براءة أَهل السنة من الوقيعة في علماء الأُمة
28-02-2014, 04:46 PM
براءة أَهل السنة من الوقيعة في علماء الأُمة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
جاء في:" صحيح الجامع":(2/1323) من رواية ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يدخل الإيمان في قلبه: لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، يتتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته: يفضحه ولو في جوف رحله ".
إن ما قيل عن:" شمس الدين بوروبي" سابقا، ويقال فيه حاضرا، وسيقال له مستقبلا – إن هو واصل على منهجه ؟؟؟، إنما مرده إلى قاعدة ثابتة تقول:" الجزاء من جنس العمل ".
لقد اشتهر عن بوروبي الجزائري:" الطعن في علماء السلف"، ونبزه لهم بعدة ألقاب، أشهرها عنده لقب:" الحشوية؟؟؟"، وقد غفل بخطيئته تلك عن قاعدة أخرى هامة تقول:" من جر أَذيال الناس بباطلٍ: جروا ذيله بحق".
إن ما يلقاه بوروبي:" جزاء وفاقا " على تطاوله على علماء السلف:" أمر ليس بالغريب"، فقد قرر علماء السلف الأفاضل أن:" لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار من ناوأهم معلومة، وقلَّ من اشتغل في العلماء بالثلب: إلا عوقب قبل موته بموت القلب، قال الله تعالى:[فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ].(النور: 63). ذكره عن العالم:" ابن عساكر"، الإمام:" الشاطبي" في الاعتصام: 2/ 340.
فمن تتبع زلات العلماء، وعرض بهم: فتنه الله سبحانه وتعالى في دينه، ثم أمات قلبه قبل موته، وأمات ذكره بعد رحيله عن الدنيا.

وليحدثنا من لا يزال يكن الحقد والغل على علماء السلف، عمن وقع في شيخ الإسلام:" ابن تيمية"، أو من جلد :"الإمام أحمد" – رحمهما الله تعالى -: هل يعرف الناس من أذاهما إلا:" كونه نكرة في التاريخ؟؟؟"، ولمن لا يزال مصرا على ضلالة الطعن في علماء السلف، هذه موعظة لأحد الأفاضل ننقلها: [ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد]، فإليكموها:

من هتك ستر عالمٍ وتكلم فيه بغير حق، ابتلي بسوء ذنبه، وقد يختم له بخاتمة السوء حين مصرعه، كما قال ابن عساكر:" وعادة الله في هتك أستار منتقصي العلماء معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب؛ ابتلاه الله قبل موته بموت القلب:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].
تلك والله - معشر الإخوة والأخوات - سيما ضعاف النفوس، يشعرون دائماً بضآلة أنفسهم، فيسعون إلى هدم القمم الشماء، لتتساوى الرءوس في الحفر، لا يرون الصعود إلا على أشلاء العمالقة الجهابذة العلماء العاملين، فواحدهم يصدق عليه قول القائل:

فكالهر يخشى شرب ماءٍ بجدول ÷ ويشرب من أوساخ ماءٍ بحفرة

ومن ثم: ينصبون مشانق الطعن والتجريح: لإلغاء الثقة في العلماء العاملين، لو رأيتهم يتواثبون ويقفزون - والله أعلم بما يوعون- لأدركت فيهم الخفة والطيش في أحلام الطير:

صم ولو سمعوا بكم ولو نطقوا ÷ عميٌ ولو نظروا بهتٌ ولو شهدوا
كأنهم إذ ترى خشبٌ مسندةٌ ÷ وتحسب الركب أيقاظاً وما رقدوا

يتداولون غيبة العلماء، ويتعاطونها فيما بينهم، ويدار عليهم بها كما يدار بكأس الماء على العطشى، فمقلٌّ ومستكثر.

فعابوا أموراً يعلم الله أنهم ÷ أحق بها وصفاً وأولى بعيبةِ
فواحدهم يلقي الكلام مجازفاً ÷ على حسب ما يأتي بغير روية ِ

لحوم العلماء مسمومة: من شمها مرض، ومن أكلها مات.

