الرسوم المتحركة
13-01-2017, 09:27 PM
الرسوم المتحركة
الرسوم المتحركة أسلوب فني لإنتاج أفلام سينمائية يقوم فيه مُنتِج الفيلم بإعداد رسوم للحركة بدلاً من تسجيلها بآلة التصوير كما تبدو في الحقيقة. ويستدعي إنتاج فيلم للرسوم المتحركة، تصوير سلسلة من الرسوم أو الأشياء واحدًا بعد الآخر، بحيث يمثل كل إطار في الشريط الفيلمي رسمًا واحدًا من الرسوم. ويحدث تغيير طفيف في الموضع للمنظر أو الشيء الذي تم تصويره من إطار لآخر. وعندما يدار الشريط في آلة العرض السينمائي تبدو الأشياء وكأنها تتحرك.

يشتد الإقبال على تقنية الرسوم المتحركة في إنتاج الرسوم الهزلية (الكارتون)، كما يلجأ إليها فنيّو الدعاية للإعلان عن السلع في التلفاز. بالإضافة إلى ذلك يقوم منتجو الأفلام التعليمية بالاعتماد على نوعيات خاصة من الرسوم المتحركة للمساعدة في شرح الأفكار الصعبة، أو الموضوعات التي يستحيل توضيحها في مشاهد واقعية. ويمكن الجمع أيضًا بين الرسوم المتحركة ومشاهد الحركة التي يتم تصويرها سينمائيًا.

أنواع الرسوم المتحركة

بالإمكان الحصول على نوع من الرسوم المتحركة بدون الاستعانة بأي وسائط تقنية، عن طريق الاعتماد على وسيلة في غاية البساطة تُعرف باسم دفتر التصفح السريع وهو مجموعة من الرسوم التخطيطية (الاسكتشات) في صفحات متتالية، كل واحدة فوق الأخرى في تسلسل واضح. فإذا تم تقليب هذه الصفحات بحركة سريعة خاطفة، بدت الرسوم وكأنها تتحرك.

قبل الشروع في إعداد فيلم الرُّسوم المتحركة يجب اختيار قصة، يعدها فنان من كاتبي المشاهد، فيقوم بتجهيز ما يعرف بـ لوحة تسلسل المشاهد؛ وهي في مقام سيناريو الفيلم ولكنها تشبه شريطًا ضخمًا للمصورات الهزلية مكونًا من رسوم تخطيطية تصور المشاهد المتتالية للقصة، مطبوع عليها جمل الحوار الخاصة بكل مشهد.

بعد موافقة المخرج وبقية الفنيين على محتويات لوحة المشاهد، يتم تسجيل الموسيقى التصويرية، بتتبع لوحة تسلسل المشاهد بدقة حتى يوائم الإيقاع الموسيقي ولقطات التسلسل الحركي للفيلم. وثمة طريقة أخرى يلجأ إليها صانعو الأفلام عن طريق استعمال شريط العرض وهو شريط للرسوم يتم به تحديد عدد الإطارات الفيلمية التي تستنفدها كل كلمة في الحوار المسجل. وبعد إتمام هذه الخطوات التمهيدية، يشرع الفنيون في إتمام فيلم الرسوم المتحركة بواحد من عدة أساليب لعمل ذلك.

الرسوم المتحركة من أوراق السيلولوز. أكثر الطرائق، انتشارًا في تجهيز أفلام الرسوم المتحركة. ويمكن أن يتطلب إنتاج فيلم مميز طويل من أفلام الرسوم المتحركة آلاف الرسومات المنفصلة، وقد يستغرق إتمامه ثلاث سنوات. كما يحتاج الخبرات المتخصصة لعديد من الأفراد. وقد تم تنفيذ فيلم الثلج الأبيض والأقزام السبعة (1937م)، وفيلم بينوشيو (1940م) بهذه الطريقة. وبالإضافة إلى ذلك يتم بهذه الطريقة تجهيز أغلب أفلام الرسوم المتحركة الخاصة ببرامج الأطفال التلفازية.

يستعين مخرج الفيلم بواحد من فناني تبويب المشاهد لتعيين النسق العام والقيام برسمه، وتحديد الكيفية التي تتحرك بها الشخصيات ومظهرها العام، بالإضافة إلى تقطيع السرد الفيلمي إلى مشاهد منفصلة. عقب هذه المرحلة، يقوم فنانو تبويب المشاهد بتجهيز رسومات إرشادية لمجموعتين من الفنانين، هما: رسامو الخلفيات ورسامو التحريك.

