الرد على من سولت له نفسه تكفير أخاه
14-09-2007, 09:42 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مصعب مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
أنتم و الله مساكين ليس لدكم إلا الأحكام الجاهزة ..ضال .. خارجي.. تكفيري ......
سبحان الله أنا خارجي لأني أعتقد كفر من عطل الشريعة و خرجت على بوتفليقة .....
فما هو الحكم لديكم على من خرج على الشريعة ....وأحل الحرام و حرم الحلال و والي الكفار .....

أحاول الجواب على السؤال الذي تطرح و هو التالي:
"فما هو الحكم لديكم على من خرج على الشريعة ....وأحل الحرام و حرم الحلال و والي الكفار...؟

سؤالك فيه أحكام مسبقة.

حكمت على الرئيس أو غيره بالخروج على الشريعة جاهلا (أو متجاهلا) أن الشريعة تنص على أن للضرورة أحكام حيث حرم الله الميتة و الدم و لحم الخنزير إلخ من المحرمات مضيفا: "إلا من اضطر فإنهم غير ملومين" مما افرز المبدأ الفقهي المعروف: "للضرورة أحكام او الضرورات تبيح المحضورات."

نحن نعلم، مثلا، أن الربا محرم و نشاهد المؤسسات الرسمية تتعامل بنسب الفوائد (ربا، والحاكم مسؤول على هذه الإجراءات)، فنتسرع في حكمنا بتكفيره (إن كنا تكفيريين) أو عصيانه (إن كنا معتدلين)، حيث كثير منا لا يعلم أن القضية تندرج ضمن ما هو مفروض علينا بحكم تعاملنا بالنقود الورقية (مخلفات الإستعمار) التي تحتاج إلى آلية للتحكم في تضخمها نظرا لضرورة توفير السيولة اللازمة لتنشيط الإقتصاد و التحرر من التبعية الإقتصادية و الإستعمار الجديد...و توفير منح المتقاعدين إلخ...إلى حين تمكننا من إعادة هيكلة الإقتصاد بحيث نستطيع ربط العملة الوطنية بمقابلها المادي، ذهبا أو فضة.

إن ربطنا عملتنا بالذهب و الفضة في حين أننا نقبل الدولار و غيره من العملات الأجنبية لإقتناء لوازمنا المستوردة فإن هذه العملات تستطيع أن تشتري عملتنا الذهبية حتى لا يبقى في الجزائر دينارا واحدا من الذهب...لا يمكننا، في الوقت الراهن، فصل الإقتصاد الوطني عن الإقتصاد الكلي و عن النظام النقدي العالمي...

لا تتسرع في تكفير أخاك المسلم. اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. اسألوا من لديهم دراية بدواليب الحكم.

أنت تلاحظ مثلا الخمر المستورد في بلادنا و تصدر أحكامك المتسرعة أن الحكام في الجزائر لا يطبقون الشريعة التي حرمت الخمر، بسماحهم استيراد تلك المواد، و لكن لا تعلم أن إعادة جدولة الديون في الجزائر فرضت علينا خيارين كلاهما مر. إما الإستعمار لأن تلك الديون مرهونة بالتراب الوطني أو قبول قوانين الإقتصاد الحر، أي عدم التدخل في قوانين العرض و الطلب...حيث إذا فيه طلب للخمور من طرف المستوردين الجزائريين لا يمكن للدولة أن تمنع ذلك لأن عليه التزامات، معاهدات، تعاقد...و أنت تعلم أن العقد ملزم في شرعتنا.

الإسلام دين الدولة، كما ينص عليه الدستور، و لا يمكن فصل مفهوم الدولة عن الأفراد الذين ينتمون إليها. القوانين الوضعية وضعها جزائريون. إذا كان دين الدولة هو الإسلام، يمكننا القول أن تلك القوانين وضعها مسلمون، و هي قوانين تأخذ بعين الإعتبار جميع الحيثيات، داخلية كانت أو خارجية، و باتالي قد تبدوا متناقضة مع الشريعة للملاحظ الذي ليس له دراية باضرورات التي تبررها...و زارعي الفتنة يلعبون على ذلك الوتر حتى تبقى الجزائر في تبعية مؤبدة...يخربون بيوتهم بأيديهم، فاعتبروا.

