تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى القرآن الكريم

> سورة الكهف أسرار و خفايا أغلبنا يجهلها

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
alimadridi6
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 29-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 33
  • المشاركات : 158
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • alimadridi6 is on a distinguished road
alimadridi6
عضو فعال
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: سورة الكهف أسرار و خفايا أغلبنا يجهلها
06-07-2009, 05:50 PM
48.قوله تعالي (واضرب لهم مثل الرجلين جعلنا لأحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالها نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ).
أ. لازالت الآيات تتابع لتؤكد معني أكثر وضوحا وهو الدنيا عند المسلم والكافر .ففي البداية(إنا جعلنا ماعلي الأرض زينة لها لنبلوهم احسن عملا)وقد نجح أهل الكهف رضي الله عنهم فرغم أنهم شباب لم تستهوهم الدنيا بل آثروا ماعند الله (وماعند الله خير وأبقي )ولتتأكد المعني أكثر قال الله لنبيه (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ).
ب.ثم حذر الله وأنذر وقال علي سيبل الوعيد (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )وبين ما أعده الله للكفار من نار واكل وشرب كالمهل يشوي الوجوه ، وما أعده الله للمؤمنين .تأتي القصة الثانية لتتحدث عن فتنة لازال يهوي الغالبيثة من الناس وهو فتنة المال .
ج.ضرب المثال نوع من انواع الوعظ والاعتبار ولا زالت الدنيا بكل ما فيها تجارب وأمثال فهل انتفع الناس.والضرب لغة يكون من الأقوي للأظعف ولذالك قيل لمن يضرب الحجرة بالعصا أتضرب العصا أم الحجر .
ولفظ الضرب يؤكد إن المثال لازال عند العقلاء له تأثيره الخاص ..
د.ورد في الحديث أن هذه قصة رجلين من بني إسرائيل أحدهما مؤمن إسمه يهوذا وآخر كافر إسمه فطروس ورثا مالا مشتركا فقال للمؤمن اشتري بحقي قصرا في الجنة واشتري الكافر أراضي وجعلها جنات ونخيل وأصبح المؤمن فقيرا والكافر ازداد غني علي غني
ه.قوله تعالي (جنتين )مثل من له الآن شركتين وانظر إلي التصوير القرآني لهذين الجنيتين (جنتين من اعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا ) يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله هنا نجد الهندسة الزراعية الرائعة .تخيل هذه التحفة الفلاحية .عنب علي طول الخطوط يتوسطها زرع محفوفة بنخيل .وهذه المنتوجات الثلاث تمثل أروع مافي الفلاحة فالتمر لاينكر فائدته أحد والعنب كما قال تعالي (تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا والزرع هو أس الغذاء .
عدالة الله في الدنيا للكافر والمؤمن والأرض لمن يخدمها (الشعار الذي رفع أثناء التوجه الاشتراكي زورا وبهتانا)فهاهو الكافر يجتهد في خدمة الأرض فتعطيه كل هذه الخيرات وكان بإمكان الأرض بقدرة المولي تبارك وتعالي أن لاتنتج شيئا. وتأمل قوله تعالي (ولم تظلم منه شيئا).
و.تفجير النهر كما يقول العلماء هو الذي يأتي في البداية لان من خلاله كانت هذه الخيرات لكن أخر المولي تبارك تعالي ذكره لتكتمل الصورة الجمالية . ويتبين من خلال الآية انه كان له ثمر آخر
ز.(فقال لصاحبه ) الصاحب هنا إما الشريك أو الأخ وقد اختلفت الروايات في ذالك .وقال بعض المفسرين إن هذا الشريك هو المقصود في الآية الكريمة (قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما غنا لمدينون قال هل انتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال تالله عن كنت لتدرين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين )
ط.قوله (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا )هنا دخل صاحبه العجب والغرور وراح ينظر النظرة الدونية لصاحبه من خلال مقارنته ماديا .ولازالت هذه المصيبة شأن كثير من الأغنياء يرون أنفسهم فوق الآخرين ذكاء ومالا وفضلا .وكل صاحب مال لابد أن يحيط به بعض المتملقين المسترزقين من ثروته وهو الذي جعل هذا الكافر المغرور يقول (وأعز نفرا)بمعني أقوي وأكثر نصرة من أمثال هؤلاء حتى إن بعض الأغنياء لهم حماية خاصة
49(ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلي ربي لأجدن خيرا منهما منقلبا) هذا ما يسمي بأسر المظاهر.لازال الضعفاء ممن تأسرهم المظاهر بمجرد إن يري شيئا خلابا يكاد يفترق مع عقله وقد يقول في لحظة اندهاش ما يعد كفرا والعياذ بالله .
