الرجل كرة البينغ بونغ والمرأة الدبوّس...أفضل الأزواج في العالم
18-02-2012, 11:39 AM
عندما يتأمل الإنسان في مسألة ما يريده الرجل من المرأة وما تُريده المرأة من الرجل تأمُّلا سطحيا ، قد يقع لأول وهلة في حيرة مُربكة للغاية، لأن الشروط التي يُحبّذها كلّ من الطرفين في الشريك ( الزوج) تبدو متناقضة بل غريبة في بعض الأحيان، ويحدث هذا عندما يطلب كلّ طرف في شريكه أمرا أو صفة ويطلب في نفس الوقت الصفة المناقضة والمقابلة لها...فالرجل يريد من زوجته أن تكون معه هادئة، ورقيقة، ولا تكاد ترفع صوتها فوق صوته، وفي نفس الوقت لا يريد رؤيتها ضعيفة أو مستكينة أمام قريناتها بل يتمنى لو تكون على أشرس حالاتها في شجار مع الجارة مثلا، أومع الضرّة في بعض الحالات ...والمرأة بدورها تحبّ من زوجها أن يكون قويّا في تعامله معها لكن حنونا في الآن نفسه، وقاسيا أحيانا لكن لطيفا، ومُسيطرا لكن مُنقادا ومُطيعا أيضا...
فهل هذه أحجيةٌ تقف نواة الأسرة عاجرة أم فكّ طلاسمها؟ أم أنها مجرد لعبة مسليّة من من ألعاب الحياة التي يسّرها الربّ الرحيم عزّ وجلّ لعباده الساعين لحياة طيّبة وسعيدة في بيوتهم؟
علّمتنا الحياة أنّ لكلّ مشكلة حلّ، وحلّ هذه المشكلة إن صحّت تسميتُها بالمشكلة، يكمُن في الخضوع لها والإنصياع لقواعدها وعن طيب نفس، لأنها أوامر الفطرة التي فطر البارئ سبحانه الناس عليها، وفطرة البارئ لا تواجَه ولا تُكبت لأنّها من صُنع وتدبير حكيم عليم، و ما على الرجل إلا أن يكون لزوجته ما أرادت ،وما على المرأة غير أن تكون لزوجها ما يُريد، فيقسو ويُسيطر و يُقطّب جبينه، ويحنّ ويبشّ ويهشّ ويلين ...وترقّ و تذِلّ وتتودّد،وتُدافع وتُحامي وتتجاسر أيضا...ولكلّ منهما وصفة يستعين بها على هذا التحوّل وهذا التبدُّل بين الحالات والمواقف، مع إختلاف طفيف بينهما في طبيعة هذا التبدُّل ، فالمرأة تُبدّل أحوالها في تعامُلها مع طرفين مختلفين ( زوجها وغير زوجها) بينما يضطّر الرجل لفعل ذلك مع الطرف نفسه ( زوجته) وهذا يتطلب مجهودا إضافيا في التنقُّل بين أ و ب طالما كان الإتصاف بصفتين متناقضتين في الوقت ذاته مستحيلا...
فأمّا وصفة المرأة فهي في أن تُحاكي شيئا من أشيائها اليومية، وهو الدبّوس الذي ينفعُها لأكثر من غرض وفي أكثر من فائدة،وذلك بأن تكون مثله في ثنائية شكله وإختلافه بين النعومة في طرفه الصغير وبين الحدّة الفعالة في طرفه الطويل، فتكون لزوجها كما يكون لها رأس الدبّوس الذي تُمسكه بيدها دونما إزعاج أو خدش،وتكون لغيره كما يكون طرفه الحادّ الشائك الذي لم يكُن كذلك إلا ليؤدي وظيفته على أكمل وجه، وأمّا وصفة الرجل فهي في أن يذهب ويجيئ بين الحالات والصفات المختلفة والمتناقضة، بكل مرونة وبالسرعة والتتالي المناسبين ، مثلما تذهب وتجيئ كرة البينغ بونغ ( تنس الطاولة) بين اليمين واليسار ، وأيّ توقُّف عن هذا الذهاب والمجيئ يُعتبر ميلانا إلى جهة من الجهات ، فتُحتسب نقطة للشدّة على حساب الحنان مثلا، أو العكس...وبهذا يعيش الزوجان مع بعضهما بالطريقة التي يُريدانها ويتمنيانها، فينعمان بمعيشة أفضل الأزواج في العالم...الدبّوس وكرة البينغ بونغ.