الجمعة 13 باريس تحت الصدمة
24-12-2015, 11:33 AM
الإرهاب ليس له موطن ،ولا حدود ،ولا قيود إلا بتكاثف الجهود ،هذا ما حدث ،حيث سقط أكثر من 300 شخص بين قتيل و جريح ،في العاصمة الفرنسية باريس ،عاصمة الجن و الملائكة ،و ذلك يوم الجمعة 13 نوفمبر 2015 ،اليوم الذي يرمز إلى النحس و الشؤم عند الغرب عامة ،و فرنسا خاصة ،الجمعة 13 ،هذه الأسطورة الإجتماعية الدينية ،التي ظلت راسخة في أذهان الغرب منذ القدم ،اليوم الذي اختارته جماعة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ،التي استطاعت أن تصل إلى قلب أوروبا ،و ضرب الرموز الإجتماعية المقدسة لدى الفرنسيين ،بعدما أن فقدت فرنسا المناعة الأمنية ، ومن أهم الرموز : تفجيرات بمحاذاة ستاد دو فرانس بتواجد الرئيس الفرنسي بالملعب أثناء مشاهدته لمباراة ودية بين الفريق الوطني الفرنسي ضد الفريق الألماني ،هذا التفجير يرمز للرياضة أكثر شعبية (كرة القدم ) ،زد على ذلك قاعة المسرح باتكلان التي ترمز إلى المتعة و الفن الراقي و المحبوب لدى أغلب الفرنسيين ،و لا ننسى المطاعم الأكثر جودة و رفاهية يقصدها الكثير من الشخصيات الهامة و جلبا للسياح الأجانب.
و السؤال المعقد و المطروح هو لماذا لم يختر تنظيم داعش الأهداف العسكرية و الأمنية واختار أهدافا إجتماعية و أكثر شعبية ؟ وهل ضربوا لزعزعة الأمن ، وبث الرعب و الخوف و الخلخلة الأمنية في فرنسا ؟ أم هي رسالة للنظام الفرنسي ؟ و لصالح من هذه العمليات الإرهابية ؟.
إن هذه الأسئلة كلها تصب في وعاء واحد و هي نوايا فرنسا الكامنة تجاه العرب و المسلمين ، حيث رفضت فرنسا الديمقراطية و حليفها العدواني الأمريكي استمرار بشار الأسد في سدة الحكم ،و عدم رضاها على قيام و بقاء هذا النظام ،الذي صمد لمدة خمس سنوات و مازال .......الذي أقلق مصالحها الخاصة ،حيث لجأت إلى تحريك المعارضة بنوعيها و تمويلها ،و الإنفاق و التدريب ،لأنها الوسيلة الوحيدة لحماية مصالحها الضيقة في سوريا ال مع حليفها الأمريكي ،هذا الأخير الذي بيده بيادق يحركها كما يشاء مع قوى إقليمية و دولية .
أما الدب الروسي فالكثير منا يطرح ما طبيعة التدخل الروسي ؟
و ما هي الضمانات أن لا يكون الروس قد استدرجوا إلى مستنقع ينهي وجوده ،كما أنهى وجود الإتحاد السوفياتي في أفغانستان ؟ لكن لروسيا مصالحها الإستراتيجية ،و تبدأ هذه المصالح من حماية غازها و هو سلاحها الإقتصادي الأمثل من التهديد الموكل و المدفوع من قبل أمريكا و حلفائها ،و حماية قاعدتها العسكرية بطرطوس من التهديدات الغربية أو من الهجمات الإرهابية .
شدني تصريح للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أكد فيه بأن الهجمات تمت بتخطيط من الخارج و بتواطؤ من الداخل ،إذا سلمنا بهذا الأمر أو التصريح ،ماذا كان يقصد بالخارج و إشارته لمن ؟ هل تكون للمخابرات الروسية بالتنسيق مع النظام السوري ضلع في الحادثة ؟ أم أن آلة القمع (الحزب الحاكم الفرنسي) التي حصدت الأرواح الفرنسية ،بصنعها سيناريو مماثل لهجمات 11 سبتمبر 2001 بأمريكا لكسب الرأي العام العالمي للدخول إلى الأراضي السورية اللبية تقليد لتمثيلية 11 سبتمبر بأمريكا و احتلال هذه الأخيرة العراق و تدميره تدميرا شاملا و من ثم تسليمه لإيران .
إن هذا السيناريو ما هو إلا استغباء للعقل العالمي عامة و الفرنسي خاصة ،ومن زاوية يعتقد البعض من رجال الساسة أنه مشهد مصطنع من طرف اليمين الفرنسي وبمباركة دول عربية مجهرية ،هدفه التحضير للفوز بالإنتخابات الفرنسية المزمع تنظيمها في 2017 ،لإعادة تعديل بعض الإتفاقيات مع مستعمراتها القديمة و صياغة قانون الهجرة و اللجوء السياسي في فرنسا و ........ بعد أحداث باريس بلغت نسبة الإعتداءات على المسلمين عامة و المغاربة خاصة 300 بالمائة ،باعتبارهم الإسلام العدو الأكبر يقوم أصلا على الإكراه و العنف ،و يدعو إخضاع غير المسلمين للإسلام بالقوة .
إن فرنسا بعدما فقدت المناعة الأمنية لحماية أراضيها و مواطنيها من الإرهاب بدأت تتشدق بكلمات طنانة ضد المهاجرين ،و حيال الأوضاع و هي تريد طمس الحقائق المشروعة ،و إخفاق الرهنات الحقيقية ، وتغليط مواطنيها بكافة الطرق و أشكالها ،تريد المهانة و الإنكسار للدول العربية و الإسلامية ،لأن هذه الأخيرة غير قادرة على الخروج من نفق الذل و الإنكسار الذي دخلته .
إن فرنسا الديمقراطية ستبقى و ستشهد في مراحل مقبلة سيناريوهات أخرى ،إذ ما بقيت بسياسة المد و الجزر ........يستوجب أن تغير مواقفها التي أدخلتها في أنفاق مظلمة ،كما يجب عليها عدم الطاعة بما تهدف و تريده الولايات المتحدة الأمريكية و عليها : أن تعمل أجهزتها الأمنية المخابراتية بكل تفاني و عزم ،و تكثف الجهد المخابراتي بالتنسيق مع كامل الدول الأوروبية و خاصة الأعضاء ،لأن جل أوروبا تعمل بالأنانية في التعاون المخابراتي ، ولا تخبر جيرانها حيث تفكك التنسيق المخابراتي الأوروبي ،و عليها إنشاء منظومة أوروبية للتعاون و ليس الإعتماد على ماتصدره الولايات المتحدة الأمريكية لأوروبا لأن فرنسا كانت تعتمد على معلومات مخابراتية ضعيفة ،حيث كانت تعتقد أن الإرهاب له موطن واحد جغرافيا هو : سوريا و العراق و هذا من الخطأ ،لأن داعش قادرة على أن تضرب قلب أوروبا مرة أخرى.

الكاتب : قوارف رشيد