يقوم رسامو الخلفيات برسم المناظر التي تشكل كل العناصر اللازمة باستثناء الشخصيات. ويتولى رسامو التحريك تنفيذ اللوحات الخاصة بالشخصيات بأعداد محدودة وفق المتطلبات الحركية للحوار، بناء على شريط العرض. ففي حالة قيام إحدى الشخصيات بالرد على الهاتف مثلاً، بقوله: نعم، يتضح من الرجوع إلى شريط العرض أن هذه الكلمة تستغرق ثمانية إطارات من الشريط الفيلمي. وهكذا يصبح لزامًا على رسامي التحريك تنفيذ حركة الشفاه في تسلسل من ثماني لوحات تحاكي شكل الفم عند نطق الكلمة، إضافة إلى كل الحركات المصاحبة التي تأتي بها الشخصية التي يتم رسمها.

وعند إتمام مرحلة تجهيز الرسومات، تقوم مجموعة أخرى من الرسامين بنسخ الرسومات على لوحات من ورق الأسيتيت (الشفاف) الذي يعرف باسم سيلز؛ وهو مشتق من مادة السيلولوز ـ وهي المادة التي استعملت في أول خطوات التجهيز ـ يقوم قسم التلوين بعد ذلك بطلاء اللوحات المنسوخة على وجهها الخلفي بالألوان المطلوبة. تستعين بعض معامل تصوير الرسوم المتحركة بالحاسوب لتنفيذ عمليات التحبير والتلوين على أوراق السيلولوز.

ويتولى الفنيون بعد ذلك تجميع وتصنيف اللوحات في مشاهد. ومن ثم تُحوّل لوحات التحريك (السيلولوز) ولوحات المناظر الثابتة (الخلفيات) إلى قسم التصوير. فيتم تصوير لوحات التحريك إطارًا بعد إطار فوق لوحات المناظر الخلفية الصحيحة والمواءمة بين لوحات التحريك واللوحات الخلفية. وبعد انتهاء التصوير يتم تسجيل الصوت على الشريط، ويعقب ذلك طبع النسخ استعدادًا للعرض.

أنواع أخرى من الرسوم المتحركة. وتشمل: 1- التحريك بالدُّمى 2- التحريك بنماذج الصلصال 3- التحريك بنقاط الضوء الإلكتروني 4- التحريك بالتدبيس 5- التحريك بالحاسوب.

التحريك بالدُّمى. يعتمد على استعمال مجسمات ذات ثلاثة أبعاد للشخصيات والأشياء. ويكثر استعماله في إنتاج الأفلام القصيرة. كما يستخدم في إنتاج أفلام المغامرات الطويلة كفيلم حرب النجوم (1977م)، وقاتل التنين (1981م)، ومخلوق من خارج الأرض ـ إي تي ـ (1982م).

وثمة نوعان من أساليب التصوير يعرفان باسمي تقطيع الحركة، وتطبيع الحركة، يسَّرا تنفيذ أفلام الدمى المتحركة. إذ يعتمد أسلوب تقطيع الحركة على آلة للتصوير يجري تعديلها، حتى تسجل لقطات متباعدة زمنيًا، يتمكن خلالها الفنيون من إجراء تعديلات طفيفة على مجسمات الشخصيات والأشياء، بين لقطة وأخرى. وعندما تدور إطارات الفيلم سريعًا في آلة العرض تبدو المجسمات وهي تتحرك. ويضفي أسلوب تطبيع الحركة تحسينات على حركة المرئيات فتبدو أكثر طبيعية، إذ يلجأ الفنيون إلى الاستعانة بآليات خاصة، تقوم بتحريك آلات التصوير والمجسمات أثناء التصوير، فيتسبب ذلك في كسر الحدة من حواف المجسمات المتحركة، مما يجعلها تبدو أكثر حيوية وإقناعًا.

التحريك بنماذج الصلصال. أحد أساليب إنتاج الدمى المتحركة. يتم فيه إعداد النماذج من الصلصال، ويستعمل في إعلانات التلفاز وأفلام الدمى المتحركة القصيرة.

التحريك بنقاط الضوء الإلكتروني . أحد أساليب التظهير الفيلمي، بحيث يبدو الأداء الحي للممثلين، وكأنه ضرب من الرسوم المتحركة. وفيه يعدل الممثلون حركتهم تعديلاً طفيفًا كلما توقفت آلة التصوير، مما يضفي مظهرًا آليًا على الجسم الإنساني.