لحوم أهل العلم مسمومة ÷ ومن يعاديهم سريع الهلاك
فكن لأهل العلم عوناً ÷ وإن عاديتهم يوماً فخذ ما أتاك

البلاء موكلٌ بالمنطق، والجزاء من جنس العمل، وكم طاعنٍ ابتلي بما طعن.
يقول أحد السلف:" إني أجد نفسي تحدثني بالشيء، فما يمنعني من قوله إلا مخافة أن ابتلى؟؟؟".

لو شاء ربك كنت أيضاً مثلهم ÷ فالقلب بين أصابع الرحمن

يحكى أن رجلاً كان يجرئ تلامذته على الطعن في العلماء، وإهانتهم وتتبع زلاتهم، وذات يوم قام يتكلم بكلامٍ: لم يرق لأحد طلابه، فقام إليه ذلك الطالب، فصفعه على رءوس الأشهاد، ليقول بلسان الحال: "حصادك يوماً ما زرعت":{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.[آل عمران:182].

إن السعيد لمن له من غيره عظة ÷ وفي التجاريب تحكيمٌ ومعتبر

من خاض في أعراض العلماء، ودعا إلى ذلك، فقد سن سنةً سيئةً، عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، فالدال على الشر كفاعله، والسعيد من إذا مات ماتت معه سيئاته، قال الله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}.[يس:12].

وما من كاتبٍ إلا سيلقى ÷ غداة الحشر ما كتبت يداه
وما من قائلٍ إلا سيلقى ÷ غداة الحشر ما نطقت شفاه

العلماء حراس الديانة الأمناء، والغض من مكانة الحارس معناه: استدعاء اللصوص، العلماء عقول الأمة، والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرةٍ بالبقاء، العلماء حملة الشريعة وورثة الأنبياء، والمؤتمنون على الرسالة، حبهم والذب عنهم ديانة، ما خلت ساحة من أهل العلم إلا اتخذ الناس رءوساً جهالاً، يفتونهم بغير علم، فيعم الضلال، ويتبعه الوبال والنكال، وتطل عندها سحب الفتن تمطر المحن، ومن الوقيعة ما قتل، فنعوذ بالله من الخطل، وما عالم برع في علمه يؤخذ بهفوته، وإلا لما بقي معنا عالم قط، فكلٌ رادٌّ ومردودٌ عليه، والعصمة لأنبياء الله ورسله، والفاضل من عدت سقطاته، وليتنا أدركنا بعض صوابهم، أو كنا ممن يميز خطأهم على الأقل، و:" إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث".

وما عبر الإنسان عن فضل نفسه ÷ بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل
وليس من الإنصاف أن يدفع الفتى ÷ يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل

ولأن:" بوروبي": كثيرا ما ينقل في طعونه في أئمة السلف عن:" الكوثري"، نسوق له ما قاله الشيخ العلامة:" بكر أبو زيد" رحمه الله في كتابه الفذ:" براءة أَهل السنة من الوقيعة في علماء الأُمة": ردا على الكوثري وتلميذه:" أبي غدة" اللذان يفتخر :" شمس الدين بوروبي" بهما، وينقل عنهما كثيرا – خاصة -:" الكوثري؟ ".

