مَن يَخدع مَن.. في التعليم؟
26-05-2015, 03:08 PM

الكانب
سليم قلالة

انتهت السنة الدراسية أو كادت. وبرغم الاضطرابات التي عرفتها، دخل أبناؤنا الامتحانات وسينتقلون إلى الأقسام الأعلى أو سيدخلون الجامعات. خبرٌ سار بلا شك، ولكن خَلفه تَكمن حقيقة لا بدّ من ذكرها، أن أبناءنا لم يدرسوا بالكيفية التي ينبغي أن يدرسوا بها، ولم يستفيدوا من التحصيل العلمي الذي ينبغي أن يستفيدوا به، ولم نُكلِّف أنفسنا عناء السؤال: مَن يخدع مَن؟
هل نجاح الموسم الدراسي هو في إجراء الامتحانات في مواعيدها وإعلان النتائج في وقتها وانتقال التلاميذ إلى الأقسام العليا؟ أم أن نجاحه هو في نوعية التعليم الذي قدَّمناه لهؤلاء التلاميذ والمستوى الذي انتقلوا به من سنة إلى أخرى؟
هل نجاح الموسم هو في الشكل، أم في المضمون؟
يبدو أننا أصبحنا نُقيِّم سياستنا التعليمية ـ كما أغلب سياساتنا ـ من خلال الشكل أكثر من المضمون، ومن خلال الكم أكثر من الكيف.
لا يهم إن دَرَس تلامذتنا حجما ساعيا أقل من أقرانهم في دول الجوار. لا أتكلم عن اليابان أو ألمانيا.. لا يهم إن كانت نوعية التحصيل العلمي ضعيفة لديهم.. لا يهمنا إن أنهى المعلم السنة كئيبا حزينا كافرا بالتعليم أو أنهاها فرحا مفتخرا بنجاح تلامذته مُسلّما لهم الجوائز والشهادات.. بقدر ما يهمنا أن تُجرى الامتحانات في وقتها، وأن تغلق المدارس أبوابها في اليوم المحدد.. لا يهم بعدها إن كان التسيير بالمظاهر والشكليات والأجندات وخداع النفس، أو بالمضامين ومواجهة الواقع كما هو: كم ساعة درسها أبناؤنا حقيقة بعد كل تلك الأيام من الإضرابات؟ وكيف كانت نوعية هذا التدريس والتلامذة تحت الضغط؟ وما هي مخرجاته؟
هي ذي الأسئلة التي ينبغي أن يطرحها السياسي الحقيقي والبرلماني الحقيقي والوزير الحقيقي والمسؤول الحقيقي في أي مستوى كان إذا كنا بحق نريد إصلاحا وتطويرا لمجتمعنا، إذا كنا نريد وضع حد لتلك السياسة التي أصبحت تطلب من المعلم والتلميذ والإدارة والمفتش وحتى من الوزير أن يبدو جميعا وكأنهم يقوموا بعملهم وإن لم يقوموا به في الواقع. أن يُجْروا الامتحانات وإن لم يدرس التلاميذ الحجم الساعي الكافي، أن يمكنوهم من النجاح والانتقال من صف إلى صف وإن لم يكونوا أهلا لذلك.
بكلمة واحدة، إذا كنا نقبل بأن نبدو في أي قطاع على غير حقيقتنا.. في التعليم، وفي التعليم بالتحديد ينبغي ألا يحدث ذلك حتى لا نخدع أنفسنا، ونفقد ما بقي لنا من أمل.