كيف أصبح الحجاب إمبراطورية في عالم الأزياء
01-01-2016, 08:04 AM
كيت مايبري



ما إن تظهر الممثلة الماليزية نور نيلوفا مهد، التي يعشقها الملايين، على الشاشة حتى يهرع معجبوها لشراء الملابس التي ظهرت بها في ذلك اليوم ـ بما في ذلك حجابها.
تبلغ نور، المعروفة باسم نيلوفا، من العمر 26 عاماً. وهي ملكة جمال سابقة ومذيعة تلفزيونية مسلمة يتابعها 1.4 مليون شخص على ’تويتر‘ و2.2 مليون شخص على فيسبوك.
وتتمتع نور بجاذبية هائلة وذكاء في مجال المشروعات والأعمال، كما أنها الوجه الدعائي لشركة ’حجاب نيلوفار‘ للأزياء المملوكة لعائلتها والتي أصبحت خلال ما يزيد قليلاً عن عام واحدة من كبريات العلامات التجارية للحجاب في ماليزيا وتتطلع إلى أسواق في الخارج لتصدير منتجاتها.


الممثلة الماليزية نيلوفا ترتدي حجاب نيلوفار

يشكل المسملون 60 في المئة من إجمالي عدد السكان في ماليزيا، التي لا تعد البلد الوحيد الذي يشهد تنامي كبير لما أصبح يُعرف بالأزياء المحتشمة التي ترتديها المسلمات. وتشير التقديرات إلى أن قيمة هذا السوق وصلت إلى نحو 230 مليار دولار في 2014 ومن المتوقع أن تصل إلى 327 مليار دولار عام 2020.
ووصلت مبيعات شركة "نيلوفار"، التي لا تزيد تكلفة أي حجاب فيها عن 100 رينغيت ماليزي (24 دولارا)، إلى 50 مليون رينغيت (11.8 مليون دولار) هذا العام، وهو ما يتجاوز ضعف الهدف الذي كانت تضعه العائلة نصب أعينها.
وتبيع الشركة منتجاتها في متجرها الرئيسي ومن خلال شبكة وطنية تتكون من 700 موزع، كما تبيع الحجاب عبر الانترنت وترسله إلى أية بقعة في العالم، ولها موزعون في سنغافورة وبروناي ولندن وأستراليا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية، ولذا فهي تهدف لأن تصبح علامة تجارية عالمية.



وتقول نور نبيلة، شقيقة نيلوفا وتبلغ من العمر 30 عاماً والمدير العام لشركة "إن إتش بريما إنترناشونال": "لقد فوجئنا بهذا الكم الهائل من الطلبات."
حتى إن زبائنهم، الذين يرتدون أفخر أنواع الحجاب، يحظون بتقدير كبير.
وما يزيد هذا الطلب على الحجاب هو الرغبة في ارتداء ملابس أكثر احتشاما للنساء المسلمات حتى خارج منطقتي الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وحدث هذا التحول على مدى الأعوام الثلاثين الماضية.


ديان بيلانغي هي مصممة إندونيسيا الرائدة في مجال الأزياء المحتشمة

وتعتقد علياء خان، رئيسة مجلس تصميم الأزياء الإسلامية‘ أن "الأمر يتعلق بالرجوع إلى القيم."
ويضم هذا المجلس نحو 5000 عضو، ثلثهم مصممون من 40 قطرا من أقطار العالم.
وتقول خان إن "الطلب (على الملابس المحتشمة) هائل."
وتعد تركيا أكبر أسواق الأزياء الإسلامية، كما تنمو السوق الإندونيسية باطراد وتسعى إندونيسيا لأن تكون من رواد العالم في هذا المجال.
تدربت ديان بيلانغي في العاصمة الفرنسية باريس ويتابعها على إنستغرام نحو 2.5 مليون من المعجبين بتصميماتها الرائدة في مجال الملابس المحتشمة.
واختيرت بيلانغي مؤخراً من قبل مجلة "بزنز أوف فاشن" البريطانية لتكون من بين 500 شخص من أكثر الأشخاص نفوذاً في عالم الأزياء. وتباع تصميمات بيلانغي في 14 فرعاً في إندونيسيا وفرع واحد في ماليزيا.