التحريك بالتدبيس. عملية تستخدم فيها لوحة بيضاء كبيرة بها مايزيد على مليون ثقب صغير، يقوم فنيو التحريك بملئها بدبابيس بلا رؤوس. وبعد ذلك يسلطون عليها إضاءة جانبية ترمي ظلالاً تكوِّن منها الأشكال المستخدمة رسومًا متحركة. ويقوم الفنيون كذلك بتغيير الدبابيس وتبديلها لتغيير هذه الأشكال وتنويعها.

التحريك بالحاسوب. يُستخدَم فيه الحاسوب للتلوين والتظليل وتحريك الأشكال التي يقوم برسمها فنانون على لوحة للعرض. وهي طريقة أسرع في بعض الأحيان من الرسم باليد. إذ بمقدور الحاسوب إنجاز رسومات بالغة الدقة والتفاصيل. ولذلك عمَّ استعماله في تنفيذ أجزاء الرسوم المتحركة في الأفلام التعليمية. ويستعمل التحريك بالحاسوب في إعلانات التلفاز وأيضًَا في الأفلام الروائية. ويستعين بعض فنيّي التحريك بالحاسوب في تعجيل بعض مراحل التجهيزات التي تتم بطريقة الرسم على لوحات السيلولوز الشفافة.

نبذة تاريخية

اشتملت الأشكال الباكرة لدمى التحريك على لعب متحركة، تم تطويرها في القرن التاسع عشر الميلادي منها الجهاز المسمى الديداليوم الذي ابتكره وليم جورج هورنر عام 1834م. وعرف هذا الديداليوم فيما بعد باسم زوتروب أو عجلة الحياة. وهي تركيب أسطواني يطوي عليه المشاهد شريطًا ورقيًا مليئًا برسوم متسلسلة، وعندما يدير المشاهد الجسم الأسطواني، وينظر من خلال فتحات تعلو سطحه، تبدو الأشكال المرسومة وكأنها تتحرك. وقد ساهم مثل هذا الجهاز في التمهيد لاختراع الرسوم المتحركة.

المحاولات المبكّرة للرسوم المتحركة. كان البريطاني آرثر ملبورن كوبر من أوائل الذين قاموا بإنجاز أفلام للرُّسوم المتحركة، إذ قام ملبورن عام 1899م بتصوير سلسلة من تشكيلات من أعواد الكبريت على إطارات منفصلة من شريط فيلمي، على سبيل الدعاية لإحدى السلع. كما أصبح الرسام الصحفي الأمريكي جيمس ستيوارت بلاكسُتن أول من قام بتصوير الرسوم في إطارات فيلمية متصلة. فقد قام عام 1906م بإعداد شريطه المسمَّى الجوانب الفكاهية في الوجوه المضحكة، من تصوير رسومات بالطباشير على السبورة على مراحل متعددة. ومن أهم الرواد في هذا المجال أيضًا، الفرنسي إميل كول، الذي أكمل 200 من أفلام الرسوم المتحركة القصيرة في الفترة بين عامي 1908م و 1918م بدءًا بفيلم فانتازماجوري.

وفي عام 1911م، قام رسام الرُّسوم المتحركة الأمريكي الشهير ونسور ماكي بعرض فيلمه الأول للرسوم المتحركة المسمى نيمو الصغير بمدينة نيويورك، وظهر أشهر أفلامه للرسوم المتحركة، المسمى الديناصور غيرتي عام 1914م. وقد نجح ماكي في إنتاج أفلام عالية الجودة بشخصيات تميزت بمرونة في الحركة وسمات سلوكية واضحة، مما أسهم في ابتداع الأساليب التقنية، ومؤثرات الإقناع الحسي التي قامت عليها معايير الجودة التشخيصية لأفلام الرسوم المتحركة. وأصبحت أعماله ذات تأثير على إنتاج أفلام الرسوم المتحركة لأنها اشتهرت بانسياب حركتها، ومستوى رسوماتها ذات الجودة العالية، والحس المرهف بالكتلة، إضافة إلى السمات الذاتية الفريدة للشخصيات في هذه الأفلام.