أ.دخل جنته وبمجرد دخوله ألقي نظرة تأملية علي جنة خضراء علي مدي البصر وهنا قال الله (وهو ظالم لنفسه) ونجد إن المولي تبارك وتعالي في كثير من الآيات يقول عن العصاة والكفرة وأمثالهم (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) وتقف علي حكمة الله تبارك وتعالي يوم تري مثلا هؤلاء المدمنين علي المخدرات وقد ضيعوا أموالهم وأجسامهم وتري الطفل يهوي أكل الحلويات وتنهاه أمه ولا يفهم مغزي ذالك حتى يري أسنانه وقد نخرها السوس والأمثلة كثيرة .صاحب الجنتين كان ظالما لنفسه يوم قال ما قال وازداد ظلمه لنفسه يوم أوحي له الشيطان إن هذه الخيرات لا يمكن إن تفني .ولازلنا نعبر عن الذي له ماله كثير فنقول (إن ماله بالنار وما يكملش) قالها بنفس المعني (ما أظن إن تبيد هذه أبدا ) وازداد غروره يوم جحد امرا معلوما من الدين بالضرورة وهو قيام الساعة ، وتتعالي نفسه فيري نفسه كريما علي الله لأنه في مقام غني ونصرة وجاه والناس تحيط به من كل جانب فيري نفسه عزيزا علي الله فيقول (ولئن رددت إلي ربي لأجدن خيرا منهما منقلبا) لم يقلها علي سبيل التصديق إنما علي سبيل الغرور أو المكابرة فهو كأنه يقول لصاحبه الفقير (تمني نفسك بما عند الله يوم القيامة فأنا سأجد عند الله أكثر من ذالك )يقول هذا تيئيسا لصاحبه وغروا بنفسه.
50.(قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بري أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا فعسي ربي إن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا ).
حال المؤمن هنا كحال سيدنا يوسف عليه السلام قال تعالي lودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تاكل الطير منه إنا نراك من المحسنين)وانظر إلي سيدنا يوسف عليه السلام قبل أن يجيبهما علي السؤال يقول (إني تركت ملة قوم لايومنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آباءي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ماكان لنا إن نشرك بالله من شيء ذالك من فضل الله علينا وعلي الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون يصاحبي السجن آرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذالك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون) بعد تقرير هذه العقيدة أجابهما علي السؤال فقال (أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتاكل الطير من رأسه )وكذالك هذا المؤمن قبل أن يحدثه في الموضوع الذي يشغل باله يذكره بموضوع أهم فيقول .(أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا)يذكره هنا بالأصل بأنه من تراب وإلي التراب يعود وسيصير نفسه جزءا من التراب .وقد جاء تذكير الله للإنسان بأصله مرة بأنه من تراب وأخري بأنه من نطفة .وعبر عن التراب بالطين والصلصال الحمإ المسنون.وعن النطفة بأنه مني أوماء مهين أو نطفة .فهو يذكره هنا بأنك من تراب ثم صرت نطفة ثم كان فضل الله عليك عظيما فسواك رجلا .ومن تذكر كل هذه النعم والخيرات والفضل العظيم لايمكن بحال من الأحوال أن يشرك برب.
تأمل قول الرجل المؤمن (لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا )وقد عد الله عبادة الهوي والمال والعجب والغرور من الشرك.وتكرر ذكر الشرك هنا مما يدل دلالة قاطعة علي إن مفهوم الشرك لازال بحاجة إلي دراسة عميقة .فالبعض لازال يختصر الشرك في القبوريات والأضرحة وينسي موالاة الكفار والتحالف معهم لقتل المسلمين باسم المصلحة المشتركة .
الكثير من الناس والدول يتنازلون عن مبادي وقيم وعقائد من اجل مصلحة اقتصادية ولعمري عن لم يسمي هذا شركا فكيف تسمح العقول السليمة إن يري التوسل بالنبي شرك والمسألة مختلف فيها .
تطبيق الأحكام الشرعية لازال الأمر فيه تذبذب يأخذون ببعض الكتاب ويتركون البعض باسم المصلحة المشتركة والمصالح العليا للبلد.إن لم يكن هذا شرك فما هو الشرك .
