاه الدعاة بنظرة الخوف والحذر من انقلاب ما.
فعن عبد الله بن عمر – رضى الله عنهما – قال: "جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أوصني. قال: "اعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وأقم الصلاة…وعليك بالعلانية وإياك والسر" رواه ابن أبى عاصم فى السنة بإسناد جيد.
وقال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله: "إذا رأيت قوماً يتناجون فى دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة" رواه أحمد فى الزهد.

السلفية والبيعة:
لقد وردت فى البيعة آيات وأحاديث كثيرة، ولكن المتفق عليه أن البيعة المشار إليها فى الأحاديث هى البيعة الجامعة، وهى لا تكون إلا للامام المسلم، والممكن فى الأرض الذى يقيم الخلافة الإسلامية على نفس منهاج النبوة المباركة، وهذه تتم بعد استشارة جمهور المسلمين، واختيار أهل الحل والعقد.
أما البيعات والعهود والمواثيق التى تؤخذ من الشباب فهى غير شرعية.
قال الإمام القرطبي – رحمه الله: "فأما إقامة إمامين أو ثلاثة فى عصر واحد وبلد واحد فلا يجوز إجماعاً" فكل جماعة الآن لها إمام، و ما أكثر الجماعات، وما أكثر الأئمة.

السلفية والعمل الجماعي:
السلفيون من دعاة العمل الجماعي – بمفهومه الشرعي- أما العمل الجماعي الحزبي- فهذا مرفوض جملة وتفصيلا، فالمفهوم الشرعي للعمل الجماعي هو التعاون على البر والتقوى، فلا حرج لو قامت جماعة متخصصة فى التوحيد، وأخرى فى الحديث، وثالثة فى الفقه، ورابعة فى التفسير،...،...، والكل يدعو فى تخصصه لكن بشرط أن تكون هذه الجماعات تحت إمام واحد إن وجد، وأن تكون على عقيدة صحيحة ومنهج سليم، عقيدة ومنهج السلف الصالح، وهذا ركن من أركان العمل، والسعي نحو التمكين، ولا يمكن بحال من الأحوال التنازل عنه.

السلفية والجهاد:
فمن أصول الدعوة السلفية أن الجهاد ماض إلى قيام الساعة مع الأمراء أبراراً كانوا أم فجاراً، لذلك فنفوسهم تتعشق الجهاد، وقلوبهم تهفو إلى الشهادة فى سبيل الله، لعلمهم بفضل الجهاد، ففى الجهاد يكون الدين كله لله، وبالجهاد يرفع الظلم، ويحق الحق، ويحال دون الفساد، وفيه التمكين فى الأرض، والحفاظ على عز المسلمين، كما أن فيه إذلال أعداء الله وإرهابهم، وكف أذاهم، كما أن فيه تمحيصاً للمؤمنين ومحقاً للكافرين، ولكن لا بد الأخذ بأسبابه وشروطه وفقهه، وألا تحكمنا العواطف والحماسات الفارغة التى أدت بالمسلمين إلى الهاوية. قال ابن القيم – رحمه الله: "تا لله ما عدا عليك العدو إلا بعد أن تولى عنك الولي، فلا تظن أن الشيطان غلب، ولكن الحافظ أعرض".

السلفية والحكم بالشهادة على المعين:
عن عمر - رضى الله عنه - أنه خطب فقال: "تقولون فى مغازيكم فلان شهيد، و مات فلان شهيداً، ولعله قد يكون أوقر راحلته، ألا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من مات فى سبيل الله أو قتل فهو شهيد" رواه أحمد و حسنه ابن حجر.
قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله: "لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد، حتى لو قتل مظلوماً، أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد، لأن قولك عن فلان شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك: هل عندك علم أنه قتل شهيداً، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: "ما من مكلوم يكلم فى سبيل الله – والله أعلم بمن يكلم فى سبيله – إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً،اللون لون الدم، والريح ريح المسك" رواه البخاري فتأمل قوله: "والله أعلم بمن يكلم فى سبيله" قال ابن حجر – رحمه الله: "لأن الشهادة بالشئ لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيداً: أن، يقاتل لتكون كلمة الله هى العليا، وهى نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها" فالأصل فى ذلك الاستثناء، أن تقول إن شاء الله يكون شهيداً، أو نحسبه عند الله شهيداً.

