صلاحيات نائب رئيس الدولة وفق بعض الأنظمة الدستورية
14-03-2014, 05:59 PM
مقال منقول




المقدمة
لا ينكر جاحد أن منصب رئيس الدولة ينعقد على أهمية كبرى ضمن المؤسسات الدستورية و السياسية في الدولة باعتباره رأس الدولة ووجهها
و معلوم أن أغلب الأنظمة السياسية في العالم تتراوح ما بين تعزيز سلطات الرئيس في مواجهة السلطات الأخرى و بين أنظمة تضع قيودا و تقرر مسؤولية ذلك الرئيس، و لعل المتبع للأنظمة السياسية في الوطن العربي يجد أن أغلبها يميل إلى النظام الرئاسي القائم على تقوية منصب الرئيس و إن لم تكن كذلك فان أنظمتها تحوز على الأقل بعض مقومات النظام الرئاسي على مستوى الدول العربية ذات الحكم الجمهوري.
و غني عن البيان أن تعاظم صلاحيات رئيس الجمهورية في مجالات التعيين و ممارسة السلطة التنظيمية و الحفاظ على أمن الدولة أفرز معطيات أخرى تضغط على النظام السياسي ضرورة إدراج و إحداث منصب يساعد الرئيس في أداء مهامه و لما لا تقاسم المسؤولية معه يدعى نائب الرئيس .
و أكثر من ذلك يتعاظم دور نائب الرئيس خاصة في الدول التي تشهد عدم التوازن السياسي أو التي يمكن أن تقبل الانقسام و التفتت في المستقبل على غرار الأنظمة الاتحادية كالإمارات العربية المتحدة أو السودان الذي يشهد تمردا تقوده الحركة الشعبية من اجل تحرير السودان و التي فرضت رئيسها نائب لرئيس الدولة تقاسما للسلطة معه.
و تبرز أهمية هذا لمنصب إذا وضعنا الحالة السياسية التي يمر بها لبنان في الميزان إذ أثر غياب هذا المنصب بشكل كبير في الحفاظ على التوازنات السياسية التي يشهدها مما جعله يعيش فراغا دستوريا خطيرا يهدد مؤسسات الدولة.
لأجل ذلك فانه حقيق علينا أن نسلط بعض الضوء على منصب نائب الرئيس في التجارب الدستورية العربية المختلفة و لأجل ذلك فان إشكالية مداخلتنا تدور حول تحديد النظام القانوني لمنصب نائب رئيس الدولة في ظل التعديلات الدستورية العربية و للإجابة عن هذه الإشكالية فإننا سنعالجها من خلال بيان محورين أساسين:
المبحث الأول: تقلد منصب نائب الرئيس
المبحث الثاني: اختصاصات نائب الرئيس و نطاق مسؤوليته





















المبحث الأول: تقلد منصب نائب رئيس الدولة في ضوء التعديلات الدستوريةالعربية

نظرا للأهمية المتزايدة لمنصب نائب رئيس الدولة فإن الإطار القانوني لتقلد هذا المنصب يمكن أن يساعد في فهم حقيقته إذ يمكن أن يختلف وضعه من دولة لأخرى حسب اختلاف النظام السياسي القائم.

ولعل دراسة كيفية تقلد منصب نائب رئيس الدولة في ضوء التعديلات العربية يقتضي منا التعرض أولا إلى مدى وجوب إحداث هذا المنصب أو جوازه كمطلب أول وبيان أساليب اختيار نائب الرئيس في مطلب ثان ثم تخصيص مجال أيضا لعرض الشروط الواجب توافرها لتقلد منصب النائب وآليات إنهاء مهامه .

المطلب الأول : تقلد منصب نائب الرئيس بين الوجوب والجواز .

إن الدساتير العربية على اختلافها والتي أشارت إلى منصب نائب رئيس الدولة اعتمدت أساليب عدة في تحديد مدى وجوب إحداث هذا المنصب من عدمه فنجد مثلا أن بعض الدساتير تنص صراحة على إحداث منصب رئيس الدولة وأكثر من ذلك تلزم الرئيس على سبيل الوجوب .

وهنا ك دساتير عربية أخرى تقدر إحداث نفس المنصب ولكن تترك السلطة التقديرية لرئيس الدولة في إحداث المنصب من عدمه أي أن تقلد المنصب وفق هذا الأسلوب جوازي.

كما توجد بعض الدساتير تقرر استحداث منصب نائب الرئيس دون أن تقرر صراحة وجوب شغل المنصب أو جوازه لأجل ذلك يعمد الباحثون إلى استنباط وجوب تقلد المنصب من عدمه من أحكام ونصوص الدستور الضمنية .

وترتيبا عما سبق فإذا نظم الدستور منصب نائب الرئيس و إحداثه على سبيل الوجوب فإنه بذلك يعتبر أن هذا المنصب لبنة من لبنات البنيان الدستوري في الدولة ويؤدي ذلك بالتالي إلى إلزامية شغل هذا المنصب بصفة أساسية (1) ، غير أن اعتبار إحداث هدا المنصب يرد على سبيل الجواز فإنه بذلك لا يعدو أن يكون إلا منصبا استثنائيا يغلب عليه الطابع الاحتياطي ويخضع في تجسيده للسلطان التقديري لرئيس الجمهورية .
ومن تطبيقات التعديلات الدستورية التي تأخذ بنظام وجوب توليه نائب رئيس الدولة ، ما قرره الدستور السوداني الصادر في 05 أفريل 1973 إذ نص بموجب المادة 88 على أنه " يعين رئيس الجمهورية نوابا له " ، وحتى في ضل التعديلات اللاحقة كرس المؤسس السوداني هذا الخيار إذ أوجبت المادة 44 من دستور السودان لعام 1998 على أن رئيس الجمهورية يعين نائبين له بذات شروط أهمية رئيس الجمهورية وقد كان التعديل الدستوري في السودان لعام 2005 أكثر وضوحا في تحديد نظام نائب رئيس الدولة حين فصل ذات الدستور آليات اختياره (2) ومن ثم يتبين أنه انطلاقا من الألفاظ الصريحة التي جاء بها الدستور السوداني التي تكيف على أنها آمرة في مجال إحداث منصب نائب الرئيس مما يؤكد فرضية اعتناق المؤسس السوداني لنظام تقلد منصب نائب الرئيس على سبيل الوجوب والإلزام .
ويعتبر النظام الدستوري الإماراتي من بين الأنظمة الدستورية العربية التي تتبنى تقلد منصب نائب الرئيس على سبيل الوجوب على اعتبار أن منصب نائب الرئيس مؤسسة دستورية متميزة عن مؤسسة الرئاسة وذلك بالرجوع لنص المادة45 من دستور الإمارات لعام 1971.

