عدد العوانس في الجزائر لايتعدى مليون و600 ألف
30-11-2015, 12:40 AM
*أتحدى كل من يقول إن عدد الرجال يفوق عدد النساء في العالم
*أقنعت الشيخ المصلح بتكوين لجنة علمية لمناقشة بحثي في اسطنبول
*أقنعت الشيخ المصلح بتكوين لجنة علمية لمناقشة بحثي في اسطنبول
حوار: سمية سعادة
تواجه الباحثة الجزائرية، فتيحة بن عبد الله، الحائزة على درجة الدكتوراه الثالثة في الديموغرافيا من جامعة روني ديكارت الصربون بفرنسا، حربا معنوية في مجالها أشبه ماتكون بالحرب التي واجهها العالم الإيطالي جاليليو وهو يحاول أن يثبت أن الأرض تدور حول الشمس، مع فارق بسيط أن بن عبد الله تريد أن تثبت أن عدد الرجال في العالم أكثر من عدد النساء على عكس ما استقر في الأذهان، وهو الموضوع الذي استعانت فيه بالقرآن الكريم وعلم الإحصاء، الأمر الذي أثار حفيظة واستفزاز العلماء والدعاة وحتى عامة الناس الذين أنكروا عليها هذه النتيجة التي توصلت إليها بعد أبحاث ومقارنات عميقة، وماتزال الدكتورة فتيحة، بالرغم محاولة تغييبها على الساحة العلمية، وتجاهل بحثها، تحاول أن تقنع الجميع بصحة النتيجة التي توصلت إليها، وقبل أن تدرك ذلك، ربما ستواجه حربا جديدة مع مراكز الإحصائيات في الجزائر التي أعلنت في الكثير من المناسبات أن عدد العوانس بلغ 11 مليون امرأة، لتثبت الباحثة التي حاورتها"جواهر الشروق"أن عدد العوانس في الجزائر لايتعدى مليون و600 ألف.
على خلاف ما يتفق عليه العلماء، وحتى عوام الناس، قلت أن عدد الرجال في العالم يفوق عدد النساء، كيف استطعت أن تثبتي ذلك؟
نعم، إن عدد الذكور يفوق عدد الإناث في العالم بحوالي 2، أي أن كل 100 أنثى يقابلها 102 ذكرا، ومن يريد التأكد من ذلك عليه أن يتفحص الإحصائيات المنشورة من طرف المنظمات العالمية التابعة للأمم المتحدة الخاصة، وهذا الأمر يصدم كل الناس، عاميتهم وعلمائهم، وأرجع ذلك الى غياب الثقافة الإحصائية لدى المجتمع.
منذ سنوات، أتتبع الإحصائيات العالمية، وقمت بحسابات شملت مختلف البلدان الخاصة من جهة بالولادات والوفيات، ومن جهة أخرى بالتركيبة العمرية والجنسية التي توفر لنا المعلومات الخاصة بتطور نسبة الذكورة منذ الولادة إلى الأعمار المتقدمة، وكذلك نسبة الذكور لمجموع السكان، والنتيجة التي توصلت إليها من خلال الملاحظة تثبت ثبات القوانين الإحصائية.
ما قصتك مع الشيخ عبد الله المصلح، وكيف استطعت إقناعه بتشكيل لجنة علمية لدراسة بحثك في اسطنبول؟
قصتي مع المصلح، هي قصة باحثة ظلمت من طرف لجنة علمية، حيث اعتبرت أن عملي لم يأت بشيء جديد، ولفهم قصتي مع الشيخ المصلح، من اللازم أن أعود إلى الوراء، حيث كانت أول محاولة لي للمشاركة في مؤتمر الإعجاز الثامن بالكويت سنة 2006، حينها لم أتلقى أي جواب، وعند مهاتفتي لمنظمي المؤتمر، أخبروني أنهم لم يجدوا بحثي، أين ذهب؟ الله أعلم، وانتظرت المؤتمر العاشر الذي كان سينعقد بأسطنبول سنة 2011 وتعمقت في الموضوع، حيث قدّمت عملا لم أكن أتصور أنه سيرفض من طرف اللجنة العلمية لأنه كان موضوعا لم أسمع عالما من الذين يتكلمون في الإعجاز قال فيه شيئا علميا، فكلما تناولوا هذا الموضوع لم أسمع إلا أخطاء فادحة وأرقام وهمية وصلت إلى 20 امرأة لكل رجل، وأن الولادات الأنثوية تفوق الولادات الذكرية، لم تكن تصوراتهم مختلفة كثيرا عما يظنه عامة الناس في هذا المجال.