السلفية والعمل السياسي:
السلفيون مع السياسة الشرعية التى تعنى: الاحاطة بالأحكام السلطانية، ومعرفة حقوق الراعي والرعية، وتقويم الحقائق بالموازين الشرعية، إذن فهي رعاية شؤون الأمة الإسلامية بما لا يخالف الكتاب الكريم والسنة النبوية، فأهم الأوليات: مسائل التوحيد والإيمان، فالعقيدة أول واجب وآخر واجب. فهذه هى السياسة بمعناها الإسلامي النقي التى ترعى شؤون الأمة الربانية، أما السياسة العصرية التى تعني القدرة على المراوغة والمناورة واللف والدوران فى المحاورة والكذب ونقض العهود والمواثيق، فهذه قرين النفاق، لأنها تمييع للعقيدة، وقتل للشعور الإيمانى، وحل لرابطة الولاء والبراء وخديعة لعامة المسلمين، هذا الذى ينكره السلفيون ويحذرون منه، ونبرأ إلى الله من أغلالها وشرها، فهى بريد الخداع، وسُلم الذين يعبدون الله على حرف.

السلفية والمظاهرات والاغتيالات:
هذه ليست من الدين فى شئ، بل استوردناها من بلاد الكفر، وزدنا عليها إشعال إطارات السيارات التى تسبب الأمراض، وتخريب المؤسسات التعليمية والاقتصادية والمرافق العامة.
والمظاهرات أول نواة الخروج على الحكام الذى نتج عنه سفك الدماء، وهتك الأعراض، التسلط على السنة وأهلها، وتعطيل دور المساجد من العلم والتعليم والإصلاح، حتى أصبحت وكراً لدعاة المظاهرات والاغتيالات وهذا مصدره التهييج السياسي، وهناك أصابع خفية داخلية أو خارجية تحاول بث مثل هذه الأمور لإفساد المجتمعات الإسلامية، فهم ينكرون المناهج الانقلابية الثورية التى يكون وقودها المسلمين، وتتأخر الدعوة بسببها سنوات كثيرات.
ومع ذلك كله، فإن السلفيين لا ينكرون على العاملين ضرورة التغيير، و لكنهم ينكرون عليهم مناهجهم فى التغيير التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، التى منها المظاهرات والاغتيالات.

السلفية والحكم بغير ما أنزل الله :
تحكيم شرع الله واجب على كل فرد مسلم، كما أنه واجب على الحاكم المسلم الذى ولاه الله أمر الأمة الإسلامية وذلك بأن يحكم فيهم شرع الله فى كل شأن من شؤون الحياة صغيرها وكبيرها، ومن ظن أن آيات الحكم خاصة بالحكام فقط، فقد أخطأ، فهى آيات عامة تشمل الحكام وغيرهم.
والذين يسعون إلى إقامة حكم الله فى رأس الهرم، قبل إقامته فى قاعدته – وذلك عن طريق القوة والسلاح والعنف – إنما يخادعون أنفسهم ويخادعون الناس، فثبات الناس على العقيدة هو الأصل، ثم يأتى بعد ذلك مكملاته التى منها تحكيم شرع الله.
وللأسف الشديد هناك من حدثاء الأسنان من يتسرع فى إطلاق الأحكام بالكفر على الحكام دون استفصال من الحاكم على ما فصَّل فيه العلماء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: "والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافراً مرتداً، باتفاق الفقهاء، وفى مثل هذا نزل قوله على أحد القولين {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:الآية44) أى هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله".
وقال ابن القيم – رحمه الله: "والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين: الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله فى هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر، وان جهله أو أخطأه فهذا مخطئ له حكم المخطئيين".

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يتبع ....
التعديل الأخير تم بواسطة اسد السنة ; 07-03-2008 الساعة 02:21 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
اسد السنة
زائر
  • المشاركات : n/a
اسد السنة
زائر
رد: السلفية بأقلام سلفية
10-03-2008, 12:03 AM

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ; أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



المراد بلفظة السلف



* المعنى اللغوي :

قال ابن منظور : "والسلف , والسليف , والسلفة : الجماعة المتقدمون"(1)
.
وقال أبو السعادات ابن الأثير : " وقيل : سلف الإنسان من تقدم بالموت من آبائه , وذوي قرابته , ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح"
(2)
.
وقال عبد الكريم السمعاني : "السلفي : بفتح السين واللام , وفي آخرها الفاء , هذه النسبة إلى السلف , وانتحال مذهبهم"
(3)
.
وقال أبو الحسن بن الأثير الجزري -بعد أن نقل كلام السمعاني المتقدم- "وعرف به جماعة"
(4)
.

* المعنى الإصطلاحي :