وزدات أعداد النسوة اللاتي يرتدين الحجاب في دول العالم الغربي، التي يعد المسلمون فيها أقلية.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أصبحت عارضة الأزياء البريطانية مارايا إدريسي أول سيدة ترتدي حجاباً وتظهر في دور رئيسي في إعلان تجاري لصالح شركة "إتش آند إم"، ثاني أكبر شركة عالمية لبيع الملابس.
وخلال ’أسبوع أزياء لندن‘ لهذا العام، أقامت الأخوات الماليزيات الثلاث المسؤولات عن ماركة ملابس "ميمبيكيتا" أول عرض لهن.
ويمكن القول بأنهن جذبن اهتمام الحاضرين بتصميمات الحجاب التي ارتدينها أكثر من الملابس التي تم عرضها على ممشى العرض.
كما أظهر المصممون الغربيون اهتماماً بأزياء النساء المسلمات. وفي عام 2014، أطلقت شركة "دونا كاران نيويورك" مجموعة ملابس لشهر رمضان.
وحذت شركات غربية كبرى حذوها، إذ باعت شركتا "تومي هيلفيغر" و"مانجو" ملابس إسلامية خلال شهر رمضان.
أما شركة "يونيكلو" اليابانية فقد تعاونت مع مصممة الأزياء البريطانية "هانا تاجيما" لتصميم وبيع تشكيلة من الملابس المحتشمة التي تضمنت الحجاب و’كبايا‘، وهو زي من الأزياء التقليدية الماليزية.


عارضات الأزياء في معرض ميمبيكيتا في أسبوع الموضة في لندن يوم 20 سبتمبر/أيلول 2015

وتقول زولفية توفا، وهي مصممة أزياء أسترالية لها مدونتها على الانترنت، أمام مائدة مستديرة من مصممي الأزياء المسلمين خلال اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني ضمن المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي: "يريد الجميع أن يكون له أسلوبه ونمطه الخاص. ربما لن يشجعوا تصميماً ’حسب الموضة‘ لكنهم يريدون أن يواكبوا الاتجاهات السائدة."
بدأت فيفي يوسف، ماليزية تبلغ من العمر 27 عاماً، ارتداء الحجاب قبل عامين، بعد أن وضعت طفلها .
ونظراً لتعذر عثورها على أنواع الحجاب الأنيقة التي تروق لها، قررت فيفي البدء بتصميم حجابها الخاص بها وركزت على أقمشة عالية الجودة وتصميمات معاصرة لتحوز على إعجاب النساء المسلمات وغير المسلمات أيضاً.
وأطلقت اسم "دي. يو. سي. كي." على علامتها التجارية، تيمُّناً باسم مجموعة أصدقائها عندما كانت طالبة في الثانوية العامة. وبدأت العمل في شركتها في مايو/آيار عام 2014.
تقول فيفي: "كان يصعب علي كثيراً أن أجد علامة تجارية محلية ذات جاذبية عالمية. الكثير من العلامات التجارية تسوِّق منتجاتها بكميات ضخمة. أردت صنع شيء أرقى لكي أظهر أن ارتداء حجاب يمكن أن يكون شيئاً يُحتفى به."


في أسبوع لندن للموضة هذا العام، نظمت الثلاث الشقيقات اللاتي أطلقن ماركة "ميمبيكيتا" الماليزية للملابس أول عرض لهم

ومن إن تظهر منتجاتها على الانترنت حتى يتهافت عليها العملاء وتنفذ في وقت قصير، كما تصطفّ النساء في طوابير لشراء منتجاتها عندما تعرض للبيع في أسواق العاصمة الماليزية.
وبينما يساور فيفي الخجل من ذكر أرقام المبيعات، فإنها تقول إن الشركة قد حققت بالفعل أرباحاً.
وتعد مواقع التواصل الاجتماعي وسائل حاسمة للإعلان عن منتجات الشركة ـ تُرسل التصميمات الجديدة، كما يُجدد المخزون منها وترسل، عن طريق إنستغرام الشركة إلى متابعيها البالغين 110 ألف شخص، علماً بأن عدد متابعي فيفي على موقع إنستغرام الخاص بها يصل إلى 356 ألف شخص.
وفي المتجر الرئيسي لشركة ’حجاب نيلوفار‘ في العاصمة كوالالمبور، يشاهد العشرات من الأشخاص الملابس المعروضة، على أنغام أغاني كاتي بيري. وتجد بينهم نساء بأعمار متقدمة مع أزواجهن أو شركاء حياتهن وهم يقودون أطفالهم، أو شابات يرتدين سراويل وكنزات جينز ضيقة.



وتتطلع نبيلة، التي لا ترتدي أي حجاب، غزو أسواق أكبر من ماليزيا وسنغافورة وبروناي، وعقدت العزم على أن تجعل ’نيلوفار‘ العلامة التجارية الأولى للحجاب في العالم.
تقول نبيلة: "عندما يقول البعض إنها سوق غير مستغَلَّة ومستنفدة، فإنها حقاً سوق غير مستغَلَّة. أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي نقلة نوعية بالفعل. السيدات اللاتي يرتدين الحجاب اليوم لسن فقط ممن جئن من الصحراء أو من القرى، لكن يمكن أن يكن رموزاً مشهورة بين الناس، وشخصيات ناجحة وترتدي الحجاب."