والمسائل كثيرة .ثم يوجهه التوجيه الصحيح فيقول له :كان الأولي لك حين تدخل جنتك وتري ما يسر الناظرين وتنبهج له النفس وينشرح له القلب وينبهر له العقل كان الأولي لك تسبيح الله وإرجاع ذالك كله لله وانه فضل من عنده سبحانه وتعالي ومن عنده فقط.
ثم يقول بكل ثقة مطلقة (إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا فعسي ربي إن يؤتيني خيرا من جنتك ) تخيل حوارا بين اثنين أحدهما ملياردير له أولاد كثر ربما يحيطون به وحرس وأبهة وبهرجة وفقير معدم عقيم ربما يرتدي أحلاسا يقول بكل يقين إن قدرة الله المطلقة قادرة علي تبديل الحال (إنما أمره إذا أراد شيئا إن يقول كن فيكون)وهذه هي العقيدة الراسخة التي سخر منها المنافقون يوم كان المسلمون تحاصرهم قوي الكفر من كل مكان في غزوة الاحزاب ورسول الله يبشرهم بفتح فارس والروم فيقول المنافقون : احدنا لايكاد يأمن علي نفسه للخروج لقضاء حاجته وهو يعدنا بالفرس والروم(وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) ولم يقل له يعطيني مثل جنتك بل خيرا منها .
ثم ينتقل إلي معالجة الموضوع بواقعية لاينكرها عاقل .لم يقل له سيرسل الله ملكا أوفي لمحة بصر سيختفي كل شيء .كل هذا يكون بقدرة الله لكن لابد من الانطلاق من الواقع فنزول صاعقة من السماء أو غور الماء أمر يشاهده الناس ولا يستطيعون نكرانه .ثم هذا الإنسان المعجب بنفسه مهما أوتي من قوة وذكاء لا يستطيع التحكم في الطبيعة ولا زالت التكنولوجيا كل يوم تمدنا بالجديد لكن قدرة الله فوق كل شيء.
وكان كما قال الرجل المؤمن ولم يكن هذا علم بالغيب بل توسم وفراسة وقراءة صادقة للواقع .وقد تنبأ المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله بسقوط الاتحاد السوفياتي بناء علي تحليلات واقعية .
51(وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه علي ما انفق فيها وهي خاوية علي عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا ).
تحققت فراسة المؤمن وأصبحت ثمر الكافر كأن لم تغن بالأمس وأصبح الكافر من شدة الحزن والأسي والخلع يقلب كفيه وهي فعل العاجز الذي يري أعز ما يملك سلب منه ولا حول ولا قوة له علي استرجاعه.ولوأنه إذا دخل جنته قال ما شاء الله لا قوة إلا بالله ما فقد جنتيه . ومن الأحكام التي تستخرج من الآية :
1.قيدوا النعم بالشكر فمن كان في نعمة ولم يشكر خرج منها ولم يشعر.
2.تحقيق التوحيد يأتي في المقام الأول فهو الذي يغني ويفقر وهو الذي يعز ويذل .قال تعالي (وانه هو أغني وأقني )وقال أيضا (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير.
3.العجب والغرور صفتان ذميمتان من صفات إبليس اللعين .
4.شكر النعم يستوجب التصدق علي الفقراء .5.من أخذته العزة بماله أو جاهه فليذكر زوالها وليتذكر القدوم علي الله رب العالمين.
6.المؤمن يعلق كل شيء برب العالمين والتالي فهو مطمئن إن أصابه سراء شكر وإن أصابه ضراء صبر فكان خيرا له في الحالتين أما الغافل فعند حلول العذاب يتضاعف عليه الألم .
7.قول الله تعالي (أعز نفرا ) قابلها (ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا)
8.لم يشفع له قوله (ولئن رجعت إلي ربي لأجدن خيرا منهما منقلبا) لأنه لم يقلها علي سبيل اليقين والطمع فيما عند الله رب العالمين فكان الجزاء (ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا).
9.عاقبه الله تعالي لأنه أشرك بالله فقد قال بعد الذي حصل (ياليتني لم أشرك بربي أحدا ) ولذالك ففتنة المال من أكبر الفتن وفي الحديث تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم). 10.أصل العزة والرفعة والنصرة والولاية ما تعلق برب العالمين فهنالك الولاية لله الحق فهو خير ثوابا وخير عقبا .ولازال الغافلون كل يتمسك بما يهوي أحدهما بالفسق والفجور وآخر بالخمور والمخدرات وثالث بالمال ومآل كل هذا الزوال ومن علق همه وحياته كلها برب العالمين فهو خير ثوابا وخير عقبا..
