ذور الفناء في نقد كتاب جذور البلاء للشيخ شمس الدين2:
16-10-2020, 05:25 PM
قبل أن نسترسل في مقدمة الرد والنقد للكتاب المذكور من الجدير أن أنوه بنصائح بعض الإخوة والمشايخ الذين دأبهم البحث عن الحق عندما نصحونا بالإبتعاد عن لغة التعنيف والتجريح وهم مشكورين في ذلك وإن كنت مقتنعا بأن الطعن في عقيدة أهل السنة ورمي أئمتها بالتجسيم لا ينم إلأ عن عصبية أو حقد أو جهل، قال الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها*فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
ورغم ذلك فسأطهر مقالاتي القادمة من كل قدح أو قبح يعن للقارئ فيصرفه عن الإستفادة من موضوع البحث بداعي البعد الموضوعية والخلق الإسلامي النبيل وسوف أحجم عن الإلتفات لبعض التعليقات التي يتعصب أصحابها للأشخاص وعندهم ولع بالأبطال التي يصنعها الإعلام،لأن هؤلاء لاشأن لهم بالنقاش العلمي بقدر ما يجذيهم الإنبهار والإعجاب بالرجال الذين يحسنون التملق في الكلام والتزلف في المواقف حتى يظهروا بمظهر الأبطال الملهمين في الأزمات خاصة إذا تمسكوا بقاعدة خالف تعرف )،من هذا المنطلق كان الشيخ شمس الدين نموذجا للعالم الذي يصدع بالحق في وقته عند بعض الشباب وكدليل على ذلك -في نظر أولائك الشباب-فتواه بمنع غلق المساجد في زمن الجائحة أو الوباء لأنه وقت اللجوء إلى الله والأوبة إليه حتى يرفع البلاء عن الأمة؟!
لقد جاءت تلك الفتوى العجيبة في وقت كان الوباء ينتشر في الناس انتشار النار في الهشيم حتى أغلقت أغلب الدول مطاراتها ومدارسها وجامعاتها ومساجدها وكنائسها.
المهم ان اتسع المقام مستقبلا فسنعرج على بعض الفتاوى الشاذة للرجل ونبين مكمن مخالفتها لأهل العلم ،وما يهمنا الآن هو نقد هذا الكتاب الذي خطه مصنفه ليكون من قبيل العلم الذي ينتفع به فيتقرب به إلى الله زلفى،ولعلنا نشترك معه في هذا المسعى بالتصحيح والتنبيه على الأخطاء التي ينطوي عليها المصنف فنظفر رفقة صاحبه بحسن المثوبة.
وأخلص إلى بيان منهجيتنا في هذه المقالات المقتضبة التي سنحاول الجمع فيها بين التحليل والمناقشة والنقد والإستدلال بالنصوص الشرعية المعتبرة وأقوال أئمتنا خاصة من القرون الثلاثة المفضلة بالإضافة إلأى بعض أعلام المالكية وشيوخ جمعية العلماء المسلمين بالإضافة إلى أراء كبار علماء العصر على اختلاف مشاربهم (سلفية اخوان صوفية...) ومنهم الشيخ العلامة الطاهربن عاشور(مفتي تونس) والشيخ الغزالي والبوطي والمعلمي والإمام البنا وغيرهم وهذا كله في سبيل ابطال الدعاوى المنكرة والإفتراءات
الباطلة التي يعج بها الكتاب كاتهام أهل الحديث بالتجسيم ونسبة عقيدتهم إلى اليهودية والعياذ بالله والطعن في أئمة أعلام كالإمام الدارمي وإبن بطة والدارقطني وغيرهم بالإضافة إلى النيل من شيخ الإسلام ابن تيمية وتجريحه والتهجم على منهجه الصحيح في العقائد.
وسنبدأ قبل الشروع في موضوعات الكتاب بذككر مقدمات لابد منها لمعرفة منهج الكاتب القديم المتجدد وبيان مدرسته العقائدية والفكرية التي ينتمي إليها حتى نضع الموضوع في سياقه التاريخي وحقله المعرفي وهنا سنعرض لخلاصة موجزة عن عقيدة السلف خاصة في القرون الثلاثة الأولى التي شهد لها الرسول ص بالخيرية ،ثم نعرج على ظهور المدارس الكلامية كالمعتزلة والجهمية والأشاعرة وكيف تأثر بها العلماء والعامة من المسلمين ،ونركز على واسطة العقد وهو الإمام ابي الحسن الأشعري وانتشار طريقته الكلامية في العقيدة ورجوعه أخيرا لمذهب السلف وأهل الحديث.
بعد هذا سنخصص مقالات تمهيدية أخرى لبيان أخطاء المدارس الكلامية الإسلامية ذات المرجعيىة الفلسفية اليونانينة - وخاصة منها المدرسة الأشعرية- في الغيبيات والسمعيات وخاصة ماتعلق بالذات الإلهية وحقيقتها وصفاتها وذلك بالإستعاضة بالأدلة النقلية والعقلية المعززة دائما بأقوال علماء أعلام من السلف والخلف على حد سواء.
وفي الأخير نتطرق لنقض دعاوى الكتاب تجاه مذهب السلف والمتعلقة أساسا بالتجسيم والشذوذ عن الملة وانتهاج المذهب الحشوي بالإضافة إلى إلباس بعض العلماء المعاصرين ثوب الجمود الفكري والتنكر للنظريات العلمية بسبب اجتهاداتهم الفقهية التي قد يكون لها ما يبررها (يتبع) .