ولهذا عندما لم أتلقى أي جواب، اتصلت بهم هاتفيا، وحرصت على أن يكون الجواب مكتوبا لكي تكون لي حجة يمكنني أن أدافع بها عن عملي.
وبماذا أجابوك؟
كان الجواب أن الموضوع معروف، وأنني لم آتي بجديد فيما يخص الآية الأولى من سورة النساء والثانية، وأن الإعجاز العددي ليس من صلاحيات المؤتمر، وهم يشيرون إلى الآيتين 49و50 من سورة الشورى التي لدي فيها إعجاز لم يسمع به أحد قط في الدنيا بأسرها، والذي لم أظهره بعد، فاتصلت بالعديد من مكاتب الهيئة بفيينا والرباط وسألتهم إذا ما كانوا على دراية بدراسة نشرت في هذا الموضوع ، فأجابوني بالنفي، وكنت بهذا أريد أن أعرف إذا ما كان هناك أحد قد استغل بحثي الذي كنت أرسلته سنة 2006، وعندما اتصلت بمكتب هيئة الإعجاز بالجزائر، وعدوني بحل المشكلة ولكن لم يفعلوا شيئا، إلاّ أنني تلقيت نفس الجواب الذي تلقيته من الهيئة- دون أن أدخل في بعض التفاصيل التي صدمت بها-وعندما اشتكيت للأستاذ ادريسي الخرشاف، ممثل المكتب المغربي، نصحني بمقابلة الشيخ عبد الله المصلح، ربما ليعيّن لي لجنة علمية يمكنني أن أدافع أمامها عن عملي، فقررت أن أذهب إلى اسطنبول، وألتقي بالأمين العام للهيئة – الشيخ المصلح- لأقدم له شكوى عن أسباب الرفض، وكانت هذه مناسبة لي لأحضر بعض المداخلات، نظرت في البرنامج فلم أعثر على بحث جديد في الإعجاز، بل كانت معظم المواضيع تدور حول المسائل المعروفة:العسل، زيت الزيتون، اللحم المذبوح، الرضاعة ...لكن موضوع مثل الذي قدمته في ميدان الديموغرافيا، وهو ذو مستوى علمي رفيع، لم أكن أتوقع رفضه.
بماذا أحسست حينها وأنت ترين بحوثا أقل شأنا من بحثك تناقش ضمن المؤتمر؟
كانت صدمة عنيفة اشمأزت لها نفسي وأحسست بظلم كبير، فعند نهاية المؤتمر، ومباشرة بعد الحفل الإختتامي، تقدمت من الشيخ المصلح وهو بين الحاضرين وقدمت نفسي بالقول:أنا أستاذة جزائرية أرسلت لكم بحثا قيّما في مجال لم يسبقني فيه أحد، إلا أن جواب اللجنة العلمية لم يقنعني بتاتا، واعتبرهذا ظلما كبيرا، ليس في حقي كأستاذة وباحثة، بل ظلم في حق كتاب الله تعالى، فأثر كلامي في الشيخ، وأحسست أنه اهتز له، فأجابني:لا تحزني وأبشري، ونادى أحد من ملازميه وطلب منه استدعاء ثلاثة من أعضاء اللجنة العلمية، فانتظرت طويلا قبل أن يأتي الأعضاء، وعند سماعهم الشكوى، أجابني الأستاذ الصاوي المصري:"حقا، لدي صديق مصري وهو طبيب ، قدم هذا الموضوع في مؤتمر الكويت الثامن، فأجبته:يا للعجب، لقد أرسلت بحثا للمشاركة في هذا المؤتمر.
