وصفة حلوى إلحادية
23-07-2014, 03:33 PM
وصفة حلوى إلحادية
ظل:" أبو الالحاد الرقمي": يتقلب في فراشه ذات ليلة صيفية ساخنة حتى يئس من النوم، ويئس النوم منه, فأمضى ساعات يقلب القنوات الفضائية حتى استقر على برنامج:" تخمة", نظر إلى مقدم البرنامج في:" لباسه الأبيض، ولحيته الخفيفة، ووجه الباسم"، فشعر بالامتعاض, همهم:" لا شك أنه منهم.. إنهم في كل مكان هذو صحاب اللحي حتى الكوزينة وما طلقوهاش يا عجبا".
قام إلى التلفاز حتى ألزق وجهه بالشاشة, نظر إلى أثر السجود في جبهة الرجل, فرجع إلى فراشه مغضبا, كانت المائدة أمامه تحفل بما لذ وطاب من كل مشروب ومطعوم, رأى فواكه عجيبة: لم يرها في حياته من قبل, سال لعابه، وهو يشاهد ألوان الأطعمة الشهية تتنقل بين القدور اللامعة والصحون الفاخرة, كان الطباخ يتحرك في رشاقة، ولا يكف عن شرح تفاصيل أطباقه الزاهية.
" الشيف" يقطّع اللحم والخضار والأعشاب, ويؤلف بينها: كأنه فنان يرسم لوحة, وينضج المقادير المختلفة وفق ترتيب محكم، ويتفنن في ذلك شيّا وسلقا وقليا وحشوا حتى استوت، فنثر عليها بهارات نادرة, ولعلها مما لا ينبت إلا في جزائر الهند, وحين فرغ من تأليف تحفته اللذيذة, كانت مصارين:" أبي الإلحاد الرقمي": تعزف سيمفونية حزينة بلغت ذروتها: لما جلس الطباخ ليذوق ثمرة يمناه وقال:" بسم الله, بالصحة والهناء".
اشتدت في بطن صاحبنا القرقرة, ولعن الصدفة التي جعلته يعرض نفسه لهذا التعذيب النفسي في تلك الساعة المتأخرة, فزوجه تغط في نوم عميق, وهو لا يحسن إلا طهي البيض مقليا أو مسلوقا.
أطفأ التلفاز، وصورة الشيف البارع ما زالت مرتسمة أمام ناظريه, رآه وهو يعدّ أطباقه العجيبة في نشاط وخفّة, ويعلق على كل حركة يقوم بها, ويتلقى الاتصالات الهاتفية، فيجيب عن مسائل تعم بها البلوى في علوم البطن, ويفتي في معضلات يحار فيها عقل المبتدئ في هذا الفن؟؟؟:
شيف: كيفاش نطيب طبق:" اللازانيا بالبيشاميل؟".
شيف: يعيشك, كيفاش ندير كيك الأناناس؟.
شيف: وقتاش نسقي البسبوسة؟.
خيل إليه: أنهم ينادونه بالشيخ، وأن القبعة البيضاء فوق رأسه عمامة.
لقد تغلغل المتدينون في كل شيء, حتى برامج الطبخ: لم تسلم من قبضتهم؟؟؟, يا لها من خطة محكمة للإمساك بمقاليد المجتمع؟؟؟.
تبا: لماذا لا يوجد برنامج طبخ إلحادي؟؟؟.
دخل:" أبو الإلحاد الرقمي" صفحة تنويرية على الفيسبوك, وخطر له أن يكتب شيئا ظريفا من وحي ما يدور في ذهنه الساعة:
" أيها الزملاء: أقدم لكم وصفة ظريفة، يمكن تقديمها للمبتدئين الذين يخطون خطواتهم الأولى في:" عالم الإلحاد العجيب", ولا شك أنهم في تلك الفترة الحرجة: لا يقوون على مطالعة كتب:" سلفنا الفلاسفة الهراطقة": فضلا عن أن الهمم لتسلق تلك الجبال الشاهقة قد فترت في زمن الوجبات المعلوماتية السريعة التي تقدمها مواقع الشبكة العنكبوتية, ولا تكلف إلا نقرات معدودة, وبعض المهارة في فن:" القص واللصق".
لهذا سأضع بين أيديكم:" وصفة": لإعداد ما يشبه:" المقبلات"، أو :" الحلوى الإلحادية"، وهذه طبعا عبارة مجازية, لكنها مما يفيد المبتدئ في هذا الطريق الوعر, ومما لا يستغني عنه من توسط هذا البحر, فإليكم المقادير:
- نأخذ كيلو ونصف من دقيق:" العناد" الصلب، ونقوم بغربلته لتنقيته من نخالة:" الإنصاف".
- كيس من خميرة:" الشك".
- نصف لتر من ماء:" الغرور".
- نصف كأس من زيت:" الداروينية".
- كأس ونصف من عصير:" المراء" المركز.
- منكهات:" ليبرالية" حسب الذوق.
- بودرة:" مصطلحات علمية": لتزيين الكيك الإلحادي.
تترك المقادير في مكان آمن لتخلطها:" الصدفة", ثم نصب الخليط في قالب:" سوفسطائي".
يوضع في فرن:" حرارة شهوانية" لمدة ساعة.
وبالهناء والتنوير.
ملحوظة: مهما كان المذاق الإلحادي مرا كريها, فينصح بالصبر على ذلك, فإن الحلاوة تأتي مع الممارسة.
كما يرجى تقديم الطبق الإلحادي في أبهى حلة في المواقع التواصلية والمحافل الفيسبوكية."
مع كامل تحيات:" شيف أبو إلحاد الرقمي":تشاو تشاو.