الأقدام السُّود ... يعُودون هذا الصّيف .
14-09-2015, 09:11 PM
الأقدام السُّود
يعُودون هذا الصّيف
°°°القاريء لتاريخ الجزائر بموضوعية يكتشف حفرا و سراديب مظلمة تم السكوت عنها عمدا ، ومن بينها تاريخ (الأقدام السود ) وعلاقتهم ببلادنا الجزائر .
في زمن الإستدمار الفرنسي تم انتهاج أسلوب استقدام ذوي القبعات الغربيين لتقوية التواجد الغربي في بلادنا الإسلامية ، التي عرفت تدفقات عديدة سواء من فرنسا نفسها أو من ذوي البشرة البيضاء من الألمان ،والطليان ، والأسبان ، والصقليين والكورس ، و المالطيين وهلم جرى .... ، قد يكون الغرض من ذلك إحياء فكرة [رومنة ] شمال افريقيا بجعل البلاد قطعة أوربية .
°°°ازداد عدد المهجرين نحو الجزائر، وأصبح يُشكل قوة ضاغطة على السياسة الفرنسية نفسها ، فأسسوا مدنا وبنايات على الطراز الغربي ، فغدت الجزائر شبيهة ( بمرسيليا ) لكن في الجبهة الجنوبية للبحر المتوسط ، فتكونت الشوارع الواسعة وضواحي خاصة بالأوربيين على غرار باب الواد ي وطاقرا والأبيار .... .. فساد نمط المعمار الأوصماني [1] وكل الظاهرة تعممت على غالب المدن الجزائرية ( كالباهية وهران) و (سيدي بلعباس) و (سطيف )... ، فكانت الرغبة جامحة بجعل التواجد الماضوي في هذه البلاد سُلَّما لإثبات أحقية فرنسا في وراثة المُلك الروماني المكتشف في [كويكول ] و[أموقادي] و[ستفيس ] و [ قسطنطين ] ، أي بناء قنطرة عبور بين [ رومنة العصر القديم] و[فرنسة العهد الحديث] ، ففي تجوالي العادي في العاصمة ظهرت لي ملامح البناء الغربي جليا في ( نزل السفير) أو في الجبهتين البحريتين المطلتين على مينائي العاصمة ووهران .
°°°أنا في الحقيقة منبهر بالطفرة العمرانية التي شهدتها الجزائر ، فقد حدثت تبدلات عميقة في المعمار الذي أصبح صورة طبق أصلية لما هو في فرنسا ، فأصبحت مدننا القديمة تتماهى تدريجيا في تقليد النمط الغربي ببنائه العمودي ، ولا شك بأن المُعمر الغربي الوافد قد ساهم في وضع بصماته على عمران البلاد .
غاية الإستدمار ... جعل الجزائر قطعة من فرنسا .
°°°عندما وطأت جيوش [دوبورمون ] أرضنا الطاهرة في سيدي فرج ، وعقدت معاهدة مهينة وقَّعها( الداي حسين) آخر دايات الجزائر الأتراك ، في[ فيلا جنان الرايس حميدو] [2]، هذا الداي الذي فرّ باتجاه ايطاليا بما خف وزنه وغلا ثمنه تاركا البلاد بلا قيادة ولا دفاع ، فمنذ ذلك الحين وفرنسا تخطط لجعل الجزائر قطعة منها ، جزء منها فيما وراء البحر ، .ولتحقيق ذلك عمدت إلى تشجيع الهجرة نحو بلادنا بذرائع مختلفة ، فكانت طفرة ثورة الشيخ (أمقران وإحداذن) سنة 1870 سببا وجيها للإستيلاء على الأراضي وتوزيعها على الوافدين الجدد القادمين من الألزاس واللورين بعد كارثة (الكروم ) التي أبَادها مرض الفيلوكسيرا الخطير ، كما أن [ قانون كريميو] القاضي بتجنيس يهود الجزائر بالجنسية الفرنسية ساهم في خلق مجتمع متمايز ، مجتمع غربي وافد ومن سايرهم من ذوينا عرف فيما بعد بالأقدام السود ، ومجتمع جزائري أصيل أصطلح على تسميته [ بالأهالي ] فغدت بلادنا مرتعا لشذاذ الآفاق القادمين من الغرب النافع وغير النافع ، كما تشكلت نواة البحث التاريخي في جامعة الجزائر تريد التأسيس لمدرسة تاريخانية تثبت حق الفرنسيين وراثة التاريخ اللاتيني الروماني في بلادنا ، وكأنّ وجودهم هنا عندنا هو تكملة لعهدي الرومان والبزنط ، وظاهرة توصيف الجزائريين ( بالعرب ) قد يكون ساذجا ، أو أنه سبيل للرد على الجزائريين بأنهم (عرب )ٌمستعمرون ، فقد جئنا أيها العرب لاسترداد ما أخذتموه من أجدادنا الأوربيين الرومان والبزنطين ، ومن هنا يتضح بأن السياسة الفرنسية كانت قائمة على ( تعريب الجزائر ) لشرعنة استرداد الأملاك منهم ، فلو أنهم أقروا بأن (البلاد أمازيغية ) لما كانت سياستهم نافعة ومحققة لهدفهم فكريا وشرعيا وسياسيا .