وبالرجوع أيضا للدستور السوري لعام 1973 بموجب المادة 95 نجد أن رئيس الجمهورية يتولى تعيين نائب له أو أكثر وتفويضهم بعض الصلاحيات، ولعله بمقابلة نص هذه المادة مع المادتين 86 و88 اللتان تنظمان حالات المانع المؤقت وشغور منصب رئيس الجمهورية وكيفية تولي نائب الرئيس اختصاصات منصب الرئاسة المؤقتة تبين لنا ظاهريا أن الدستور السوري لم يشذ عن الدساتير التي تقرر إحداث منصب نائب رئيس الدولة وجوبا دون أن يترك التقدير في ذلك للرئيس لارتباط منصب النائب هنا بتولي منصب الرئاسة في حالات الشغور .

ولكن إذا كانت المواد المشار لها سلفا من الدستور السوري يتبين من ظاهر ألفاضها أن إنشاء منصب نائب الرئيس على سبيل الوجوب إلا أن استقراء المادة 89 من ذات الدستور يمكن أن يشكك في هذا الحكم إذ تنص المادة أنه إذا شغر منصب رئيس الجمهورية ولم يكن له نائب يمارس رئيس مجلس الوزراء جميع صلاحياته وسلطاته إذ يمكن استخلاص أمر من اثنين :
أولهما : أن هذا النص شرع كآلية احتياطية في حالة تزامن خلو منصب الرئيس ونائبه معا أو خلو منصب نائب الرئيس بالوفاة أو الاستقالة مثلا ولم يكن قد تم تعيين نائب بعد .
ثانيهما : حالة عدم وجود نائب للرئيس أصلا وذلك لعدم قيام الرئيس بتعيين هدا النائب.

إن مقابلة تلك النصوص في حقيقة الأمر تؤكد أن الدستور السوري من بين الدساتير الواقعة بين الوجوب والجواز بمعنى أن استحداث المنصب لم يقرر صراحة وإنما يمكن استنباط ذلك من نصوص الدستور ذاتها (3) .

أما دستور جمهورية مصر العربية لعام 1971 فقد كرس هو الآخر نائب رئيس الدولة إذ قــررت المادة 139 أنه " لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا أو أكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم " لكن الإشكال الذي يطرح على مستوى التجربة المصرية هل إحداث هذا المنصب على سبيل الوجوب أو الجواز ؟

عمليا تم شغل هذا المنصب في ظل دستوري 1958 و 1964 حيث تمت عدة تعيينات في منصب نائب رئيس الدولة بل تم شغل هذا المنصب حتى في ظل دستور 1971 ، وقد كان الراحل أنور السادات قد عين السيد محمد حسني مبارك نائبا للرئيس ، وبعد اغتياله تولى الرئيس حسني مبارك مقاليد الرئاسة غير أنه لم يعين نائبا له حتى الآن .

أما نظريا وفقهيا فقد رأى بعض الفقهاء المصريين مثلا من أمثال الدكتور سعد عصفور أن أمر تعيين نائب لرئيس الجمهورية أمر متروك لرئيس الجمهورية ، فيعين واحدا أو أكثر حسبما يتراءى له من المصلحة في تحقيق المعاونة التي ينشدها من جراء هذا التعيين (4) بمعنى أن تقلد منصب نائب الرئيس جاء على سبيل الجواز إلا أن هناك اتجاها فقهيا آخر يعزز فكرة جواز تقلد منصب نائب الرئيس مع استطرادهم في القول أن الدستور نفسه بموجب المادة 82 التي تقض بتولي النائب منصب الرئاسة في حالة حدوث مانع للرئيس مما يؤكد الضرورة الدستورية لهذا المنصب .

ولعل الراجح حسب الدكتور علي الباز أن الدستور المصري 1971 يوجب فعلا شغل منصب نائب رئيس الجمهورية والجواز ينصرف فقط إلى عدد النواب بمعنى تعيين نائب أو أكثر على اعتبار عن عدم إحداث هذا المنصب يؤدي إلى فراغ دستوري لاسيما في حالات وقوع مانع لرئيس الجمهورية ، لأجل ذلك فإن الدستور المصري لم يضع النصوص الخاصة بنائب الرئيس عبثا وإنما وضعها لملأ أي فراغ دستوري محتمل في منصب الرئاسة ولأجل ذلك يخلص ذات الدكتور أن إحداث منصب نائب الرئيس في مصر هو على سبيل الوجوب وأن الممارسة الحالية فيها مخالفة دستورية .(5)

أما على مستوى التجربة الجزائرية فإنه تمت الإشارة إلى تقلد منصب نائب الرئيس في ظل دستور 1976 وذلك بموجب المادة 112 منه والتي نصت على أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر يعينونه ويساعدونه في مهامه .(6)
إلا أن المؤسس الدستوري عدل المادة 112 السالفة الذكر بموجب القانون رقم 79/06 المؤرخ في 07 جويلية 1979 حيث أصبحت تنص على أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا لرئيس الجمهورية يساعده ويعينه في مهامه (7)

إن مقابلة هذه المواد يتبين لنا أن الدستور الجزائري قد تبنى نظام تقلد منصب نائب رئيس الدولة على سبيل الجواز وذلك على اعتبار أن نص المادة 112 الأصلية والمعدلة قد ابتدأت بعبارة يمكن مما يستشف معه أن رئيس الجمهورية له كامل التقدير في استحداث هذا المنصب من عدمه .

ولعل إنشاء هذا المنصب حسب الدستور الجزائري الغاية منه تقديم المساعدة للسيد الرئيس على اختلاف واضح بين المادة الأصلية والمعدلة إذ حملت الأصلية حكما بجعل الإمكانية تنسحب إلى تعيين النائب وعدد النواب كذلك، بينما النص المعدل اسقط مسألة تعدد النواب وقصرها على منصب واحد.

و يجدر التذكير أن المؤسس الدستوري قد أغفل مسألة استحداث منصب رئيس الدولة في ظل الدساتير اللاحقة 1989 و1996 .

المطلب الثاني : أساليب اختيار نائب رئيس الدولة

إذا كانت هناك الكثير من الدساتير العربية التي تبنت استحداث منصب نائب رئيس الدولة على اختلاف بين الوجوب والجواز ، إلا أنه إذا استقر الأمر عند ضرورة تقلد منصب نائب رئيس الدولة فإن أساليب اختياره تختلف باختلاف الأنظمة الدستورية المتبعة .

إذ هناك من الأنظمة من يتبع منصب نائب الرئيس عن طريق الانتخاب سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وهناك من الأنظمة من تتبنى أسلوب التعيين في تولي هذا المنصب .
ولعل المستقرئ للنصوص الدستورية التي تتبنى نظام تقلد نائب الرئيس على أساس أسلوب التعيين ، إذ تعود سلطة تعيينه إلى السيد الرئيس دون أن تضع تلك الدساتير قيودا تحد من حرية رئيس الدولة في اختيار نائبه لاسيما أن أغلب الأنظمة التي تأخذ بنظام نائب الرئيس هي من الأنظمة الرئاسية أو على الأقل تجنح إلى مقومات وأسس النظام الرئاسي (8) هذا النظام الذي تتركز فيه السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية متفردا ومتمتعا بصلاحيات واسعة جدا يمارسها ويباشرها بنفسه أو بمساعدة مساعديه إلا أنه يظل هو المسئول المباشر على تنفيذ السياسة العامة في الدولة (9) ويبرز في مقدمة مساعديه نائبه، لأجل ذلك تركت تلك الأنظمة السلطات المطلقة للرئيس حق اختيار نائبه وتعيينه في إطار احترام بعض الشروط التي قد تفرضها النصوص القانونية .

