فرنسا والفردوس المفقود
27-09-2008, 10:59 PM
خرجت فرنسا من الجزائر ذات فجر من صيف الخامس من جويلية لعام 1962 بعد قرن واثنتين وثلاثين عاما من الاستعمار تاركتا بلدا أشبه بالخراب وأكثر من مليون ونصف المليون من الشهداء وملايين الأرامل واليتامى والمعطوبين مبتوري الأطراف المختلفة والمفقودين . وألغام مضادة للبشر لازالت إلى اليوم تحصد أرواح وأطراف الأبرياء من الأطفال والرعاة دون أن ننسى مخلفاتها الثقافية والاجتماعية التي لازالت أثارها السلبية إلى اليوم.
دخلت فرنسا بدعوى الحضارة والتمدن وقيم ثورتها الإنسانية التي أرادت أن تجعلها نموذجا للعالم.. ولازال خطاب فرنسا إلى اليوم موسوما بالزيف والكذب والنفاق المفضوح وعدم الاعتراف بجرائمها الإنسانية ضد شعب اعزل أبادت منه الكثير بالأسلحة المحظورة ودفنت الكثيرين منهم أحياء, لا تفرق في ذلك بين طفل وشيخ ولا امرأة أو رجل . لازالت فرنسا تكن للجزائر من الحقد والكراهية ما لا تحمله دولة للدولة أخرى بل لازالت تسمي الحرب الضروس بينها وبين الجزائر بأحداث الجزائر في مقرراتها الدراسية ومنابرها الإعلامية والسياسية لتنشأ أجيالا فرنسية على الكذب وطمس الحقائق التاريخية ' والأكثر من ذلك لازالت إلى اليوم تسمي المجاهدين وقوافل الشهداء بالخارجين على القانون والمارقين وثلة من المرتزقة ' غير مكترثة بالقيم الإنسانية التي بنت عليها جمهوريتها ..
لا أعتقد أن هناك استعمار أبشع وأفظع من الاستعمار الفرنسي ففرنسا الاستعمارية شبيهة بتلك النباتات النفعية الطفيلية التي تعيش على النباتات الأخرى تمتص منها عناصر الحياة حتى لا تترك منها عنصر من عناصر الحياة لتركها بعد ذلك صفراء ميتة , حتى وان كنت أعتقد ان الاستعمار واحد وان اختلفت أشكاله وألوانه .. إلا أن الاستعمار الفرنسي للجزائر استعمار من نوع خاص ' وخاص جدا 'فالشعب الجزائري لازال يعاني من تبعاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن كل الأوجه ولا يختلف اثنان إن ما حدث في الجزائر خلال العشرية الماضية فيه كثير من الروائح الفرنسية الكريهة ولازالت فرنسا تحاول ممارسة هيمنتها الاستعمارية وتحن إلى عصر بائد ففي تصريحات مسؤوليها ووزراءها تلميحات غير بريئة توحي بأن فرنسا لازالت تعتبر الدولة الجزائرية قطعة من جنوبها المفقود وليس أدل من ذلك من تصريحات احد مسؤوليها حينما صرح قائلا على الجزائر إن تغير أيام عطلتها الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى السبت والأحد كي تحسن اقتصادها , بإصرار يثير الغرابة والعجب وكأن فرنسا تريد الانتقام من هذا الشعب لذي لقنها فنون لبطولة والتضحية وتنكل به حتى يرضخ ويصبح طيعا ويسلم بالأمر الواقع .
من لا يعرف فرنسا عليه أن يسأل تراب الجزائر وجبالها الشامخات وكهوفها الموغلات في الأرض.. إن يسال الحجر وأشجار الزيتون العتيقة في بلاد القبائل ونخيل باسقات في جنوبها الساحر .. فرنسا العجوز لا ترضى أن تعترف بنهب ثروات شعب وتفقيره واغتيال أحلامه وإهدار مائة عام وأكثر من ثلاثين سنة من عمره .. ترفض الاعتراف بثورة يشهد العالم بنزاهة قضيته أبعناد وحقد غريب.. تكابر وتحمي جلاديها ومجرمي الحرب كدأبها دائما في حماية المجرمين من أزلامها الذين تنصبهم حكاما على مستعمراتها القديمة في أفريقيا السوداء ..
قبل أن تدخل فرنسا الجزائر كان للجزائر عليها أفضال تحاول فرنسا طمسها وتمزيق صفحاتها من الذاكرة ومن التاريخ الذي لن يمحى بأي حال من الأحوال , لقد أنقذت الجزائر فرنسا في أواخر القرن السابع عشر من مجاعة حقيقية كادت أن تعصف بفرنسا كدولة وشعب لولا بواخر القمح التي كانت تصل إلى ميناء مرسيليا محملة من خيرات الجزائر وملايين الفرنكات التي كانت تقدمها الحكومة الجزائرية كقروض طويلة المدى لفرنسا كي تخرج من أزمتها .. ولما حان وقت الدفع رفضت فرنسا الحرية والمساواة والإنسانية أن ترد دين دولة .. بل والأكثر من ذلك استغلت ضعف هذه الدولة لتستعمرها وتستعبد أهلها وما اشتد ساعد فرنسا إلا بأموال الجزائر ..