نستنتج من قصة أهل الكهف وهي تمثل فتنة الشباب إن المخرج فيها يقين برب العالمين وإلحاح في الدعاء وصحبة صالحة وملازمة للقرآن والسنة في ضوء تراث العلماء المعتبرين .
ونستنتج من فتنة المال أن صاحبها لابد من إن يجاهد نفسه ويكثر من حمد الله ويتذكر زوالها والقدوم علي الله وان الحول والقوة كله لله وحده وفتنة المال تحتاج للتطهير بالتصدق علي الفقراء والمساكين والأعمال الخيرية.
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: سورة الكهف أسرار و خفايا أغلبنا يجهلها
25-07-2009, 04:56 PM
50.قوله تعالي (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله علي كل شيء مقتدرا المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا).
هذه الآية الكريمة توضح لنا مفهوم الحياة الدنيا.
لقد بين المولي تبارك وتعالي من البداية مفهوم الحياة الدنيا فقال (إنا جعلنا ماعلي الأرض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملا ) وقال أيضا (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا.)فأنت تري وجودنا في الحياة الدنيا فقط (فننظر كيف تعملون).
أول فتن الحياة وأعظمها فتنة الشباب.قوة وحيوية وغرائز وشهوات وشبهات.وقد نجح فتية أهل الكهف فكانوا خير نموذج للشباب المؤمن.
ثم فتنة المال وقد خفق صاحب الجنتين وأخذته العزة بالإثم وغره ماله وبين عشية وضحاها كان لم تغن بالامس .وهكذا هي الحياة الدنيا.
وتامل الآيات الكريمات التي توضح نفس المعني هنا .
قال تعالي (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذالك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب قال أؤنبئكم بخير من ذالكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وازواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد الذين يقولون رنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار )
وقال تعالي (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور سابقوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذالك فضل اله يوتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم)
وقال أيضا(إنما مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما ياكل الناس والانعام حتى إذا اخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها اتاها أمرنا ليلا اونهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالامس كذالك نفصل الايات لقوم يتفكرون والله يدعوا إلي دار السلام ويهدي من يشاء إلي صراط مستقيم)
من خلال هذه الآيات الثلاث وآيات اخري نجد أن الله حين يقارن الحياة الدنيا بالآخرة يدعونا إلي الآخرة (للآخرة خير لك من الولي ) (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)
مثال نزول الماء من السماء واختلاطه بالارض وتفاعله مع التربة ثم خروج الحب والنبات ونموه وازدهاره ثم نهايته مثال بسيط وجد مهم وهو يتكرر كل لحظة وحين ولا يملك المرء معه إلا التسليم.
وهنا نذكر ثلاث قصص باختصار لمعني الحياة.
ذكروا في بعض الكتب أن مسافرا كان بالصحراء وبينما هو يسير إذ رأي سبعا وراءه يريد إن يفترسه فما كان منه إلا إن فر بأقصي ما يمكن فلم يجد مكان ينقذه إلا بئرا عتيقا فدخل فيه ووجد غصنا أخضر علي جدار البئر فتمسك به .نظر إلي قاع البئر فوجد ثعبانا فاغرا فاه يريد إن يلتهمه وسبعا من فوق يزأر وبينما هو متشبث بالغصن نظر إلي فأرين أحدهما أسود والآخر أبيض يقرضان بالغصن فازداد ياسه وعلم انه هالك لا محاله.وبينما هو كذالك رأي بالقرب منه شهد عسل فراح يأكل منه وسلي نفسه ويتناسي الهموم.
قال المفسرون لهذا المعني إن المسافر هو الإنسان في الحياة والسبع هو المرض الذي نفر منه والبئر هو البحث عن النجاة والغصن هو التشبث بالحياة والثعبان هو الموت الذي ينتظر الجميع والفأر الأبيض هو النهار والأسود هو الليل وشهد العسل هو ملذات الحياة وطول الأمل.
وذكروا إن احد أبناء الملوك عاش في القصر فقط ولم يعرف من الدنيا شيئا فقال له أبوه الملك لابد إن تخرج للشوارع وتري كيف يعيش الناس فبينما هو يسير رأي أحدهم يتوجع من المرض فقال لمن حوله .ماله .فقيل أصابه المرض فقال: وهل المرض يصيب أبناء الملوك؟فقيل له : ولم لا.قد يصيبهم وهذا ممكن.
