تسجيل الدخول

#الكُرة_من_الدواء_إلى_الوباء ..

إن المجتمعات العربية بمكوناتها الإجتماعية ذات الطبقية المختلفة مع مراعاة الفروقات و الأذواق الخاصة بكل طبقة فكرة القدم إستطاعت في ظرف وجيز أن تتجاوز كل هذه الفروقات و أن تُقيم جسورا إجتماعية تفاعلية عاطفية بين الطفل و الشاب و بين الشاب و الكهل و بين الكهل و العجوز و حتى بين الجنسين الذكر و الأنثى ، لا يخفى على عاقل يُلاحظ و يحلل أنّ هذا الجلد المنفوخ صار مُستغلا من قبل أطراف لها مصالح من هواة هذا الجلد . و أجد بأن كرة القدم صارت تُستغل لأمرين قد يبدوان للوهلة الأولى متناقضين إلّا أن أواصل العلاقة بينهما قائمة و إن خفيت فهي ظاهرةٌ جلية بعد فيض تأمل و ملاحظة ، هذين الأمرين يتمثلان في :
#تخذير_فئة_الشباب_و_تحويرِ_مطامحهم_الحياتية وذلك من خلال قتل تلك الروح المبدعة التي تتطلع بالفطرة إلى الإكتشاف و تطوير الذات و هي التي صارت و للأسف متعلقة برزنامة مواعيد كروية يتم إنتظارها أسابيعا لا بل حتى شهور و أعوام بشغف ونهم مبالغ فيهما ..
#إستغلال_أنصار__الفرق_الكروية_لتحقيق_مآرب_سياسية، و ذلك من خلال إستمالتهم و ربط تاريخ هذه الفرق بحركات ليس لها من ذرة تواشج أو علاقة مع كرة القدم و بالتالي يصير الشغف و الحب من الكرة إلى أمور أخرى تولد العصبية و تساهم في تأججها و اتقاد لهيبها .
للأسف هذه الظاهرة تقتصر على مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص ، فالغرب يعتبرها وسيلة إقتصادية_إستمتاعية ، أي أنه مقابل شرائك تذكرة و إستمتاعك بمشاهدة مباراة كرة قدم فأنت تخدم الإقتصاد الوطني لتلك البلاد ، و لما نحاول إسقاط هذه المعادلة البسيطة على واقعنا نجد بأن البون بيننا و بينهم هائل و يدنى له الجبين ، فنحن نشتري التذاكر لنحجز مقاعدا في المقابر ..
و في ختام هذا المقال أؤكد بأن كرة القدم هي جرعة دواءٍ حقيقيةٍ و إن لم نتناولها بوصفة طبية فقد نتأتى مضاعافات و تأثيرات جانبية تضر بجسد هذا المجتمع المنهك و المتداعي يوما بعد يوم . لا يخفى على أحد أن الكرة صارت متنفسا حقيقيا للتخلص من أوجاع الحياة اليومية و العملية و الدراسية و وطأتها على الوظيفة العقلية من جهة و الوظيفة العاطفية من جهة أخرى ، و #لكن ما إن تتدخل تلك الأطراف في تسييسها فهي لحظيا و فوريا تصبح وباءا فتاكا يحصد أرواح الشباب من دون هوادة ...
يونس بلخام