توتر بين تركيا والصين بسبب الويغور
09-07-2015, 10:28 PM
سيلين غيريت-اسطنبول


أعلام صينية أحرقت في مظاهرات مناهضة للصين في تركيا

زاد الشعور المناهض لصينيين في تركيا خلال الأيام العشرة الماضية، وتمثل ذلك في حرق أعلام صينية وهجمات على مطاعم صينية ومزاعم بمهاجمة سائحين اعتقد خطأ أنهم صينيون واحتجاجات في أنحاء البلاد.
وينتمي المسلمون في تركيا واليوغور الموجودون في أقصى غرب الصين لعرق واحد، ولديهم صلات ثقافية ودينية وثيقة.
وقد اندلعت الاحتجاجات عقب تقارير عن منع الويغور المسلمين في الصين من الصيام خلال شهر رمضان.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها الأسبوع الماضي: "لقد شعر شعبنا بالاستياء بسبب التقارير التي تقول إن الويغور الأتراك منعوا من الصيام أو ممارسة واجباتهم الدينية الأخرى في إقليم شينجيانغ".


مظاهرات مؤيدة للويغور في تركيا بسبب القيود التي تفرضها الصين على هذه الأقلية المسلمة في شهر رمضان

وردا على ذلك، قالت الصين إنها تحترم تماما حرية المتعقدات الدينية للمسلمين والاتهامات بأنه جرى حظر ممارسة الشعائر الدينية لهم في شينجيانغ في شهر رمضان الحالي "تتنافى تماما مع الحقائق" وجرى تضخيمها من جانب وسائل الإعلام الغربية.
وقالت: "لا توجد جهة حكومية أو هيئة عامة أو شخص يمكنه إجبار المواطنين على الاعتقاد بدين معين أو عدم الاعتقاد بأي أديان، ولا يمكنهم أيضا ممارسة التمييز ضد أي مواطنين متدينين أو غير متدينين".


السائحون الصينيون لا يعبأون على ما يبدو بالشعور المتنامي المناهض للصين في تركيا

وتعرض مطعم سيهان يافوز الصيني الذي يحمل اسم "الصين السعيدة" لهجوم من جانب جموع غاضبة في اسطنبول الأسبوع الماضي.
وقال يافوز: "الناس خائفة من القدوم إلى هنا، يخشون وقوع هجوم آخر".
وأضاف: "إذا أراد الناس الاحتجاج على الحكومة الصينية، يمكنهم تنظيم مظاهرات أمام سفارتها. ليس من المناسب استخدام العنف من أجل الاحتجاج".


المطعم الصيني الذي يملكه سيهان يافوز تعرض لهجوم من قبل جموع غاضبة

وظهرت تقارير أخرى تشير إلى وقوع اضطرابات في اسطنبول السبت الماضي خلال مسيرة نظمتها جماعة "الذئاب الرمادية"، التي تمثل جناح الشباب في حزب "ام اتش بي" القومي المتشدد في تركيا.
وقالت المرشدة السياحية الصينية ميراي هاميت إن أربعة أو خمسة أشخاص هاجموا بالسكاكين أحد السائحين في الفوج الصيني الذي كانت ترافقه.
وأضافت: "سألونا من أين جئنا، وحينما قلنا إننا صينيون، بدأوا في ضرب واحد من مجموعتنا. تدخلت أنا ومرشد سياحي تركي لوقف الهجوم. أصبنا جميعا بحالة من الهلع، وأصيب واحد من المجموعة، لكن لم تقع أي إصابة خطيرة، وتعرضت أنا أيضا للضرب".
واعتقدت ميراي هاميت أن المهاجمين ربما لم يكونوا بالضرورة مرتبطين بمسيرة الذئاب الخضراء، وربما كانوا فقط مجموعة من المارة.


رئيس جماعة الذئاب الخضراء التابعة لحزب الحركة القومية "ام اتش بي" اليساري يقول إنه لم يتعرض أي من السائحين لضرر في مسيرات الجماعة المناوئة للصين

"نثق في تركيا"
لكن وسائل الإعلام التركية ذكرت أن مجموعة من السائحين الكوريين اعتقد بأنهم صينيون تعرضوا لهجوم خلال احتجاجات لجماعة الذئاب الخضراء، وهو الاتهام الذي تنفيه هذه الجماعة.
وقال رئيس الذئاب الخضراء في اسطنبول أحمد يغيت يلدريم إن الاشتباكات التي وقعت كانت بالفعل بين الشرطة ومحتجين، ولم يقع أي ضرر لأي سائحين، ولم تقدم أي شكوى ضدهم.
وأضاف بأن "سلامة كل سائح يأتي إلى بلدنا هي مسؤوليتنا، لا يمكن أن نسمح بأي نوع من أنواع العنف".
ولم يتسن الحصول على تعليق مصادر الشرطة حول هذا الموضوع. لكن القنصلية الكورية في اسطنبول قالت إنها لم تتلق أي شكاوى أو تقارير عن أي هجمات على مواطنين كوريين في المدينة.