ثم ساروا فرأي أعرجا علي جانب الطريق فقال لمن حوله : ماله ؟ فقيل : أصيب في رجله .فقال : وهل هذا يصيب أبناء الملوك .فقيل : ولم لا؟قد يصيبهم .
ثم رأي شيخا عجوزا يتهادي في الطريق فقال لهم : مله ؟ فقيل شيخ عجوز مرت عليه السنون والسنون فهرم وهرم منه كل شيء.فقال وهل هذا يصيب أبناء الملوك : فقيل له : بكل تأكيد .فارتعب
ثم مروا علي جنازة .جماعة يحملون ميتا علي أربعة أعواد فقال : وهذا ماله : فقيل هذا قد انتهت حياته.فقال : وهل هذا يصيب أبناء الملوك؟فقيل : بكل تأكيد .فارتعب.
وراح يسأل عن حياة لامرض فيها ولا عاهات ولا هرم ولا موت فقيل له : يقال إن هذا لايوجد إلا في الجنة بعد الموت .فدل علي عالم فقيه .فبين له كل ذالك فاعتزل الملك وصلح حاله .وقال هذه هي الحياة الحقيقية التي ينبغي أن نفوز بها.
وذكروا .أنه كان من عادات بعض الهنود أنهم يجتمعون علي رأس كل سنة في جبل معروف ويقيمون حفلا كبيرا فما تاتي المائة السنة الثانية حتى يكون الذين حضروا الحفل السابق قد هلك معظمهم فيتذاكرون كان هنا فلان وقال فلان ثم يذكر بعضهم بعضا بالموت القادم لامحالة.
المؤمن لايأسف علي فوات الدنيا فهاهو رسول اله في اللحظات الأخيرة يقول (بل الرفيق الأعلى)وقد ين اله جل وعلا في الآية الكريمة أن الباقيات الصالحات(الذكر) هي خير ما نامل ونقدم للحياة الاخري .فالأمل لاينقطع(ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل).
والباقيات الصالحات حين تذكر في مقابل زينة الحياة الدنيا والمال والبنون فهي كل ما صلح من الأعمال ولا يمكن إن نخصصها بالذكر فقط .
ما ذكر الله الدنيا وبهجتها إلا وبين إن ما عند الله خير وأبقي .والمعني أن الذي يخاف الله سبحانه وتعالي ويعيش في كنف الذكر والانس بالله إنما يعيش الحياة الحقيقية وما أعده الله له بعد الممات فأعظم وأكبر.تري العصاة رغم لذة الشهوات ونشوة المخدرات يعيشون المعيشة الضنكة.(ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
حسب التعليق القرآني بعد قصة أهل الكهف وقصة صاحب الجنتين نستنتج ما يلي :
أن فتنة الشباب تستلزم
أ.تعليق المستقبل بالله (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذالك غدا إلا إن يشاء الله)
ب.تلاوة كتاب الله (واتل ما أحوي إليك من كتاب ربك لامبدل لكلماته )
ت.لزوم الجماعة المؤمنة أواختيار الصحبة المناسبة (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه)
.ج.عدم التعلق بزينة الحياة الدنيا (ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا)
د.الحذر من صحبة العصاة الضائعين (ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا)
ه.اليقين في إتباع الحق (وقل الحق من ربكم )
وأن فتنة المال تستلزم:
أ.التواضع وعدم العجب والغرور ونسبة الخير لله (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله )
ب..القوة والضر والنفع من الله وحده والمال لن يستطيع إن يحقق لك جزء من ذالك إلا بقدرة الله (لاقوة إلا بالله)
ج.من اخطر الشرك (العجب والغرور والتكبر (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)
د.تقصير الأمل في الحياة الدنيا
ه .الكل مصيره إلي الزوال .حين أخطأ صاحب الجنتين وقال (ما أظن إن تبيد هذه أبدا)
و.تذكر الآخرة (وما أظن الساعة قائمة )
ز.المال ينموا بالصدقة ويحفظه الله (ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله)ورسول الله صلي الله عليه وسلم (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
ص.السعادة الحقيقية ليست في المال (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا).
  • ملف العضو
  • معلومات
همس النسيم
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 12-04-2009
  • المشاركات : 594
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • همس النسيم is on a distinguished road
همس النسيم
عضو متميز
رد: سورة الكهف أسرار و خفايا أغلبنا يجهلها
28-07-2009, 09:35 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قال تعالى:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}إلى أن قال:{ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}



قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى
وفي هذه القصة العجيبة الجليلة، من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله. فمنها فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.
ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.
ومنها: جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر لكفاية المؤن، وطلب الراحة، كما فعل موسى.
