أربع دلالات لمسابقة الأساتذة!
29-03-2016, 08:18 PM





سليم قلالة



العدد الهائل من حاملي الشهادات الجامعية الذين أقبلوا على التسجيل إلكترونيا للمشاركة في مسابقة توظيف الأساتذة يعني شيئا واحدا: أننا لا نعيش مشكلة بطالة في بلادنا فحسب، بل نعرف أزمة حقيقية؛ ليس فقط في مجال سياسة التشغيل، إنما في كافة المجالات من التكوين إلى الإنتاج والخدمات، والأهم من ذلك أن الأرقام الإحصائية التي نبني عليها سياساتنا غير صحيحة، إذ لا يعقل أن تكون نسبة البطالة في حدود 10 من المائة ويتقدّم لمسابقة في قطاع كل هذا العدد من المترشحين؟
هذا الرقم الهائل من الباحثين بالملايين عن منصب شغل قارّ من خلال هكذا مسابقة هو إشارة واضحة إلى أربع حقائق ينبغي ذكرُها:
ـ الحقيقة الأولى تقول إن هناك مشكلة بالأساس في مجال التكوين بمختلف أطواره من التحضيري إلى الجامعي؛ ماذا نُكوِّن؟ ولِمَن نُكوِّن؟ وفي أي مجال ينبغي أن نُكَوِّن؟ هل نُكَوِّن لأجل تلبية حاجاتٍ اقتصادية واجتماعية وثقافية؟ أم نكوِّن لأجل التكوين وإرسال آلاف الشباب إلى عالم البطالة؟ أم نُكَوِّن لكي نجد أبناءنا جميعاً يتزاحمون على قطاع واحد هو التعليم؟
ـ والحقيقة الثانية تقول إن هناك مشكلة في القطاعات المستخدِمة غير الوظيفة العمومية: ما الذي تم إنجازه في القطاع الصناعي والتجاري والفلاحي حتى يستوعب مخرجات الجامعة وقطاعات التكوين المهني؟ أين هو ذلك النسيج الاقتصادي الذي ينتظر الخرّيجين الشباب لاستيعابهم بمناصب شغل قارة وقابلة للتطور؟ هل لدينا قطاعٌ وطني اقتصادي عام وخاص حقيقة؟ أم هي فقط بعض الشركات والمقاولات تصارع من أجل البقاء في ظل محيط مناوئ لكلِّ تطور؟
ـ والحقيقة الثالثة تقول إنه علينا مراجعة كل تلك الآليات المؤقتة للتشغيل التي أثبتت مع مرور السنوات أنها إذا كانت مسكِّنة للألم، فهي منتجة لألم أكبر، حيث قتلت الرغبة في الانطلاق بحيوية في عالم الشغل الحقيقي وفي بناء المستقبل، واستبدلتها بمنطق المؤقت والحدّ الأدنى والانتظار بعد الانتظار... فكم من شابّ تم كبح طموحاته بمثل هكذا آليات مسكِّنة للآلام وهو اليوم يتقدَّم إلى هذه المسابقة ليس كخيار حقيقي وكحلم يريد تحقيقه، إنما لكونه لم يعد يملك خيارات!
ـ والحقيقة الأخيرة هي أنه علينا أن نعلم أن العمل هو الأمل بالنسبة لشبابنا ومفتاحه للمستقبل، فلا نَنْكُرَنَّ عليه هذا الحق الدستوري، ولا نَمْنُنْ عليه به... ولا نَلومَنَّه في شيء... البطالة لم يصنعها هو، إنما صَنَعها من لم يحسن التدبير والتفكير والتكوين ومازال لا يدري أنه كذلك.