يقول الشيخ:" بكر" رحمه الله عن الكوثري:" مِدْرَهُ طعنٍ فَوَّقَ سهامه بهذه المباني المروعة, والعبارات المرهقة, وهو منفلت العنان, ذَرَب اللسان بهتك الحرمات, والمحارم, فَيَلِغُ في أَعراض الأَبرياء, ويكفر أَساطين العلماء, وينتقص منارات الهدى. كل هذا ليكثر سواد مزاعمه لسواد مشاربه في أَمراض متنوعة: من التقليد الأَصم, والتمشعر بغلوٍّ وجفاء, والتصوف السادر, والقبورية المكِبَّة للمخلوق عن الخالق، فأطيح به بردود متعاقدةٍ متناصرة, كاشفة خبيئته, موضحة حقيقته:
جَاءَتْ تَهَادى مُشْرِفاً ذراها ** تحن أُولاها على أُخْرها
فطاح جملةً واحدة, ولن تجد له بَعْدُ من الراسخين في العلم تَبِيعاً, لا سيما بعد صدور كتابَي:"التنكيل "، و:"طليعته" لذهبي العصر العلامة:" المعلمي": المتوفى سنة 1386هـ - رحمه الله تعالى -. وهذه - ولله الحمد - سُنَّة ماضية في حفظ الله لدينه، مادام في الأَرض كتابٌ يتلى, وسُنَّة تدرس, وفي القلوب عقل وإِيمان، فإِن هذا وأَمثاله: لا مكان لهم في سجل العلماء المعتدِّ بهم إِلا على سبيل إِسبال بُردة التفنيد, والرمي في وجهته بكل نقدٍ وتنقيد، لكن ظهارته خفقت فيه رياحه, فتكايَسَ بالركض وراءه, وأَفرغ مُهْجَتَه بالتمدُّح به, وامتلأَ قلبه بتعظيمه ومحبته له حتى بلغ من شدة تعلقه به أَن تكنى به:( يقصد: أبا غدة تلميذ الكوثري), ونسب نفسه إِليه, وطفق منحدراً في مديحه, خالعاً عليه غلائل التقديس المُصَبَّغَة بغلو وإِسهاب, ونَصَب قلمه لنشر مقولاته: ثانياً عِطفه عن تعقبه في سبله الفجة, وميله عن المحجة, بل سرت عدواه إِليه في جملة من تعليقاته, وكانت نقوله عن هذا:"المهاتر" في مواطن من أَشراف المواطن:"علوم السنة النبوية؟؟؟"، فانظر كيف يُورِدُ مُمْرِضاً على مُصح, متغمغماً في غَمَراته, كأَنه لا يحرك قلمه تحريكَ من يشعر بأَن في الدنيا شيئاً يقال له:" التاريخ؟؟؟" .
والتاريخ الصحيح يضرب المتمرد عليه في تفضيل النفاية على النقاوة بيد قاسية, تخفق لطماتها في الآفاق, فتجلله عار الأَبد. فالتاريخ من ورائه محيط, وعلى مغامزه شهيد ، وفي كل هذا تدليل على مكنون يقينه, ومرمى اعتقاد،ه فَلاَ لَوْمَ علينا إِذ دفع قلمه ينقر بشوكته في هذا المَهْيع، فدس مولود انتصاره في صفوف القراء والدارسين للسنة المشرفة وعلومها - كما سيمر نظرك عليه بعد إِن شاء الله تعالى- لِكَفَّ بأْسها, وسد طرق التشغيب بها, وليبتعد المفلحون عن هذه الحطة المندسة في صفوفهم, ويغسلوا أَيديهم من كاتبها وما كتب في مشارب كدرة بالتصريح حيناً, والتلويح أَحياناً . وهي نقولٌ تجري سياقتها على شيمة الكرام:[وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا], لأَنها كفيلة بأَن يقوم بردها على عقبها صدورها، فيستغنى عن تسويد الأَوراق بمطارحته فيها, ولأَنها تحكم على قائلها, ومُرَوِّجِها, وحاضن مبتدعها - بما يتلاقى معها شرعاً بمجرد النظر فيها, منتجة الإِشراق أَمام كل طالب علم - لمحيا تقعيد لا ينفذ, وتأْصيل لا ينقطع, بالإِعراض عن هذا الطراز وإِنتاجهم, وعدم النقل أَو العزو إِليهم, حتى يخوضوا في حديثٍ غيره.