ومنها: أن المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، وأين يريده، فإنه أكمل من كتمه، فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته، وإتيان الأمر على بصيرة، وإظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: { لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا }
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين غزا تبوك بوجهه، مع أن عادته التورية، وذلك تبع للمصلحة.
ومنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره، لقول فتى موسى: { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ }
ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس، من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقا، لقول موسى: { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا }
ومنها: استحباب كون خادم الإنسان، ذكيا فطنا كيسا، ليتم له أمره الذي يريده.
ومنها: استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا، لأن ظاهر قوله: { آتِنَا غَدَاءَنَا } إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعا.
ومنها: أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله، يعان ما لا يعان غيره لقوله: { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } والإشارة إلى السفر المجاوز، لمجمع البحرين، وأما الأول، فلم يشتك منه التعب، مع طوله، لأنه هو السفر على الحقيقة. وأما الأخير، فالظاهر أنه بعض يوم، لأنهم فقدوا الحوت حين أووا إلى الصخرة، فالظاهر أنهم باتوا عندها، ثم ساروا من الغد، حتى إذا جاء وقت الغداء قال موسى لفتاه { آتِنَا غَدَاءَنَا } فحينئذ تذكر أنه [ ص 484 ] نسيه في الموضع الذي إليه منتهى قصده.
ومنها: أن ذلك العبد الذي لقياه، ليس نبيا، بل عبدا صالحا، لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبيا، لذكر ذلك كما ذكره غيره.
وأما قوله في آخر القصة: { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } فإنه لا يدل على أنه نبي وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون لغير الأنبياء، كما قال تعالى { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ } { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا }
ومنها: أن العلم الذي يعلمه الله [لعباده] (2) نوعان:
علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده. ونوع علم لدني، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا }
ومنها: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام:
{ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا } فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.
ومنها تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى -بلا شك- أفضل من الخضر.
ومنها: تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
فإن موسى عليه السلام من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر، ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه.
فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث، إذا كان قاصرا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوه من العلوم، أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثا ولا فقيها.
ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: { تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ } أي: مما علمك الله تعالى.
ومنها: أن العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق (3) الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: { أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا }
ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم (4) فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر -يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه- إنه لا يصبر معه.
ومنها: أن السبب الكبير لحصول الصبر، إحاطة الإنسان علما وخبرة، بذلك الأمر، الذي أمر بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته، ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله: { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا } فجعل الموجب لعدم صبره، وعدم إحاطته خبرا بالأمر.
ومنها: الأمر بالتأني والتثبت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.
ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول { إِنْ شَاءَ اللَّهُ }
ومنها: أن العزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال: { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا } فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل.
ومنها: أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء، حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن الدقيق في سؤال الأشياء التي غيرها أهم منها، أو لا يدركها ذهنه، أو يسأل سؤالا لا يتعلق في موضع البحث.
ومنها: جواز ركوب البحر، في غير الحالة التي يخاف منها.
ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله، ولا في حقوق العباد لقوله: { لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ }
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم، العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم ويرهقهم، فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.
ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية، في الأموال، والدماء وغيرها، فإن موسى عليه السلام، أنكر على الخضر خرقه السفينة، وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها، أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه [ ص 485 ] السكوت عنها، في غير هذه الحال، التي صحب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام، وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض، الذي يوجب عليه الصبر، وعدم المبادرة إلى الإنكار.
ومنها: القاعدة الكبيرة الجليلة وهو أنه " يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير " ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته، وإن كان يظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانهما خير من ذلك، فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد، ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها، داخل في هذا.
ومنها: القاعدة الكبيرة أيضا وهي أن " عمل الإنسان في مال غيره، إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة، أنه يجوز، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير " كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم. فعلى هذا لو وقع حرق، أو غرق، أو نحوهما، في دار إنسان أو ماله، وكان إتلاف بعض المال، أو هدم بعض الدار، فيه سلامة للباقي، جاز للإنسان بل شرع له ذلك، حفظا لمال الغير، وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير، ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز، ولو من غير إذن.
ومنها: أن العمل يجوز في البحر، كما يجوز في البر لقوله: { يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } ولم ينكر عليهم عملهم.
ومنها: أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته، ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة، لأن الله أخبر أن هؤلاء المساكين، لهم سفينة.