°°°ظهور مصطح (الأقدام السود ) كان في بداية الخمسينيات من القرن الماضي داخل الثكنات العسكرية الفرنسية ذاتها ، فالجنود الفرنسيين الذين ولدوا في الجزائر يُنعتون تمييزا بهذه التسمية ، أو إن شئت قل هم مجموع الساكنة الأوربية المقيمة في بلاد الجزائر ، أو هم الجزائريون من غير المسلمين ، أو هم فرنسيو الجزائر ، فقد تتعدد التوصيفات والشيء واحد ، فقد زاد تعدادهم تدريجيا حتى أصبحوا يشكلون ما يقارب ربع سكان الجزائر ، وقد كان الحلم اليساري الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي هو تشكل أمة جزائرية منبثقة من عشرين سلالة حسب مقولة [موريس طوريز ] [3] أثناء زيارته للجزائر .
[IMG][/IMG]
يعُودون هذا الصّيف
°°°القاريء لتاريخ الجزائر بموضوعية يكتشف حفرا و سراديب مظلمة تم السكوت عنها عمدا ، ومن بينها تاريخ (الأقدام السود ) وعلاقتهم ببلادنا الجزائر .
في زمن الإستدمار الفرنسي تم انتهاج أسلوب استقدام ذوي القبعات الغربيين لتقوية التواجد الغربي في بلادنا الإسلامية ، التي عرفت تدفقات عديدة سواء من فرنسا نفسها أو من ذوي البشرة البيضاء من الألمان ،والطليان ، والأسبان ، والصقليين والكورس ، و المالطيين وهلم جرى .... ، قد يكون الغرض من ذلك إحياء فكرة [رومنة ] شمال افريقيا بجعل البلاد قطعة أوربية .
°°°ازداد عدد المهجرين نحو الجزائر، وأصبح يُشكل قوة ضاغطة على السياسة الفرنسية نفسها ، فأسسوا مدنا وبنايات على الطراز الغربي ، فغدت الجزائر شبيهة ( بمرسيليا ) لكن في الجبهة الجنوبية للبحر المتوسط ، فتكونت الشوارع الواسعة وضواحي خاصة بالأوربيين على غرار باب الواد ي وطاقرا والأبيار .... .. فساد نمط المعمار الأوصماني [1] وكل الظاهرة تعممت على غالب المدن الجزائرية ( كالباهية وهران) و (سيدي بلعباس) و (سطيف )... ، فكانت الرغبة جامحة بجعل التواجد الماضوي في هذه البلاد سُلَّما لإثبات أحقية فرنسا في وراثة المُلك الروماني المكتشف في [كويكول ] و[أموقادي] و[ستفيس ] و [ قسطنطين ] ، أي بناء قنطرة عبور بين [ رومنة العصر القديم] و[فرنسة العهد الحديث] ، ففي تجوالي العادي في العاصمة ظهرت لي ملامح البناء الغربي جليا في ( نزل السفير) أو في الجبهتين البحريتين المطلتين على مينائي العاصمة ووهران .
°°°أنا في الحقيقة منبهر بالطفرة العمرانية التي شهدتها الجزائر ، فقد حدثت تبدلات عميقة في المعمار الذي أصبح صورة طبق أصلية لما هو في فرنسا ، فأصبحت مدننا القديمة تتماهى تدريجيا في تقليد النمط الغربي ببنائه العمودي ، ولا شك بأن المُعمر الغربي الوافد قد ساهم في وضع بصماته على عمران البلاد .