وَلْيُعْلَمَ أَن في علماء السنة غِنىً عن هذا الغثاء, وفي كتبهم وإِنتاجهم ما يشفي غلة كل غليل.
وَلِعْلَمَ التلميذ أَنه محجوج ممجوج بهذه المساوقة التي ركب لها غارب عشواء, وفتح عينيه لها في ليلة ظلماء ، وكم تَمَنَّينا لو طوى الثوب على غِرَّة, ليستمر طي بساط التحذير بِمَرَّة, لكنه أَورث البحثرة بالدعاية لهذا البائس, والغبطة به, وبمزاعمه المنبوذة, والبادئ أَظلم, فلا بد إِذاً أَن يحمل أَهل السنة في أَناملهم أَقلام النُّصرة لها بكلمة حق يخر لها:" الباطل" صعقاً, ولتفضح "المبطل" بنشر مُثل من بواطله تحذيراً من فتنه وبواقره, ودفعاً لخبائثه, بشاهد عدل يناجي القارئ من صريف قلمه بكلمات هو قائلها ، ثم لتنفض عن الأَنظار غبار الترويج, وتحسر عن أُناس يحملون على رؤسهم بياضاً, وفي قلوبهم سواداً, معلنةً أَنه لا مكان للمُسْتَخْفِين والساربين هنا:[ ذلك بما عملته أَيديهم] ، وبه تعلم أَنه ليس القصد هنا الكشفَ عن ذاك المبتلى, وإِنما المسير إِلى الكشف عمن خلفه بالعض على هذا البلاء بطريق نصرته البالغة لبائس تشعبت به الأَهواء, قد فرغ أَهل السنة من الإِطاحة به .
وقد قال العلامة:" محمد بهجت البيطار" في رسالته:" الكوثري وتعليقاته":(ص / 26) :(وجملة القول: أَن هذا الرجل لا يعتد بعقله, ولا بنقله, ولا بعلمه, ولا بدينه, ومن يرجع تعليقاته يتحقق صدق ما قلناه" اهـ .
وهذا الدفاع مما نحتسبه عند الله كفاحاً عن أَعراض العلماء, وصوناً لأَفكار الناشئة من هذا الوباء, مبتعدين عن النزاع والمماظة, والخوض في تلك المخاضة, ولكن:" من جر أَذيال الناس بباطلٍ جروا ذيله بحق".
فإِلى حقائق تميط الأَذى عن الطريق, طالما غفل عنها أُناس, وتغافل عنها آخرون, معوقدة في نماذج من عدوانه, ووجوه مساوقة تلميذه له, ليرى أَهل العلم ماذا يحتضنون, وماذا يراد بهم- من إِيجاد الطائفية -, وهم نائمون, وفي الإِشارة ما يغني عن طول العبارة . والله المستعان ، فإلى البيان:
كيف يسوغ لعبد يتبع الدليل, ويرفض التعطيل, والتشبيه, والتأْويل, وينابذ الإِشراك, والبدع في الدين أَن يتكفكف في مهيع هذا: القِذِّيف, الشَّغَّاب, السَّبَّاب, الطَّعَّان, الشَّتَّام, ضارباً في مجاهل شُبهاته, ومشتبهاته, يحرث كتبه حرثاً, ويحييها قراءة وبحثاً, وينشر عصارتها في صفوف القراء والدارسين, رافعاً لها على كاهل الرضا والقبول, ناصباً نفسه له ظهيراً, ولها نصيرا، وهي محل التزود والإِمداد بأُصول النقض لمدرسة السلف في نواقض أَربعة:
1- انتصابه للتقليد الأَصم في عصبية سادرة .
2- وثبته إِلى التمشعر غالياً جافياً .
3- انفلات وكاء عقيدته, في عجم دلائل توحيد الله في عبادته إِلى قبورية زائفة .