ومنها: أن القتل من أكبر الذنوب لقوله في قتل الغلام { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا }
ومنها: أن القتل قصاصا غير منكر لقوله { بِغَيْرِ نَفْسٍ }
ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.
ومنها: أن خدمة الصالحين، أو من يتعلق بهم، أفضل من غيرها، لأنه علل استخراج كنزهما، وإقامة جدارهما، أن أباهما صالح.
ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله { فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا } وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } كما قال إبراهيم عليه السلام { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } وقالت الجن: { وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } مع أن الكل بقضاء الله وقدره.
ومنها: أنه ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال، ويترك صحبته، حتى يعتبه، ويعذر منه، كما فعل الخضر مع موسى.
ومنها: أن موافقة الصاحب لصاحبه، في غير الأمور المحذورة، مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.
ومنها: أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد هذا العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أمورا يكرهها جدا، وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجا من لطفه وكرمه، ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا بأقداره المكروهة....


تفسير السعدي سورة الكهف الآيات من { 60إلى82}ص456-457-458
سبحان الله وبحمده..سبحان الله العظيم
سبحان الله عدد ماكان وعدد مايكون وعدد الحركات
وعدد السكون
لاتنسونا من صالح دعائكم بظهر الغيب
اللهم رضاك والجنة
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: سورة الكهف أسرار و خفايا أغلبنا يجهلها
03-08-2009, 10:55 PM
شكرا أخي إحسان علي هذه الإضافة الجميلة.حين يسمح الوقت سأضيف الوقفات المتبقية من سورة الكهف.
لقد فسرت سورة البقرة وفق تفاسير معينة بمثل هذا الأسلوب مع جماعة المسجد لكني لم أدونها فضاعت وعند الله بإذن الله لم تضع.(مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا مات عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا).
أحيانا حين أستمع إلي المفسر الجليل الشيخ الشعراوي رحمه الله أشعر وكأنه ينظر إلي الغيب من ستر رقيق كما قال أحد الصحابة الكرام عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنه.
اللهم ارزقنا حفظ القرآن الكريم وفهمه وتطبيقه واجعله دليلنا إلي الجنة.
آمين يارب العالمين.
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: سورة الكهف أسرار و خفايا أغلبنا يجهلها
04-08-2009, 10:48 PM
.قوله تعالي (ويوم نسير الجبال وتري الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا )بعدما ذكر الله قصة أهل الكهف ثم عقب عليها بضرورة اختيار الأصحاب وملازمة الكتاب .
جاء النداء من الله في أسلوب تهديد لأن الناس هم الذين بحاجة إلي الإيمان وهم بحاجة إلي خالقهم.قال لهم هذا الحق من عندي وأنتم احرار فقد أعددنا لكل فريق ما يناسبه .
أعددنا للكفار نار أحاط بهم سرادقها وماء حارا كالمهل يشو الوجوه
وأعددنا للذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين .
بعد قصة أهل الكهف ثني الله بقصة صاحب الجنتين وقد أشرك بربه وكفر بالبعث وتطاول علي أخيه الفقير فعاقبه الله من جنس ما عمل وتركه يقلب كفيه نادما بعدما تبختر وتفاخر وقال للفقير (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا)وقال أكثر من ذالك (ما أظن أن تبيد هذه وما أظن الساعة قائمة )
هذه الجنة الخضراء التي أغرت صاحبها فأشرك بالله هي نفسها الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح.
وبين الله جل وعلا أن الذكر والدين بصفة عامة هو خير ثوابا وخير عقبا
بعد ذكر الدنيا وزوالها جاء ذكر الآخرة وأهوالها كما يقول الشيخ الصابوني حفظه الله
ملامح يوم القيامة كما تعرضها السورة هنا باختصار هي
1.زوال الجبال
2.استواء الأرض(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار)
3.حشر الناس جميعا (يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلي نصب يوفضون)يخرجون من قبورهم مندهشين متسارعين
4.عدم نسيان ولا أحد. وهنا سعة علمه ودقة حسابه.الآن رغم التكنولوجيا والنت ووسائل كثيرة لكن لازالت الثغرات كثيرة حتى في أكثر البلدان تقدما.أما رب العالمين فسيحشر البشرية من لدن سيدنا آدم عليه السلام وإلي آخر واحد من الدنيا ولن يغادر منهم أحدا.