وغني عن البيان أيضا أن امتلاك الرئيس لسلطة اختيار نائبه وتعيينه تتعدى في غالب الأنظمة الدستورية إلى سلطة اختيار أكثر من نائب مما يعد توسيعا لسلطة الرئيس وحريته في تعيين النواب بأسبقياتهم وذلك بتعيين النائب الأول والذي يليه وهكذا فضلا عن حريته في بيان اختصاصاتهم.

ومن التطبيقات الدستورية التي تبين نظام التعيين في توليه نائب الرئيس الدساتير المصرية منذ دستور 1958 ودستور 1964 ودستور 1971 الذي قررت حق الرئيس تعيين أكثر من نائب له (10) .

وعلى اعتبار أن مهمة النائب في ضوء الدساتير المصرية تنسحب في أولى المقامات إلى تولي الرئاسة المؤقتة في حالة حدوث مانع للرئيس بموجب المادة 82 و85 من دستور 1971 لأجل ذلك فإن الضرورة تقتضي عند تعدد النواب ضرورة تحديد النائب الأول .

إذ يعتبر أغلب الفقهاء أن الإشكال يثور حقيقة عند تزامن تعدد نواب دون تحديد أولهم مع حدوث مانع للرئيس بمعنى من هو المخول قانونا بتولي الرئاسة المؤقتة ، لأجل ذلك يقترح هؤلاء أن يتولى أقدمهم تعيينا مقاليد الرئاسة المؤقتة فإن كان تعيينهم بموجب قرار واحد كان الأقدم هو الذي يأتي اسمه أولا في قرار التعيين (11) .

و في إطار أسلوب التعيين دائما لم يشذ الدستور السوداني عن القاعدة إذ قررت المادة 44 من دستور 1998 على أن رئيس الجمهورية يعين نائبين له ويعين مساعدين له ويعين مستشارين ويحدد أسبقياتهم ومهامهم بل قد كان التعديل الدستوري في السودان لعام 2005 أكثر دقة حين قيد رئيس الجمهورية بشروط معينة وجب توافرها في شخص النائب .(12)

ونلاحظ أيضا أن الدستور السوري لعام 1973 قد أسند لرئيس الجمهورية صلاحية تعيين نائب له أو أكثر بموجب المادة 95، مشيرا إلى إشكالية تزامن حدوث مانع مؤقت للرئيس مع تعدد النواب إذ وضع حلا بموجب المادة 88 التي قررت أن يمارس النائب الأول أو النائب الذي يعينه الرئيس صلاحيات الرئيس التي لا يمكنه القيام بها ، على أنه في حالة المانع الدائم و في حالة الوفاة أو حالة الاستقالة ، يجري الاستفتاء على رئيس الجمهورية الجديد وفقا لأحكام المادة 84 وذلك خلال مدة لا تجاوز 90 يوما ، أما إذا كان مجلس الشعب محلا أو بقي لانتهاء ولايته أقل من 40 يوما فيمارس نائب الرئيس الأول صلاحيات رئيس الجمهورية حتى اجتماع مجلس الشعب الجديد لاختيار الرئيس الجديد .

أما على مستوى التجربة الجزائرية فإنه إذا كانت نص المادة 112 في ظل الدستور 1976 قد مكنت الرئيس من صلاحية تعيين نائب له أو أكثر يعينونه ويساعدونه في مهامه ، الأمر الذي يؤكد تبني النظام الدستوري الجزائري في هذه المرحلة لأسلوب تقلد منصب النائب عن طريق التعيين فضلا عن تكريس قاعدة تعدد النواب التي تخضع للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية، إلا أن تعديل المادة 112 بموجب قانون 79/06 المؤرخ في 07 جويلية 1979 قد أبقى على أسلوب التعيين مع إسقاط قاعدة تعدد النواب إذ قررت ذات المادة المعدلة أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائب له يساعده ويعينه في مهامه .

هذا وإن كان الدستور الجزائري لعام 1976 قد أغفل مسألة ضرورة أداء اليمين الدستورية من طرف نائب الرئيس من عدمها واقتصار أدائها على رئيس الجمهورية دون غيره بموجب المادة 110 من دستور 1976 المعدل بموجب القانون 79/06 السالف الذكر (13) ، فإن أغلبية الأنظمة الدستورية الأخرى قد أشارت إلى مسألة أداء اليمين الدستورية من طرف نائب الرئيس.

إذ بعد تعيين نائب الرئيس يؤدي هذا الأخير اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية وعادة ما تكون صيغة اليمين هي ذات الصيغة التي يؤدي بها رئيس الجمهورية حيث نجد النص على ذلك في كل من دستور مصر لعام 1964 بموجب المادة 104 ، ودستور مصر لعام 1971 بموجب المادة 140 ، ودستور سوريا لعام 1973بموجب المادة 96 إذ يؤدي نواب الرئيس القسم الدستوري أمام الرئيس، هذا القسم الوارد في المادة 07 ، وهو قسم عام غير محدد بالرئيس أو بنائبه بل يؤديه كل من يستوجب الدستور أدائه ليمين دستورية قبل مباشرة مهام منصبه ، باستثناء الدستور السوداني الذي أورد صيغة اليمين الدستورية التي يؤديها النائب على خلاف ما يؤديها رئيس الدولة (14) .

و مقابل الأنظمة الدستورية التي تأخذ بنظام التعيين في تقلد منصب نائب الرئيس فان هناك أنظمة تأخذ بنظام الانتخاب في اختيار من يتولى هذا المنصب و من بينها نجد النظام الدستوري الإماراتي، إذ نص دستور الإمارات العربية المتحدة (15) بموجب المادة 45 من الباب الرابع الخاص بالسلطات الاتحادية و التي تتضمن من المجلس الأعلى للاتحاد، و رئيس الاتحاد و نائبه، و مجلس وزراء الاتحاد و المجلس الوطني الاتحادي و القضاء الاتحادي و قد أردفت المادة 51 من ذات الدستور أن المجلس الأعلى للاتحاد ينتخب من بين أعضاءه رئيسا للاتحاد و نائبا لرئيس الاتحاد على أن يمارس نائب رئيس الاتحاد جميع اختصاصات الرئيس عند غيابه بغض النظر عن السبب، و تلزم المادة 52 أيضا كلا من رئيس الاتحاد و نائبه بأداء يمين دستورية واحدة أمام المجلس الأعلى للإتحاد.
وقد تبنى العراق نفس النظام إذ كرس دستور العراق العام 1970 نوعين من نواب الرئيس أولاهما هو نائب رئيس مجلس قيادة الثورة و هو يحل محل رئيس الجمهورية باعتبار إن هذا الأخير هو رئيس مجلس قيادة الثورة و ذلك في حالات غياب الرئيس أو تعذر أو استحالة ممارسة الاختصاصات الدستورية على أن يمارس مجلس قيادة الثورة بأغلبية ثلثي أعضاءه طبقا لنص المادة 38 انتخاب الرئيس و نائبه على أن يؤدي اليمين الدستورية أمام المجلس طبقا للمادة 39 (16) و هناك نوع آخر من النواب و هم نواب رئيس الجمهورية وفق المادة 57 فقرة ج(17) و لذلك فان نظام الدستوري في العراق سابقا يأخذ بنظام انتخاب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة و نظام تعيين النواب و تعددهم باعتبارهم نوابا لرئيس الجمهورية الذي يؤدون اليمين الدستورية المنصوص عليها بموجب المادة 59 من دستور العراق لعام 1970. مع الإشارة إلى دستور العراق لعام 2005 قد أشار لموجب المادة 68 منه أن أحكام اختيار نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية تنظم بقانون.
و ترتيبا عما سبق يتبين لنا أن اختيار نائب الرئيس في الدول العربية يختلف حسب النظام السياسي المتبع من جهة و بالنظر لطبيعة الدولة في حد ذاتها، فكلما كانت الدولة ذات طابع اتحادي كالأمارات العربية المتحدة أو دولا ذات نظاما متميزا كالعراق اعتمد نظام الانتخاب أما إذا كانت الدولة بسيطة كان نظام التعيين هو الأنسب كما هو الحال في مصر العربية و سوريا


المطلب الثالث: شروط نائب رئيس الدولة و انتهاء مهامه

إن المستقرئ للنصوص الدستورية و المختلفة في أغلب الدول العربية لا يجد شروطا معينة يستلزم توافرها في شخص نائب الرئيس، غير أنه يمكن القول أنه كقاعدة عامة أنه يمكن استخلاصها ضمنا من روح الدستور و مضمون نصوصه إذ على اعتبار أن النائب يمكن إن يكون رئيسا في حالات خلو منصب الرئاسة، فان الأمر يقتضي أن تتوفر فيه شروط تولي منصب رئيس الجمهورية.
فعلى مستوى التجربة المصرية نلاحظ أن دستور 1971 لم يحدد شروطا بعينها لنائب رئيس الدولة و يعتقد غالبية الفقه المصري أن شروط تولي منصب نائب الرئيس هي نفسها شروط رئيس الدولة مستندين في ذلك إلى أن النائب يحل محل الرئيس في مباشرة مهام منصبه عند قيام مانع مؤقت لدى الأخير، و لذلك فيكون من اللازم أن تتوافر في النائب الشروط الواجب توافرها في الأصل، بالإضافة إلى مساواة الدستور بين النائب و الرئيس في صيغة واحدة للقسم و كذلك في قواعد المسؤولية طبقا للمادة 139 من دستور 1971 التي تقرر أن القواعد المنظمة لمسائلة رئيس الجمهورية تسري على نواب الرئيس.(17)
أما بالنسبة لدستور الإمارات العربية المتحدة لعام 1971 فقد أشار بموجب المادة 51 منه أن نائب رئيس الدولة ينتخب من بين أعضاء المجلس، و نفس الحكم قرره الدستور العراقي لعام 1970 بموجب المادة 38 اذ يتم انتخاب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة – رئيس الجمهورية- من بين أعضاء المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه.
و على غرار التجربة الدستورية في كل من الإمارات العربية المتحدة و العراق التي تشترط أن يكون النائب عضوا في مجلس الاتحاد أو مجلس قيادة الثورة على التوالي فان التجربة في السودان جاءت بجديد بموجب التعديل الدستوري الذي قرر عام 2005 اذ اشترط الدستور السوداني المعدل حيث استنادا لنص المادة 62 يعين رئيس الجمهورية نائبين أحدهما من جنوب السودان و الآخر من الشمال، غير انه اذا كان الرئيس المنتخب من الشمال فان النائب الأول يكون من الشخص الذي انتخب لمنصب رئيس حكومة جنوب السودان
أما إذا كان الرئيس المنتخب من الجنوب فيعين النائب الأول من الشمال بناءا على توصية الحزب الحائز على اكبر عدد من المقاعد الشمالية في المجلس الوطني السوداني (18) بل أكثر من ذلك يصرح الدستور السوداني بضرورة توافر نائب الرئيس لذات الشروط المقررة لرئيس الجمهورية و المحددة لموجب المادة 53 و هي:
- الجنسية السودانية
- سلامة العقل
- أن لا يقل سنه عن 40 سنة
- أن يكون ملما بالقراءة و الكتابة.
- أن لا يكون قد أدين في جريمة تتعلق بالأمانة أو الفساد الأخلاقي
هذا و يقرر الدستور اليمني لعام 1994 بموجب المادة 106 أن رئيس الجمهورية يعين نائبا له على أن توافر فيه الشروط المحددة بموجب المادة 107. و رجوعا للمادة 107 من ذات الدستور نجدها تحدد شروطا عامة للترشح لمنصب رئيس الجمهورية بمعنى أن النظام الدستوري اليمني يفرض لتولي منصب نائب الرئيس نفس شروط رئيس الدولة غير أن ما يميزه أنه قد أعلنها صراحة على خلاف الدستور المصري، حيث عددت المادة شروط نائب الرئيس :
- أن لا يقل سنه عن 40 سنة
- أن يكون من والدين يمنيين
- أن يكون متمتعا بحقوق السياسة و المدنية
- أن يكون مستقيم الأخلاق و السلوك محافظا على الشعائر الإسلامية و أن لا يكون قد صدر ضده حكم قضائي بات في قضية مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد الاعتبار إليه.
- أن لا يكون متزوجا من أجنبية و أن لا يتزوج أثناء ولايته من أجنبية
أما الدستور الجزائري لعام 1976 فانه لم يحدد شروطا لتولي منصب نائب الرئيس ، و برغم أن تعيينه على سبيل الجواز. إلا أننا نعتقد أن دستور تلك الفترة يفترض أيضا أن تتوافر في نائب رئيس الجمهورية نفس شروط المترشح لمنصب رئيس الجمهورية، و نفس الحكم ينسحب أيضا إلى التجربة الدستورية السورية.
أما بالنسبة لحالات انتهاء مهام نائب الرئيس فيمكن حصرها في حالات الوفاة، العجز الدائم، الاستقالة، الإقالة كما يمكن اعتبار ولاية نائب رئيس الدولة منتهية في حالات تكملة لمدة الرئيس، وفاة الرئيس، إنهاء ولاية الرئيس، أو فقده أحد الشروط الدستورية التي تشرط لتقلده منصب النيابة (19)
و لعله باستقراء الدساتير العربية نجد أن الدساتير التي تأخذ بنظام انتخاب نائب الرئيس أكثر تحديدا لحالات إنهاء مهامه، فمثلا نجد على مستوى النظام الدستوري الإماراتي بموجب المادة 53 أنه عند خلو منصب الرئيس أو نائبه بالوفاة أو الاستقالة أو انتهاء حكم أي منهما في إمارته لسبب من الأسباب يدعى المجلس الأعلى خلال شهر من ذلك التاريخ للاجتماع لانتخاب خلف لشغل المنصب الشاغر للمدة المنصوص عليها في المادة 52 – و هي مدة 5 سنوات ميلادية و عند خلو منصبي رئيس المجلس الأعلى و نائبه معا، يجتمع المجلس فورا بدعوة من أي أعضاءه أو من رئيس مجلس وزراء الاتحاد لانتخاب رئيس و نائب رئيس جديدين لملأ المنصبين الشاغرين (20)
و الملاحظ في نص المادة أعلاه قد بينت أن ولاية النائب يمكن إنهائها بانتهاء فترة حكم النائب على مستوى إمارته، أو بالوفاة أو بالاستقالة دون أن تحدد كيفية تقديمها و مدى سلطة مجلس الاتحاد في قبول أو رفض الاستقالة و مدى إمكانية إعفاء النائب بنفس نصاب التعيين، فضلا أن الدستور الإماراتي باعتباره يتبع نظام الانتخاب النائب فان إنهاء ولاية رئيس الاتحاد لا تؤدي نتيجة إلى إنهاء مهام نائبه اعتبار أن مهامه مرتبطة بإنهاء مدة ولايته المحددة ب 5 سنوات ميلادية.
أما على مستوى الدساتير التي تأخذ بنظام تعيين نائب رئيس الدولة فنجد أن دستور السودان لم يحدد حالات تنهى بها مهامه غير أن استقراء نص المادة 59 المحددة لحالات إنهاء مهام رئيس الجمهورية و التي تجعلها نحدد حالات إنهاء نائبه قياس عليها إذ حددتها بانتهاء الولاية و الوفاة، العلة العقلية و البدنية المعقدة، التنحية، الاستقالة فضلا أن المادة 60 تقرر حالة إضافية تتمثل في الإدانة في جرائم الخيانة العظمى أو الانتهاك الجسيم لأحكام الدستور،أو السلوك المشين المتعلق بشؤون الدولة مع الإشارة أن حكم المادة 60 قد أورد صراحة أن الإدانة وفق هذا المفهوم تعد حالة من حالات إنهاء مهام الرئيس أو نائبه كما لو تخليا عن منصبهما.
و قد قرر أيضا الدستور السوري 1973 بموجب المادة 95 أن رئيس الدولة له حق في تعيين نوابه و قبول استقالتهم و إعفائهم من مناصبهم، و لم يشذ الدستور المصري لعام 1971 عن القاعدة إذ أن هناك أسباب طبيعية لإنهاء المهام كالوفاة و العجز الدائم و الاستقالة و الإعفاء من المنصب بالرغم أن دستوري 1964 بموجب المادة 107 و دستور 1971 بموجب المادة 139 لم ينصا إلا على سلطة رئيس الجمهورية في إعفاء نوابه من مناصبهم على أن تسرى قواعد مسؤولية رئيس الجمهورية على نوابه أيضا بمعنى أن هذه المواد قد أشارت لحالة أخرى من حالات إنهاء المهام و هي حالة العزل(21) و يعتقد بعض الفقه أنه ما دام أن الدستور المصري لم يحدد مدة ولاية نائب رئيس الدولة فانه بذلك لا يمكن الربط بين ولاية الرئيس و نائبه بمعنى أنه يمكن أن تنتهي ولاية الرئيس و تبقى ولاية النائب قائمة على أن هذا الجانب الفقهي يفسر مسألة حجب الرئاسة المؤقتة عن نائب الرئيس في دستور 1971 و تمكينها لرئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية هو محاولة تفادي الخطر الذي يفرض عادة على شاغلي منصب الرئاسة مؤقتا بعدم ترشيح أنفسهم للرئاسة الجديدة و محاولة تجنيب نائب الرئيس ذلك الحظر، بل و قد استدل هذا الجانب أن الممارسة العملية أثبتت انه عند خلو منصب الرئاسة فان النائب يعرض استقالته على الرئيس المؤقت و لهذا الأخير أن يقبلها أو يطلب من النائب سحب استقالته و الاستمرار في أداء مهامه كنائب للرئيس(22)
أما بالنسبة للدستور الجزائري فان دستور 1976 لم يحدد حالات معينة كسابقيه و لأجل ذلك فان إنهاء مهام النائب لا تخرج عن الحالات العادية كالوفاة و العجز و الاستقالة أو الإقالة ما دام تعيين هذا النائب اختصاص تقديري لرئيس الجمهورية على سبيل الجواز فان عزله أو إعفاءه يخضع لذات السلطان.غير أن المادة 118 من دستور 1976 قد أوردت قيدا على إنهاء مهام نائب أو نواب رئيس الجمهورية إذ لا يمكن حسب مفهوم ذات المادة إنهاء مهام النائب إبان فترة وفاة أو استقالة رئيس الجمهورية إلى أن يتسلم رئيس الجمهورية الجديد مهامه، مما يؤكد فرضية أن مهام نائب الرئيس ومده ولايته غير مرتبطة بولاية رئيس الجمهورية، إذ قد تنتهي عهدة الرئيس بالوفاة أو الاستقالة مثلا و تبقى منصب نائب الرئيس قائم

المبحث الثاني: اختصاصات نائب رئيس الدولة و نطاق مسؤوليته

سنحاول في هذا المبحث بيان الصلاحيات الموكولة دستورا لنائب رئيس الدولة كمطلب أول و نستعرض نطاق مسؤوليته السياسية و الجنائية في مطلب ثان.
المطلب الأول: اختصاصات نائب رئيس الدولة

لعله استقراء لنصوص الدساتير العربية على اختلاف توجهاتها و أنظمتها السياسية يتبين لنا أن نائب رئيس الدولة يمكن أن يلعب دورا مساعدا لرئيس الدولة أو مفوضا عنه كما يمكن أن يكون رئيسا بالنيابة في حالات المانع الذي قد يعترض رئيس الدولة.
إن رئيس الدولة باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية و مسؤول عنها و مباشر لها يعين مساعدا مميزا له و هو نائب الرئيس لكي يساعده في أداء مهامه في مجال السلطة التنفيذية و قد تتضمن الدساتير نصوصا تشير إلى الدور المميز لنائب الرئيس كمساعد مميز للرئيس، و قد تخلو الدساتير من الإشارة لذلك، إلا أن خلو الدساتير من الإشارة إلى صفة النائب كمساعد للرئيس لا يمنع من أن يستعين الرئيس بنائبه كمساعد له و أن يكلفه بمهام معينة و أن يباشر النائب تلك الاختصاصات التي يحددها له الرئيس(23)
و من أمثلة الدساتير العربية التي أطرت دور نائب الرئيس كمساعد للرئيس دستور الجزائر لعام 1976، اذ أشارت المادة 112 المعدلة بموجب القانون 79 /06 السالف الذكر أن رئيس الجمهورية يمكن له أن يعين نائبا له يساعده و يعينه في مهامه.
و غني عن البيان أن التجربة الجزائرية لا يتصور فيها اختصاص نائب الرئيس أكثر من دوره كمساعد فقط إذ لا يجوز ممارسة الرئاسة المؤقتة مثلا في حالة شغور منصب الرئيس على أن بعض الأنظمة الدستورية العربية تفتح المجال لنائب الرئيس أن يكون رئيسا مؤقتا في حالات معينة.
و مقابل ذلك لم يشر دستور الإمارات العربية المتحدة إلى دور نائب الرئيس بل اقتصرت المادة 51 منه على أن نائب رئيس الاتحاد يمارس جميع اختصاصات الرئيس عند غيابه لأي سبب من الأسباب (24)

و يذهب دستور اليمن لعام 1994 بموجب المادة 124 أن نائب الرئيس يلعب دورا مساعدا و معاونا لرئيس الجمهورية في أعماله(25) ،
و لعل الدستور السوداني لعام 2005 يعتبر أكثر الدساتير العربية وضوحا و تحديدا لصلاحيات نائب رئيس الدولة، إذ رجوعا إلى المادة 62 فقرة 04 نجدها تشير إلى أن نواب الرئيس و مساعديه و مستشاريه بمعنى أن صلاحيات النواب تتجاوز و تختلف عن صلاحيات المساعدين
حيث حددت المادة 63 من ذات الدستور أن النائب الأول لرئيس جمهورية السودان يختص ب:
- القيام بمهام رئيس الجمهورية في حالة غيابه وفقا لنصوص الدستور
- عضوية مجلس الوزراء القومي
- عضوية مجلس الأمن الوطني
- عضوية المجلس الرئاسي في فترة ما قبل الانتخابات
- رئاسة المجلس الرئاسي في فترة ما بعد الانتخابات في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية
- القيام بأي اختصاص أو تكليف آخر يوكله له رئيس الجمهورية
و تضيف الفقرة الثانية من ذات المادة الواردة أعلاه أن نائب رئيس الجمهورية يختص ب:
- القيام بمهام رئيس الجمهورية و النائب الأول في حالة غيابهما
- عضوية مجلس الوزراء القومي
- عضوية المجلس الرئاسي و القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية
- عضوية مجلس الأمن الوطني
- أي اختصاص آخر أو تكليف يوكله له رئيس الجمهورية مع مراعاة التسلسل الهرمي لرئاسة الجمهورية
و لعلنا نعتقد أن الوضع السياسي الذي عاشه و يعيشه السودان هو الذي أفرز هذا النظام القانوني المتميز لمنصب نائب رئيس الدولة، إذ أدى ظهور حركات التمرد في الجنوب بتأييد من المجتمع الدولي إلى رضوخ دولة السودان إلى دستور جديد يكون لنائب الرئيس هو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان أو من ينوبه مع تحديد صلاحيات واسعة له مستقلة عن صلاحيات رئيس الجمهورية بنص الدستور، الأمر الذي يؤكد علاقة تميز منصب نائب الرئيس و قوته بالتوازنات السياسية و الإقليمية التي تعيشها الدولة.
أما على مستوى التجربة الدستورية المصرية فان نائب الرئيس في ظل دستور 1958 يعتبر في حكم المساعد لصاحب الاختصاص الفعلي في ميدان السلطة التنفيذية و يرجع سبب اعتبارهم مجرد مساعدين هو عدم تحديد دستور 1958 لصلاحياتهم و بناء على ذلك فان الرئيس هو الذي يحدد صلاحياتهم، و قد تأكد ذات الدور حتي في ظل دستور 1964 و دستور 1971
وقد انفردت التجربة المصرية عمليا بإمكانية نائب رئيس الدولة الجمع بين مركزه كنائب و مناصب أخرى إذ حدث في ظل دستور 1958 أن تم تعيين 4 نواب للرئيس و عند تأليف الحكومة المركزية عهد إلى نواب الرئيس بالإشراف على وزارات التخطيط و الحربية و العدل المركزية و هو الأمر الذي تكرر حتى في ظل دستور 1964 و رغم أنه لا يوجد ما يمنع أن يتولى النائب الجمع بين المنصبين إلا انه من اللائق سياسيا و عمليا التخلي عن مسألة الجمع لأن قد يحدث أن يتزامن منصبه كرئيس مؤقت للجمهورية في اتهام الرئيس أو محاكمته مع منصبه كوزير مثلا (26)
و إلى جانب دور نائب رئيس الدولة كمساعد للرئيس يمكن أن يكون مفوضا من طرف الرئيس لممارسة بعض الصلاحيات مع وجوب التمييز بين أن يحدد الرئيس صلاحيات نوابه بموجب القانون و بين أن يفوض جزءا من اختصاصاته لهؤلاء النواب مع احترام الشروط العامة التي تقوم عليها نظرية التفويض (27) و منها انه
- لا تفويض إلا بنص
- التفويض يكون جزئيا لا كليا
- لا تفويض في التفويض
و رجوعا إلى الدستور الجزائري لعام 1976 نجد أن رئيس الجمهورية من بين ما يضطلع به من صلاحيات بموجب المادة 111 المعدلة بموجب القانون 79 / 06 السالف الذكر أنه يمكن له تفويض جزءا من صلاحياته لنائب رئيس الجمهورية و للوزير الأول مع مراعاة أحكام المادة 116 من ذات الدستور.
و لعله استقراء لنص المادة 116 الواردة أعلاه يتبين لنا أن هناك قيدا يرد على سلطة رئيس الجمهورية في ممارسة صلاحية التفويض إذ لا يجوز له تفويض سلطته في تعيين نائب رئيس الجمهورية و الوزير الأول و أعضاء الحكومة و إعفائهم من مهامهم و لا في إجراء استفتاء أو في حل المجلس الشعبي الوطني و لا في تطبيق الأحكام الواردة في المواد 119و 124 من الدستور و كذلك السلطات الواردة في الفقرات من 4 إلى 9 و الفقرة 13 من المادة 111 من الدستور (28)

و رجوعا إلى الدستور السوري لعام 1973 بموجب المادة 95 نجد أن رئيس الجمهورية له صلاحية تعيين نوابه و تفويضهم بعض صلاحياته، و مقابل ذلك يقرر الدستور السوداني لعام 2005 بموجب المادة 63 المحددة لصلاحيات النائب الأول للرئيس إن هذا الأخير يختص بأي اختصاص أو تكليف آخر يوكله له رئيس الجمهورية كما أشارت ذات المادة أن نائب رئيس الجمهورية يمكن أيضا أن يكون مفوضا من طرف الرئيس لممارسة بعض اختصاصات و الصلاحيات .
و استنادا أيضا لأحكام دستور مصر لعام 1971 بموجب المادة 144 يتبين أن رئيس الجمهورية يملك صلاحية تفويض غيره في إصدار اللوائح التنفيذية و قد نصت المادة الأولى من القانون رقم 42 لسنة 1968 على أن لرئيس الجمهورية أن يعهد ببعض اختصاصاته المخولة له بموجب التشريعات إلى نوابه أو رئيس الوزراء أو الوزراء أو نواب الوزراء و من في حكمهم أو المحافظين.
و رغم أن أغلب الفقهاء المصريين يعتقدون أن نص المادة 82 من دستور مصر 1971 التي تنص على أنه" إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية ..." يحمل في طياته معنى التفويض بمعنى أنه يمكن الاستناد لنص المادة 82 لاعتبار أن نائب رئيس الدولة مفوضا إلا أن هناك أساتذة على رأسهم الدكتور علي
الباز (29) يرى أن محتوى المادة 82 ينسحب إلى مفهوم الحلول و ليس التفويض على اعتبار أن الإنابة الموجودة بموجب نص المادة 82 هي وجوب التولية و ليست من تقدير الرئيس فضلا أن الحلول فيه ممارسة كل الصلاحيات عكس التفويض القائم على قاعدة الجزئية
و فضلا عن دور نائب رئيس الدولة كمساعد تارة و كمفوض تارة أخرى فانه يمارس أيضا اختصاصات باعتباره رئيسا مؤقتا أو رئيسا بالنيابة .
و إذا كانت القاعدة تقضي أن إحداث منصب نائب الرئيس في أي دولة يفترض أن يكون ذلك كحل لإشكالات الشغور التي قد تعتري منصب الرئاسة بغض النظر عن سبب الشغور كان وفاة أو عجزا دائما أو استقالة أو عزلا، إلا أن الممارسات الدستورية في الدول العربية يتبين إن هذه القاعدة ليست مطلقة
فعلى مستوى الدستور العراقي نجد أن نائب رئيس مجلس قيادة الثورة هو الذي يتولى رئاسة الدولة بالنيابة أو مؤقتا، إما نواب رئيس الجمهورية الذي يعينهم طبقا للمادة 57 فلا يتولون تلك المهمة، بل يتولون مساعدة الرئيس في ممارسة السلطة التنفيذية و مباشرة المهام التي يفوضهم رئيس الجمهورية في مباشرتها فحسب(30)
وان الدستور الجزائري لعام 1976 قد مكن رئيس الجمهورية من صلاحية تعيين نائب له على سبيل الجواز حيث لا يمكن لهذا الأخير تولي الرئاسة بالنيابة، إذ رجوعا لنص المادة 117 المعدل بموجب 79/06 في حالة حدوث مانع للرئيس فان النائب لا يتولى الرئاسة بل تعهد لرئيس المجلس الشعبي الوطني لمدة أقصاها 45 يوما تنظم خلالها انتخابات رئاسية.
و رجوعا إلى دستور السودان لعام 2005 نجد ان النائب الأول لرئيس الدولة يمارس صلاحية رئاسة المجلس الرئاسي في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية استنادا لنص المادة 63 من ذات الدستور (31) كما قررت ذات المادة أنه في حالة غياب كل من رئيس الجمهورية و نائبه الاول فان نائب رئيس الجمهورية يقوم بمهامها الواردة في نصوص الدستور و ذلك إعمالا لأحكام المادة 63 من نفس الدستور
و نفس الحكم قرره دستور سوريا لعام 1973 بموجب المادة 86 التي قررت انه في حالات المانع المؤقت فان الرئيس ينيب عنه نائبه في القيام بمهامه أما المادة 88 فقد أشارت إلى حالات المانع الدائم اذ يمارس النائب الأول أو النائب الذي يعينه رئيس الجمهورية حتى عملية إتمام اختيار الرئيس الجديد، كما يتولى النائب الرئاسة مؤقتا في حالتي وفاة رئيس الدولة أو استقالته(32)
مع الإشارة أن دستور الإمارات لعام 1971 لم يشر بموجب مادته 51 إلى مسألة إمكانية شغل نائب الرئيس منصب الرئاسة مؤقتا لا سيما في المانع الدائم كالوفاة أو الاستقالة. إذ أن ذات المادة تقرر أن نائب الرئيس يمارس مهام الرئيس في حالات غيابه بصورة عامة، و الراجح ان مصطلح الغياب هنا ينتسب فقط إلى حالات الغياب الناتج عن الموانع المؤقتة كالمرض و العجز المؤقت أو السفر بالخارج و ذلك مع الأخذ في الحسبان مدلول نص المادة 53 من ذات الدستور التي تشير أنه في حالة خلو منصب الرئيس بالوفاة أو الاستقالة او انتهاء الحكم في إدارته بسبب من الأسباب يدعى المجلس الأعلى خلال شهر من ذلك التاريخ للاجتماع لانتخاب خلف لشغل المنصب الشاغر.
فما يؤكد فرضية أن نائب رئيس الأتحاد في الإمارات لا يمكنه تولي منصب الرئاسة في حال المانع الدائم.
أما على مستوى التجربة المصرية فانه في حالات المانع المؤقت لرئيس الجمهورية ينيب نائبه في مباشرة تلك الاختصاصات و ذلك استنادا لنص المادة 82 من دستور 1971 و المادة 109 التي تقابلها في دستور 1964.
أما في حالة المانع الدائم فانه إذا كان الدستور 1964 قد قرر بموجب المادتان 110 و 112 تولي النائب الأول للرئيس الرئاسة مؤقتا في حالات استقالة الرئيس أو العجز الدائم أو الوفاة و في حالة وقفه عن العمل بمجرد صدور قرار اتهامه فان دستور 1971 بموجب المادة 85 قد قصر حالات شغل نائب الرئيس لرئاسة الدولة بالنيابة أو مؤقتا على حالة وقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار اتهامه إلى غاية الفصل في الاتهام المتعلق أصلا بجريمة الخيانة العظمى او بارتكاب جريمة جنائية أما في حالات المانع الدائم بموجب دستور 1971 فان رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية العليا هما من يشغلا منصب الرئاسة مؤقتا على الترتيب و ذلك استنادا لنص المادة 84 (33)

المطلب الثاني : نطاق مسؤولية نائب رئيس الدولة

إن المستقرئ لمختلف الأنظمة الدستورية العربية يجد تباينا في مجال تحديد نطاق مسؤولية نائب الرئيس قياسا على مسؤولية الرئيس نفسه ، ونظرا لكون العلاقة بين الرئيس ونائبه قد تأخذ طابعا سياسيا تارة ومن ثمة قد يتحمل النائب مسؤولية سياسية في مجال الإخلال بالتزاماته السياسية ، كما قد قد تأخذ طابعا إداريا وظيفيا لاسيما أن النائب ما هو إلا مساعد معين من طرف رئيس يمكن أن تثار مسؤوليته الإدارية في حالات التعسف في استعمال السلطة مثلا ، كما يمكن أن يتحمل هذا الأخير مسؤولية جنائية جراء الجرائم التي تمكن أن يرتكبها .

من التطبيقات الدستورية في إقامة مسؤولية نائب الرئيس ما يقدره النظام الدستوري العراقي سابقا الذي كان يحدد نوعين من نواب الرئيس أولهما هو نائب رئيس مجلس قيادة الثورة الذي يكن له شغل منصب الرئاسة في حالة شغور منصب الرئاسة لمانع مؤقت أو دائم ، وثانيهما ما أطلق عليه تسمية نواب رئيس الجمهورية الذين يختارهم الرئيس وفق سلطانه التقديري .

واستنادا لنص المادة 40 من دستور العراق لعام 1970 أن رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والأعضاء يتمتعون بحصانة تامة ولا يجوز اتخاذ أي إجراء يحق منهم إلا بإذن مسبق من المجلس (34) ، لأجل ذلك فإن نائب الرئيس يتمتع بحصانة ضد أي مسؤولية سياسية أو جنائية ما لم ترفع من المجلس .