4- ثم انساب صريف قلمه في التكفير, والقذف للأَبرياء, والتنقص للأَوفياءِ, لكل ناج من تلك المشارب الثلاثة .
وهذه الأَربع جرت التلميذ إِلى أَربع:
1- تنكر لعلماء السلف .
2- غلائل التقديس المصبغة .
3- احتضان المبتدعة.
4- الدَّنِيَّة بالدين .
فانظر: كيف التقت حلقتا البطان؟؟؟, إِذ هما:" يرميان عن قوس واحدة لغاية واحدة", فيقبل الأُستاذ بأَربع, ويدبر متابعه بثمان, منثورة في صدور الطلاب, وأَفئدتهم وأَفكارهم, و:" القلوب الضعيفة, والشبه خطافة, و:" ليس في الرَّبْع حراك؟؟؟".
قال أَبو تمام:
مَسَاوٍ لَوْ قُسمن عَلَى الغواني ** لما أُمْهِرْنَ إِلاَّ بِالطَّلاَقِ
وإِليك تصور المجاذبة فيها على هذا الترتيب, بأَحرف تناسب الإِجمال عن هاتيك الأُمور العظام, تبصرةً لمن كان له عقل رشيد, ولتكون على ما أَقول شهيد:
1- العصبية السادرة:
كيف يرضى" السلفي" باعتماد النقل عن هذا البائس مع إِغراقه في العصبية, ولا تحذير؟ أَليس الدين النصيحة؟؟؟.
2- التمشعر:
وإِذا رضي ذلك لأَن ما ينقله يعتقده حقاً, فكيف لا يبين للناس تهالكه في عتبة التجهم والاعتزال، وهذا من واجب البيان, ولا يجوز تأْخيره عن وقت الحاجة، أَم أَنه يلتقي معه في ذلك؟؟؟, كما تفيده عدد من التعليقات, والمبالغة في الثناء على فِئَام من المثاقفين لاعتقاد السلف؟؟؟.
ومنه:
تصريحه بأَنه:" مرجئ" يعتقد بأن الإِيمان هو:" التصديق", ونقل لهذا الكلام شيخه, الذي رمى فيه من يعتقد معتقد أَهل السنة والجماعة من أَن الإِيمان:" قول وعمل, يزيد بالطاعة, وينقص بالمعصية" - رماه بأَنه:" خارجي؟؟؟"، ومن أَجله عرض بالتنقص لأَمير المؤمنين في الحديث الإِمام البخاري - رحمه الله تعالى -. وذلك في تعليقه على:" الرفع والتكميل": (ص / 67, 69) ، وأَثنى على هذا المقطع من كلام شيخه غاية الثناء, وكرره مضاعفاً .
3- القبورية:
وإِذا كان يلتقي معه في: التعصب, والتمشعر, فكيف لا يكشف ما لديه من الأَغاليط الكبار في:" توحيد العبادة؟"، كما في عدد من "مقالاته" لا سيما:" محق التقول"، وفي غيرها كثير من البدع والشركيات التي طردها التوحيد .
أَم أَنه يلتقي معه في هذا بدلالة ما في رسالة الدفاعية:" كلمات" من أَن تقسيم التوحيد لدى السلف إِلى: توحيد الربوبية, وتوحيد الأُلوهية, وتوحيد الأَسماء والصفات: هو تقسيم اصطلاحي؟، وما يؤمن بهذا التقسيم إِلا من اعتقد تقسيما حقيقياً لا اصطلاحياً، وبدلالة ما تقدم حول:" من زار قبري وجبت له شفاعتي"، وبدلالة ما في رسالة:" صفحات من صبر العلماء":(ص / 57), إِذ قال:" قال الحافظ الذهبي في:" تذكرة الحفاظ" في ترجمة الإِمام ابن المقرئ محمد بن إِبراهيم الأَصبهاني 3 / 973, 974: رُوي عن أَبي بكر بن علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أَنا والطبري, وأَبو الشيخ - ابن حَيَّان - بالمدينة, فضاق بنا الوقت - يعني فراغ أَيديهم من النفقة - فواصلنا ذلك اليوم- أَي صاموا ذلك اليوم إِلى صيام اليوم الذي قبله-، فلما كان وقت العشاء, حضرت القبَر, وقلت: يا رسول الله الجوع!