الخمار الأسود
14-12-2020, 12:29 PM
الخمار الأسود

قال الأصمعي: قَدِم عراقيٌ الى المدينة يحمل بضاعة عبارة عن خُمُرٍ (حمع خِمار) عراقية، ومعظمها سوداء اللون، فباع غير السود منها وبقيت الخمر السوداء، فشكا ذلك ل (الدارمي) وكان قد ترك الشعر والغزل وانقطع للعبادة، وكان حسن الخِلقة شعره لطيف يتناقله الناس.
فقال له الدارمي: ماذا تعطيني إذا جعلتك تبيع كل تلك الخُمُر؟ فقال له العراقي: أعطيك ما تطلب... فنزع الدارمي ثياب التنسك ونظم أبياتاً من الشعر دفعها لصديقٍ له يحسن الغناء:
قل للمليحة في الخمار الأسودِ..... ماذا فعلتِ بزاهـــتدٍ متعبدِ
قد كان شمّر للصلاة ثيابه.... حتى خطرتِ له بباب المسجد
رُدّي عليه صلاته وصيامه ....لا تقتليه بحقِ ديــــن مُحمدِ
فشاع هذا الغناء بالمدينة، وقالوا: لقد رجع الدارمي وعشق ذات الخمار الأسود، فلم تبق بالمدينة فتاة إلا وتوجهت لشراء خمار أسود. فعاتبه جلساءه من المتعبدين، فقال: غداً تعرفون الحقيقة، فلما نفقت بضاعة العراقي من الخُمُر، عاد الى تنسكه..

ــــــــــــــــــــ
• ـ من العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي 4/96
• الدارمي: هو ربيعة بن عامر، ولقبه المسكين، ويصل نسبه الى دارم بن مالك، كان شاعراً شريفاً من سادات قومه توفي سنة 90هـ