هذه هي فرنسا التي تسمى بلد الحضارة والتمدن وحقوق الإنسان.. العجيب في فرنسا إنها طلبت تعويضات من ألمانيا جراء الاحتلال النازي لها ولازالت ألمانيا تدفع تعويضاتها لفرنسا بانتظام دون تأخر لحد اليوم لكن فرنسا الديمقراطية والمساواة لا تأبه بمطالبة الجزائريين بالتعويضات لا تعترف بأكثر من قرن استعمار . فرنسا لازالت تحن إلى فردوسها المفقود لازالت تحن إلى شمس الجنوب الدافئة لازالت تطمع في أراض الكروم التي كانت تصنع منها أجود الخمور لتصدرها إلى أوروبا والعالم كله وتملأ خزينتها من عرق شعب بائس فقرته وحطمته حد الموت ..
قبل أن تدخل فرنسا الجزائر كان للجزائر عليها أفضال تحاول فرنسا طمسها وتمزيق صفحاتها من الذاكرة ومن التاريخ الذي لن يمحى بأي حال من الأحوال , لقد أنقذت الجزائر فرنسا في أواخر القرن السابع عشر من مجاعة حقيقية كادت أن تعصف بفرنسا كدولة وشعب لولا بواخر القمح التي كانت تصل إلى ميناء مرسيليا محملة من خيرات الجزائر وملايين الفرنكات التي كانت تقدمها الحكومة الجزائرية كقروض طويلة المدى لفرنسا كي تخرج من أزمتها .. ولما حان وقت الدفع رفضت فرنسا الحرية والمساواة والإنسانية أن ترد دين دولة .. بل والأكثر من ذلك استغلت ضعف هذه الدولة لتستعمرها وتستعبد أهلها وما اشتد ساعد فرنسا إلا بأموال الجزائر ..
هذه هي فرنسا التي تسمى بلد الحضارة والتمدن وحقوق الإنسان.. العجيب في فرنسا إنها طلبت تعويضات من ألمانيا جراء الاحتلال النازي لها ولازالت ألمانيا تدفع تعويضاتها لفرنسا بانتظام دون تأخر لحد اليوم لكن فرنسا الديمقراطية والمساواة لا تأبه بمطالبة الجزائريين بالتعويضات لا تعترف بأكثر من قرن استعمار . فرنسا لازالت تحن إلى فردوسها المفقود لازالت تحن إلى شمس الجنوب الدافئة لازالت تطمع في أراض الكروم التي كانت تصنع منها أجود الخمور لتصدرها إلى أوروبا والعالم كله وتملأ خزينتها من عرق شعب بائس فقرته وحطمته حد الموت ..
حنين فرنسا للجزائر حنين جارف قاتل تتحين الفرص كي تواصل تدخلاتها السافرة بأي طريقة .. لازالت تأمر وتنهي في كثير من شؤون الجزائر .. فرجال الجزائر رحلوا في معارك جبال الاوراس والونشريس وما بقي منهم انغمسوا في ملذات السلطة والأحرار منهم ماتوا غما وكمدا .. حتى أن الثائرة الرائعة جميلة بوحيرد التي نالت من التعذيب الفرنسي ما لم تنله امرأة فضلت الصمت وهجرت الوطن مرغمة لتعد ما بقي لها من ايام أطال الله في عمرها .
إن التاريخ الاستعماري لفرنسا الملون بالظلم والدم والدموع وقوافل الشهداء ومنصات الإعدام التي تصنعها فرنسا بتقنيات عالية لا تكفيه مجرد وريقات بسيطة انه تاريخ يجعل الأحرار يبكون بدل الدمع دما قانيا.
حتى أمجاد فرنسا من صنيعة الجزائر وأبناء الجزائر , فلولا الفقراء من الشعب الجزائري الذين تطوعوا للحرب ضد النازية آملين في فرنسا أن تبر بوعدها لهم بالانسحاب من الجزائر لكان وضع فرنسا اليوم وضع أخر .. حتى أمجادها الحالية وانتصاراتها الرياضية صنيعة الجزائريين واسألوا زيدان الذي أهدى فرنسا كأس العالم .. واسألوا الدكتور صنهاجي صاحب الأمصال المتقدمة في معالجة الايدز .. فرنسا تحسن استغلال أفراد الشعوب المستضعفة وتمتص منهم المواهب وتضمهم إلى شعبها الخمول المتكبر لعنصري فالفرنسيين ليس لهم أبطل سوى أبطال الجلد والقهر والظلم.فرنسا لم تستغل خيرات الجزائر الطبيعية فقط بل حتى طاقاتها البشرية ولا تستحي بذلك لأنها تعتبر الجزائر إلى اليوم فردوسها المفقود الذي يجب أن يعود إليها بأي ثمن وهيهات هيهات أن يحدث ذلك فبين فرنسا والجزائر بحر من دماء.
من مواضيعي
0 مساكين في الحكومة -1-
0 "هذه هي البوليتيك يا مخلوقة "
0 "حناني مول الشاش"
0 من أنفلونزا (الحلوف) إلى أنفلونزا (العتروس)
0 سلموا الرئاسة "لدلوع" ماما
0 رجال المطافئ يشعلون النار ..!؟
0 "هذه هي البوليتيك يا مخلوقة "
0 "حناني مول الشاش"
0 من أنفلونزا (الحلوف) إلى أنفلونزا (العتروس)
0 سلموا الرئاسة "لدلوع" ماما
0 رجال المطافئ يشعلون النار ..!؟