، فقال الطبري: اجلس!، فإِما أَن يكون الرزق أَو الموت، فقمت أَنا وأَبو الشيخ - أَي قاما يصليان لله تعالى- فحضر الباب علوي ففتحنا له, فإِذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير, وقال: " شكوتموني إِلى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام , رأَيته في النوم فأَمرني بحمل شيء إِليكم" اهـ.
هذه القصة ساقها الذهبي في ترجمة: ابن المقرئ بصيغة التمريض, على عادة المؤلفين في التراجم كالمؤلفين في:"السير"، يذكرون ما يصح وما هو دونه, وفي نظم عمود النسب:
واعـلـم بأَن السِّيـرا ** تجمع ما صح وما قد أُنكرا
لكنهم يسندون, أَو يدلون على منزلة المروي ببيان مرتبته, أَو سياقه بصيغة التمريض كما هنا، وكم من قصة أَو رواية من هذا النوع وغيره تساق بأَسانيد, وهي مقاطيع أَو معاضيل, أَو موضوعات وهكذا، ثم يأْتي من لا يتوقى، فيبني عليها قصوراً وعلالَى؟؟؟.
وهذه القصة مرفوضة سنداً ومتناً, وحاشا لله أَن تكون تلك الصفوة تستغيث برسول الله عليه الصلاة والسلام بعد التحاقه بالرفيق الأَعلى, فيصرفون له عليه الصلاة والسلام ما هو من خصائص الله سبحانه. والله أَعلم .
4- التكفير والقذف:
وإِذا كان يلتقي معه في ثلاثياته هذه, فلماذا لا ينفي عن أَعراض علماء الإِسلام - ممن أَكل شيخُه خبزه بلحومهم- بما شنه عليهم من: التكفير, والإِلحاد, والقذف. . . في تلكم الصفحات الدامية, من غير رفق ولا هوادة: يكفر مسلماً, ويلوث عرضاً, ويدنس شرفاً, في سبيل عصبية آفنة, ومشارب كدرة.
وما هذا والله إِلا صنيع من تجردت نفسه من الأَدب والحياء مع رب الأَرض والسماء، و:" بئس الزاد إِلى المعاد العدوان على العباد".
لا أَظن المجاذب يجد للسكوت عن هذا مخرجا؟؟ وله مجلس مشهود في المدينة النبوية بشهادة بعض علمائها الجامعيين, وقرائها المشهورين - من أَنه قال في حق الإِمام مالك - رحمه الله تعالى -: "ذاك دَعِيٌّ؟؟؟"، ومن وراء هذا:
استعجمت دار مي لا تكلمنا ** والدار لو كلمتنا ذات إِخبار
5, 6- " التنكر لعلماء السلف", "غلائل التقديس المصبغة":
وإِذا كان يلتقي معه في رباعياته هذه - وأعيذ بالله كل مُسلم من التتابع في غَير حق - فلماذا يرغب في النزول عن العلو, لأَن جميع ما لديه من باطل, وحق, له سلف من طرازه في"الباطل", وفي الحق, لدى الذؤابة والسنام من السلف الأَماثل؟، فلماذا قطع الوصال بحبل السلف من هذا الباب, كأَنما مَرَّ على الإِسلام فجوة عظيمة لم يقم بِسَدِّهَا إِلاَّ:" أُستاذ المحققين, الحجة, المحدث, الفقيه, الأُصولي, المتكلم, النظار, المؤرخ, النقادة؟؟؟" إِلى آخر زخرف من الأَلقاب في مواضع متكاثرة, يقفوها من شيخه المعاني المروعة في خدش السنة, ورفع الأَسنة على أَهل السنة بالسب والتجديع, وتصحيح المنكر, وإِنكار الصحيح. كل هذا لسواد مشاربه؟، ويتبع هذا من التلميذ: سكوت طويل, ولا تعقيب ولا تنبيه؟؟؟.