5.وعرضوا علي ربك صفا.ونري في آيات أخري عن نفس الموضوع يقول رب العالمين في سورة النبأ(يوم يقوم الروح والملائكة صفا لايتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا)وقوله في سورة الفجر(كلا إذا دكت الأرض دكا وجاء ربك والملك صفا صفا)
نستنتج من هذين الآيتين امران مهمان وهما :
1.دقة النظام أمر إلهي وشريعة ربانية وليس في شريعتنا أن الامور تسير هكذا فوضي وإن أساء البعض فهم الدين فالعيب فيهم وليس في الدين.
2.البشرية صفوف وهم ينتظرون الحساب والملائكة صفوف وهم يتلقون الأوامر لتنفيذ المهام
6.خروج بين آدم يوم الحشر كما ولدتهم أمهاتهم ولأن الإنسان بطبعه فضولي فلازال البعض يركض هنا وهناك ليري صور العاريات والعياذ بالله
يوم القيامة سيحشرنا الله عرايا (ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة) وتسأل السيدة عائشة رضي اله عنها رسول الله عن خروج الناس عرايا يوم القيامة .ألا ينظرون إلي بعضهم العض فيقول لها نبي الأمة (الأمر أشد من ذالك ) في بعض الأحيان وتحت انواع مختلفة من الضغوط لاتنتبه لنفسك ماذا ترتدي وماذا تقول .
فما بالك بيوم القيامة.الهول عظيم .
والتكذيب بالبعث لازال سلعة البعض يسترزق بها (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) حتى أن البعض ذهب شططا وفسر يوم القيامة بأمور أخري حتى يرضي العلمانيين والعياذ بالله
7.عرض الكتاب (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفي بنفسك يوم عليك حسيبا)
حين يوضع الكتاب ويري كل واحد أعماله ذكر الله هنا حال المجرمين فقط فقال (فتري المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا)
سيكون حال المجرمين في غاية الشفقة فلا حيلة ولا نفوذ ولا سلطان تعرض عليهم أعمالهم.وازدادوا دهشة واضطراا يوم علموا أن هذا الكتاب سجل عليهم كل صغيرة وكبيرة.وفيه إشارة إلي أمرين.
1.ذكر بعض الفلاسفة أن الله لايعلم جزئيات الأعمال وهذا من قبيح تفكيرهم ورد عليهم أبو حامد الغزالي رحمه الله
2.اعتقاد البعض أن صغائر الأعمال لاأهمية لها اعتقاد فاسد لأن الجبال من الحصي ولا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة كمع استغفار وهي قاعدة ذهبية يجب العمل بها.
ذكر الله جل وعلا يوم القيامة يوم القيامة وما فيه من أهوال وخطورة جهنم وأن غمسة واحدة في جهنم تنسيك نعيم الدنيا كله وغمسة واحدة في الجنة تنسيك هم الدنيا كله وأن موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها.ذكر الله كل ذالك ونادي ولازال ينادي في كتابه الكريم إن ادخلوا في دين اله أفواجا .
فهل استجاب الناس .لم يستجيبوا بل تحدوا الباري تعالي بكل وقاحة وحين يأتي يوم القيامة ويذهب كل مصيره .هنا لامعني لأسف وليس هناك أي ظلم .
واجبنا اتجاه الدنيا والآخرة.ذكر الله الدنيا وزوالها والقيامة وأهوالها فهل معني هذا أن نزهد في الدنيا ونستعد للآخرة
الجواب واضح فالآية تقول (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن اله إليك)والإحسان هو الجمع بين الدنيا والآخرة.
لازال إلي حد الآن بعض الناس يسيؤون الجمع بين الدنيا والآخرة
فامتلاك ناصية العلم من الدين والعلم المحمود ليس علم الدين فقط بل علم الدنيا أيضا
سعي المسلمين للاستخلاف في الأرض وتحكيم شرع اله هو من الجمع بينهما
الهمة العالية للنجاح في الدنيا بدون التفريط في الدنيا هو من الجمع بينهما
ومسائل أخري كثيرة
لابد من كثرة الذكر والدعاء فهذا من الباقيات الصالحات المنجيات
التفكير في يوم القيامة أمر لاينبغي لمسلم إن يغفل عنه .
نعمل من أجل تحصيل مصالحنا الدنيوية ولا عيب في ذالك ولا بد من الإدخار غدا ليوم القيامة عن طريق الأعمال الصالحات والباقيات الصالحات والإحسان
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 29-03-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 43,268

  • زسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    61

  • دائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the roughدائمة الذكر is a jewel in the rough
الصورة الرمزية دائمة الذكر
دائمة الذكر
مشرفة سابقة
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 05:36 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى