رسالة هامة إلى عقلاني!!؟
10-04-2016, 01:55 PM
رسالة هامة إلى عقلاني!!؟

الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعد:


ما من شك بأن:" العقل": يُعَدُّ إحدى تلك النعم الكثيرة والعظيمة التي امتن الله عز وجل بها علينا، فقال عز وجل: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾، وقال عز وجل: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
في هاتين الآيتين الكريمتين: تنبيهٌ على جُملة من الأمور كما ذكر أهل العلم رحمهم الله: كنتُ ذكرتها في مقال لي بعنوان: فوائد مستنبطة من قول الله عز وجل: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾.
ويهمني هنا منها: ما يتعلق بما نحن بصدده، وقد كنتُ قلته في الفائدة السابعة عشرة تقريبًا؛ وهو:
" التنبيه مع هذا الفَيض المتدفِّق من الإنعام، وأنَّه كما يستدلُّ على الخالق بالخلق، فإنه يستدلُّ على المنعِم بالنِّعَم؛ إلَّا أنَّه لا يزال هناك مَن يجادِل بالباطِل، ويتعلَّق بالهوى، ويتشبَّث - زعَمَ بالعقل - في القرآن والسنَّة، وما يدلَّان عليه من أمورِ العقيدةِ والتوحيد، ووجوب طاعته عزَّ وجلَّ وطاعةِ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم - بغير علمٍ من وحْيٍ، ولا استدلالٍ من عقل سَليم، ولا كتابٍ مُنير واضح بيِّن يَحتجُّون به، ويجادِلون بأدلَّته". اهـ.
وهذه الطريقة – وهي:" التمادي مع العقل وبالعقل" - في الحقيقة هي: إحدى الطرق في كُفْر النعم، وعدم شكرها، بل لربما تعدى هذا إلى ما هو أعظم من هذا!!؟، والله المستعان.
فينبغي علينا أن نعلم إذًا:" بأن للعقل حدودًا، يجب ألا نتخطاها، ونهايةً لا يجوز بحال أن نتعداها، كما أن له دومًا مواطن ينتهي إليها، ولا سبيل له - أبدًا - إلى إدراك كل مطلوب!!؟؛ ولهذا قال من قال من الأئمة رحمهم الله:
"كما أن للنظر حدودًا ينتهي إليها، فإن للعقل حدودًا يقف عندها"، أو كلامًا هذا معناه، وكثيرًا ما يُعبِّر سلفنا وعلماؤنا بقولهم: "إن العقل لا مجال له في ذلك".
إذًا، ثَمَّة أمور وقضايا لا ينبغي علينا تخطيها، بل لا يشرع لنا الخوض فيها بعقولنا أصلًا؛ لأنها - وبدون أدنى شك - طريق إلى الهلاك والخَسَار في الدنيا والآخرة.
ولك أن تنظر إلى جملة من أولئك الجَهابذة - وأقولها وأنا أعني ما أقول - الذين شرَّقوا وغرَّبوا بعقولهم!!؟، ثم لك أن تسأل بعد ذلك:
ما الذي جَنَوْه من عقولهم تلك!!؟.
وأيُّ شيء بلغوه معها!!؟.
ثم كيف كانت نهايتهم!!؟.
ويكفيني هنا: أن أسوق ما قاله:" أبو عبدالله محمد بن عمر الرَّازِيُّ، المعروف بالطيِّب: أحد أئمة الشافعية"، وغيرُها يُطلَب من مَظَانِّه ككتب الفرق والتراجم وغيرها، فقد قال في كتابه الذي صنَّفه في:( أقسام اللَّذَّات):


نهاية إقدام العقول عِقال ÷ وغاية سَعْي العالمين ضَلالُ[IMG]file:///C:\Users\Client\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01 \clip_image002.gif[/IMG]
وأرواحنا في وَحشة من جسومنا ÷ وحاصل دنيانا أذًى ووَبالُ[IMG]file:///C:\Users\Client\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01 \clip_image002.gif[/IMG]
ولم نستفِد من بحثنا طول عمرنا ÷سوى أنْ جمعنا فيه: قيلَ وقالوا[IMG]file:///C:\Users\Client\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01 \clip_image002.gif[/IMG]
فكم قد رأينا مِن رجالٍ ودولة ÷ فبادُوا جميعًا مسرعين وزالوا[IMG]file:///C:\Users\Client\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01 \clip_image002.gif[/IMG]
وكم مِن جبال قد عَلَتْ شُرُفاتِها ÷ رجالٌ، فزالوا والجبال جبالُ

لقد تأملتُ الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتُها تشفي عليلًا، ولا تروي غليلًا، ورأيت أقرب الطرقطريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾، ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾، وأقرأ في النفي: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، ﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾، ثم قال: "ومَن جرَّب مثل تجرِبتي: عرَف مثل معرفتي}.

ومتى ظهر لك ما قاله أولئك الجهابذة، وكيف رجعوا عنه!!؟، فلا عليك ممن سواهم، ولا سيما المعاصرين اليوم؛ لأنهم ليسوا سوى عالة على أولئك القوم الأُوَل في الاستدلال، أو حتى في التلبيس، وامتداد أبتر مقطوع لأولئك السابقين لهم، فلم يُضيفوا شيئًا يُذكَر إلى تلك المدرسة ألبتة!!؟؛ أعني: "مدرسة العقلانيين"، وأنَّى لهم أن يستطيعوا - ولا أقول: أن يتجرَّؤوا؛ لأنهم تجرَّؤوا فعلًا، ولكنهم لم يفلحوا - بعقولهم المُظلمة التي آثرتالخوضَ في ما لا تُحسن بما لا تُحسن!!؟، والسيرَ في الظلمات على البقاء في النور، وتلمُّس الداء دون أن يكون معهم أي دواء، وتركوا المُحْكَم البَيِّن الواضح، وتعلَّقُوا بأذيال المتشابه، وهم لا يملكون أدنى أدوات النجاة التي كانت مع جهابذتهم السابقين من خلفهم، فضلًا عن غيرها؛ ففسدوا وأفسدوا، وضَلُّوا وأضلوا!!؟، وهذه هي:" النهاية الحتمية": التي كان حذَّرهم منها مَن سبقهم، لكن أين مَن يتعظون، ومَن بغيرهم يعتبرون!!؟.
لقد خلط وخَبط العقلانيون كثيرًا وكثيرًا جدًّا بين:" البرهان الديني"، و:" البرهان العقلي"، وأساؤوا الفَهم؛ مما أدَّى إلى إساءة التقدير، والنتيجة الحتمية: أنهم أساؤوا الوصول إلى الحق الذي نقول: إنهم ربما كانوا يَصْبُون إلى الوصول إليه بطريقتهم تلك: المُربِكَة والمُرتبِكَة!!؟.
لقد أكثَرَ علينا أولئك العقلانيون بأقوال مُتهكِّمة مُتغطرِسة، فجَّة مجَّة، وغير مقبولة - أو حتى مستساغة - عند أصحاب الفِطَر السليمة، والعقول السويَّة، وبالمقابل: أكثروا جدًّا من قولهم:" هذا لا يُعقَل!، وهذا لا يُقبَلوهذا لا يُمكِن! إلى غيرها من العبارات!!؟"، فنشروا شُبُهاتهم، وأكثروا من كلماتهم، وأذاعوا أقوالهم، حتى ملأت - أقولها وللأسف الشديد - الدنيا ضجيجًا وعويلًا، وهي عند أدنى نظر أو تأمل:" جَعْجَعَةٌ بلا طحين، وتَمَخُّضٌ من غير مولود!!؟".
وإني سائلهم:
هل عقولهم هي:" الوحي الذي لا ينطق بهوى، أو المُشرِّع الذي لا يُقبَل مع قوله قولٌ!!؟".
وهل عقولهم تلك هي:" ميزان الشرع الذي لا يجوز تجاوزُه!!؟".
ولماذا تكون عقولهم هم - وليس أحدًا سواهم – هي:" العاصمَ!!؟".
وكيف نفعل إذا ما اختلفت عقولهم!!؟.
وما هو الضابط عند اختلاف عقولهم!!؟.
لقد هرب هؤلاء من رِقِّ النصوص - إن صَحَّ التعبير - فوقعوا في رِق آخر، ولقد خلع هؤلاء عن النصوص قَدَاستَها، ودنَّسوا بأقوالهم تلك وفِعالِهم جَمَالَها في أعينهم، وبالمقابل أضفى هؤلاء القَدَاسةَ على عقولهم، ثم ألَّهُوها - شعروا أو لم يشعروا - ثم عبدوها، والمصيبة: أنهم يريدون أن يجرُّوا الناس إلى عبادة العقل وتأليهه معهم!!؟، وهو:الذي عرَّف الناس بربهم وخالقهم، ونبيهم ودينهم؛ قرآنًا وسنة!!؟.
إن كل تلك الأقوال والأفعال - السلبية وغير الإيجابية في شيءٍ - لم ينطق بها كتاب ولا سنة، ولا حتى قالها - أو شيئًا منها - أحدٌ من أئمة المسلمين، ولا حتى أحدٌ من طوائف المتكلمين، بل أنكرها مِن حُذَّاقهم من لا يحصيه إلا اللهُ عز وجل.
لذلك؛ فإنني بِتُّ اليوم على قناعة راسخة رسوخ الجبال، ويقين لا يُزعزِعه شك بحال، ولا يُخالِجه لَبس - أنَّ مَن يُقال لهم اليوم:" العقلانيون"، هم والله وبالله وتالله:" أبعدُ الناس عن العقل السليم، وبينهم وبينه مَفَاوز تنقطع دون بلوغها أعناقُ الرواحل!!؟".
فهم لم ينصروا الدين - ولا حتى العقل - بأقوالهم وفعالهم تلك، بل ناقضواالشرع، ونقَضُواالعقل، وهدموا بمعاولهم تلك القلوبَ، ووقفوا حائلًا بينها وبين الفِطرة، وغاية ما فعلوه: أنهم نصروا أهواءهم بجهل وهوًى وتلبيس؛ فكانوا - وبلا مقارع أو أي منافس منازع - دَرَجًا رَقِي عليه أعداء الإسلام، وثُلْمَة ولج منها خصوم الدين، بل هم عند التحقيق:" حجرُ عَثْرة في طريق الأمَّة الإسلامية، نجحوا وبامتياز أن يكونوا هم - ولا أحد سواهم - أعظمَ الأسباب في تردِّي الأمة، وفي ضعفها وخَوَرها؛ بما نشروه من تلك الكلمات المُضِلَّة، والأفعال المُضَلِّلة، التي تهدم ولا تبني؛ فأصابوا الأمة الإسلامية في مَقتل.
لكني أقول لهم - والحقَّ أقول - كما قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم: ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾، وكما قال عز وجل أيضًا: ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾.

والواجب اليومَ على أبناء الإسلام: أن يقفوا في وجه هذا الخطر الداهم كالبنيان المرصوص؛ ليدفعوا عنه تلك العقائد الفاسدة، والمناهج الهادمة، ويُبَيِّنوا تلك المقاصد السيئة في حق الله عز وجل ورسولِه صلى الله عليه وآله وسلم ودينه، وأن يعملوا جميعًا، كلٌّ على ثَغر على دعوة الناس إلى الإعراض عنها وهجرها والتحذير منها.
اللهم هل بلَّغتُ!!؟.
اللهم فاشهد.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

منقول بتصرف يسير.