حديث وفوائده.................
04-03-2008, 10:35 PM
" أقيموا صفوفكم و تراصوا , فإني أراكم من وراء ظهري " .
حد

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 39 :

رواه البخاري ( 2 / 176 بشرح " الفتح " طبع بولاق ) و أحمد ( 3 / 182 , 263 )
و المخلص في " الفوائد " ( ج 1 / 10 / 2 ) من طرق عن حميد الطويل , حدثنا
# أنس بن مالك # قال :
" أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال : " .
فذكره .

زاد البخاري في رواية : " قبل أن يكبر " و زاد أيضا فى آخره : " و كان أحدنا
يلزق منكبه بمنكب صاحبه . و قدمه بقدمه " .

و هي عند المخلص بلفظ :
قال أنس : " فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و قدمه بقدمه " .
فلو ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس .

و سنده صحيح أيضا على شرط الشيخين و عزاها الحافظ لسعيد بن منصور و الإسماعيلي
و ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله :
" باب إلزاق المنكب بالمنكب , و القدم بالقدم في الصف " .

و أما حديث النعمان فهو :
" أقيموا صفوفكم ثلاثا , و الله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم " .
32 " أقيموا صفوفكم ثلاثا , والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 39 :

أخرجه أبو داود ( رقم 662 ) , و ابن حبان ( 396 ) , و أحمد ( 4 / 276 ) ,
و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 86 ) عن أبي القاسم الجدلي حسين بن الحارث ,
قال : سمعت # النعمان بن بشير # يقول :
" أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال : ..." فذكره ,
قال : " فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و ركبته بركبة صاحبه , و كعبه
بكعبه " .

قلت : و سنده صحيح , و علقه البخاري مجزوما به , و وصله ابن خزيمة أيضا في
" صحيحه " كما في " الترغيب " ( 1 / 176 ) و " الفتح " ( 2 / 176 ) .
ثم رواه الدولابي من طريق بقية بن الوليد , حدثنا حريز قال : سمعت غيلان
المقرىء يحدث عن أبي قتيلة مرثد بن وداعة ( قال : سمعت ) النعمان بن بشير
يقول : فذكره .

و هذا سند لا بأس به في المتابعات , و رجاله ثقات غير غيلان المقرىء ,
و لعله غيلان بن أنس الكلبي مولاهم الدمشقي , فإن يكن هو , فهو مجهول الحال ,
روى عنه جماعة , و قال الحافظ : إنه مقبول .

فقه الحديث :
------------
و في هذين الحديثين فوائد هامة :

الأولى : وجوب إقامة الصفوف و تسويتها و التراص فيها , للأمر بذلك , و الأصل
فيه الوجوب إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , و القرينة هنا تؤكد الوجوب
و هو قوله صلى الله عليه وسلم : " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " . فإن مثل هذا
التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى .

الثانية : أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , و حافة القدم
بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف
و لهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث
الأول من قول أنس :
" و أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ,
و بهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف و تسويته " .
و من المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها إلا
القليل منهم , فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في
مكة سنة ( 1368 ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة
و السلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة
- فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا , بل إنهم تتابعوا على هجرها و الإعراض
عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين
بقدر أربع أصابع , فإن زاد كره , كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة
" ( 1 / 207 ) , و التقدير المذكور لا أصل له في السنة , و إنما هو مجرد رأي ,
و لو صح لوجب تقييده بالإمام و المنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة ,
كما تقتضيه القواعد الأصولية .

و خلاصة القول : إنني أهيب بالمسلمين - و خاصة أئمة المساجد - الحريصين على
اتباعه صلى الله عليه وسلم و اكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن
يعملوا بهذه السنة و يحرصوا عليها , و يدعوا الناس , إليها حتى يجتمعوا عليها
جميعا . و بذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " .

الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم , و هي رؤيته
صلى الله عليه وسلم من ورائه , و لكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى
الله عليه وسلم في الصلاة , إذ لم يرد في شيء من السنة , أنه كان يرى كذلك خارج
الصلاة أيضا . و الله أعلم .

الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , و إن كان
صار معروفا في علم النفس , و هو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , و العكس
بالعكس ,.

الخامسة : أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن " قد قامت الصلاة "
بدعة , لمخالفتها للسنة الصحيحة كما يدل على ذلك هذان الحديثان , لاسيما الأول
منهما , فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجبا ينبغي عليه القيام
به , و هو أمر الناس بالتسوية مذكرا لهم بها , فإنه مسؤول عنهم : " كلكم راع
و كلكم مسؤول عن رعيته ... " .