أَلا يتردد هذا المسلك بين الغش, والإِقرار، إِن لم يكن هو عين الإِقرار؟؟؟.
7- احتضان المبتدعة:
ومن قال:" آخذ ما صفى, وأَدع ما كدر", قيل: هذا غير مقبول فيمن غلا وجفا, ونأَى عن الصدق والتُّقى, مع السكوت عن مسالكه في: التضليل والردى.
والمعقود في: اعتقاد أَهل السنة والجماعة أَنه لا ولاء إِلا ببراء, فلا موالاة للسنة إِلا بالبراءة من البدعة, ولا موالاة لعلماء السنة وأَهلها, إِلا بالبراءة من علماء المبتدعة وحملتها, وهلم جرا. فالمنابذة مستحكمة, والرحم جَذَّاء بين السنة والفعلات الشنعاء, والنهي عن المنكر من واجبات الشريعة الغراء, وكل امرئ بقدر ما فيه يكون الولاء والبراء, ويناصح وينبه على خَطَئِهِ وخطله, على ضوء شريعة رب الأَرض والسماء, وأَيضاً فلم يجر هذا منه في حق أَعداد من العلماء, بل تحطط على الشيخين: ابن تيمية, وابن القيم, وغيرهما, وأَرشد إِلى صحائف تحمل السَّخَائم والردى.
فهل يصدق من قال: بأَنه تائب من البدعة, وهو محتضن لحاملها, متنكر لمفترعها . فهذا العلامة المعلمي, المتوفى سنة 1386هـ - رحمه الله تعالى -: له جهود في خدمة السنة وعلومها, كما في "التنكيل" و"طليعته", وفي: تحقيقاته الحافلة في كتب في: الرجال, والأَنساب, والموضوعات, أَبدى يَراعُهُ فيها بَراعةً وَدُرَراً في أُصول التخريج, وقواعد الجرح والتعديل, في جهود انتشرت الاستفادة منها في كتب المعاصرين، ولم نر التلميذ يذكره بخير سوى مرتين, مرة لنقده, وأُخرى للتحجج به على بعض أَقرانه السلفيين؟، فبماذا يفسر هذا الهجران والتنكر لعالم سلفي؟، وبماذا تفسر تلك الحفاوة والاحتضان؟، نعم: لا يجتمع الولوع بين المتضادين، فكما لا يجتمع في قلب عبدٍ: حب القرآن وحب الغناء, فكذلك لا يجتمع حب السنة والبدعة, ولا حب السني والمبتدع ، والذي في قبضته ولوعه بهذا البائس .
قال العلامة محمد الخضر حسين - رحمه الله تعالى – في:" رسائل الإِصلاح": (2 / 13):" وكثيراً ما يقاس الرجل بأَصدقائه، فإِن رآه الناس يصاحب الفساق والمبتدعين: سبق إِلى ظنونهم أَنه راضٍ عن الابتداع، ولا يتحرج من الفسوق، وقد صرح بعض الشعراء أَنه: ترك مودة رجل من أَجل أَنه يصاحب الأَراذل من الناس، فقال:
يزهدني في ودك ابن مســاحق ** مودتك الأَراذل دون ذوي الفضل
8- الدَّنِيَّة بالدين:
فإِن قيل:" إِنه على مذهب السلف", قيل: لم يحصل في هذا ما يؤيده من الحواشي في بابَي:" الأَسماء والصفات والعبادة"، فما بقي إِلا سلفه على مشربه؟؟؟، وكم من مناسبة مرت ولم يحصل له أَي تقرير، ومن ينحو في الاعتقاد منحى السلف, المعروف عند الإِطلاق, ينفض يديه من المبتدعة, ويغسل كتبه من الخلفية, ويكف قلمه عن المدح, والتمجيد, والحفاوة بمن يلعن السلف, ويسبهم ويكفرهم.