وفي عام 1914م، قام فنان الرسوم المتحركة الأمريكي جون راندولف بريي، بإدخال أنظمة التنسيق الانسيابي على عمليات تحضير الرسوم المتحركة. وأضحت معامل التصوير بفضل هذه الترتيبات، تعمل بالنهج الآلي للمصانع الحديثة، مما أدَّى إلى سرعة الإنجاز، وانخفاض تكاليف إنتاج الأفلام الرسوم المتحركة. وانضم بريي فيما بعد إلى فنان الرسوم المتحركة الأمريكي آيرل هيرد مخترع أسلوب لوحات السيلولوز؛ ليوحدا مجهوديهما في مجال الإنتاج. وقد أحدث اتحادهما طفرة كبيرة في المجالات التقنية للرسوم المتحركة.

وبحلول عام 1915م شرعت معامل تصوير السينما الأمريكية في إنتاج العديد من المجموعات المسلسلة لأفلام الرسوم المتحركة، مسندة بطولة كل سلسلة إلى شخصية من الشخصيات المألوفة. وقد قام رسام متقاعد للرسوم الهزلية، يُدعى ماكس فليتشر بابتكار شخصيات كوكو البهلوان، وبيتي بوب والبحار بوب آي. كما ابتكر رسام متقاعد آخر يُدعى بات سوليفان سلسلة القط فيليكس. واشتهرت أيضًا شخصية كولنيل هيزا لاير، وكريزي كات ومَطْ وجف ضمن ما اشتهر من شخصيات للرسوم الهزلية، وكان بعضها قد ظهر في صفحات الرسوم الهزلية الصحفية.

وفي الوقت الذي ركّز فيه فنانو الرسوم المتحركة الأمريكيون على الجوانب التشخيصية، التفت غيرهم إلى تحديث الجوانب التقنية وتحسينها في البلاد الأخرى. إذ قام فنان روسي يدعى لاديسلاس استاريفيتش على سبيل المثال، باستعمال الدمى المتحركة في العشرينيات من القرن العشرين الميلادي. وقام الألماني لوت رينيغر باستعمال الأشكال المسلْوَتة أ ي السوداء على خلفية مضاءة في أفلامه القصيرة. كما قام بعض الفنانين الأوروبيين باستعمال الأشكال التجريدية في أفلامهم بغرض التجريب، كالألماني فولتر روتمان و أوسكار فيشينغر، وهما رسامان ومنتجا أفلام سينمائية. وقد قاما بإنتاج أفلام قصيرة للرسوم المتحركة اعتمدت على التجريدات الهندسية. وفي أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، قام كل من ألكسندر أليكسييف ـ الروسي المولد ـ وكلير باركر الفنانة الأمريكية بتطوير التحريك بأسلوب التدبيس بفرنسا.

والت ديزني. يُعدُّ أكثر منتجي أفلام الرسوم المتحركة شهرة. إذ يعود إليه الفضل في ابتكار أشهر شخصيات أفلام الكرتون، كشخصية ميكي ماوس و دونالدك وغوفي و بلوتو. وقد كرَّس جهوده بين عامي 1928م و1938م في تطوير الجوانب التشخيصية لأفلام الرسوم المتحركة، التي تركت أثرها الواضح على السرد القصصي والتصميم والتنظير الفني في كل مجالات الإنتاج السينمائي لأفلام الرسوم المتحركة.

وقد كان ستيمبوت ويلي (1928م) أول الشرائط الناطقة من أفلام الرسوم المتحركة. وهو من بطولة ميكي ماوس. وقام ديزني في الفترة بين عامي 1929م و1939م بإنتاج سلسلة من أفلام الكرتون تحت اسم السمفونيات البلهاء. وقد أقدم عام 1937م على إنتاج الثلج الأبيض والأقزام السبعة أول أفلام الكرتون الطويلة، وأحد أكثر الأفلام شعبية في تاريخ السينما. تشمل أفلام ديزني الطويلة الأخرى بينوتشيو (1940م)؛ فانتازيا (1940م)؛ دمبو (1941م)؛ بامبي (1942م)؛ السيدة والمتشرد (1955م).

الرسوم المتحركة في منتصف القرن العشرين الميلادي. قام العديد من معامل تصوير السينما الرئيسية، إلى جانب والت ديزني، بالسيطرة على إنتاج أفلام الرسوم المتحركة خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين الميلادي، إذ أقدم كل من وليم حنا، و جوزيف باربيرا، من شركة مترو جولدن ماير، على إنتاج سلسلة من أفلام الرُّسوم المُتحرِّكة القصيرة من بطولة الثنائي توم وجيري وهما قط وفأر. وأنتج وولتر لانتز من شركة يونيفيرسال أفلامًا قصيرة من بطولة الأرنب أوزوولد. وقام لانتز فيما بعد بتقديم الطائر وودي وودبيكر. كما أسندت شركة وارنر إخوان إلى كل من تكْس إفري، وتشْك جونز، وفريتز فريلنج مهمة إخراج أفلام رسوم متحركة قصيرة بطولة بغز بني، ودفي دَكْ وإلمَر فَدْ وبوركي بج.