قضية الديموقراطية كذلك وضفت من طرف أعداء الأمة الذين يغسلون أدمغة الشباب السذج الذين لا دراية لهم بالكلياتت.

يقولون أن الديموقراطية حكم الشعب و الله يقول "إنما الحكم لله" و "من لم يحكم بما أمر الله فألائك هم الكافرون"، و من يثبت حكم الشعب فقد كفر، مقتنعين بسلامة منطقهم، جاهلا لحقيقة ربهم الذي يعلم و هم لا تعلمون أن لا حول و لا قوة إلا به.

هل من إله مقابل الله حتى يكون له حكم، حتى و إن أكد الله أن الحكم في الحقيقة لله؟ تأمل في معنى "إنما"...

أنتم المدعون بتطبيق أحكام الشرع، تجهلون أنكم تحكمون بأنانياتكم حين تفسرون النصوص الشرعية، خاصة المتشابه من الآيات، التي لا يعلم تأولها إلا الله، وفق أهوائكم، و إن اختلف معكم السواد الأعظم من الأمة، ضاربين عرض الحائط قول نبيكم عليه الصلاة و السلام، أن يد الله مع الجماعة، و أن الذئب يأكل من الشاة القاصية.

سوف يأكلكم الذئب إن هجرتم إخوانكم و كفرتموهم لأنهم يختلفون معكم في الفهم.

لما لا يحكم الشعب بما أمر الله و مصدر تشريعه لما ليس بالمحكم هو الإسلام الذي يبيح المحظورات عند الضرورات التي تجهل حيثياتها.

الشعب يحكم و لكن،في الحقيقة، الله هو الحاكم، لكم أو عليكم...إنما، في الحقيقة، الحكم لله.

و أنت يا مدعي أنك سوف تحكم بما أمر الله، هل أمرك أن تشرك به؟

قولك ينم عن وجود صفة شيطانية خفية...و كأنك تقول أنا خير منه، هذا الذي يختلف عني في الرأي و التأويل لمعاني الآيات القرآنية، و إن كانت متشابهة يختلف الفهم حولها.

تقول بلسان حالك "أنا خير منه"، حين أصدرت حكمك عليه، و أنت تقول أن الحكم لله، بأنه كافر إذا طبق أحكاما ناجمة عن شورى و إجماع حول ما اختلف الفهم حوله (الديموقراطية تعني شورى تبرز اختلاف الرؤى مما يستدعي اللجوء إلى عملية الاقتراع المبرز لمدى إجماع الناس حول الطروحات المختلفة)...

جاهلا أنك توقفت عند مظاهر الحقائق في حين أن صاحبك الذي حكمت عليه بالكفر، هو في الواقع من ذوي الألباب و المعاني. و هو لم يكفرك، و لم يستحل دمك، بل جهلك حتى تستيقض من سباتك و تكف عن تمجيد ذاتك.

شركك بربك خفي يتجلى من خلال كلامك أن العلم ليس لله و لكن لك وحدك متخذا إلهك هواك.

الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به من خلال تبني صفاته في العلم، و كأنك منزه عن الخطأ، متجاهلا قول نبيك أن كل بني آدم خطاء، و خير الخطائين التوابون، إذا اكتشفوا سوء حالهم أصلحوه، تابوا عنه.

قل رب زدني علما.

من الذي حكم بما أمر الله، الشخص الذي أثبت تجليات صفات ربه في غيره من مخلوقاته من الرحماء و العلماء أم أنت الذي تدعي امتلاكها كلها؟...

يا مسكين.

"الله يعلم و أنتم لا تعلمون"

و في هذا الحديث كفاية و السلام

يوسف الفقير لربه
من يعرف لا يعرف. من لا يعرف يعرف