هل فهم العرب رسالة مجلس الأمن؟
10-01-2009, 12:01 PM
هل فهم العرب رسالة مجلس الأمن؟



قرار مجلس الأمن الدولي تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة معروف مسبقا، بما أنه يخضع للإملاءات الأمريكية، بل إن قراراته السابقة كلها لا تحيد عن خدمة السياسة الأمريكية، ولا تصب إلا في المصلحة الأمريكية والإسرائيلية؛ ويظهر ذلك واضحا من خلال قول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس "إن واشنطن تريد وقف إطلاق نار في أسرع وقت ممكن".

وإذا كانت هذه العبارة توحي بأن هناك أملا في وقف إطلاق النار واللجوء إلى حل سلمي يرضي الطرفين، رغم أن لكل منهما أهدافه وتوجهاته التي لا يمكن التنازل عنها، فإن الوزيرة الأميركية سرعان ما أتبعتها بعبارة تبدو وكأنها أمر لمجلس الأمن قبل انعقاده، أو هي ملخص لما سيخرج به من قرارات تجاه هذا العدوان، مفاد هذه العبارة أن يرضخ الطرف العربي للشروط الإسرائيلية. وهذا ما يتضح من خلال قولها أيضا بأن "وقف إطلاق النار ينبغي أن يكون دائماً ولا يسمح بالعودة إلى الوضع الذي كان قائما". وهذا ما يجعل حماس تعود إلى خط البداية وتقبل بالهيمنة الإسرائيلية.

فإذا كان هذا قرار مجلس الأمن، فماذا ننتظر من الوفد العربي؟ هل سيرفض هذا القرار أم أنه سيرضخ للقرارات الأمريكية؟

من المؤكد أن يلجأ الوفد العربي إلى الخيار الديبلوماسي على الرغم من أنه غير ذي جدوى، وسوف يقبل بكل التنازلات، بما أن صمود حماس ووقوفها، بأسلحتها التقليدية، الند للند أمام إسرائيل، بأسلحتها غير التفليدية المحرمة دوليا، يهدد بعض المتآمرين العرب بانتزاعهم من كراسيّهم من خلال الجماهير العربية الغاضبة والساخطة على صمت النظام العربي الرسمي تجاه هذا التقتيل المروّع للفلسطينيين..

وفي كل الحالات، فإن أنصاف الحلول التي سيلجأ إليها الوفد العربي، لن ترضي الولايات المتحدة أو إسرائيل، ومهما لقي من الدعم من أعضاء المجلس الآخرين، فإن الفيتو الأمريكي جاهز للرفع ضد كل القرارات المحايدة لمصلحتهما معا.

مجلس الأمن انتهى كقيمة اعتبارية لدى أغلب الشعوب، ولم تعد حياديته تعني شيئا، وقد اكتشف العرب حقيقة مواقفه في العدوان على العراق منذ سنة 1991، حين غطى على الحصار الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأطفال العراقيين، ثم برر الغزو وأصبغ عليه طابعا قانونيا، وها هو يغطي اليوم على الحصار المصري الإسرائيلي على غزة، ويبرر القتل العشوائي واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا من قبل إسرائيل.

إن معركة الشرف في غزة فضحت مجلس الأمن، كما فضحت العجز الرسمي العربي، وفضحت سياسة المكيالين التي تتعامل بها الدول الغربية مع حقوق الإنسان..

فالتصريحات التي أطلقها ساركوزي وهو يحمل "وساطة" لحل الصراع تبرّئ الجلاد وتشد على يديه، وتتهم الضحية وتحمله مسؤولية صموده أعزل في مواجهة آلة الحرب الصهيونية..

هذه التصريحات أزاحت كل الإرث الفكري المستنير لفرنسا الذي صنعته الثورة وفسحت المجال لقيم ساركوزية جديدة تدوس على العدالة والقانون الدولية.
فهل فهم العرب رسالة مجلس الأمن أم يحتاجون إلى مجازر جديدة؟.
no
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 03[1].jpg‏ (19.5 كيلوبايت, المشاهدات 1)