وأنجز نورمان ماكلارين خلال هذه الفترة أفلامًا للرسوم المتحركة نالت قدرًا من الاستحسان، للهيئة القومية للسينما بكندا. وقد ذاعت شهرة ماكلارين لأسلوبه في التلوين المباشر على لوحات الرسوم المتحركة. وشملت أعماله في هذا المجال أفلام فيدل دِدي (1947م)؛ فلتذهب الهموم (1949م)؛ الجيران (1952م)، وهو من أفلام التحريك بنقاط الإضاءة الإلكترونية.

وفي أوائل الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي انفصل لفيف من فناني الرسوم المتحركة عن معامل تصوير ديزني وكونوا تجمعًا يسمى اتحاد أصحاب الإنتاج الأمريكي. وكانوا يرفضون أسلوب الواقعية الطبيعية لوالت ديزني، ويفضِّلون تركيز اللمسات القوية، والمسطحات اللونية الصريحة السائدة في الاتجاهات التشكيلية الحديثة. وقد تَبين انخفاض تكاليف الإنتاج عند العمل بهذا الأسلوب الجديد مقارنة بأساليب ديزني الإنتاجية. ومن ثم انعكس تأثيره على الأداء في معامل تصوير الرسوم المتحركة بجميع أنحاء العالم. كما أدَّى انخفاض تكاليف الإنتاج إلى نجاح الإنتاج التلفازي من الرسوم المتحركة لبرامج الأطفال.

وانفصلت فيما بعد مجموعة من فناني الرسوم المتحركة عن الاتحاد الأمريكي ليكوّنوا شركاتهم الخاصة. كان من بينهم جون هبْلي صاحب الموهبة المتميزة، وزوجته فيث، وقد قاما بتنفيذ أعمال وسعت المحتوى الدرامي وأساليب التشخيص في أفلام الرسوم المتحركة. شمل أشهرها طائر القمر (1959م)؛ يوم عاصف (1967م)؛ كوكاودي (1973م).

وفي منتصف الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي بدأت التجارب لتنفيذ الرسوم المتحركة بالحاسوب الرقمي مع بداية انتشاره. ومنذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين الميلادي ازداد الاعتماد على الحاسوب في تنفيذ أفلام الرُّسوم المتحرِّكة الطويلة، وإعلانات التلفاز.

الرسوم المتحركة اليوم. استعادت أفلام الرسوم الهزلية المتحركة الطويلة مكانتها خلال الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، إذ أعلن قسم الرسوم المتحركة بمعامل تصوير والت ديزني عن خططه لإنتاج فيلم طويل كل عام. وكان نشاطه الإنتاجي قد تدهور منذ وفاة والت ديزني عام 1966م. وقام المخرج السينمائي ستيفن سبيلبيرج بعرض فيلمه الأول للرسوم المتحركة أمَرِكان تيل (1986م). كما تعاون سبيلبيرج مع استوديوهات والت ديزني في تنفيذ من قام بتوريط الأرنب روجر (1988م) وهو فيلم نجح في الجمع مابين مغامرات الأفلام الروائية والرسوم المتحركة.

ازداد إنتاج أفلام الرسوم المتحركة حاليًا في جميع أنحاء العالم، إذ يعمل آلاف الفنانين في مراكز إنتاجها في بعض البلدان مثل كوريا الجنوبية واليابان. كما أن أشهر مصادر إنتاجها بشرقي أوروبا يوجد في تشيكوسلوفاكيا السابقة؛ حيث اشتهرت أفلام جيري ترِنْكا التي اعتمدت على الدمى المتحركة. وظهر عديد من مبدعي هذه الأفلام كذلك في كل من يوغوسلافيا السابقة والمجر.

وقد أدَّى الاعتماد على التقنيات الحديثة، كتنفيذ الرسومات بالحاسوب في أواخر القرن العشرين الميلادي إلى تلاشي الحواجز القائمة بين الواقع الحي للفيلم الروائي والرسوم المتحركة، وهذه تطورات قد تقود في نهاية المطاف إلى آفاق إبداعية غير مطروقة في مجالات صناعة الصور.


سحر الحرف والكلام


شكرا للأخ صقر الأوراس على التوقيع