قال الإمام السفاريني : " المراد بمذهب السلف : ما كان عليه الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- وأعيان التابعين لهم بإحسان , وأتباعهم , وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة , وعرف عِظَمُ شأنه في الدين , وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف دون من رمي ببدعة , أو شهر بلقب غير مرضي مثل : الخوارج , والروافظ , والقدرية , والمرجئة , والجبرية , والجهمية , والمعتزلة , والكرَّامية , ونحو هؤلاء" (5) .
وسئلت اللجنة الدائمة : ما هي السلفية , وما رأيكم فيها ؟
"السلفية نسبة إلى السلف , والسلف هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى رضي الله عنهم الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في قوله : ((خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه , ويمينه شهادته )) . رواه الإمام أحمد في مسنده , والبخاري ومسلم .
والسلفيون : جمع سلفي نسبة إلى السلف , وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف , من اتباع الكتاب والسنة , والدعوة إليهما , والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة "
(6)
.
وقال شيخنا محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله-: "عندما نطلق كلمة السلف إنما نعني بها من الناحية الاصطلاحية : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين حضروا عصره فأخذوا منه هذا الدين مباشرة غضا طريا ..... كما يدخل في هذا الاصطلاح التابعون لهم الذين ورثوا علمهم قبل أن يطول عليهم الأمد , والذين شملتهم شهادة الرسول لهم , وثناؤه عليهم بأنهم خير الناس حيث يقول صلى الله عليهوسلم : ((خير الناس قرني , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم)) . كما يشمل الاصطلاح تابعي التابعين"
(7)
.
وقال شيخنا صالح بن عبد الله العبود : "إن المراد من التعبير بالسلفية : هو اتباع طريقة السلف الصالح من هذه الأمة المسلمة الذين هم أهل السنة والجماعة , ومعنى ذلك هو الإجماع والاجتماع على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره باطنا وظاهرا , واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان"
(8) .

وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد : "وإذا قيل : السلف , أو السلفيون , أو لجادتهم السلفية فهي هنا نسبة إلى السلف الصالح جميع الصحابة رضي الله عنهم , فمن تبعهم بإحسان دون من مالت بهم الأهواء بعد الصحابة رضي الله عنهم من الخلوف الذين انشقوا عن السلف الصالح باسم أو رسم .... وعليه فإن لفظة السلف هنا يعني : السلف الصالح , بدليل أن هذا اللفظ عند الإطلاق يعني : كل سالك في الاقتداء بالصحابة رضي الله عنهم حتى لو كان في عصرنا ... وهكذا , وعلى هذا كلمة أهل العلم , فهي نسبة لم تنفصل لحظة واحدة عن الصدر الأول , بل هي منهم وإليهم , أما من خالفهم باسم , أو رسم فلا , وإن عاش بينهم وعاصرهم , ولهذا تبرا الصحابة رضي الله عنهم من القدرية والمرجئة" (9)
.
وقال أيضا : " كن سلفيا على الجادة طريق السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم ممن قفا أثرهم في جميع أبواب الدين من التوحيد والعبادات ونحوها ..."
(10)
.

__________________________________________
(1)لسان العرب(6/330) .
(2)النهاية في غريب الحديث (2/390) .
(3)الأنساب(7/104) .
(4)اللباب في تهذيب الأنساب (2/126) .
(5)لوامع الأنوار (1/20) .
(6)اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برقم (1361)(165-166) .
(7)الصفات الإلهية في الكتاب والسنة (ص 57) .
(8)عقيدة الشيخ محمد عبد الوهاب السلفية (ص 254-255) .
(9)حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية (ص 46-47) .
(10)حلية طالب العلم (ص 8) .
__________________________________________________

  • ملف العضو
  • معلومات
khalid
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-01-2007
  • المشاركات : 145
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • khalid is on a distinguished road
khalid
عضو فعال
رد: السلفية بأقلام سلفية
10-03-2008, 01:11 PM
السلام.


إننا نعرف و بالجزم أن الأئمة - رحمهم الله -لم يكونوا حركات و إنما مذاهب ملمة و مرنة أي قابلة للنقاش و الإثراء و لم يكن هؤلاء الأئمة من المحبين و الطماعين في الإستيلاء على السلطة بل كانوا علماء دين إستطاعوا أن يكونوا لأنفسهم مكانة و كذا جمهورا يثري في فلكهم الأمور الفقهية ، والكل منا يعرف أن الشافعي-رحمه الله - تتلمذ على يد مالك بن آنس- رحمه الله- ثم أصبح إماما يجادل شيخه و كون مذهبا لا زال متبعا .
إننا في الجزائر نعرف التسلسل لهذه التسميات التي ميزت هذه الفئة من الجماعات فكانت في البداية الإخوان المسلمين ثم الهجرة و التكفير ثم أهل الدعوة ثم الجماعة ثم السلفية و التي تعيش في الجبال إسمها السلفية الجهادية و أخرى قتالية ثم القطبية.
و على هذا يمكن لنا القول أن الحركة الإسلامية لا تخدم الإسلام بل تخدم أغراض سياسوية أمريكية /صهيونية و هذا الذي مكنها من الإلتواء و تغيير التسميات حسب مصادر القوى داخل المجتمع و لا تنبهر أخي إذا يوما سمعتها بإسم " الصحابة " فهذا نتاجهم حسب الوقت و القوى..
التعديل الأخير تم بواسطة khalid ; 10-03-2008 الساعة 01:13 PM
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
السلفية العلمية في الجزائر
الساعة الآن 12:13 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى