التحميلة والسراويل الهابطة
11-06-2013, 11:21 PM
التحميلة والسراويل الهابطة .
الحاج مبارك شيخ يعيش في الريف، لم يزر الطبيب قط
ليس لأنه لم يمرض وإنما لاعتماده المطلق على الأدوية
الطبيعية كالعسل البري وزيت الزيتون والأعشاب الطبيعية
المجربة و لم يأكل إلاّ مما أنتجته يداه من خضر وحبوب و
لحوم و بيض وألبان ومشتقاتها.وقد حباه الله بأرض سخية
معطاءة و منّ عليه بأم في صغره و بعد وفاتها بالزوجة
"فاطنة" عارفتين بفنون الزراعة والرعي والحياكة و
التطبيب إضافة إلى الاضطلاع بشئون البيت ورعاية
الأولاد .
أشد ما يربك عمي مبارك وينغّص عليه حياته أن يغادر
مضطرا عالمه الخاص به إلى وجهة أخرى و أن يتخلى
مكرها ولو للحظات عن رعاية مفردات هذا العالم كالزوجة
والأولاد والأرض والمواشي وأن يفارق مرغما الأصحاب و
الخلاّن. و ما فتيء في هذا الصدد ابنه البكر يدعوه لزيارته
رفقة والدته في بيته الجديد الكائن بالمقاطعة التي تبعد
عن الريف بـ 60 ونيف من الكيلومترات عبر الطريق
المعبدة و بـأقل من 25 كيلو عبر المسلك غير المعبّد الواقع
على الضفة الشرقية للوادي ،وما فتيء الوالد بدوره يواجه
ولده بوابل من الأعذار والتماسات التأجيل. وفي الأخير؛ و
لمّا شعر عمّي مبارك أن ابنه قد وجد في نفسه من رفض
الزيارة أو تأجيلها من قبله و خشي من أن يَفهم موقفه هذا
كشيء من عدم الرضا عنه؛ أذعن للطلب وقرر القيام بالزيارة
رفقة الحاجة فاطنة ولكن على متن عربته التي يجرها حماره
عبر المسلك الفلاحي .
وصل الوالدان إلى بيت ابنهما وبعد التحية والسلام و الجلوس
في الصالون أشار الشيخ بيده إلى حفيديه المراهقين بالقدوم
إليه ثم مد يده إلى جيب عباءته فأخرج منه ورقة من فئة ألف
دينار فمنحها إياهما وطلب منهما همسا شراء حزامين لشد
سراويلهما واقتسام الباقي بينهما بالتساوي.
ابتسم الولدان و توجها خارج البيت، ولم يعودا بعد ذلك
إلى الصالون وأصبحا يتحاشيا اللقاء المباشر بجدهما
غير أن هذا الأخير لاحظ أنهما لم يلبيا طلبه وبقيا على
نفس هيئتهما التي وجدهما عليها أول مرة .
تكدّر خاطر عمّي مبارك و تشنجت نفسيته، و
لم يعد يشغله إلاّ حال حماره و لا يفكر إلاّ في
الرّيف وأهله الذين أصبحت العودة إليهم مطمحه
الوحيد، ومما زاد طينه بلّة إصابته بنزلة برد شديدة
مصحوبة بسعال حادّ ما اضطر ابنه إلى نقله إلى
المستشفى لفحصه ووصف الدواء المناسب له و
إعادته بعد ذلك إلى المنزل .
اقتنيت الأدوية وقدمت للحاج الذي شرع في تناولها
دواء دواء إلى أن جاء دور صفيحة تحتوي على
عدد معين من التحميلات مرتبة على شكل صفوف.
تناولها العمّ مبارك بيمناه وقرّبها إلى عينيه وسأل :
و هذا الدواء كيف يؤخذ يا ترى ؟
لم يحظ الشيخ بإجابة وإنما لاحظ بعض الخجل و
الاستغراب على وجهي زوجته وابنها.أعاد طرح السؤال
موجها إياه هذه المرة إلى ابنه ، لكنه جوبه بنفس
الموقف مدعّما بانسحاب هذا الأخير ؛ ثم نادى على
إحدى المراهقين ، ولمّا لاح له بهيئة سرواله الهابطة
رغم تمكينه من شراء الحزام طلب منه بنبرة المتأسف
الانصراف والعودة من حيث أتى.وفي هذه اللحظة
دنت منه الحاجة فاطنة وهمست له بكلام في أذنه
جعله يقفز في مكانه ويحملق فيها بقوة، ثم يتمتم :
"والله لن أفعل، والله لن أفعل" .
ألحّت عليه الزوجة لكن دون جدوى ثم عاد الابن
وطلب منه التداوي بهذا الدواء الفعّال لتفادي الآلام
و المضاعفات.
لكن عمي مبارك أصر على رفضه بل طلب من زوجته
جمع متاعهما والتهيؤ للرحيل والعودة إلى الريف .
تدخل البكر وترجى والده أن يمكث إلى أن تتحسن أحواله
الصحية بما يقتضيه ذلك من تناول الأدوية الموصوفة بما
في ذلك هذه التحميلة فهي دواء مفيد لا يدعو للخوف ولا
للقلق .
استقام عمي مبارك و صوّب بصره نحو ابنه وقال :
انني يا بني ما استنكفت من هذا الدواء الذي وُصف
لي، إنما أبته نفسي و عافته جوارحي التي كما لا
يخفى عليك تعودت على غيره من الأدواء التي حبانا
الله بها في الريف ؛ واعلم يا بني أن الخشية ليست
من تحميلة تسري صوب الأحشاء فيها الشفاء وتسكين
الآلام و إنّما الخشية من التحميلة التي تسري إلى عقل
المرء فتجرده من حياءه واخلاقه بعد أن تجرده من
قمصانه وسراويله....... !!!!؟ ".
الحاج مبارك شيخ يعيش في الريف، لم يزر الطبيب قط
ليس لأنه لم يمرض وإنما لاعتماده المطلق على الأدوية
الطبيعية كالعسل البري وزيت الزيتون والأعشاب الطبيعية
المجربة و لم يأكل إلاّ مما أنتجته يداه من خضر وحبوب و
لحوم و بيض وألبان ومشتقاتها.وقد حباه الله بأرض سخية
معطاءة و منّ عليه بأم في صغره و بعد وفاتها بالزوجة
"فاطنة" عارفتين بفنون الزراعة والرعي والحياكة و
التطبيب إضافة إلى الاضطلاع بشئون البيت ورعاية
الأولاد .
أشد ما يربك عمي مبارك وينغّص عليه حياته أن يغادر
مضطرا عالمه الخاص به إلى وجهة أخرى و أن يتخلى
مكرها ولو للحظات عن رعاية مفردات هذا العالم كالزوجة
والأولاد والأرض والمواشي وأن يفارق مرغما الأصحاب و
الخلاّن. و ما فتيء في هذا الصدد ابنه البكر يدعوه لزيارته
رفقة والدته في بيته الجديد الكائن بالمقاطعة التي تبعد
عن الريف بـ 60 ونيف من الكيلومترات عبر الطريق
المعبدة و بـأقل من 25 كيلو عبر المسلك غير المعبّد الواقع
على الضفة الشرقية للوادي ،وما فتيء الوالد بدوره يواجه
ولده بوابل من الأعذار والتماسات التأجيل. وفي الأخير؛ و
لمّا شعر عمّي مبارك أن ابنه قد وجد في نفسه من رفض
الزيارة أو تأجيلها من قبله و خشي من أن يَفهم موقفه هذا
كشيء من عدم الرضا عنه؛ أذعن للطلب وقرر القيام بالزيارة
رفقة الحاجة فاطنة ولكن على متن عربته التي يجرها حماره
عبر المسلك الفلاحي .
وصل الوالدان إلى بيت ابنهما وبعد التحية والسلام و الجلوس
في الصالون أشار الشيخ بيده إلى حفيديه المراهقين بالقدوم
إليه ثم مد يده إلى جيب عباءته فأخرج منه ورقة من فئة ألف
دينار فمنحها إياهما وطلب منهما همسا شراء حزامين لشد
سراويلهما واقتسام الباقي بينهما بالتساوي.
ابتسم الولدان و توجها خارج البيت، ولم يعودا بعد ذلك
إلى الصالون وأصبحا يتحاشيا اللقاء المباشر بجدهما
غير أن هذا الأخير لاحظ أنهما لم يلبيا طلبه وبقيا على
نفس هيئتهما التي وجدهما عليها أول مرة .
تكدّر خاطر عمّي مبارك و تشنجت نفسيته، و
لم يعد يشغله إلاّ حال حماره و لا يفكر إلاّ في
الرّيف وأهله الذين أصبحت العودة إليهم مطمحه
الوحيد، ومما زاد طينه بلّة إصابته بنزلة برد شديدة
مصحوبة بسعال حادّ ما اضطر ابنه إلى نقله إلى
المستشفى لفحصه ووصف الدواء المناسب له و
إعادته بعد ذلك إلى المنزل .
اقتنيت الأدوية وقدمت للحاج الذي شرع في تناولها
دواء دواء إلى أن جاء دور صفيحة تحتوي على
عدد معين من التحميلات مرتبة على شكل صفوف.
تناولها العمّ مبارك بيمناه وقرّبها إلى عينيه وسأل :
و هذا الدواء كيف يؤخذ يا ترى ؟
لم يحظ الشيخ بإجابة وإنما لاحظ بعض الخجل و
الاستغراب على وجهي زوجته وابنها.أعاد طرح السؤال
موجها إياه هذه المرة إلى ابنه ، لكنه جوبه بنفس
الموقف مدعّما بانسحاب هذا الأخير ؛ ثم نادى على
إحدى المراهقين ، ولمّا لاح له بهيئة سرواله الهابطة
رغم تمكينه من شراء الحزام طلب منه بنبرة المتأسف
الانصراف والعودة من حيث أتى.وفي هذه اللحظة
دنت منه الحاجة فاطنة وهمست له بكلام في أذنه
جعله يقفز في مكانه ويحملق فيها بقوة، ثم يتمتم :
"والله لن أفعل، والله لن أفعل" .
ألحّت عليه الزوجة لكن دون جدوى ثم عاد الابن
وطلب منه التداوي بهذا الدواء الفعّال لتفادي الآلام
و المضاعفات.
لكن عمي مبارك أصر على رفضه بل طلب من زوجته
جمع متاعهما والتهيؤ للرحيل والعودة إلى الريف .
تدخل البكر وترجى والده أن يمكث إلى أن تتحسن أحواله
الصحية بما يقتضيه ذلك من تناول الأدوية الموصوفة بما
في ذلك هذه التحميلة فهي دواء مفيد لا يدعو للخوف ولا
للقلق .
استقام عمي مبارك و صوّب بصره نحو ابنه وقال :
انني يا بني ما استنكفت من هذا الدواء الذي وُصف
لي، إنما أبته نفسي و عافته جوارحي التي كما لا
يخفى عليك تعودت على غيره من الأدواء التي حبانا
الله بها في الريف ؛ واعلم يا بني أن الخشية ليست
من تحميلة تسري صوب الأحشاء فيها الشفاء وتسكين
الآلام و إنّما الخشية من التحميلة التي تسري إلى عقل
المرء فتجرده من حياءه واخلاقه بعد أن تجرده من
قمصانه وسراويله....... !!!!؟ ".
إلاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
سبحان الله يا فارج الهم وكاشف الغم ، فرج همي
ويسر أمري وارحم ضعفي وقلة حيلتي وارزقني من
حيث لا احتسب يا رب العالمين .
سبحان الله يا فارج الهم وكاشف الغم ، فرج همي
ويسر أمري وارحم ضعفي وقلة حيلتي وارزقني من
حيث لا احتسب يا رب العالمين .
من مواضيعي
0 تهنئة....
0 أزيدكم منهن واحدا
0 مع إنتاجهن دائما .....
0 الرحمة لهن والمغفرة
0 لغزان من عند قرينة جدتي رحمهما الله ....
0 دولة عربية ؟
0 أزيدكم منهن واحدا
0 مع إنتاجهن دائما .....
0 الرحمة لهن والمغفرة
0 لغزان من عند قرينة جدتي رحمهما الله ....
0 دولة عربية ؟
التعديل الأخير تم بواسطة masrour farah ; 14-06-2013 الساعة 09:09 AM