أما إذا رفعت الحصانة فإن الجهة المختصة التي يمكن أن يسأل أمامها نائب رئيس مجلس قيادة الثورة هو المجلس ذاته لاسيما في حالات خرق الدستور أو الحنث بموجبات اليمين الدستوري أو أي تصرف يراه المجلس فعلا يشرف المسؤولية تطبيقا لأحكام المادة 35 من ذات الدستور.

أما النوع الثاني من النواب باعتبارهم نواب رئيس الجمهورية فإنهم مسؤولون فقط أمام رئيس الجمهورية سواء مسئوليته سياسية أو إدارية وظيفية في حالات استغلال السلطة أو التعسف في استعمالها وتبقى جهة الاختصاص التي تنظر في هذه المسؤولية هو مجلس قيادة الثورة بموجب المادة 38 من دستور العراق لعام 1970.

أما على مستوى النظام الدستوري السوداني فإنه إذا كان الوزراء مسؤولون مسؤولية مباشرة أمام رئيس الجمهورية بموجب المادة 74 فقرة 01 فعلا عن قيام مسؤولية أخرى أمام مجلس الوزراء والمجلس الوطني ، فإن نواب الرئيس لهم وضع مختلف إذ أن نظام نائب الرئيس في السودان أفرزته معطيات سياسية وإقليمية ودوليه جعلت من مسؤوليته تتميز عن غيرها من التجارب الدستورية العربية فنواب الرئيس مثلا يؤدون نفس القسم الدستوري الذي يؤديه الرئيس طبقا للمادة 62 فقرة 04 من دستور السودان 2005 (35).

وأكثر من ذلك فإن ذات الدستور يقرر حصانة كل من رئيس الجمهورية ونائبه الأول في مواجهة أي إجراءات قانونية أي لا يجوز اتهامها أو مقاضاتها في أية محكمة أثناء فترة ولايتها استنادا لنص المادة 60 فقرة 01 من الدستور السوداني غير أنه يمكن تحريك المسؤولية الجنائية ضد كل من الرئيس الجمهورية ونائبه الأول في حالات الخيانة العظمى أو الانتهاك الجسيم لأحكام الدستور أو السلوك المشين المتعلق بشؤون الدولة شريطة صدور قرار بذلك من ثلاثة أرباع جميع أعضاء الهيأة التشريعية على أن تكون المحكمة الدستورية هي صاحبة الاختصاص للنظر في هذه المسؤولية وذلك تطبيقا لأحكام المادة 60 فقرة 02 من ذات الدستور السوداني .

ومقابل ذلك نجد أن الدستور الجزائري لا يفعل في مجال مسؤولية نائب رئيس الجمهورية (36) إذ أورد حكما واحدا بموجب المادة 115 من دستور 1976 المعدلة بموجب القانون 79/06 والتي تقضي أن نائب رئيس الجمهورية والوزير الأول وأعضاء الحكومة مسؤولون أثناء ممارسة منهم لمهامه أمام رئيس الجمهورية ، ولأجل ذلك كان النائب مسؤولا فقط أمام رئيسه باعتباره مساعدا ومعاونا له حسب مقتضيات المادة 112 من الدستور 1976 المعدلة .
و نعتقد أن نفس الأمر تبناه الدستور السوري بموجب المادة 96 إذ أن نواب الرئيس يؤدون اليمين الدستورية أمام الرئيس الذي يعينهم وبذلك فهم مسؤولون امامه.

ويبقى أن نشير أن الدستور المصري 1971 قد وحد القواعد المنظمة لمساءلة رئيس الجمهورية ونوابه حيث نص المادة 139 تسري القواعد لمساءلة رئيس الجمهورية على نواب رئيس الجمهورية ، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك المساءلة تقتصر على المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية ولنائبه أمام مجلس الشعب (37) .

ولم يشد الدستور اليمني أيضا عن التجارب الدستورية العربية إذ قرر بموجب المادة 128 منه إمكانية قيام المسؤولية الجنائية في حالات الخيانة العظمى أو خرق الدستور أو المساس بالاستقلال وسيادة البلاد في مواجهة رئيس الجمهورية ونائبه ، إذ أنه في حالة الإدانة يتم عزلهما مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى المقررة.

وترتيبا عما سبق يتبين لنا أن نطاق مسؤولية نائب الرئيس تضيق وتتسع حسب طبيعة النظام السياسي المتبع فإذا كان دستور الإمارات لم يشر إطلاقا إلى مسؤولية النائب فإن دساتير الجزائر لعام 1976 ، وسوريا لعام1973 اكتفت ببيان مسؤولية النائب أمام رئيسه بوجه عام ومقابل ذلك تفردت دساتير العراق لعام 1970 ومصر لعام 1971 واليمن 1994 والسودان 2005 على أن نائب الرئيس يخضع لنفس مبادئ المساءلة التي يخضع لها رئيس الجمهورية واتفاقها جميعا في تحديد المسؤولية الجنائية دون التعرض للمسؤولية السياسية .







































الخاتمة
من جماع ما تقدم تتبين لنا أهمية المنصب الذي يتولاه نائب رئيس الدولة ، بالرغم من الإجحاف الذي يلقاه على مستوى الدراسات القانونية والفقهية التي لم تحاول تسليط الضوء عليه .
ورغم اختلاف الأنظمة السياسية العربية إلا أننا نستشف أن مركز نائب الرئيس يمكن أن يلعب دورا مهما لاسيما في مجال مساعدة الرئيس فضلا عن تجاوز حالات الشغور التي يمكن أن تعترض منصب رئاسة الجمهورية .
إذ أن وجود هذا المنصب قد يغني البلد من عديد الأزمات التي يمكن أن تثار جراء الفراغ الدستوري الذي ينظم مسألة تولي رئيس الدولة بالنيابة ولعل التجربة اللبنانية عنا ليست ببعيد .
إذ أن إغفال الدستور اللبناني لمنصب نائب الرئيس جعل البلاد تدخل نفقا مظلما وفراغا دستوريا رهيبا كان يمكن أن يتلاف هذا المنصب وفق صلاحيات معينة لتجاوز مسألة التوافق والاختلاف بين التيارات السياسية المختلفة .
وإذا كانت التجربة الجزائرية في هذا المجال قد سجلت هذا المنصب في دستور 1976 ولو على المستوى النظري إلا أنه تم التراجع عنه في ظل دستور 1989 فكانت النتيجة أن دخلت الجزائر فراغا دستوريا بعد حل المجلس الشعبي الوطني واستقالة رئيس الجمهورية .
لأجل ذلك نقترح أن تتم إعادة إدراج هذا المنصب ضمن هياكل النظام السياسي الجزائري على أن يعتمد في اختياره نظام التعيين وتقرير مسؤوليته أمام الرئيس وتحديد صلاحياته بموجب الدستور وذلك قصد تلافي أي إشكالات يمكن تسببها حالات شغور منصب الرئاسة .












منقول