التعتعة والمحلّلون
12-01-2010, 09:32 AM
يتتعتع الكثير من حُكّامنا في الحديث سواء باللغة العربية أو حتى باللهجات المحلية، ولا يستطيعون إتمام عبارة دون أخطاء، ومع ذلك، تجد الجحافل من المدّاحين والزرناجية يُصوّرونهم على أساس أنهم جهابذة في الأدب والنحو، ويسارعون لتوجيه الرأي العام حول بعض ما سُطّر لهم من طرف أجهزة الاستخبارات، وكأنّ هؤلاء المتعتعون نوابغ في علم الكلام، يستحقون هذه الرعاية الكاملة في وسائل الإعلام وهذه الجعجعة دون طحين.


تُحاول مختلف وسائل الإعلام بمكرها وخبثها التغاضي عن كل الأخطاء التي يقعون فيها، بل يتعرض الصحفي ذاته إلى الطرد لو أخطأ في مُفردة أو عبارة من جمل المدح المُعدّة لذلك الرئيس أو الوزير أو الملك.

إنّ الرئيس أو الوزير أو الملك الذي لا يستطيع التعبير حتى باللّهجة المحلية، لا يُنتظر منه شيئا، فمن أين تأتيه الأفكار وهو أبكم، و في ظلّ هذا الكمّ من المعلوماتية والتكنولوجيا؟

هل بلغ الغباء بالصحفيين إلى تنميق عباراته المخلوطة والمغلوطة وتزويقها على أساس أنها خُطب عصرية؟ أم أن هذه الثلة من الصحفيين أشربوا فنّ التملق على حساب المهنة التي تتطلب الصدق والنزاهة؟

إنّ الصحفي الذي لا تهمه إلاّ الشهرة واللّمعان، كان عليه أن يختار مهنة عرض الأزياء خير له من هذه التجارة الكاسدة التي يمارسها، وعلى وسائل الإعلام بصفة عامة، أن تتوقف من إيذاء الشعوب بهذه الرداءة التي ساهمت في قتل الإبداع، ودفعت الكثيرين من كوادرنا مغادرة الأوطان بكثير من الوسائل، وأصبح البعض منهم يفضل العمل في التنظيف عند الغرب، خير له من أن يمارس مهنة الطب في بعض البلدان، بل حتى الكثير من الطلبة سواء في الثانويات أو في الجامعات، قرروا التوقف عن الدراسة طالما أن العلم وأهله لا مكانة لهم في المجتمع.

لا مكانة إلاّ لأصحاب الجاه والسلطان، ولا شهرة إلا لأصحاب المادة وبعض من الفنانين، الذين تساندهم ترسانات من الإعلام المُوجه، لاستغلال شهرتهم في أوقات معينة.

يُصاب الإنسان باليأس والقنوط، عندما يستمع لبعض من سُلّطوا علينا من الحكام، فلا ثقافة لهم ولا حسن الكلام، عبارات بالية خالية من المفاجآت، قارئها كأنه لم يدخل المدرسة قطّ، ومع ذلك تجد مؤسسات كاملة بخيلها وحميرها وعتادها في خدمة هؤلاء الصنف من المتعتعين.

فأين الكوادر من الأطباء وأين المهندسون، وأين الدعاة وأين العلماء، وأين الأساتذة والقضاة... الخ؟ أم رضي هؤلاء بأن يُقادوا ويخدموا هذا الصنف الذين لا هُم خدموا البلاد، ولا استراح منهم العباد.