وإِذا كان شيخه يكفر أَهل هذه الديار الكريمة السائرين على اعتقاد السلف الصالح في قديم الدهر وحديثه ممن يصفهم, ويصف أَئمتهم: ب:" الحشوية, والمجسمة, والبربهارية, والشرائحية, والتيمية, والوهابية, وزعيم البادية, وبقايا الوثنية, والصابئة الحرانية . . . وهكذا"، فإِن كان التلميذ لا يرتضي هذا: فكيف لا ينفيه؟؟؟, وإِن كان يرتضيه: فكيف يسوغ له ديناً وشرعاً أَن يعيش بين من يعتقد كفرهم؟؟؟, وأَنهم - كما يقول شيخه -:" بقايا نحل محاها الإِسلام, كما مَرَّ؟"، فبأَي المسلكين يحمي دينه, ويصون ماء وجهه؟؟؟.
فإِن قيل: بدا منه هذا في رسالته:" كلمات"، قيل: ليس فيه دليل واحد قائم بوضوح وجلاء يفيد هذا، وليس فيه حرف واحد يفيد التبري من هذه المشارب؟، وهذه الرسالة دفاعية, لم تحصل ابتداءً, وإِنما بعد:" التوضيح" الذي كاد أَن يعمل عمله, فحرر هذه على سبيل التَّضَنِّي, والدفاع الشخصي, ومخاتلة نفس القارئ, ومباهتة أَهل السنة على مرأَى ومسمع, في ورقات بعين عابسة, ونفس ساخطة, وأَدلة مكبة على وجهها بأُسلوب حَمَّالِ أَوجهٍ, يخذل أَولُه أخرَه, وآخرُه أَولَه, لصد الإِثارة عن الإِغارة، ومن مارس لغة المرتاب: عرفه في لحن خطابه، وكيف يصافحُ أَهْلَ السنة مَنْ يَداهُ مشغولتان بحمل المبتدعة؟، فعسى الله أَن يكف البأْس عن هذا القطر وكافة الأَقطار، فإِنه قد عرف على مدى التاريخ: توالي النذر من الطائفية, وأَن تعدد الاتجاهات, والتموجات العَقَدية, والفكرية في البلد الواحد, تورث انشطار أَهله, وصراعهم, وضعفهم, وأَن دين الإِسلام واحد لا يقبل الفرقة ولا الانقسام, ويأْبى هذه النواقض أَشد الإِباء, فيجب على من بسط الله يده أَن يقلم أظافر الفتن, ويقمع نوابت الضلال, وطوبى له في حماية الإِسلام والمسلمين:
أَرى خلل الرماد وميض نارٍ ** ويوشك أَن يكون لها ضرامُ
فإِن النار بالعودين تذكى ** وإِن الحرب أَوله كلام
لئن لم يُطْفِها عقلاء قوم ** يكون وقودَها جثثٌ وهامُ
هذا مجمل من العرض بحجة ظاهرة, ومراتب من الإِلزام ببيانات قاهرة, تكشف البعثرة المندسة في صفوف طلاب الحديث, فعلى طلبة العلم: التيقظ من كل مسرف على نفسه, ومنابذته وما كتب.
وجميل بمن سمع الحق: أَن يقيم الوزن بالقسط فيتبعه بوضوح وجلاء, فالاعتقاد لا يحتمل المجاملة ولا المتاجرة, ولا نثر ماء الوجه وإِهداء صيانته، فليصل العبد قلبه بربه، وليقطع أَسباب مثل تلك المحبة الجامحة به إِلى الهلكة، وليبحث: ليعلم، وليكتب: ليفيد. ولينقد: لنصرة الحق والحقيقة المستقيمة على الطريقة بمثل ما كان عليه النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام وأَصحابه -رضي الله عنهم-.
ومن حاد: فسيكون علمه وبالاً, وبحثه ضلالاً, وجهده هباءً. نعوذ بالله من الشقاء, والفتن الصماء، وإِن وراء الأَكمة رجالاً, وللحق أَنصاراً. [وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ] .
والحمد لله رب العالمين .