غاية الإستدمار ... جعل الجزائر قطعة من فرنسا .
°°°عندما وطأت جيوش [دوبورمون ] أرضنا الطاهرة في سيدي فرج ، وعقدت معاهدة مهينة وقَّعها( الداي حسين) آخر دايات الجزائر الأتراك ، في[ فيلا جنان الرايس حميدو] [2]، هذا الداي الذي فرّ باتجاه ايطاليا بما خف وزنه وغلا ثمنه تاركا البلاد بلا قيادة ولا دفاع ، فمنذ ذلك الحين وفرنسا تخطط لجعل الجزائر قطعة منها ، جزء منها فيما وراء البحر ، .ولتحقيق ذلك عمدت إلى تشجيع الهجرة نحو بلادنا بذرائع مختلفة ، فكانت طفرة ثورة الشيخ (أمقران وإحداذن) سنة 1870 سببا وجيها للإستيلاء على الأراضي وتوزيعها على الوافدين الجدد القادمين من الألزاس واللورين بعد كارثة (الكروم ) التي أبَادها مرض الفيلوكسيرا الخطير ، كما أن [ قانون كريميو] القاضي بتجنيس يهود الجزائر بالجنسية الفرنسية ساهم في خلق مجتمع متمايز ، مجتمع غربي وافد ومن سايرهم من ذوينا عرف فيما بعد بالأقدام السود ، ومجتمع جزائري أصيل أصطلح على تسميته [ بالأهالي ] فغدت بلادنا مرتعا لشذاذ الآفاق القادمين من الغرب النافع وغير النافع ، كما تشكلت نواة البحث التاريخي في جامعة الجزائر تريد التأسيس لمدرسة تاريخانية تثبت حق الفرنسيين وراثة التاريخ اللاتيني الروماني في بلادنا ، وكأنّ وجودهم هنا عندنا هو تكملة لعهدي الرومان والبزنط ، وظاهرة توصيف الجزائريين ( بالعرب ) قد يكون ساذجا ، أو أنه سبيل للرد على الجزائريين بأنهم (عرب )ٌمستعمرون ، فقد جئنا أيها العرب لاسترداد ما أخذتموه من أجدادنا الأوربيين الرومان والبزنطين ، ومن هنا يتضح بأن السياسة الفرنسية كانت قائمة على ( تعريب الجزائر ) لشرعنة استرداد الأملاك منهم ، فلو أنهم أقروا بأن (البلاد أمازيغية ) لما كانت سياستهم نافعة ومحققة لهدفهم فكريا وشرعيا وسياسيا .
°°°ظهور مصطح (الأقدام السود ) كان في بداية الخمسينيات من القرن الماضي داخل الثكنات العسكرية الفرنسية ذاتها ، فالجنود الفرنسيين الذين ولدوا في الجزائر يُنعتون تمييزا بهذه التسمية ، أو إن شئت قل هم مجموع الساكنة الأوربية المقيمة في بلاد الجزائر ، أو هم الجزائريون من غير المسلمين ، أو هم فرنسيو الجزائر ، فقد تتعدد التوصيفات والشيء واحد ، فقد زاد تعدادهم تدريجيا حتى أصبحوا يشكلون ما يقارب ربع سكان الجزائر ، وقد كان الحلم اليساري الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي هو تشكل أمة جزائرية منبثقة من عشرين سلالة حسب مقولة [موريس طوريز ] [3] أثناء زيارته للجزائر .
[IMG][/IMG]
---------------------------------------------------------------
[1] Georges Eugène Haussman، مهندس أحدث تطويرا في المعمار الفرنسي زمن الجمهورية الفرنسية الثالثة ، شق الشوارع الكبرى الباريسية أيام حكم نابليون الثالث .
[2] http://montada.echoroukonline.com/sh...d.php?t=278290
[3] موريس طوريز رئيس الحزب الشيوعي أثناء زيارته للجزائر 1939.
سيتبع .....[2] http://montada.echoroukonline.com/sh...d.php?t=278290
[3] موريس طوريز رئيس الحزب الشيوعي أثناء زيارته للجزائر 1939.