وهل استلم مؤتمر الكويت الثامن بحثك؟
لم يجدوا أثرا لبحثي، وقدمت للصاوي وثيقة الإرسال، واعتبرت ذلك سرقة واختلاسا لعملي، وأضفت أنني تابعت عبر التلفاز والأنترنت كل الندوات ولم أسمع شيئا عن هذا الموضوع، وعلمت بعد سنوات أن هذا الطبيب – وهو أخصائي في أمراض النساء والتوليد - حاول تفسير الآية الأولى من سورة النساء "يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1)" في مجلة الإعجاز سنة 2010 وجاء بتفاسير من العلماء، لكن لم يكن الجانب الذي تعمقت فيه، بل كان مقتصرا على ذكر العلاقة بين زيادة الذكورعند الولادة والآية الكريمة.
بعد أن أنهيت مناقشة بحثك حول عدد الرجال والنساء في العالم في ضوء القرآن الكريم، كيف كان رد فعل اللجنة العلمية؟
قلت لهم إن الله سبحانه وتعالى قد منّ علي بأشياء أعظم في هذا المضمار، إذ أنه على الرغم من وجود قانون زيادة الذكور على الإناث عند الولادة، حيث تكون النسبة المئوية لهؤلاء تمثل بالنسبة المئوية 50.6بالمائة ذكور و49.4بالمائة إناث ما يعني 102 ذكور و100 إناث، وكما نعرف هناك أسر ليس لديها إلا الإناث، وأسر ليس لديها إلا الذكور، وأسر أخرى لديها نسب مختلفة من كلا الجنسين، كما تدل عليه الآيتين الكريمتين من سورة الشورى﴿للَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاء يَهَبُ لِمَنْ يَشاء إِناثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاء الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرانًا وَإِناثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)، وقد أظهرت الدراسات العلمية أن الأسر التي ليست لها إلا الإناث، هي نسبيا أكثر من تلك التي ليست لديها إلا الذكور ولا أحد من المفسرين تمكن من فهم ذكر الإناث بالنكرة –إناث- وهنا كذلك تشير استعمال صياغة إناث بالنكرة إلى الكثرة وهو تعبير جد دقيق، زيادة على ذلك إن في هذا القانون لا يمكن بتاتا تواجد نسب متساوية 50%ذكورو50% إناث، إذ أن نسبة الإناث تكون دائما وحتميا أقل من 20بالمائة في كل الظروف وفي كل الأقطار وفي كل الأزمنة، وأتحدى كل من يقول العكس، أليس لذلك دلالة على إعجاز علمي إحصائي من خلال الأرقام، وليس هذا كما اتهمني أحد الجزائريين بحساب الكهان، إنها قوانين إحصائية ربانية أحب من أحب و كره من كره، لقد تعمقت في الموضوع وجئت بقوانين لايعرفها الطبيب، لأنها قوانين لا يدركها إلا المتخصصون في الديموغرافيا، وهي وحدها التي تثبت مدى دقة التعبير القرآني فيما يخص هذه المسألة العلمية، فكبّروا وهلّلوا وقالوا لي إن هناك مؤتمرات أخرى، فقلت لهم إنني لا أبحث عن المؤتمرات.
على ذكر الجزائري الذي اتهمك بأنك اتبعت طريقة الكهّان في تفسير القرآن الكريم لدى محاولة إثباتك أن عدد الرجال يفوق عدد النساء، هل قمت بالرد على هذا الإتهام؟
هذا اتهام باطل، أنا لم أفعل شيئا سوى أنني حاولت أن أتدبر كتاب الله تعالى، إنطلاقا من الآية"ما فرطنا في الكتاب من شيء"وعلمي أن كلام الله تعالى له معنى عظيم، فحاولت البحث عن الآيات التي تتكلم عن المواضيع التي تتعلق بالمسائل التي أدرسها في الديموغرافيا، ودعيني أقول لك أيضا أن هذا الإتهام صدر من إنسان لايمكنه فهم نوع العمل الذي قمت به، فأنا لم آتي بشيء من عندي، إذ سمح لي تخصصي العلمي بالإطلاع على القوانين الإحصائية والرياضية التي تتحكم في تطور السكان، وفي بث الجنسين والذي أتاح لي إمكانية قراءة الآيات بعين من له دراية في المجال المذكور، فعندما علمت أن الله سبحانه وتعالى يخلق الذكور بنسبة أكبر، لم أتجرأ على الربط بينهما وبين الآية الأولى من سورة النساء :﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، مثلما فعل الدكتور المصري، لكن عندما تفحصت الإحصائيات العالمية لتطور نسبة الذكورة حسب الأعمار لمختلف البلدان وذلك قبل أن أعلم بوجود القانون الثاني الذي جاء فيه أن الفائض لا يزول إلا في أواسط أو أواخر سن الرجولة، أيقنت أن معنى الآية هو هذا بالذات.
هل من توضيح حول هذه النقطة؟
إذا علمنا أن في العالم يسجل سنويا 130 مليون ولادة حية، وإذا طبقنا القانون المذكور، فيكون لنا فائض ما يقارب 7 ملايين ولادة ذكرية، هذا ما يصدم معظم الناس ، لكن هذه هي الحقيقة العلمية، وإذا علمنا أن نسبة الذكور لازالت مرتفعة حتى أواسط أو أواخر سن الرجولة، فسيكون معنى الآية الأولى من سورة النساء جد دقيق.
أضيف إلى ذلك، أنه إذا علمنا أن عدد البشر الذين عاشوا على هذه البسيطة -والذي قدر بأكثر من 80 مليار نسمة- وطبقنا عليهم هذين القانونين، فسيكون فائض الرجال بأكثر من مليارين، لكن الشخص الذي اتهمني، سامحه الله، جاء بالحديث النبوي" ولم ينتبه أن الحديث يتكلم عن العائل، والكل يعلم أن العائل والقيم، هو كل من يعول الأسرة بشؤونها واحتياجاتها المادية خاصة والمعنوية، ولكن ينحصر الأمر على الرجل كعائل في زمن تفشت فيه البطالة بين الرجال، الأمر الذي أدى إلى خروج النساء للعمل وتكفلهن بمصاريف أسرهن، وهنا تكون مقابل كل عائل أو قيّم كثرة من النساء، وليس العدد 20 أو 50 امرأة دلالة رقمية، لكن تشير إلى الكثرة مثلما هو مذكور في الأحاديث النبوية: عن أنس بن مالك، قال سمعت من رسول الله حديثا لايحدثكم به غيري، قال:(من أشراط الساعة أن يظهر الجهل، ويقل العلم، ويظهر الزنا، وتشرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيمهن رجل واحد) وهو الحديث النبوي الذي أشار إليه الشخص الذي اتهمنى بتفسير القرآن بطريقة الكهان. ولماذا لم تردي على هذا الإتهام؟
استضافتني السنة الماضية صحفية من القناة الأولى لبرنامج *ليتدبروا*لأتكلم حول نفس الموضوع، وقبل بداية التسجيل التقيت معها، فإذ بها مرتبكة نوعا ما، ثم سألتني:هل قرأت يا أستاذة ماذا كتب عنك في الأنترنت؟أجبتها بنعم، فسألتني: لماذا لم تردي على الإتهامات التي وجهت لك؟ فأجبتها :أنا لا أتعب نفسي بالرد على من لم يتعب نفسه بالإطلاع على موضوع استغرق مني سنوات من البحث وهو من تخصص علمي، لا يفهم فيه شيئا وهذا مصداقا لقوله تعالى*وأعرض عن الجاهلين*.
ما الذي حدث بينك وبين المجلس الإسلامي الأعلى حول هذا الموضوع؟
الشيء نفسه تكرر مع بعض المتواجدين في المحاضرة التي ألقيتها بالمجلس الإسلامي الأعلى، إذ وصل الأمر بفئة من الحضور إلى إنكار كل ما جئت به من الناحية العلمية ومن الناحية اللغوية، ووصلت الوقاحة بالبعض إلى التساؤل كيف يمكن أن تصل الجامعة الجزائرية إلى هذا المستوى المتدني لتكوّن أشخاصا مثلي، لكن الحمد لله كان هناك من بين الحضور الأستاذ كمال شكاة، الذي سجلت معه أربع حصص، إثنان في التلفزيون، وإثنان في الإذاعة، والأستاذ سعيد شيبان والأستاذ رشيد ميموني وأساتذة جامعيون آخرون، حيث فهموا الموضوع وكانت المناقشة مناسبة لإبراز صعوبة هذه المسألة لمن ليس له تكوين متخصص، إذ أن الأمر يتعلق بظاهرة لها قوانين علمية وتأتي نتائجها عكس ما يتصوره الناس، وبعد نهاية المحاضرة قام الأستاذ شكاة بتلخيص وإفهام فئة من الحضور ما لم يدركوه من صعوبة الموضوع، وتم بعدها تقديم إعتذارا لي على أساس أنه التبس عليهم الموضوع بسبب العنوان.
كيف تفسرين ارتفاع نسبة العنوسة في العالم العربي عامة، والجزائر خاصة طالما أن الرجال أكثر من النساء في العالم؟
كما بيناه سابقا، تظهر الإحصائيات أن القانونين اللذين تكلمنا عنهما –زيادة نسبة الذكور عند الولادة وتطور نسبة الذكورة مع الفئات العمرية – يظهران في كل بلد وحتى في كل منطقة جغرافية، يكون فيها عدد السكان كبير، فإذا أخذنا هرم الأعمار لأي بلد كان، سنجد زيادة في نسبة الذكور في الأعمار الصغرى واضحة، وتتناقص كلما تقدمنا في العمر حتى أواسط أو أواخر سن الرجولة(حسب مستويات الوفيات والهجرة)، حيث تنقلب الأوضاع ويصبح هناك فائض، إما في نسبة الإناث بسبب اختلاف الوفيات والهجرة بين الجنسين-داخلية وخارجية-ولكن بما أن الهجرة تلعب دورا في هذا المجال، فسنجد بلدانا تسجل نسبة أكبر من الرجال وبلدان تسجل أكبر نسبة من النساء-خاصة البلدان المصدرة لليد العاملة أو التي مستها الحروب مثل أوروبا، روسيا وأمريكا وبلدان أخرى لها توازن بين نسب الذكور والإناث، ويمكن ملاحظة ارتفاع في نسبة الذكور- بسبب استقطاب اليد العاملة مثلا في بلاد الخليج وإما العكس، إذا كان البلد مصدر اليد العاملة، أي نقص في نسبة الذكور تبدأ مبكرا عند العشرينيات من العمر، وهذا ما يفسر الإختلاف الجغرافي بين مناطق العالم,
أين تكمن المشكلة إذا؟
إن مشكلة العنوسة ليست ناتجة عن عدم التوازن في عدد الجنسين، بل هو خلل في سوق الزواج، أي بين العرض (الإناث)والطلب (الذكور) وقد أظهرت الدراسات التي أجريت في الجزائر- وهي تنطبق على كل البلدان العربية- أن ما يعادل نصف الذكور الذين هم في سن الزواج ولديهم رغبة في إنشاء أسرة، ليست لديهم إمكانيات مادية تسمح لهم بذلك، وما يعادل ذلك في نسبة الإناث اللواتي تشتكين من عدم تقدم الخاطب، ومصدر هذا يكمن في المجتمع وكل العادات الدخيلة التي جعلت من الزواج عملية مكلفة لا يطيقها معظم الشبان المقبلين على الحياة، وبما أن الفتيات يردن تقليد ما يرونه، وكذلك أسرهن التي ترى أن قيمة بناتهن مرهونة بالجانب الشكلي للزواج ومنه تكاليف الحفل، فماذا ننتظر من وراء هذا إلا ما نشاهده من مشاكل في بداية الحياة الزوجية من ديون مالية متراكمة وطلاق.