وأشار رئيس حزب الحركة القومية "ام اتش بي" دولت بهجلي في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام التركية إلى إمكانية أن يكون أحد الكوريين اعتقد خطأ بأنه صيني.
لكن السائحين الصينيين لا يعبأون على ما يبدو بالشعور المتنامي المناهض للصين في تركيا.
وقال السائح الصيني لوكي تشانغ: "إننا على علم بما يحدث، لكننا لم نواجه أي مشكلات. إننا نثق في تركيا. الشعب التركي ودود جدا معنا".
وأصدرت الحكومة الصينية هذا الأسبوع نصائح لمواطنيها المسافرين إلى تركيا وحذرتهم من الاقتراب بشدة من أي احتجاجات أو تصويرها.
لماذا تطلقون لحاكم؟

من هم الويغور؟

الويغور هم إثنيا من المسلمين الأتراك.
يشكل الويغور نحو 45 في المئة من سكان إقليم شينجيانغ ، بينما تشكل عرقية الهان الصينية 40 في المئة من سكان الإقليم
أعادت الصين سيطرتها على الإقليم عام 1949 بعد أن سحقت دولة تركستان الشرقية التي لم تدم طويلا
ومنذ ذلك الحين، هناك هجرة واسعة النطاق من جانب الصينيين الذين ينتمون لعرقية الهان، ويخشى الويغور من اندثار ثقافتهم


وتركيا واحدة من أكثر المقاصد شيوعا للويغور الفارين من الصين.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينش صرح في عام 2009 بأن هناك 300 ألف من الويغور يعيشون في تركيا.
وقال محمد سوليميز وهو أستاذ أكايمي تركي يعيش في الصين منذ عام 2006 إن هجرة الويغور زادت خاصة في العامين الماضيين.
وأضاف: "الويغور لا يعيشون حياة مريحة في الصين بسبب القيود المفروضة على الشعائر الدينية أو التمييز الاجتماعي. والأشخاص الذين يشعرون بالضغط أو الذين دخلوا السجن مرات عديدة يفضلون مغادرة البلاد".
وقال أحد الويغور انتقل إلى تركيا في ديسمبر/كانون الأول عام 2014 وطالب بعدم الكشف عن هويته خشية تعرضه لانتقام من جانب السلطات الصينية، إنه تعرض "لفظائع" بصورة مباشرة.
وأوضح: "العام الماضي وفي ليلة من ليالي شهر رمضان الكريم تجمع نحو 50 من أفراد عائلتي لتناول وجبة. جاءت ابنتي لتخبرني أن هناك جنودا يحاصروننا. لقد اعتقلونا واستجوبونا حتى الصباح الباكر، وطلبوا ألف دولار من كل واحد منا لإطلاق سراحنا".
وأضاف: "حينما تجلس في بيتك مع أربعة أو خمسة أصدقاء، حينما تصلي، يقتحمون المكان ويبدأون في استجوابك. ويسألوننا لماذا لديكم لحى؟ لماذا تقرأون القرآن؟ ولماذا تغطي النساء وجوههن؟"
وتابع: "يلقون بك بعد ذلك في السجن، حتى إنهم اعتقلوا ابني البالغ من العمر 10 سنوات مع أربعة من أصدقائه".

وتشمل بعض القيود التي جرى مشاهدتها في أجزاء من شينجيانغ ما يلي:

منع النساء من ارتداء الحجاب
منع الويغور من شراء السكاكين في بعض المناطق
أداء الصلوات يخضع لقواعد صارمة، إذ أن من هم أقل من 18 عاما لا يسمح لهم بدخول المساجد
يجب على المقبلين على الزواج التقدم بطلب للحكومة للحصول على شهادة زواج ولا يجوز لهم الزواج سرا على يد مأزون
ولا يسمح سوى لكبار السن بإطلاق اللحى


وأوضح أنه انتقل عبر فيتنام وكمبوديا وتايلاند وماليزيا للوصول إلى تركيا.
ويعيش هذا الرجل وزوجته وأربعة أبناء في شقة باسطنبول مع خمس عائلات أخرى.
وسعت الحكومة الصينية إلى فرض قيود على ممارسة الشعائر الدينية في شينجيانغ من خلال فرض قواعد على مجتمع الويغور. ويقول منتقدون إن هذا الأمر يؤدي إلى تفاقم الوضع.
"أشعر بالحنين لبلدي"
يمثل رمضان شهرا حساسا في شينجيانغ عقب زيادة الهجمات التي تلقي فيها الصين باللائمة على مسلحين إسلاميين خلال العامين الماضيين، وقتلوا المئات في أعمال العنف.
وتنفي السطات الصينية ممارسة ضغوط على الأقلية المسلمة في البلاد.
لكن مواطن الويغور الذي يعيش في تركيا لا ينوي العودة إلى الإقليم مرة أخرى.
وقال "أشعر بالحنين إلى بلدي، إنه المكان الذي ولدت فيه وترعرعت فيه. لكنني سعيد في تركيا. أشعر بالحرية. يمكن أن أرتدي ما أحبه. يمكن أن أمارس شعائري الدينية. وحتى إذا عدت إلى هناك، فسيلقون بي في السجن على الفور".