موضوع الرسالة: رسالة الرائي
29-09-2008, 08:28 PM
اسدل الليل ستاره ،و اشتدظلامه. في هده الليلة الغاضية حتى ارهقني التعب، و غلبني النعاس ، توجهت الي المنزل فتحت الباب بلطف و دخلت الي البيت بهدوء وسكون لكي لا اوقظ افراد العائلة من نومهم، نزعت معطفي المبلل بهمائم المطر ورميته بجانب الحائط،انرت مصابح الغرفة التي كانت مظلمة، والقيت بهيكلي على السرير سحبت غطاء السرير الاسود على جسمي النحيف، كانت همومي و وحدتي و افكاري تستلقي بجانبي كما هو دائما متغيرة ومختلفة،و انا في تلك الحالة من تعب قصف لي ظهره، كانت الافكار تسري في مخيلتي، و هموم الماضي تسبح في دمي،و التثاؤب و النعاس يأمران عقلي بالنوم،اغمضت عيناي الصغيرتين حتى سافرت وافكاري الىعالم آخر،اتلدد بالاحلام و اصارع الكوابيس التي لا تنتهي عندي، و انا على هده الحالة حتى استيقظت في الصباح الباكر على غير العادة بشعور مرير و احساس غريب،و كانني كنت في مكان اسطوري، سمعت ضجيج و اصوات كثيرة و كلام غريب غير مفهوم فى الشارع،فى عجلة من امري ارتديت ثيابي البالية،غسلت وجهي المنتفخ بسرعة ثم فتحت الباب الخارجي المؤدي الى الشارع،صفقت الباب من ورائي،فرايت معظم الناس على غير العادة،لباس مغاير،الغبب تتدلى على احناكهم تهم لحى خفيفة والصلبان تتدلى على صدورهم المنتفخة، يتكلمون مع بعض الشباب بلطف و ادب، و الابتسامة اللطيفة لا تفارق شفاههم، لم افهم شيئا، كانت الصدمة قوية كانها مفاجأة لم اصادفها مند نعومة اظافري، فناداني احدهم بابتسامة و لطف، فهربت ولا ادرى اين ادهب و الحيرة في نفسى و التساؤل يغمر دهنى في اي بلد انا ؟ هت انا في الجزائر ام الفاتيكان؟ مادا يحدث؟ ماداجرى؟ اين هي الدولة؟ وانا اهرول من مكان الى آخر و لا ارى سوى نفس اللباس و الاشخاص و الصلبان تتدلى عتى صدورهم،فاتجهت مسرعا، لاهثا فاقد العزيمة مباشرة الى مركز الامن لعلني اعرف ما يحدث! لكن غيرت المسار فى لحظة تفكير باتجاه المسجد، فانطلقت اعدو باتجاه النور يحدونى الامل فى ان اعانقه، لازلت اعدو فى رحلتى هده الطريق معبدة باالاشواك، و انا اتابعهم بعينى حتى اصل الى المسجد لاحتمى فيه و به و لما وصلت نزعت حدائي المبلل بالعرق من شدة الجرى، دخلت الى قاعة الصلاة، فوجدت ثلة من الشباب جالسين يتحدثون بهمس، القيت عليهم السلام،فكان الصمت يخيم فى انفسهم، نظارتهم الحاقدة تلاحقني باستهزاء، مددت يدي النحيفة الى اعلى الرف لاجلب المصحف،لكن الصدمة كانت اكثر و اعنف، بعدما فتحت الكتاب، تبين انه انجيل،تركته فى مكانه،خرجت من المسجد بسرعة فائقة حافى الرجلين،فاقد اليقين،انبجست نفسي غيظا و الما مما رايت و اخدت اركض و لا ادري اين سادهب؟ و انا اردد: مادا حدث...؟ مادا يجري؟ حتى عادت بي الداكرة الى زمن صلاح الدين الايوبى و ريتشارد قلب الاسد وما فعلت الجيوش من نصارى اوروبا التي غزت الشرق الاسلامى وارادت الاستلاء على بيت المقدس.
توقفت قليلا لاهثا ، استرجع انفاسي الحزينة ، بدأت اسير بخطى متسارعة اليمة حزينة خوفا و فزعا مما رايته و اراه، مطأطئا الرأس ، فناداني احدهم طويل القامة عيناه زرقاوان دو لحية خفيفة و الابتسامة في وجهه تبدو كأنها بريئة و الصليب يتدلى على صدره ، ترددت ، تقهقرت الى الوراء، حاولت التملص ، لم استطع ، أبتسمت له ، ثم استسلمت الى الامر الواقع ، وقررت ان اقف بشجاعة واتحدث معه لعلني اعرف على الاقل ما يحدث فى المدينة،فمسح على شعرى بيده الملساء فقال لي : لا تخف يابنى ...من انت؟مادا يحدث؟ مادا تريد؟
- لا تخف ان المسيحية دين السلم و السلام، دين المحبة و الامان تساعد الفقير فى كسب قوته، و تشجع الشباب بالحصول على التاشيرات الى الخارج و طلب العلم،فهيا اركب معنا هدا القطار السريع لنسافر الى عالم آخر مملوء بالخير و المحبة ،و ترك هدا العالم المظلم الدي لا يمنح و لا يعطى حتى رمق العيش.
- خد عالمك و دعني فى عالمي هدا الدى يعدل بين الناس،و يرحم المسكين و يعفو عن الخطائين.
فكر يا بني انها المسيحية دين الحق، انها مشيئة الرب،تعال لا تخف انها رسالة الغفران.
وانافي تلك الحالة حتى ايقظني من نومي صوت المؤدن مختنقا يدعو الى صلاة الصبح.......