إذا أنت ترجعين انتشار العنوسة بهذا الشكل الكبير إلى الجانب المادي؟
نعم، إن الإسراف والإفراط في المصاريف أثقل كاهل الأسر من الجانبين، وخاصة عائلات الذكور، وهذا ما يظهر جليا في بعض المناطق وبعض الفئات الإجتماعية، ومن منظورنا هو السبب الرئيسي في اختلال سوق الزواج ، إذ أنه إذا نظرنا إلى تركيبة السكان العمرية والجنسية –أهرام الأعمار- سنلاحظ الفائق من الذكور، وهذا العمر وصل الى 55 في الجزائر سنة 2008 لازال متواجدا إلى حد سن الأربعين وحتى إلى سن الخمسين في العالم العربي، فالرجال الذين يصلون إلى تحقيق شروط الزواج الإجتماعية، يكونون قد تقدموا في العمر،عندئد لا يريدون الإرتباط من فتيات من أعمارهم، بل بأخريات أقل سنا منهم، ولهذا يكون الطلب كبيرا للرجال الذين تتوفر فيهم هذه الشروط وتكون 10 نساء لكل رجل أو أكثر، وفي هذا السياق –لدي دراستان حول المسألة المذكورة تتعلق الأولى بالعالم العربي والثانية تخص الجزائر.
11 مليون عانس في الجزائر، هل يمكن الوثوق بهذه الإحصائية المخيفة؟
من المؤسف جدا أن يتكلم أناس في مواضيع يظنون أنهم يفهمونها دون الإطلاع الكافي على الدراسات العلمية أوعلى الأقل أن تكون لديهم ثقافة إحصائية تسمح لهم بفهم لغة الأرقام، وإلا أن يسألوا المتخصصين في الميدان عملا بقوله تعالى"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، أما أن يأتوا بأرقام وهمية خيالية فهذا أمر مشين، هم يضخمون عدد النساء غير المتزوجات لرغبة نفسية مرضية للإيهام أن النساء أصبحن سلعة فائضة، وعندما يكثر العرض يقل الثمن، وما يؤسف عند المسلمين الذين يعتزون بإتباع السنة النبوية، أنهم يتعاملون مع المرأة وكأنها بضاعة لديها صلاحية محددة في الوقت.
إذا أنت تعتبرين أن 11 مليون عانس رقم مبالغ فيه؟
إن آخر تعداد للسكان سنة2008 ،أعطى النتائج التالية:
مجموع عدد سكان الجزائر 34.045056 مليون نسمة من بينهم 17.217429 مليون نسمة ذكور يقابلها 16.827627 مليون نسمة إناث ، وهذه الإحصائية تعني 102ذكور يقابلها010 من الإناث او بالنسبة المئوية 50.6% ذكور و 49.4 % إناث .
وإذا اعتبرنا الفئة العمرية من 20 سنة إلى50 سنة، يكون لدينا 7.997134 مليون نسمة ذكور أي 7.920285 مليون نسمة إناث أي يقابلها 101 ذكر / 100 أنثى .
وإذا عرفنا أن العازبات يمثلن ما يقارب 42% من مجموع النساء المتجاوز أعمارهن 15 سنة، فسيكون لدينا ما يقارب 3.300000 مليون عازبة، لكن من بين هذه النساء هناك نصف اللآتي يردن الزواج ولم يتقدم لهن خاطب و هذا حسب مسح CENEAP 2006 .
إذا لم يتجاوزهذا العدد 1.600000 مليون نسمة امرأة فأين11 مليون نسمة عانس؟ إنه عدد وهمي.
كيف يمكن حل مشكلة هذا العدد الكبير من النساء اللواتي تأخرن زواجهن؟
هناك حلان لاثالث لهما:
الأول:لابد أن يقبل المجتمع رجالا ونساء ، فتيانا وشبانا بأن تتزوج المتقدمات في السن بالأصغر سنا من الرجال خاصة المقبلين على الحياة الزوجية مثلما أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
والثاني: التعدد، والحلان من سيرة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم، وهذا الحل ما يراه العلماء مهما كان اعتقادهم الديني و لمن أراد البرهان أنا مستعدة أن أقدمه بثقة.
